مقالات وآراء

تأجيل اجتماع الرباعية بشأن السودان : تحضير لصفقة أم انزلاق نحو الفوضى؟

زهير عثمان حمد

في خطوة تحمل دلالات سياسية بالغة، أعلنت الآلية الرباعية المعنية بالأزمة السودانية (الولايات المتحدة، بريطانيا، السعودية، الإمارات) تأجيل اجتماعها الحاسم إلى 29 يوليو 2025م. هذا القرار، الذي قد يبدو من الوهلة الأولى إجراءً إدارياً عادياً، يخفي وراءه تعقيدات ميدانية وإقليمية ودبلوماسية متشابكة، ويكشف عمق المأزق الذي يواجه المجتمع الدولي في تعامله مع واحدة من أكثر الأزمات الإفريقية احتدامًا وتعقيدًا في القرن الحادي والعشرين.

 

أولاً : التصعيد الميداني وتغيير موازين القوى

لم يكن بالإمكان عقد الاجتماع في ظل اشتداد القتال على الأرض. الأسابيع الأخيرة شهدت تصعيداً عسكرياً شرساً، خصوصًا في إقليم دارفور (الفاشر) ووسط ولاية الجزيرة، حيث خاض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع معارك دموية راح ضحيتها مئات المدنيين، وشُرد الآلاف. استُهدفت البنية التحتية الحيوية، من مستودعات الغلال إلى محطات المياه، مما فاقم من الوضع الإنساني وأربك عمليات الإغاثة. في مثل هذا المناخ، يصعب الحديث عن تسوية أو تفاهمات، بل تتحول الاجتماعات الدولية إلى رهينة لتطورات الميدان.

 

ثانيًا : الخلافات داخل “الرباعية” نفسها

وراء الأبواب المغلقة، تعاني أطراف الرباعية من انقسامات تكتيكية وحتى استراتيجية. في حين تدفع السعودية والإمارات نحو وقف فوري لإطلاق النار لضمان استقرار إقليمي، تصرّ الولايات المتحدة وبريطانيا على ضرورة ربط أي تسوية بضمانات لانتقال مدني حقيقي ومشاركة قوى الثورة.

 

ويُشار إلى أن الإمارات، بحسب تقارير موثوقة (مثل “العربي الجديد”)، تمارس ضغوطًا لحماية مصالح قوات الدعم السريع، خصوصًا الاقتصادية منها، في حين تضغط واشنطن باتجاه فرض عقوبات على قادة الطرفين، وهو ما ترفضه الرياض وأبوظبي خشية من تفاقم الفوضى.

 

ثالثًا : المبادرات المدنية والضغط المحلي

بالتوازي مع التحركات الدولية، أعلنت قوى مدنية سودانية بارزة، مثل تجمع المهنيين وقوى الإجماع الوطني، عن مبادرة سياسية بديلة في 10 يوليو. هذه المبادرة، التي تسعى لبناء تحالف مدني واسع يتجاوز الانقسامات السابقة، وضعت الرباعية أمام واقع جديد، ودفعتها لإعادة حساباتها وانتظار وضوح المشهد قبل إصدار أي إعلان سياسي أو إطار تفاوضي جديد.

 

رابعًا : الضغوط الإقليمية والتنافس على الوساطة

الساحة الدبلوماسية السودانية لم تعد محصورة في الرباعية. فقد طرحت مصر مبادرة لعقد مؤتمر وطني شامل برعاية أفريقية، رفضته الرباعية خشية من سحب الملف من يدها. في ذات الوقت، تتحرك إثيوبيا نحو وساطة خاصة بها، فيما تحذّر روسيا والصين في مجلس الأمن من “تسييس الأزمة” بما يخدم مصالح غربية.

 

هذا التنافس لا يعكس فقط تعددية الوسطاء، بل يبرز غياب الإرادة الدولية الموحدة، وتحول الأزمة السودانية إلى ساحة للصراع الجيوسياسي.

 

خامسًا : الأمم المتحدة وخطة الطوارئ المؤجلة

مصادر دبلوماسية (وفق “سودان تربيون”) تؤكد أن التأجيل هدفه التنسيق مع الأمم المتحدة تمهيدًا لعدة إجراءات حاسمة:

 

تفعيل القرار الأممي 2736 الذي يلوّح بفرض عقوبات على معرقلي العملية السلمية.

 

إعادة تقييم دور بعثة الأمم المتحدة (يونيتامس) قبل تجديد ولايتها في أغسطس، مع مقترح لتوسيع صلاحياتها.

 

ويأتي هذا في ظل تحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة، إذ تشير التقارير إلى أن 25 مليون سوداني مهددون بانعدام الأمن الغذائي.

