مقالات وآراء سياسية

نرفض التدخل الخارجي في السودان ردا على مقال الامريكي (نيجر إنيس)

مها طبيق

 

في مقاله الأخير بعنوان (لماذا يجب على إسرائيل إسقاط رجل إيران في الخرطوم) ، دعا الكاتب الأمريكي (نيجر إنّيس) المنشور في الصحيفة الإسرائيلية (Jérusalem) بتاريخ 1/يوليو/2025 إلى تدخل إسرائيلي لإسقاط قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وأنه رجل إيران في السودان … الخ .

هذا الطرح يثير الكثير من علامات الاستفهام ، ليس فقط بسبب محتواه ، بل لأنه يعكس منطقًا قديمًا وخطيرًا يقوم على فرض إرادة الخارج على قرارات الداخل السوداني والذي يتوجب علينا أن نتصدى له بحزم .

 

 رغم اختلافنا مع البرهان والحركة الإسلامية في السودان وممارساتهم الكارثية ضد الشعب السودان طيلة فترة حكمهم ، إلا أنه من المهم ان نؤكد على أن تغيير أي حكومة يجب أن يكون نابعًا من إرادة شعبية حرة داخلية . السودانيون وحدهم يملكون الحق في تقرير مصيرهم واختيار من يحكمهم ، لا أي قوة خارجية مهما كانت . الدعوة إلى تدخل أجنبي لتغيير السلطة في السودان تُعد تعدّيًا واضحًا على سيادة البلاد وتجاهلًا لنضال السودانيين المستمر من أجل الحرية والعدالة .

 

التبرير الذي استخدمه إنّيس ، وهو أن التدخل يأتي لحماية “الأمن القومي الإسرائيلي” ، لا يمكن قبوله ، ونحن نعلم بأن ما يجري في السودان ليس تحالفا استراتيجيا بين البرهان وإيران وإنما فوضى أمنية وسياسية تستغلها جهات إقليمية ، وهذا النوع من الذرائع كثيرًا ما استُخدم لتبرير الحروب وفرض النفوذ الإقليمي والدولي . السودان ليس ساحة خلفية لأي دولة ، ولا ينبغي استخدامه كورقة في صراع جيوسياسي بين قوى إقليمية . السيادة الوطنية ليست قابلة للتفاوض أو التلاعب بها تحت أي ذريعة .

 

 الطرح الذي قدمه الكاتب يتعامل مع السودان وكأنه ملف بسيط يمكن حله بتدخل خارجي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة . لكنه يتجاهل أن الأزمة السودانية معقدة ومتجذّرة في التاريخ. هي ليست فقط صراعًا بين قادة عسكريين أو ميليشيات ، بل هي أزمة هوية ، وعدالة ، وتنمية وإدارة تنوع . التعامل معها كأنها مجرد صراع نفوذ بين جهات إقليمية يُسهم في تعميق الانقسام بدلًا من حله .

 

 الحل الحقيقي لأزمة السودان لا يمكن أن يأتي من الخارج . بل يجب أن يكون سودانيًا خالصًا . المجتمع الدولي يمكنه أن يلعب دورًا إيجابيًا إذا دعم مبادرات وطنية وسلمية ، تحترم إرادة الشعب وتساعد في وقف الحرب وبناء دولة مدنية ديمقراطية . لا حاجة إلى وصاية خارجية ، بل إلى شراكة تحترم استقلال السودان وحقه في اختيار طريقه .

 

 إن مقال الكاتب الأميركي (نيجر إنّيس) لا يفرق بين نظام فاسد وشعب مقهور ولا يُقدّم حلًا واقعيًا أو عادلًا ، بل يروّج لتدخل يهدد وحدة السودان ويزيد من معاناة شعبه . على الجميع أن يدرك أن بناء السلام الحقيقي يبدأ من الداخل ، من حوار سوداني صادق وشامل ، لا من قرارات تُتخذ في تل أبيب أو واشنطن . فالسودانيون وحدهم هم أصحاب الحق والقرار في مستقبل وطنهم ، وعلى القادة السودانيين السياسيين المدنيين والعسكريين الحاكمين والمعارضين أن يسدو الثغرات التي ينفذ من خلالها أعداء الوطن وأن لا تمهدوا لهم الطريق ليتدخلوا من خلال صراعكم وتشبثكم بالسلطة على حساب الوطن حتى صار المواطن لاجئ في وطنه من شدة ما اذاق من ويلات الحرب والدمار الذي أصابه ولا جابر لكسره سوى الله .

