صراع الوزارات في السودان: هل يُفكك النظام السابق الحركات المسلحة ويهدد استقرار البلاد؟

أواب عزام البوشي
*في خضم حرب تهدد وحدة السودان، يتصاعد صراع جديد داخل كواليس السلطة، حيث تتقاسم الحركات المسلحة مع الحكومة الوزارات، لكن أطرافًا من النظام السابق تسعى لإحداث انقسامات قد تضعف التوازن السياسي والعسكري والاقتصادي معًا.*
وفق اتفاق جوبا، تُخصص الحركات المسلحة نحو 25% من مقاعد الحكومة الانتقالية، بما في ذلك وزارات ذات طابع سيادي واقتصادي، مما يجعل أي تغيير في هذه الحصة محط توتر وخلاف شديد. والتوتر الحالي يتمحور حول تسريبات تشير إلى اتجاه لإبعاد الدكتور جبريل إبراهيم، وزير المالية السابق ورئيس حركة العدل والمساواة، من منصبه، ومنح وزارة التعدين لمني أركو مناوي، رئيس حركة تحرير السودان وحاكم إقليم دارفور، أو لشخص مقرب منه.
يُعد قطاع التعدين من أهم مصادر العائدات للسودان، حيث يُساهم بأكثر من 40% من الصادرات الوطنية، ويولد عائدات تقدر بين 1.2 إلى 1.5 مليار دولار سنويًا. ويبلغ إنتاج الذهب بين 50 إلى 90 طن سنويًا. لكن السودان يعاني من تهريب واسع للذهب يقدر بين 80 إلى 100 طن سنويًا، ما يعني خسائر بمليارات الدولارات تحرم خزينة الدولة من موارد حيوية.
تضم الحركات المسلحة المشاركة في العمليات العسكرية ما بين 15 إلى 25 ألف مقاتل، موزعين بين حركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان بجناحيها، فضلاً عن فصائل أصغر. هذه القوات تلعب دورًا محوريًا إلى جانب الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع، لا سيما في دارفور وغرب كردفان، وتأمين ما لا يقل عن 35 منطقة وبلدة.
ويرى مراقبون أن بقايا النظام السابق، حزب المؤتمر الوطني، يسعون لاستغلال التوتر بين قادة الحركات المسلحة لتفتيت صفوفها وإضعاف حضورها السياسي والعسكري، مستغلين تاريخ الخلافات بين القادة. فقد قال محلل سياسي: “النظام السابق يدرك تمامًا أن الإطاحة بجبريل أو تسليم وزارة مؤثرة لمني أركو مناوي يمكن أن يفتح الباب أمام انشقاقات خطيرة تهدد وحدة الحركات المسلحة.
مع تجاوز عدد النازحين داخليًا أكثر من 10.7 مليون شخص، وتأثر أكثر من 15 ولاية سودانية، يشكل تفاقم الخلافات السياسية والعرقية تهديدًا مباشرًا لاستقرار البلاد، ويزيد من معاناة المدنيين في مناطق النزاع.
ويبقى السؤال: هل ستنجح الحكومة والحركات المسلحة في تفويت الفرصة على المؤتمر الوطني ومنع استغلال الخلافات لزرع الفتنة؟ أم أن البلاد مقبلة على تصعيد جديد يُهدد مستقبلها السياسي والعسكري والاقتصادي؟