رؤية ( صمود ) : مبادرة واعدة بلا أدوات تنفيذ

مها طبيق
طرح تحالف “صمود” رؤية ثلاثية لحل الأزمة السودانية بالتزامن مع اجتماعات دولية حاسمة حول مستقبل البلاد . الرؤية تمثلت في مسار سياسي مدني انتقالي ، ترتيبات أمنية تؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم ومقاربة للعدالة الانتقالية . ورغم أهمية المبادرة في الشكل والتوقيت ، إلا أن التحليل النقدي يكشف ضعفاً بنيوياً في القدرة على التنفيذ والتأثير .
أحد أبرز الإشكالات هو غياب أدوات التنفيذ . فالطرح يفتقر إلى أدوات ضغط حقيقية ؛ إذ لا يملك التحالف نفوذاً ميدانياً ولا سلطة على الأرض ، مما يجعله غير قادر على فرض وقف إطلاق النار أو الإشراف على أي ترتيبات أمنية . القوة الرمزية وحدها لا تكفي دون شبكات تأثير مجتمعي أو تحالفات مدنية واسعة .
كما أن الطرح موجّه للخارج أكثر من الداخل ، فالرؤية تخاطب المجتمع الدولي بلغة سياسية تقنية ، لكنها تتجاهل الواقع الاجتماعي والمجتمعي داخل السودان بحيث لا توجد خطة واضحة لحشد القوى المدنية الفاعلة ، أو التواصل مع الشارع ، أو حتى إشراك لجان المقاومة والنقابات والحركات المدنية في الهامش .
إلى جانب ذلك هناك فراغ بين الرؤية والتنفيذ ، إذ تطرح المبادرة أهدافاً عامة دون خطوات عملية . ولا نرى فيها جدولاً زمنياً ، ولا خارطة طريق تنفيذية ، ولا توضيحاً لآليات مساءلة أو انتقال سلطوي فعلي . الرؤية تبدو أقرب إلى إعلان نوايا منها إلى مشروع قابل للتحقق .
ولا يمكن تجاهل الانقسام المدني . فبينما يحذر الطرح من تشتت القوى المدنية ، لا يقدم مقترحاً لتوحيدها ولا توجد آلية لبناء جبهة مدنية موحدة أو منصة تنسيقية تتجاوز الخلافات . هذا يُضعف فرصة التحالف في أن يصبح مركزاً سياسياً حقيقياً .
أخيرًا، يعاني التحالف من الافتقار للامتداد الجغرافي حيث لا يملك امتداداً فعلياً في مناطق النزاع ، ولا ارتباطاً منظماً مع ضحايا الحرب أو قوى الهامش المدنية . وأي رؤية لا تنطلق من معاناة الأرض لن تكون قادرة على إنتاج حل شامل .
يمكن القول إن طرح تحالف (صمود) مهم في توقيته واتجاهه لكنه لا يزال بعيداً عن أن يكون خطة إنقاذ واقعية حيث يعاني من ضعف تنظيمي وغياب نفوذه الداخلي وعزلة نسبية عن الفاعلين المجتمعيين الحقيقيين . ولكي يكون فاعلاً ، يجب أن يتحول من ورقة سياسية إلى حركة جماهيرية ذات أدوات وتحالفات وآليات تنفيذ حقيقية .
نقدنا هنا ليس رفضاً للمبادرة ، بل دعوة لتقويتها على أرضية الفعل لا مجرد الخطاب .