ثقافة وفنون

من نقوش أستراليا إلى قصور بافاريا… “يونسكو” توسع قائمة التراث العالمي

في دورتها السابعة والأربعين المنعقدة في باريس، بتاريخ 12 يوليو/تموز، اعتمدت لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) قرارات بإدراج مجموعة من المواقع الجديدة ضمن قائمة التراث العالمي، شملت مواقع أثرية وطبيعية وثقافية في كل من تركيا، والإمارات، والصين، وطاجيكستان، وأستراليا، وألمانيا، مؤكدة غنى التنوع الحضاري والبيئي حول العالم.

تركيا: مدينة سارديس ومقابر الألف تل

أدرجت مدينة سارديس الأثرية عاصمة مملكة ليديا التاريخية، بالإضافة إلى “مقابر الألف تل لليديين” في ولاية مانيسا غرب تركيا، في قائمة يونسكو للتراث العالمي، بحسب ما أعلن وزير الثقافة والسياحة التركي محمد نوري إرصوي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “هذه الجغرافيا الفريدة، التي كانت عاصمة حضارة الليديين ومهد أول عملة في العالم، أصبحت الآن جزءاً من التراث المشترك للبشرية”.

وتقع المدينة التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد في قضاء صالحلي، وازدهرت سارديس في عهد مملكة ليديا، التي حكمت غربي الأناضول في العصر الحديدي، واشتهرت بملكها كرويسيوس (قارون) الذي بات مضرباً للمثل بثرائه.

وبذلك ارتفع عدد المواقع التركية المدرجة إلى 22 موقعاً.

الإمارات: موقع الفاية الأثري في الشارقة

اعتمدت لجنة التراث العالمي التابعة لـ “يونسكو” إدراج موقع الفاية الأثري في إمارة الشارقة ضمن قائمة التراث العالمي لعام 2025

يقع موقع الفاية في المنطقة الوسطى من الشارقة، ويُعد نموذجاً استثنائياً للبيئة الصحراوية خلال العصر الحجري، حيث يحتفظ بأحد أقدم وأطول السجلات المتواصلة لوجود الإنسان في البيئات الصحراوية، ويعود تاريخه إلى أكثر من 210 آلاف عام.

كشفت هيئة الشارقة للآثار، بالتعاون مع فرق دولية متخصصة، عن 18 طبقة جيولوجية متعاقبة، توثق كل منها فترة زمنية مختلفة من النشاط البشري. وقد أكدت المكتشفات تطور الاستيطان من جماعات الصيادين إلى جماعات الرعاة الرحل، الذين كانت لهم شعائر جنائزية خاصة، وهو ما أتاح للعلماء تصوراً جديداً لطبيعة تكيف الإنسان مع المشهد الطبيعي في ظروف مناخية قاسية.

الصين: مقابر مملكة شيشيا – تداخل حضاري في العصور الوسطى

تقع مقابر أباطرة مملكة شيشيا الصينية، المدرجة ضمن قائمة “يونسكو”، في جبال هيلان، بمنطقة نينغشيا شمال غربي الصين، ويُعتبر من أبرز المعالم الإمبراطورية التي لا تزال محفوظة بشكل استثنائي في البلاد.

وأشارت اللجنة إلى أن المقابر تُعد مثالًا فريداً على التفاعل الحضاري في العصور الوسطى بالصين، حيث توثق التداخل بين ثقافات متعددة وتقاليد مختلفة، ما يمنحها أهمية استثنائية من الناحية الثقافية والتاريخية.

يُذكر أن مملكة شيشيا ازدهرت بين القرنين العاشر والثالث عشر الميلاديين، وشكّلت نقطة التقاء بين الحضارات الصينية والتبتية والتركية، ويعكس موقع المقابر مزيجاً معمارياً يعبر عن هذا التداخل الثقافي والهوياتي المتعدد للإمبراطورية.