 

لماذا 29 يوليو تحديدًا؟

اختيار هذا التاريخ ليس صدفة، بل استنادًا إلى ثلاث نقاط مفصلية:

 

نهاية المهلة الممنوحة ليونيتامس لتقديم تقييمها النهائي.

 

انعقاد مجلس السلم والأمن الأفريقي في 28 يوليو، ما يمنح فرصة لتوحيد الموقف الإقليمي.

 

اقتراب موسم الأمطار، الذي يعيق العمليات العسكرية وقد يُستغل لفرض هدنة إنسانية.

 

خلاصة تحليلية : تأجيل أم إعادة تموضع؟

التأجيل ليس حالة من التراخي، بل يبدو أقرب إلى إعادة تموضع تكتيكي. الرباعية تُعد لموقف موحد وشامل، يرتكز على تقارير دولية ميدانية تُدين طرفي الصراع، وعلى واقع إنساني متدهور يضغط أخلاقيًا وسياسيًا. لكنها في الوقت ذاته تخاطر كثيرًا: كل يوم تأخير يعني مزيدًا من الضحايا، وتوسعًا للميليشيات، وتغلغلاً للاعبين الإقليميين والدوليين.

 

إذا لم يتحول 29 يوليو إلى نقطة انطلاق فعلية لمسار سياسي ذي مصداقية وشرعية مدنية، فإن الفرصة ستضيع مرة أخرى – وربما إلى الأبد.

[email protected]

‫5 تعليقات

  1. تحليل فطير ويحتوي على مغالطات ومعلومات خاطئة ومضللة، مثلا الرباعية تتكون من امريكا، السعودية ، الامارات، ومصر بريطانيا ليست عضو في الرباعية، يونيتامس إنتهى عملها في السودان قبل الحرب ورئيس البعثة فولكر غادر السودان، سبب ناجيل الإجتماع كما رشح في الأخبار في اكثر من مصدر هو اصرار مصر على إشراك الجيش السودان ، فما هو غرض الكاتب من المقال؟

  2. قال ChatGPT:
    ردًّا على تعليق الأستاذ محمد جمال، نودّ أن نوضح النقاط التالية لتصحيح المفاهيم وتبيين مرجعية المقال:

    أولاً: حول مكونات الآلية الرباعية

    صحيح أن الآلية الرباعية الأصلية، كما تشكّلت في بدايات الأزمة السودانية، كانت تضم الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، والمملكة المتحدة – وليس مصر. هذا مثبت في بيانات رسمية صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية والأمم المتحدة منذ 2021 وحتى 2023.
    ربما حدث خلط هنا بين “الآلية الرباعية” و**”الآلية الثلاثية”** (التي كانت تضم الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، والإيغاد)، أو ربما الإشارة إلى محاولات لاحقة لإشراك مصر في إطار موسع، لكنها ليست عضوًا في الرباعية المذكورة في المقال. لذلك ما ورد في المقال يستند إلى المعطيات الرسمية المعروفة حتى اللحظة.

    ثانياً: بشأن “يونيتامس”

    صحيح أن رئيس بعثة “يونيتامس”، فولكر بيرتس، غادر السودان قبل اندلاع الحرب، وتم إنهاء تفويض البعثة رسميًا لاحقًا في ديسمبر 2023.
    لكن المقال لم يشر إلى أن “يونيتامس” تمارس مهامها حاليًا على الأرض، بل أشار إلى وجود مشاورات لتقييم “ما تبقى من أدوار أممية”، وخاصة فيما يتصل بتنسيق جهود الإغاثة، وهو ما يُطرح بالفعل ضمن اجتماعات مجلس الأمن، حتى بعد إنهاء التفويض. ما ورد عن “خطة طوارئ مؤجلة” هو استناد إلى تقارير دبلوماسية تتحدث عن إمكانية مراجعة دور الأمم المتحدة وليس عن عودة يونيتامس نفسها.

    ثالثاً: حول غرض المقال

    غرض المقال ليس الترويج لطرف سياسي أو دولي معين، بل تقديم قراءة تحليلية متعددة الزوايا لفهم أسباب تأجيل اجتماع الرباعية.
    هو لا يتبنى الرواية الرسمية فحسب، بل يسعى لفهم التشابكات الميدانية، الإقليمية، والداخلية التي جعلت من التأجيل ضرورة سياسية لا مجرد “تأخير إداري”.
    إصرار مصر على إشراك الجيش في أي مسار تفاوضي قد يكون أحد أسباب التأجيل الفرعية، لكنه لا يُلغي الأسباب الأخرى المذكورة، كالتصعيد الميداني أو تباين مواقف الرباعية بشأن الدعم السريع.

