أخبار السودان

حياة المرضى على المحك.. مركز غسيل الكلى بجنوب دارفور يُصارع الانهيار

 

في صمتٍ ثقيلٍ يقطعه أنين المرضى، يختنق الأمل في مركز غسيل الكلى بنيالا بولاية جنوب دارفور، حيث يواجه العشرات من المصابين بالفشل الكلوي مصيرًا مجهولًا بين ماكينات معطّلة ومحاليل مفقودة.

وفي ظل غياب الدعم وانهيار المنظومة الصحية، أصبحت جلسة الغسيل حلمًا بعيد المنال، فيما تقف حياة المرضى على حافة الانهيار.

وكشف مصدر طبي بوزارة الصحة التابعة للإدارة المدنية لقوات الدعم السريع في جنوب دارفور عن وفاة أكثر من عشرة مرضى بمركز غسيل الكلى في الولاية خلال الأشهر الماضية، نتيجة تعطل عدد كبير من ماكينات الغسيل ونقص حاد في المستهلكات الطبية الأساسية.

وأفاد المصدر بأن غالبية المرضى غير قادرين على تحمل تكاليف جلسات الغسيل، مما أدى إلى وفاة عدد منهم بسبب التسمم الناتج عن توقف أو عدم انتظام الجلسات، في ظل خروج المركز عن الخدمة عدة مرات.

وأضاف: “الحد الأدنى لعلاج المريض يتطلب جلسة غسيل واحدة أسبوعيًا على الأقل”.

ارتفاع المرضى مع تدهور الخدمة

وأوضح المصدر لـ”دارفور24″ أن المركز يواجه أزمة كبيرة، إذ تعطلت 14 ماكينة من أصل 17 كانت تعمل بمركز غسيل الكلى في مستشفى نيالا التخصصي بحي “خرطوم بليل”، ولم يتبق سوى ثلاث ماكينات فقط قيد التشغيل.

وذكر أن أربع ماكينات تحتاج إلى صيانة بسيطة يمكن إنجازها حال توفر قطع الغيار من الولايات الشرقية الواقعة تحت سيطرة الجيش، في حين أن عشر ماكينات أخرى تحتاج إلى تدخل فني من مهندسين مختصين نتيجة أعطال جسيمة.

وأشار إلى أن المرضى يُجبرون على شراء “سيور الغسيل” بمبلغ 20 ألف جنيه لسيرين، رغم انعدامها في السوق المحلي وتوفرها مجانًا في مدن سودانية أخرى.

وكشف عن انعدام المستهلكات الطبية الأخرى تمامًا، وارتفاع سعر المحاليل الوريدية إلى 170 ألف جنيه للجركانة في السوق السوداء، بعد أن كانت تُوفَّر مجانًا عبر إدارة الإمدادات الطبية.

وتابع: “من بين التحديات الأخرى التي يعاني منها المركز انقطاع المياه عن الصهريج الرئيسي لفترات متكررة، وارتفاع أسعار الوقود لتشغيل المولد الكهربائي، حيث بلغ سعر برميل الجازولين مليوني جنيه سوداني”.

ولفت إلى أن عدد المرضى ارتفع بشكل كبير بعد تدفق نازحين من ولايات أخرى، ليصل إلى أكثر من 70 مريضًا، بالإضافة إلى مرضى من جميع محليات الولاية الـ21، ومن ولايات وسط وغرب وشمال دارفور.

وانتقد غياب دور الإدارة المدنية في دعم المركز، رغم زيارة رئيسها يوسف إدريس يوسف عقب توليه المنصب وتعهده بتوفير الوقود، دون أن ينعكس ذلك إيجابيًا على المرضى أو المركز.

وناشد المصدر الجهات الدولية والوطنية، ووكالات الأمم المتحدة، وإدارة الإمدادات الطبية بوزارة الصحة الاتحادية، بضرورة التدخل العاجل لتوفير الصيانة اللازمة للماكينات، وإمداد المركز بالمحاليل والمعدات الطبية الضرورية، ودعم الكادر الطبي العامل فيه.

جانب من المعاناة

وقال محمود الفاضل، أحد أقرباء المرضى، لـ”دارفور24″، إنه يدفع اشتراكًا ماليًا أسبوعيًا لتوفير الوقود اللازم لتشغيل مولد المركز، إلى جانب تحمّل تكاليف شراء السيور والمحاليل الضرورية للغسيل.

ودعا الفاضل المنظمات الدولية والوطنية والخيرين إلى دعم المركز، مطالبًا بإبرام اتفاقيات استثنائية بين قوات الدعم السريع والجيش لتسهيل وصول المعدات والمحاليل الطبية إلى المركز، باعتبارها حالة إنسانية عاجلة.

وأفاد أحد المرضى بالمركز ــ فضّل عدم ذكر اسمه ــ لـ”دارفور24″، بأن معاناة المرضى تفاقمت منذ اندلاع الصراع في البلاد، مشيرًا إلى مغادرة الكوادر الطبية وتوقف إمدادات الأدوية والمستهلكات الطبية، فضلًا عن تعطل صيانة الماكينات الأساسية داخل المركز.

وأوضح أن عددًا كبيرًا من المرضى القدامى فقدوا حياتهم أثناء محاولتهم الحصول على العلاج في مدينة الفاشر خلال عام 2023، فيما توفي آخرون خلال عامي 2024 و2025.

وطالب المريض الإدارة المدنية وحكومة الولاية في بورتسودان بالتنسيق والعمل المشترك لضمان إيصال الاحتياجات الأساسية للمركز، بالإضافة إلى ابتعاث مهندسين مختصين لصيانة الأجهزة المتوقفة عن العمل.

وأقر المدير العام لوزارة الصحة بالإدارة المدنية لقوات الدعم السريع في جنوب دارفور، مصطفى البرمكي، بتعطل أكثر من عشر ماكينات غسيل كلى عن الخدمة دون أن يتم إصلاحها منذ 15 أبريل 2023، مؤكدًا أن أربع ماكينات فقط لا تزال تعمل، ولكن في حالة “يرثى لها”.

وأشار البرمكي، في تصريح مصوّر نُشر على صفحة “تحالف السودان التأسيسي” على فيسبوك خلال زيارة الناطق الرسمي للتحالف إلى الوزارة، إلى أن مركز غسيل الكلى بالولاية يواجه أزمة حادة في توفر المحاليل الضرورية، ما أدى إلى تدهور خدمات العلاج بشكل كبير.

دارفور 24

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..