مقالات وآراء

العرق والدين والهوية: مقاربة مفاهيمية

د. عثمان عابدين عثمان

((في الرد على الخطاب العنصري الذي طفح على السطح بعيد الحرب المتوحشة والعبثية في السودان ولمن يعتقدون بتفوقهم على الآخرين لمجرد لون بشرتهم أو نسبهم العرقي))

عرّف هيرودوت العرق اليوناني بأنه “قرابة اليونانيين في الدم، وتشابه أسلوب حياتهم، واشتراكهم في اللغة وأضرحة الآلهة وتقديم القرابين”. بالنسبة هيرودوت، العرق أو الإثنية تمثل مزيجًا من الاشتراك في النسب واللغة والمعتقدات والعادات.

ومع ذلك، فإن تصنيف البشرية إلى مجموعة – داخلية متفوقة ومجموعة – خارجية أدنى منزلة بناءً على الاختلافات البيولوجية وفر المبررات الاجتماعية والسياسية لسياسات العبودية، والتمييز العنصري، والتعقيم القسري، والإبادة الجماعية.

بمقارنة أحجام جماجم القوقازيين والأمريكيين السود، خلص صموئيل جورج مورتون، الطبيب وعالم الأنثروبولوجيا الأمريكي، إلى أنه “كلما كبرت الجمجمة، زاد معدل ذكاء الفرد، والعكس صحيح”. وقد لخص كتاب أدولف هتلر “كفاحي” الأيديولوجية السياسية لتفوق العرق الآري لقوانين نيورمبيرغ التي هدفت إلى حماية الدم الألماني من الاختلاط بالدم اليهودي.

العرق في إطار الهوية الدينية هو تعبير عن مزيج من الانتماء الديني والعرقي (الهوية الدينية-العرقية). اما القومية الدينية فهي مزيجًا من الانتماء الديني والسياسي. وفي الحالتين، على الرغم من ضبابية الفواصل بين هذه الهويات، فهي تُعزز بعضهما البعض، وتفسر كلاهما الإطار الثقافي للأخرى.

لكن، مفهوم هوية العرق في كل اشكاله يتناقض مع واقع اجتماع الانسان. فعلى الرغم من أن تشارلز داروين استخدم مصطلح “الأعراق البيولوجية” في كتابه “أصل الأنواع عن طريق الانتقاء الطبيعي” الصادر عام 1859، إلا أنه في كتابه اللاحق “أصل الإنسان” الصادر عام 1871، صرّح بأنه “لا توجد فروق عرقية تشير إلى أن الأعراق البشرية أنواع منفصلة”.

التباين الجيني (النمط الجيني)، الذي يحدد الخصائص الجسدية (النمط الظاهري)، هو عبارة عن سلسلة متصلة تجعل من المستحيل تحديد فوارق واضحة بين فئات عرقية مميزة. لذلك، تعريف الهوية في سياق معرفي مفاهيمي، هو التعبير عن قيمة الحكم الأخلاقي على الاختلافات بين الجماعات في سياق اجتماعي-ثقافي بعينه لسبب ان الهوية تُمثل سلسلة متواصلة من القيم والمبادئ التي تتجاوز حدود العرق والدين والجغرافيا. فأحكام المشيئة البشرية (الإرادة الحرة)، المُقيّد بعقلانية معرفة التنوع الاجتماعي والثقافي، تعمل كمُسبّب لاختيار قيم وأخلاقيات اجتماعية تُشكّلها نماذج اجتماعية متواصلة ومترابطة.

بعد كل هذا، لا شك في أن أحدًا لا يستطيع تبديد أوهام التفوق الديني أو العرقي أو القومي لدى الآخرين؛ ومع ذلك، لا يوجد “جين جامح” قادر على تفسير هذه العملية البيولوجية الخارقة لقوانين الطبيعية، لأن لون طيف بشرة الانسان يحدده مقدار صبغة الميلانين السوداء. فالمعرفة الثاقبة بالهوية تُمكّن الأفراد من الابتعاد عن عربة السيرك المتسارعة أمام المشهد الثقافي والاجتماعي المربك لتتبنى أفكار تتوافق مع منطق العقل، وتعترف بالأصل والمصير المشترك للبشرية، وترفض التنميط العنصري البغيض.

[email protected]

تعليق واحد

  1. فيا اخينا لا تتعب نفسك وتحاول الاقناع باشياء عرفناها بداهة واطلاعا
    وليست هذه قضيتنا
    نحن كلامنا واحد لا نريد سلطنة دارفور في نطاق دولتنا وادي النيل
    لنا حواكيرنا ولاهل دارفور الرابة حواكيرهم
    نحن في بلادنا – ونحن احرار فيها – لا نريد التعايش مع الغرابة ولا مرحبا بهم في وادي النيل
    كلام واضح كالشمس اهل دارفور يروحون يعيشون في سلطنتهم وبلادهم كما كانوا قبل 1916
    احرار يكونوا وزراء سفراء لا هامش ومركز ولا وجع راس
    يا غرابي عش في سلطنتك سلطنة دارفور مركزا لا هامشا
    ونحن في بلدنا احرار
    الشيء المحير لما يريد عيال سلطنة دارفور الاحتماء بوادي النيل؟
    وسلطنتهم معروفة بتاريخاها وتراثها وعداتها وتقاليدهاا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..