 

[email protected]

‫5 تعليقات

  1. لا يمكنك أن تفرض شروط على المجتمع الدولي الذي يطعمكم ويسقيكم وإذا مرضتم أحيانا يشيفيكم … فأنتم شعب من الجياع والمشردين والمرضى وعليكم أن ترضوا بما يرضاه لكم المجتمع الدولي وهو في الغالب ينساكم ويتناساكم نسبة لقلة حيلتكم وهوان شأنكم عنده، إلا عندما تلعبون بذيلكم وتحاولون اللعب مع الكبار

  2. انت بتتكلمي عن التدخل الخارجي و نسيتي أن الخرطوم في الفترة الانتقالية من 2019 الى ابريل 2023 كان تعج بتدخل السفراء الاجانب علنا و سرا .
    و قائد الجيش البرهان يذهب الى مصر و كأنها مسقط رأسه و مريم الصادق خاطبت نظيرها المصري بكلمة : يا استاذي في سقطة دبلوماسية كبرى

    1. تاريخ السودان مربوط بالتدخلات الاجنبية منذ اول يوم من استقلاله فقصة صلاح سالم الذى رقص عاريا للتاثير على الانتخابات العامة وترجيح كفة حلفاء مصر فى تلك الانتخابات وعبود الذى باع اراضى حلفا اما جعفر النميرى فقد وصل به الامر الى ان طائرات مصرية قصفت الجزيرة ابا وكذلك قوافل من أسموهم المرتزقة القادمة ليبيا ولعل الانقاذ هى اكثر من سمح بالتدخل الاجنبى حتى ان حسنى مبارك كان سمسارها للترعريف بالنقاذ مدعيا ان الانقاذ صنيعتهم.. والانقاذ أيضا بافعالها هى من استقدمت أكبر وجود أجنبى فى تاريخ السودان اى بعثة الامم المتحدة فى دارفور UNAMID فالسودان ظل مرتعا للتدخلات الاجنبية وليس فى ايام الثورة وهناك جماعات بالاسم استقدمت القوى الاستعمارية فى القرن التاسع عشر لاحتلال السودان بزعم تخليصها من سطوة المهدية