    نثمّن تعليق الأستاذ محمد جمال باعتباره دافعًا للتدقيق، ونؤكد أن المقال يطرح رؤية تحليلية قابلة للنقاش والنقد، لكنّه ليس “مضللاً” ولا “فطيرًا”، بل يستند إلى مصادر معروفة مثل العربي الجديد، سودان تربيون، وبيانات أممية، ويقدّم منظورًا مركّبًا لأزمة معقّدة لا تقبل التبسيط أو الإسقاط.

    إذا كان لدى الأستاذ جمال أو أي قارئ مصادر بديلة موثوقة، فنحن نرحب بها وندعو إلى حوار تحليلي مفتوح، يخدم غرضنا جميعًا: فهم الواقع السوداني للخروج من أزمته، لا السجال العقيم حول التفاصيل.

  3. ردًّا على تعليق الأستاذ محمد جمال، نودّ أن نوضح النقاط التالية لتصحيح المفاهيم وتبيين مرجعية المقال:

    أولاً: حول مكونات الآلية الرباعية
    صحيح أن الآلية الرباعية الأصلية، كما تشكّلت في بدايات الأزمة السودانية، كانت تضم الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، والمملكة المتحدة – وليس مصر. هذا مثبت في بيانات رسمية صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية والأمم المتحدة منذ 2021 وحتى 2023.
    ربما حدث خلط هنا بين “الآلية الرباعية” و**”الآلية الثلاثية”** (التي كانت تضم الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، والإيغاد)، أو ربما الإشارة إلى محاولات لاحقة لإشراك مصر في إطار موسع، لكنها ليست عضوًا في الرباعية المذكورة في المقال. لذلك ما ورد في المقال يستند إلى المعطيات الرسمية المعروفة حتى اللحظة.

    ثانياً: بشأن “يونيتامس”

    صحيح أن رئيس بعثة “يونيتامس”، فولكر بيرتس، غادر السودان قبل اندلاع الحرب، وتم إنهاء تفويض البعثة رسميًا لاحقًا في ديسمبر 2023.
    لكن المقال لم يشر إلى أن “يونيتامس” تمارس مهامها حاليًا على الأرض، بل أشار إلى وجود مشاورات لتقييم “ما تبقى من أدوار أممية”، وخاصة فيما يتصل بتنسيق جهود الإغاثة، وهو ما يُطرح بالفعل ضمن اجتماعات مجلس الأمن، حتى بعد إنهاء التفويض. ما ورد عن “خطة طوارئ مؤجلة” هو استناد إلى تقارير دبلوماسية تتحدث عن إمكانية مراجعة دور الأمم المتحدة وليس عن عودة يونيتامس نفسها.

    ثالثاً: حول غرض المقال

    غرض المقال ليس الترويج لطرف سياسي أو دولي معين، بل تقديم قراءة تحليلية متعددة الزوايا لفهم أسباب تأجيل اجتماع الرباعية.
    هو لا يتبنى الرواية الرسمية فحسب، بل يسعى لفهم التشابكات الميدانية، الإقليمية، والداخلية التي جعلت من التأجيل ضرورة سياسية لا مجرد “تأخير إداري”.
    إصرار مصر على إشراك الجيش في أي مسار تفاوضي قد يكون أحد أسباب التأجيل الفرعية، لكنه لا يُلغي الأسباب الأخرى المذكورة، كالتصعيد الميداني أو تباين مواقف الرباعية بشأن الدعم السريع.

    نثمّن تعليق الأستاذ محمد جمال باعتباره دافعًا للتدقيق، ونؤكد أن المقال يطرح رؤية تحليلية قابلة للنقاش والنقد، لكنّه ليس “مضللاً” ولا “فطيرًا”، بل يستند إلى مصادر معروفة مثل العربي الجديد، سودان تربيون، وبيانات أممية، ويقدّم منظورًا مركّبًا لأزمة معقّدة لا تقبل التبسيط أو الإسقاط.

    إذا كان لدى الأستاذ جمال أو أي قارئ مصادر بديلة موثوقة، فنحن نرحب بها وندعو إلى حوار تحليلي مفتوح، يخدم غرضنا جميعًا: فهم الواقع السوداني للخروج من أزمته، لا السجال العقيم حول التفاصيل.

  4. لامفاوضات مع الغتله واللصوص والمغتصبين والعملاء وحاضنتهم السياسيه ما يسمى بصمود .مورال فوق مشتركه فوق

    1. قتلة وليست ((غتلة))،، كوز نجس وساقط عربي،، الكوز لا يلام فهو ساقط اخلاقيا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..