مقالات تستحق إعادة النشر (1)

عبد القادر محمد أحمد / المحامي
وسط غبار هذه الحرب الخائبة، تبرز كلمات ومقالات تستحق الوقوف عندها والتأمل، فهي تدعو لأخذ العبرة، وعدم تكرار الفشل، ولتغليب صدق الخطاب السياسي، وتستنكر تحويل الشعارات إلى صفقات، وتدعو لعقد اجتماعي جديد لوطن يتجاوز أزماته المزمنة. في عجالة، اخترت بعضًا منها كمثال:
(1)
الطيب صالح 2003
كان ذلك ابتلاءً عظيماً، لعل الله أراد لك أن تذوق بعض ما ذاقه الناس في عهدك. ولا يغني عنك أن تقول “لم أكن أعلم”؛ .
اليوم خرجت إلى الحرية، وهذا امتحان جديد. فكر بصدق: هل تعود إلى لعبة السلطة والمؤامرات؟ أم تراجع نفسك وتصبح صوت حكمة وضياء؟
هذا هو خيارك الحقيقي أمام الله وأمام التاريخ. اسال الله لك العافية والهداية. (رحمهما الله)
(2)
المحبوب عبد السلام 2022
ظنّ الإسلاميون أن بإمكانهم تكرار الماضي، لكنهم فشلوا في فهم أن الزمان تغيّر وأن المجتمع تجاوزهم. أدواتهم القديمة لم تعد صالحة، وعقولهم ما زالت أسيرة تصوّرات بائدة عن السلطة والدين.
ثورة ديسمبر لم تكن فقط ضد نظام، بل ضد عقلٍ عاجز عن التغيير. الإسلام السياسي تحوّل إلى فكرة ميتة، لا تتصل بالمجتمع الحي ولا تفهم تحولات العالم.
إنقاذ السودان لن يتحقق بإعادة إنتاج الفشل أو بالتمسك بالسلطة، بل بالديمقراطية، والتسامح، والشراكة بين كل قوى المجتمع.
(3)
عمر الدقير 2025
في أزمنة الأزمات، يصبح الصدق ضرورة لا رفاهية. ما قاله رئيس الوزراء عن اختيار وزراءه “بعد دراسة دقيقة للكفاءات” ليس واقع، فالوزارات موزعة مسبقًا بين أطراف اتفاق جوبا، التي تمسكت بها.
كان أولى به أن يصارح الشعب بأن ذلك التزام سياسي، لا مهني. وكان عليه أن يوضح سبب تعيينه لحزبي من النظام السابق وزيراً للعدل، رغم تعهده بعدم فعل ذلك. نطالب بالصدق لبناء الثقة وتجاوز المحنة الوطنية. الأولوية الآن ليست لتقاسم السلطة، بل لوقف الحرب، وإنقاذ الوطن، وتوحيد الإرادة لبناء المستقبل.
(4)
عثمان فضل الله 2025
لا أحد يطلب مثالية في السياسة، لكن ما فعله الإسلاميون في السودان: خيانة للدين، وللوطن. إرسال مستشار البرهان إلى تل أبيب ليس مجرد تطبيع، بل سقوط أخلاقي ممن ظلوا يزايدون بالشعارات ويدّعون احتكار الوطنية والدين.
من حشدوا الشباب باسم “الجهاد” و”الثوابت”، هم أنفسهم من يفاوضون اليوم إسرائيل على دعم عسكري مقابل السلطة. المأساة ليست في التفاوض، بل في الكذب، والاتجار بالمقدّسات، وإشعال الحروب. المعركة لم تعد فكرية، بل وجودية: بين من يريد وطناً حراً، ومن يريد سلطةً باسم الله وصفقاتٍ باسم الشيطان.
(5)
خالد فضل 2025
ميثاق تأسيس بارقة أمل لبناء عقد اجتماعي افتقده السودان منذ الاستقلال. يتضمن الميثاق مبادئ جوهرية مثل العلمانية، الفيدرالية، حق تقرير المصير، والمبادئ فوق الدستورية، وهي خطوات نحو دولة الوحدة الطوعية والعدالة والمساواة. الحرب كشفت هشاشة الدولة، وعمّقت الجهوية والعنصرية، فكان لا بد من مراجعة شجاعة لطبيعة الدولة.
الميثاق يخاطب جذور الأزمة، ويدعو لتأسيس دولة تُدار بتعددها، على أساس تبادل المصالح لا نهب الموارد. النجاح مرهون بمدى التزام القوى الموقعة بتحمّل المسؤولية وترجمة النصوص إلى واقع. فشل هذا المشروع قد يعني ضياع السودان.