مقالات وآراء

الخرطوم ليست بومبي؟ … بل نحتاج بركانًا أعنف

✍️ د. أحمد التيجاني سيد أحمد

قرأت بتمعّن مقال الدكتور عبدالله محمد آدم، “الخرطوم ليست بومبي الإيطالية … لكن أنقاضها قد تقتل بصمت!”، فوجدته أشبه ببلاغ طبي مرفق بصفّارة إنذار حضارية، يحذّر فيه من العودة المبكرة إلى مدينة مُغسّلة بالرماد والموت الكيميائي. مقال عميق، صادق، ومكتوب بماء العلم والضمير.

 

لكن دعوني – من زاوية موازية – أضيف : الخرطوم ليست بومبي فعلاً، لكن هذا البلد قد يحتاج إلى بركان أكبر، أعتى، وأعمق من فيزوف ذاته.

بركان لا يُفجر الجبال، بل يُطيح بطبقات المسّاحين، والشعراء المدّعين، والمنظرين الذين “مقددنها” في كل شيء : في الوطنية، وفي الثورة، وفي الحكي، وفي الادعاء بأنهم وحدهم يعرفون خارطة الطريق للخلاص.

 

نعم، في السودان، صار كل من رصّ كلمتين فوق بعضهما “مفكّرًا استراتيجيًا”. وكل من خطّ سطورًا متعثّرة في جريدة صفراء، “خبيرًا في الشأن الانتقالي”. صار الحالم بالمنفى “فاعلًا”، والمتسلق إلى شاشة زووم “قائد رأي”، بينما الخرطوم – أم البلاد – تموت رويدًا بصمت لا تفقهه أبواق البلاغة.

 

يا سادة، لا يكفي أن تحذّرونا من “النترات” و”البوتريسين” و”الرصاص في الهواء”، إن لم تحذرونا أيضًا من سموم الطموح الأناني، وتراكم النفاق في طبقة “جنابو المعزول تيرابو”… تلك الطبقة الكنكانية التي تتقن الحريق كما تتقن الكلام وتفشل في الفعل.

 

لقد عرفنا الخرطوم قبل أن تصير “مدينة من جثث”، وعرفناها حين كانت “مدينة من أقنعة”. الآن فقط، بعد أن سقط القناع، نعرف كم من الكذب كان يُمسك بها من أطرافها. ولذلك أقول: لا نحتاج فقط إلى فرق تطهير من المواد السامة، بل إلى تطهير الوعي. إلى بركان يجرف المساحين، والحالمين على حواف الهوامش، ويترك خلفه أرضًا صلبة يمكن أن تنبت فيها الحياة.

 

فلتؤجلوا العودة، نعم، كما قال عبدالله … لكن فلتؤجلوا أيضًا التصدر، والتصدر الكاذب، والكتابة على “اللا شيء”.

 

 

ولنبدأ من تحت الرماد.

 

 

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. للبدء او الوثوب من تجت الركام لابد للخرطوم الحاكمة ان تتصالح مع نقسها وتقر انها ظلت تمسح القطران على الوبر ولم تندمل الجراح الغلئرة فى جسم الوطن والتطلع الخائب للاستئثار بقرار الوطن دون الاخرين ثبت خطله ومن ثم فشله فما اوصنا الى هذه الحالة الا سوء التدبير والتفكير فالمرض الذى لا يقتل يعزز المناعة يعد الشفاء.. ان التجربة التى مرت بها العاصمة لهى الاولى من نوعها واسال الله صادقا ان تكون الاخيرة فالخرطوم كانت لاهية لان اذنها كانت تسمع عن احداثةبعيدة عنها فما كان عليها ان تقوم بنفى الخبر وانكاره بل وترسم خطوطا حمراء دون الوصول لمواقع الحدث أذكر انه فى اول يناير 2003 زردت أنباء عن مقتل اربعين شخصا وحرق قرية سنقدة جنوبى كاس جنوب دارفور وعندما سؤل احد وزراء الانقاذ لا اعادها الله ولا رحم ازلامها اذا بادر بالانكار قائلا ان الصور الواردة هة من موزامبيق لا السودان ,, الخرطوم عليها التصالح مع نفسها فهى عاصمة لبلد عظيم اذا احسنت الادارة

  2. وفيت وكفيت ٠٠وكما يقولون زيت الزيت ،انها جرعة وعي تعزيزية وتنشيطية ما أحوج الشعب لها ٠٠شكر مثقفي بلادي ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..