وقف الحرب وسدا منيعا أمام عودتها

تاج السر عثمان
١. مع تصاعد الحرب، يستمر تفاقم أزمة حكومة الأمر الواقع غير الشرعية في بورتسودان بعد تعيين كامل ادريس رئيسا للوزراء، كما هو جارى في الصراع مع حركات جوبا حول المحاصصات والمناصب في السلطة، ومصادرة الحريات النقابية والصحفية وحملة الاعتقالات والتعذيب الوحشي والاغتيالات للناشطين في لجان المقاومة والخدمات والسياسيين في سجون طرفي الحرب
كما جاء قرار الحكومة الأخير ليصب الزيت في النار بتخفيض أجور العاملين كما في تخفيض بدل الوجبة من ٩٠ الف جنية الي ٣٠ الف جنيه مما أثار سخطا واسعا وسط العاملين، علما بأن الأجور اصلا متدهورة، كما اشارت لجنة المعلمين، في بيان صحفي، إلى نتائج دراسة حديثة أجرتها اللجنة، قُدمت إلى الجهات المختصة، تقدّر تكلفة المعيشة الشهرية لأسرة سودانية مكونة من خمسة أفراد بما يتراوح بين 354 ألف جنيه، وقد تصل إلى أكثر من 2.8 مليون جنيه شهريًا في بعض الولايات التي تعاني من ارتفاع تكاليف النقل والغذاء.
وتوضح اللجنة أن الأجر الشهري للموظف السوداني لا يغطي سوى 8٪ فقط من تكلفة المعيشة، وأن أكثر من 90٪ من العاملين الحكوميين يعيشون تحت خط الفقر وفقًا للمعايير الدولية، في ظل تأخر صرف الرواتب في عدد من الولايات لأكثر من 18 شهرًا.
كما تصاعد الاحتقان داخل قطاع الموانئ البحرية ببورتسودان، حيث يشكو العاملون من تراكم الاستحقاقات المالية، وعدم انتظام صرف الحوافز، وغياب الشفافية في إدارة الموارد المالية، والقمع كما في اعتقال قيادي نقابي.
هذا إضافة لتكلفة الحرب الباهظة التي تقدر بأكثر من ٢،٥مليار دولار سنويا لطرفي الحرب، على حساب خدمات التعليم والصحة وتوفير خدمات الكهرباء والمياه والانترنت، والصرف على القطاعين الزراعي والصناعي، فضلا عن إن النظام الضريبي في السودان يواجه انهيارا حادا بسبب الحرب حيث فقد ابرادته بأكثر من ٨٠٪. فضلا عن نهب عائدات الذهب التي تقدر بأكثر من ٧ مليار دولار، من طرفي الحرب، وذهابها لجيوب الطفيليين من قادة الجيش والإسلامويين والدعم السريع وقادة الحركات المسلحة والمليشيات ، وتبديدها في شراء السلاح. إضافة لخطر تقسيم البلاد كما في محاولة قيام الحكومة الموازية، وتحول الحرب إلى البلدان المجاورة مما يهدد أمن المنطقة.
٢. لقد أدي التهاون مع الإسلامويين إلى الحرب اللعينة الجارية حاليا التي أشعلوها مع صنيعتهم الدعم السريع التي دمرت البلاد والعباد التي دخلت شهرها الثالث من عامها الثالث ، ارتكبت فيها جرائم حرب وانتهاكات ضد المدنيين، وبلغ عدد النازحين أكثر من ١٢ مليون داخل وخارج البلاد، ومقتل أكثر من ٥٠ ألف شخص والألاف من المفقودين، إضافة لتأثر القطاع الصحي حيث توقفت حوالي 70% من المستشفيات بسبب القصف من الجيش والاحتلال من الدعم السريع، إضافة لخسائر مادية تقدر بأكثر من ١٥٠ مليار دولار، اضافة لزيادة الانفاق العسكري، وتدمير البنيات التحتية والمواقع التاريخية والأثرية، فضلاً عن توقف 300 مصنع ومؤسسة إنتاجية تعرضت للدمار الشامل، ونهب مخازنها، مما زاد من شح السلع والعطالة وتشريد العاملين، وتعطيل الجامعات والمدارس، ونهب وحرق الأسواق والبنوك، وتعطيل خدمات الاتصالات والانترنت ومحطات المياه والكهرباء مما أدى لعطش وظلام دامس في بعض الأحياء لفترات زمنية طويلة، فضلاً عن تدمير المباني جراء قصف الجيش واحتلال المساكن والمؤسسات الخدمية، ونهب العربات من الجنجويد.
٣. مما يتطلب وقف الحرب واستعادة مسار الثورة، وتفكيك التمكين وإعادة ممتلكات الشعب المنهوبة،، وإعادة تأهيل وتعمير ما دمرته الحرب، وضمان عودة النازحين لمنازلهم و لقراهم وحواكيرهم، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والأمنية، وعدم الإفلات من العقاب بتقديم المجرمين للمحاكمات، خروج الجيش والدعم السريع والمليشيات من السياسة والاقتصاد، وقيام الحكم المدني الديمقراطي. وقيام المؤتمر الدستوري، والسيادة الوطنية ووحدة البلاد، وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم.