من الفاشر إلى قلوب لا تبالي: إلى متى هذا الصمت؟!

أماني عبدالرحمن بشير

في السودان، بلد الحضارة والتاريخ، بلد النيل والأصالة، تشتعل الحرب ولا تزال نيرانها تحرق كل جميل.حرب طاحنة بين الجيش السوداني ومليشيا الجنجويد القتلة – أو كما يسميها الناس اليوم: الرباطة.قتل، اغتصاب، تشريد… قصص لا تنتهي عن وجع شعب صابر يُذبح كل يوم بصمت العالم ونفاق الساكتين.أهلنا في دارفور يموتون جوعاً وكمداً، البعض قُتل، البعض لا يزال يعاني من المرض، وهناك من مات على حسرة وذل.الفاشر – المدينة الجريحة – الآن محاصرة!اسألوا أنفسكم: المواطن الغلبان في الفاشر ياكل من وين؟ يشرب من وين؟أي قلوب هذه التي لا تتحرك؟أي ضمائر هذه التي لا تهتز؟أتكلم عن أهل بلدي… فيجي من يرد عليَّ باتهامات جوفاء:“أنتي كوزة!”“أنتي فلانة!”هل انتهت مفرداتنا وانعدمت إنسانيتنا حتى أصبحنا نُخون من يتحدث عن آلام شعبه؟سألكم بالله:أليس عندكم رحمة؟ أليس عندكم أمّ؟ أخت؟ أهل؟ أولاد؟ألم تسألوا أنفسكم يومًا: ماذا لو كانت الفاشر هي مدينتكم؟ماذا لو كانت أمكم وسط الحصار؟ أو أختكم التي تنتظر قطرة ماء؟كفاكم لا مبالاة!لماذا كلما تحدث أحد عن مأساة السودان، قمتم تُبررون، تهاجمون، تتهمون؟لماذا هذا العمى؟أنتم الآن تأكلون وتشربون وتنامون في دول مستقرة، بينما الناس في السودان يموتون بصمت!فقط لأن أحدهم تجرأ وقال “كفاية حرب” تتهمونه بالخيانة؟اتقوا الله يا ناس.أتكلم عن المرأة السودانية المقهورة، ترد عليّ بكلام ساقط!المرأة السودانية فيها أمك، أختك، زوجتك، بنتك.والرجل السوداني فيها أبوك، أخوك، ابنك.واحد قاعد مرتاح في أوروبا أو الخليج، يقول:“تسقط بس!”هل تدرون كم روح سقطت قبل هذا الشعار؟هل تدرون أن الموت ما ساهل؟أن الدم ما حبر في ورق تويتر؟أن هناك حسابًا أمام الله لن يسقط بالتقادم؟الفاشر اليوم محاصرة وأنتم تنظمون مسيرات هتاف لغزة…لا أحد ينكر مأساة غزة، ولكن بلدك أولى.سودانك أولى.مدنك المحاصرة أولى.أهلك الجوعى أولى.الله قال في القرآن:“يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم…”فأين القسط؟أين الحق؟أين أنتم من دعوة المظلوم؟منك لله يا زمن!ومنّا دعوة أن يفيق هذا الشعب قبل فوات الأوان.