حميدتي ومناوي وجهان لانهيار الدولة ماذا نحن فاعلون كشعب؟

نبيل منصور
“نحن ما عندنا مرشح بترفض”.
“الحكومة لما تعمل ليها جيش خليها تجي تتكلم معانا”.
جملتان على لسان اثنين من أبرز اللاعبين في مشهد ما بعد الدولة: مني أركو مناوي ومحمد حمدان دقلو (حميدتي).
رغم اختلاف السياق والمظهر إلا أن التشابه بين التصريحين صادم في جوهره فكلاهما أُستُمد من ضعف الدولة، لا من قوة صاحبه.
1. مناوي: عندما يصبح وجودك حاجة عسكرية :
قبل ثلاثة يوم أو اربعة صرّح مناوي بأن حركته لا يوجد لها مرشح يُرفض. التصريح بدا واثقا، لكنه في العمق يحمل رسالة: “تم قبول مرشحنا لأننا صرنا ضرورة عسكرية في معركة الجيش ضد الدعم السريع”.
لم يُقبل مرشحه بفضل كفاءة أو توافق سياسي، بل لأن الجيش بات محتاجا لوجود قواته في ميدان المعركة.
هكذا يتحول التفاوض حول الوزارات من حوار سياسي إلى صفقة أمنية ومن معيار الكفاءة إلى منطق “من نحتاجه أكثر”.
2. حميدتي: حين يكون السلاح هو المعيار الوحيد:
في المقابل، قال حميدتي يوما بتهكم: “لما الحكومة تعمل ليها جيش، خليها تجي تتكلم معانا”. لم يكن يقصد إهانة بعينها، بل كان يعبّر عن حقيقة يراها على الأرض: أن الدولة فقدت احتكارها للقوة، ولم تعد تملك هيبة أو قدرة تُلزم الآخرين بالامتثال.
كان حميدتي يتحدث من منطلق شعوره بالتفوق العسكري، تماما كما كان مناوي يتحدث من منطلق شعوره بأهميته النسبية للجيش.
3. تشابه لا يُمكن إنكاره
رغم أن خطاب مناوي بدا مدنيا ناعما، وخطاب حميدتي صداميا عسكريا، إلا أن الإثنين تشاركا في الجوهر ذاته:
كلاهما بنى موقفه على ضعف الدولة، لا قوتها.
كلاهما استخدم ميزان القوة وليس ميزان القانون.
كلاهما تحدث بثقة لأن الدولة محتاجة له، لا لأنه ملتزم بها.
مناوي فرض مرشحه لأن الجيش لا يريد خسارة حليفه المسلح.
وحـميدتي فرض نفسه لأن الجيش لم يعد يملك القدرة على ردعه.
وفي الحالتين، الدولة ليست من تقرر، بل “موازين الحاجة والذراع”.
4. النتيجة: انهيار الدولة على مهل،
فما يجري ليس صراعا سياسيا صحيا، بل تفكك صامت للدولة، حيث لم تعد المؤسسات تحكم، بل صارت أطرافا تفاوضية بين حاملي السلاح.
وعندما تُصبح المناصب تُمنح بالتهديد أو بالحاجة، لا بالجدارة أو التمثيل، فإن الدولة لا تتآكل فحسب، بل تفقد معناها تماما.
5. ماذا نحن فاعلون كشعب؟
لسنا مجرد ضحايا لهذا الانهيار، بل نحن الطرف الوحيد القادر على قلب المعادلة.
المشكلة ليست في مناوي أو حميدتي كأشخاص، بل في الفراغ الذي سمح لهما وغيرهما بأن يتقدّموا فوق جثّة الدولة.
الشعب السوداني اليوم مطالب بما هو أكبر من مجرد الإدانة أو التفرج:
أن نعيد تعريف الشرعية خارج منطق السلاح.
أن نرفض التعامل مع الواقع بوصفه قدراً لا يُرد.
أن نعيد بناء الدولة من القاعدة، لا من فوق وبإرادة من لا يملكون سلاحا ولكن يملكون الوعي والموقف.
ما قاله حميدتي ومناوي لا يعكس قوتهما، بل يعكس ضعفنا نحن كدولة ومجتمع.
والسؤال اليوم ليس عن تصريحاتهما، بل عن ماذا نحن فاعلون كشعب؟




دفاع
عدل
خارجية
الباقي
بقروش الناس
شكرا
الشعب قطيع و القطيع لا ارادة له . دع الايام تفعل بنا ما تشاء و لا تحزن يا روح أمك