مقالات وآراء

الصدمة التحفيزية

إعداد : حافظ حمودة

إخبارية مقارنة (بين السودان والعالم)

الهدف من هذه الإخبارية هو محاولة لخلق صدمة تحفيزية توقظ وعينا ، أفراداً ومجتمعاً ودولة ، لنُدرك حجم الفجوة بين واقعنا وما ينبغي أن نكون عليه . ففي زمن تتقدم فيه الأمم بالعلم والنزاهة والعمل ، نقف نحن في موقع المتفرج ، رغم أن ديننا يحثنا على طلب العلم وإعلاء قيمة الأخلاق . أين نقف؟ وماذا سنفعل للحاق بركب الأمم؟

أولاً / التقدم الطبي :

ألمانيا ، التي ظلت دائماً في طليعة الابتكار الطبي ، دشّنت أول روبوت جراحي يعمل بالذكاء الاصطناعي باسم “AI-Surgeon”، قادر على إجراء جراحات دقيقة في المخ والأعصاب ، بأخطاء تقل بنسبة 80٪ عن أخطاء الجراحين البشر . وقد خضع هذا الروبوت لـ500 عملية تجريبية ناجحة ، وحصل على الترخيص الرسمي . اللافت أن تكلفة العملية باستخدامه تبلغ 50 ألف دولار فقط ، أي أقل من تكلفة الجراح البشري في الدول الغربية ، ما يعني أن الكفاءة باتت أرخص من الاعتماد على البشر .

وفي المقابل ، يبدو المشهد الطبي في السودان قاتماً قبل الحرب ، فبحسب نقابة الأطباء السودانيين ، لا يوجد سوى 3 جراحين لكل مليون مواطن ، بينما المعدل العالمي 100 جراح . والأسوأ أن 70٪ من أجهزة التخدير في المستشفيات الحكومية غير صالحة للاستخدام ، أما معدات الجراحة الرئيسية فلم تُحدّث منذ عام 2005 . بينما تدخل دولٌ الذكاء الاصطناعي غرف العمليات ، لا تزال مستشفياتنا تُدار بمعدات من الثمانينات ، وسط نقصٍ حاد في الكوادر ، هذه الفجوة لم تعد في الإمكانات فقط ، بل في التفكير والتخطيط . نحن بحاجة إلى أنظمة صحية تفهم أهمية الاستثمار في الإنسان والتكنولوجيا .

نقترح :

تنفيذ خطة إنقاذ للمستشفيات العامة عبر شراكات محلية ودولية ، وإرسال أطباء في بعثات تخصصية عاجلة مع فرض صيانة دورية للمعدات وضمان تحديثها بانتظام .

ثانياً / التقدم التكنولوجي :

في حدث وُصف بأنه إنجاز القرن، أعلن علماء في مختبر “لورانس ليفرمور” بالولايات المتحدة عن نجاح أول مفاعل اندماج نووي يُنتج طاقة أكثر مما استُهلك لتوليدها ما يمهد الطريق لعصر جديد من الطاقة النظيفة ، اللامحدودة ، والرخيصة، ويضع نهاية وشيكة للاعتماد على الوقود الأحفوري والانبعاثات الكربونية . الخبر يعني أن البشرية اقتربت من حل جذري لأزمة الطاقة العالمية خلال العقد القادم .

وفي السودان، تبدو صورة الطاقة مناقضة تماماً . حيث تتجاوز ساعات انقطاع الكهرباء اليومية 10 ساعات في معظم المناطق، والبلاد تعتمد بنسبة 80٪ على وقود أحفوري قديم ومولدات تستهلك الاقتصاد وتُنهك البيئة . وتشير تقارير هيئة الكهرباء السودانية إلى أن شبكة الكهرباء الرئيسية فقدت 60٪ من كفاءتها منذ عام 2018 بسبب غياب الصيانة . ورغم أن السودان يملك من الشمس ما يكفي لإنارة قارة، لا توجد حتى الآن أي مشاريع جادة في مجال الطاقة الشمسية أو المتجددة .
الفرق بيننا والعالم ليس فقط في مستوى التكنولوجيا، بل في وضوح الرؤية والجرأة في اتخاذ القرار .

نقترح :

إطلاق مشروع قومي للطاقة الشمسية يبدأ بالمناطق الريفية والمؤسسات التعليمية . عقد شراكات استراتيجية مع شركات طاقة نظيفة عربية وأفريقية ، ودعم البحث العلمي في مجالات الطاقة المتجددة وربطه بسوق العمل .

بينما تُجري ألمانيا عمليات جراحية عبر الذكاء الاصطناعي، وتشق الولايات المتحدة طريقها نحو طاقة لا تنضب ، يقف السودان على هامش العصر ، في ظلام المستشفيات والمولدات . الحرب ستقف يوما ما والأمل لم يمت ، فما يزال بإمكاننا اللحاق إن توفرت الإرادة والرؤية والشجاعة السياسية . فالتاريخ لا يرحم المتقاعسين ، بل يكافئ من يصنعون الفارق .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..