طاجيكستان: آثار خُتَّل – إرث متنوع على طريق الحرير

تضم منطقة خُتَّل القديمة في طاجيكستان 11 موقعاً أثرياً ومعمارياً تقع في مقاطعات واسعة مثل دنغره، جلال الدين بلخي، وفارخور، وتضم معالم مثل معبد أجيناتيبّا البوذي، قلعة هولبوك، شهريستان هلبوك، وضريح مولانا تاج الدين.

من بين هذه المواقع، يحظى المجمع الأثري لقلعة هلبوك بأهمية خاصة، لاحتوائه على أطلال قصر عاصمة خُتَّل القديمة. وتشير تقارير “يونسكو” إلى أن هذه المعالم تُبرز تنوع الثقافة في خُتَّل القديمة، وهي دولة ازدهرت بين القرنين السابع والسادس عشر الميلاديين، وكانت مركزاً نشطاً على طريق الحرير، مما جعلها مسرحاً هاماً للتبادل الثقافي والصناعي والديني.

أستراليا: فن موروجوجا الصخري – الذاكرة المنقوشة في الحجر

أعلنت الحكومة الأسترالية أن فن موروجوجا الصخري، الواقع في حديقة موروجوجا الوطنية في ولاية أستراليا الغربية، أُدرج رسمياً في قائمة التراث العالمي لـ”يونسكو”، ليصبح المعلم الأسترالي الحادي والعشرين ضمن هذه القائمة، إلى جانب الحاجز المرجاني العظيم.

ويضم مشهد موروجوجا الثقافي في شمال غرب أستراليا نحو مليون نقش صخري للسكان الأصليين، تعود بعضُها إلى أكثر من 50 ألف عام، مما يجعله أحد أهم مواقع الفن الصخري في العالم.

لكن الموقع يثير جدلاً حاداً داخل أستراليا، إذ يتهم السكان الأصليون ودعاة البيئة شركات التعدين الكبرى في منطقة بيلبارا الغنية بالموارد، بالمساهمة في تآكل النقوش نتيجة الانبعاثات الكيميائية الناتجة عن مصانع الغاز الطبيعي والأسمدة والمتفجرات.

ورأى المجلس الدولي للآثار والمواقع (ICOMOS) أن من الضروري أن تضمن الحكومة الأسترالية القضاء التام على انبعاثات الأحماض الضارة التي تؤثر حالياً في النقوش، حفاظاً على الموقع واستدامته.

ويرى وزير البيئة الأسترالي، موراي وات، أن هذه الخطوة التاريخية “تؤكد التزام الحكومة بحماية تراث السكان الأصليين”، فيما اعتبر بيتر هيكس، رئيس مؤسسة موروجوجا، أن إدراج الموقع “وسيلة لحماية المناظر الطبيعية الاستثنائية من المخاطر الصناعية”.

ألمانيا: قلاع لودفيغ الثاني – الخيال يصبح تراثاً

أُدرجت قصور الملك لودفيغ الثاني الخلابة في ولاية بافاريا ضمن قائمة التراث العالمي، وهي: قلعة نويشفانشتاين، وقصر هيرينكيمزي، وقصر ليندرهوف، وهي من روائع القرن التاسع عشر المعمارية.

بدأت أعمال البناء في نويشفانشتاين عام 1869 لكنها لم تكتمل، وتوقفت بوفاة الملك في عام 1886. وتُعد القلعة اليوم من أشهر المواقع السياحية في ألمانيا، إذ تستقطب نحو 1.4 مليون زائر سنوياً، وألهمت تصميم شعار قلعة ديزني بعد زيارة والت ديزني لها في خمسينيات القرن الماضي.

واعتبر ماركوس زودر، رئيس حكومة ولاية بافاريا، التصنيف “وساماً عالمياً”، قائلاً: “بالنسبة لقلاعنا الخلابة، فإنّ تلك حكاية خرافية تتحقّق”، مضيفاً: “عند رؤية القلعة، قد يفكر البعض في ديزني، ولكن لا: نويشفانشتاين هي القلعة الأصلية من بافاريا، وستظل كذلك”.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..