حرمان الآلاف من طلاب دارفور من امتحانات الشهادة السودانية.. أزمة تعليمية تتفاقم في ظل الحرب

في ظل الأوضاع الأمنية والإنسانية المتدهورة التي تشهدها ولايات دارفور، حُرم ما بين 60 إلى 70 ألف طالب وطالبة من أداء امتحانات الشهادة السودانية، رغم تأجيلها عدة مرات من قِبل وزارة التربية والتعليم. وقد أثار هذا الوضع موجة من الغضب والاستياء في أوساط الطلاب وأولياء الأمور، وسط اتهامات مباشرة للحكومة بالتقصير والتمييز ضد طلاب الإقليم.
ووفقا لحكومة إقليم دارفور فقد جلس 693 طالبا وطالبة من دارفور لامتحانات الشهادة السودانية في مراكز امتحانات بمدينتي عطبرة والدامر بولاية نهر النيل بينما يجلس أكثر من 90 طالبة وطالبة للامتحانات في كوستي بجانب أعداد أخرى في الشمالية.
وفي حلقة جديدة من برنامج “قضايا الشباب” استُضيف عدد من المتضررين من هذه الأزمة للحديث عن حجم المأساة التي يعيشها طلاب دارفور.
حرمان بعد معاناة
الطالب حسن أحمد محمد من مدرسة أكاديمية الضعين بولاية شرق دارفور، تحدث بحرقة عن تجربته قائلاً:
“نحن اجتهدنا، دفعنا رسوم، وذاكرنا ليلاً ونهاراً مثل باقي الطلاب في السودان، لكن في النهاية حُرمنا من حقنا في التعليم. أنا شخصياً عملت في السوق لأجمع رسوم الامتحان، وتغيبت عن الدراسة أياماً طويلة عشان أقدر أواصل. في النهاية قالوا لينا مافي امتحانات. الناس اللي امتحنوا، بعضهم ما دفع رسوم، وبعضهم ما تعب ولا سافر، لكن جابت ليهم نسب نجاح، كيف؟”
وأشار حسن إلى أن الطلاب الذين حاولوا الوصول إلى مراكز الامتحانات في ولايات أخرى ووجهوا بتهم جاهزة، منها الانتماء إلى الدعم السريع، مما عرضهم لخطر الاعتقال أو الترحيل القسري.
تمييز ممنهج وقوانين مجحفة
من جانبه، أوضح الأستاذ عمر إدريس إسماعيل، عضو لجنة المعلمين السودانيين بإقليم دارفور، أن طلاب الإقليم يُعاملون بشكل عنصري عند محاولتهم أداء الامتحانات خارج مناطقهم. وقال:
“في قانون غير رسمي اسمه (قانون الوجوه الغريبة) ، الطالب لو مشى يمتحن في الشمالية أو عطبرة أو سنار، بتحاسبوه كأنو مجرم، ويقولوا نازل من مناطق الجنجويد أو الدعم السريع. حصلت حالات تم فيها اعتقال طلاب فعلاً، واتحاكموا سنوات سجن بدون جرم.”
وأكد عمر أن لجنة المعلمين بذلت ما في وسعها لمناصرة الطلاب، مشيراً إلى أن الحلول تكاد تكون معدومة في ظل رفض السلطات في بورت سودان من إقامة مراكز للامتحانات في دول الجوار، مثل تشاد وجنوب السودان، كما أشار عمر الي الكلفة العالية لتمكين الطلاب من الالتحاق بمراكز الامتحانات في دول الجوار حال تواجدها.
معاناة مضاعفة بسبب الرسوم
وفي مداخلة من الولاية الشمالية، قال أحد أعضاء لجنة المعلمين هناك إن عدد طلاب دارفور الذين تمكنوا من أداء الامتحانات في الولاية لم يتجاوز 600، وهو عدد ضئيل مقارنة بالعدد الكلي المفترض، مضيفاً أن كثيراً من الأسر لم تستطع توفير رسوم الامتحانات التي بلغت 100,000 جنيه سوداني في ظل النزوح وانعدام مصادر الدخل.
من جهة أخرى تسبب ارتفاع تكاليف الترحيل والتي تبلغ 700 الفا، بجانب الأوضاع الأمنية في إقليم دارفور من حرمان الطلاب إلى مراكز الأمتحانات في نهر النيل والنيل الأبيض.
من يتحمل المسؤولية؟
حمّل الأستاذ عمر إدريس حكومة الأمر الواقع، وعلى رأسها الفريق عبد الفتاح البرهان، المسؤولية الكاملة عن هذا الوضع الكارثي، قائلاً:
“هذه أول مرة في تاريخ السودان يُحرم هذا العدد من الطلاب من أداء الشهادة السودانية. الحكومة هي التي منعتهم، وهي التي تحاكمهم، وهي التي فشلت في توفير حلول.”
والاسبوع الماضي وافق الرئيس التشادي محمد ادريس ديبي على جلوس اللاجئين السودانيين في تشاد لامتحانات الشهادة السودانية في الأراضي التشادي بعد أن اعتذر العام الماضي ولكن لجنة الامتحانات رأت عدم قيام الامتحانات لضيق الوقت وإقامة امتحان بديل يحدد توقيته لاحقا بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة.
ووصل إلى تشاد منذ اندلاع الحرب أكثر من مليون لاجئ فيما يواصل اللاجئون في التدفق مؤخرا من شمال دارفور بعد تصاعد هجمات قوات الدعم السريع
خاتمة
بين التمييز الأمني، وصعوبة التنقل، وارتفاع الرسوم، يقف آلاف الطلاب في دارفور على أعتاب مستقبل غامض، بعد أن تحطم حلمهم في إكمال تعليمهم الثانوي. أزمة امتحانات الشهادة السودانية ليست مجرد حدث تعليمي مؤجل، بل جرح عميق في جسد العدالة التعليمية في السودان، يهدد جيلاً كاملاً بالضياع.
دبنقا