  3. كويس يا استاذه اذا كان هذا التغيير نابعا من اراده شعبيه حره فقد قال الشعب كلمته من خلال الاعتصام في القياده العامه ووكل موكليه فعقدوا وثيقه دستوريه تسلم السلطه لحكومه مدنيه في اواخر ٢٠٢٢ مع العسكر فهل التزم العسكر بهذه الوثيقه ؟ بل انقلبوا على الثوره في انقلاب الموز اكتوبر ٢٠٢١ وايضا انقلبوا على الاتفاق الاطاري الذي كان ملزما ان يسلم الحكومه لسلطه مدنيه خالصه بعد الغاء الوثيقه الدستوريه بعد الانقلاب، فبعدها اشعل الكيزان في الجيش حرب ابريل ٢٠٢٣ التي ادت لكارثه وبلوى كبيره للسودان والمواطنيبن السودانيين ؛ اما السياده والتدخل في شئون الدوله فحدثي ولا حرج فقد كانت دول بعينها تعطي الاوامر للحلمان راعي الكيزان فينفذها بحزافيرها والدليل على ذلك فض الاعتصام وانقلاب الموز الذي اكد بوثائق دامغه انها اوامر من الخارج لسبب سياسي وهو عدم منح الفرصه للاعتصام وثوار ديسمبر ان يضغطوا على الجيش لتسليم السلطه لحكومه مدنيه خالصه تقصي الكيزان عبيدهم اللي بينفذوا اجندتهم ومصالحهم بل تحاكمهم على الجرائم التي ارتكبوها و مطالبة الدول التي نهبت خيراتنا بواسطتهم اي الكيزان الذين قدموا لهذه الدول ما خف وثقل من خيرات السودان وترك شعبه جوعان وبمقابل زهيد ؛ الامر الاخر السياسي هو انو نظام الكيزان فعلا ظل يدعم ايران ويجلب خبرائهم في تخصيب اليورانيوم في السودان والدليل ضرب المسيرات لعلماء ايرانيين في بورسودان مما
    يؤدي لايغار صدور الامريكان والاسرائليين بالتدخل في السودان لان ايران صارت عدوهم الاول في العالم ؛ اذن التدخل الدولي ليس بغريب علي السودان فقد تدخلت قوات ال JMC في جبال النوبا كادوقلي والدلنج بالضبط لحفظ الامن والنظام بين الجيش والحركه الشعبيه من طرف وبين النوبا والمسيريه من طرف اخر ، كذلك تدخلت قوات ال UNIMID في دارفور لحفظ السلم والامن بين قبائل تلك المناطق المتناحره فيما بينها و بين الجيش والحركات المسلحه من جهه اخرى مما ادى للاستقرار في السودان ؛ ميزة التدخل في شئون الدول خصوصا في الشرق يؤدي للاستقرار السياسي وايقاف الصراعات والدليل على ذلك تدخل امريكا واسرائيل في سوريا فاسقطوا بشار الاسد من السلطه وذلك في فبراير ٢٠٢٥ ؛ تدخلهم في لبنان واسقاط نظام حزب الله المتحكم فيها منذ ٢٠٠٠ وبدء انتخابات ديمقراطيه حقيفيه فيها فاتت بالعماد ميشيل عون كرئيس لجمهورية لبنان منذ عقود كانت تحت بطش وذل حزب الله اللبناني بقيادة الهالك حسن نصر الله واعوانه الهالكين …

  4. الحالمين امثال كاتبتبتا الموقره هم واحدة من اهم نكبات السودان بطرحهم الحالم الذي يري السياسه الدوليه بعيون طفوليه ويري ان تغيير نظام جاء علي ظهر دبابه واستمر في السلطه زهاء اربعه عقود بقهره وبندقيته وتغذيه علي دماء شعبه، لا زال ممكنا بالوسائل السلميه وبالضغط الشعبي حتي بعد ان خلا السودان نفسه من الشعب نتيجة حرب الفجار التي اشعلها الكيزان القتله…
    ما يلاحظ علي اغلب من يتصدرون المشهد الاعلامي هو الالتزام الحرفي بتراتبية ونسق معين للامور لدرجة انك لو قدمت امرا او اخرت اخر لأشكل عليه فهم الموضوع ولاصبح مثل تلميذ بليد يمتحن في جدول الضرب بحيث يبدأ من الواحد ولو حصل وتلعثم عند العدد 5 مثلا لا تسعفه قدراته العقليه بتعديل الخطأ والإستمرار إلي العدد الذي يليه في الترتيب وانما تجده مجددا يعود لنقطة واحد ضرب كذا وكل ما يغلط يعود للواحد وهكذا.
    الكاتبه تتناول تدخل اسرائيل من زاوية واحده وهي زاوية الشأن الداخلي وتري الموضوع برمته شأن سوداني خالص ولا يحق لأحد التدخل فيه ويغيب عنها تماما ان التدخل الدولي لا يأتي غالبا إلا من زاوية المصالح الدولية او درء خطر اقليمي او عالمي ويبقي الشأن الداخلي داخليا لا يلقي له احدا بالا. اسرائيل هنا تتدخل لحماية مصالحها وامنها القومي الذي باتت تهدده تحركات وتحالفات نظام بورتسودان وهي هنا لن تطلب شرعيه من الشعب السوداني لحماية مصالحها ومواطنيها وسواء تحرك الشعب السوداني داخليا او لم يتحرك ستتحرك هي تبعا لمصالحها ولا يهمها ان كان البرهان مكروها وسط شعبه ام محبوبا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..