تنهض من تحت رمادها عنقاء ديسمبر ويغني لها السمندل كما لعزة غنى الخليل

عمر الحويج
كان إنقلاب 25/ أكتوبر / 2021م لعنة على البرهان واسلامييه وموزابه ، وطرفهم الآخر من صلبهم ورحمهم دعمهم السريع ، لعنة فاقت لعنة الفراعنة ، وهي من نوع تلك اللعنة التي لا تنام ولا تستريح تناوشهم ، وتغلق منامهم ، في كل خطوة يخطوها لغرض تكملة مشروعية انقلابهم المشؤوم ، وانتشاله من عثراته ، في كل لحظة يحسبونها بارقة أمل يجدونها وقد ولدت لهم لعنة شرٌّ ، كأنّها لعنة نُقشت في قلوبهم وضمايرهم ، لتحرك أفكارهم الخبيثة ، وأطماعهم المميتة ، لعنة تتجاذبهم أطرفاً بأطراف وفتناً عصفت بهم بفتن أخرى داخلهم . ترمي بهم في مياه بحر الفشل المالح ، من فشل إلى آخر .
منذ ماقبل لحظة إعلان ،ذلك الإنقلاب تحرك الشارع ضده قوياً هادراً جباراً ، أجبره على إرتكاب خطيئته الكبرى بمقابلة هذا السيل العرمرم بالرصاص الحي القاتل دون وازع أو ضمير .
أما مابعد لحظته الأولى فقد تبرأ من إنقلابهم المشترك طرفه الثاني ، وأعتذر عنه ، وإن جاء إعتذاره متأخراً ولا مقبولاً حتى ، فهو لم يكن موجهاً للشعب المنكوب بالعسكر والاستبداد !! وإنما كان إعتذاراً عن ذات الإنقلاب بتاريخه وزمانه المعني ، ولكن بإنقلاب آخر ، له شكل وطعم مستجد ، يتخذ له مساراً إنقلابياً جديداً ، لم يعلن بمزيكة حسب الله وجلالاتها العسكرية ، ولم يخرج من خور عمر ، كما إنقلاب المخلوع النميري ، ولم يخرج من أكذوبة أذهب انت للقصر رئيساً وأنا للسجن حبيساً ، كما أعلن عنه صورة وصوت ، المخلوع البشير . إنما كان هذا الإنقلاب ، بإعلان انحياز مخاتل يدعي فيه قائده حميدتي ومستشاريته الإسلاموية فصيل المنشية ، إنحيازهم لقوى الثورة وشعاراتها حرية سلام وعدالة ، ودولة مدنية ديمقراطية ” وهذه بتلك وكله تقية وفقه ضرورة” وسار به الحال من حال إلى حال وأعني إنقلاب الطرفين مروراً باطاري مقطوع الطاري ، وصولاً إلى حرب عبثية ، دمرت وخربت واغتصبت وقتلت ، وأنتهيا في صراعهما الإنقلابي حتى وصلا “الطرفين” بعد عجز أي منها لإحراز النصر المرتجى ، هربا كل منهما إلى التستر خلف مشروع حكومة معلقة في هواء القذائف والدانات ، الأولى حكومة الأمر الواقع بقيادة جنرالات الاسلاموكوز ، لا أثر لها بين المواطنين إلا شعارات البل ونعم للحرب ، بجوقتهم “الكوزلايفاتية” ، وبعض فئة حسنت نيتها ، تظن أنها توالي جيشها ذلك القديم ، الذي بعمر المائة عام ، وقد نسوا أنه تمت هندسته في أخيرتها الثلاثينية ، وحولته إلى جيش آخر قيادته اسلاموية وعقيدته ظلامية . والثانية حكومة التأسيس بقيادة جنرالين ، “لحمة رأس” ليست مستوية الطبخة ، جنرالاً فيها يرفع شعار “العلمانية” ، المطلوب حضورها ، فقط دون عسكرية ، والجنرال الثاني “تقية وفقه ضرورة” ، تتبعه بعض من فئة حسنت نيتها ، يظنونها ثورة هامش وحركة تحرر من قبضة دولة “56” الفاشلة ، يرفع شعار الديمقراطية المرغوب حضورها فقط دون بندقية.
وأصبحنا وأمسينا ، وضحينا وحجينا ، وصمنا وأفطرنا ، ومولَّدَّنا بيوم نبينا الكريم ، عامين وأكثر ، ومواطنونا تاكلهم وتعبث بهم حربهم المدمرة التي فاقت مأساتها كل حروب العالم ، قديمها وحديثها ، طرفاها بذرتهما جرثومة كيزانية جعلتهما يحولانها إلى حرب إنتقامية كلاهما بعقيدته ومصالحه ومكتسباته الدنيوية ، وجوده هو ، مقابل فناء خصمه وتوأمه اللدود ، وحتى آخر جندي في دربه يحارب ، فقط ما يشتركان فيه هو إقتلاع ثورة ديسمبر وجماهيرها التي تسببت في حرمانهم من السلطة التي كانا يعيشان في نعيمها .
وننهي بلعنة الفراعنة التي صاحبتهم، وإنقلابهم المشؤوم حتى لحظة يوم الناس هذا ، وهم يسمعون بآذاهم الصوت العالي يردد على لسان أمريكا التئام الرباعية من جديد ، وهي التي يخيفهم ذكرها ، واياً لشعبنا كانت مآلاتها ، فهي ستفتح نافذة تاتي من خلفها وفي نهايتها قراراً لوقف النار ، وهذا يكفي لبعض أمل ، لتخفيف عبء هذه الحرب المدمرة التي قضت علي يابس الأرض والشجر وأخضر البشر ، وهناك خلف ضباب مواقف بعض دول الأقليم ، التي تورث الأسى والحسرة ، للكرامة المهدرة ، بسبب حرب الكرامة ، لكنها كلها في حكم المقدور عليها ، حين تنهض ، من تحت الرماد عنقاء ديسمبر ، في يومها التالي لوقف الحرب ، ويغني لها السمندل كما غنى الخليل لعزة وطن الجمال .