مقالات وآراء

السودان… دولة تتعثر في البحث عن ذاتها

 

 ظِلَال القمــــــر
عبدالرحمن محمـــد فضــل

لم تكن الأزمة السودانية يومًا أزمة موارد، بل أزمة إدارة وحكم وعدالة. فمنذ فجر الاستقلال عام 1956 توالت الحكومات على حكم السودان لكن أياً منها لم ينجح في تحقيق الاستقرار أو تقديم مشروع وطني جامع يضع للدولة السودانية هيبتها وللمواطن كرامته وعزته لقد شهد السودان أكثر من 16 انقلابًا ومحاولة انقلابية خلال العقود الستة الماضية وكان أول انقلاب عسكري بقيادة الفريق إبراهيم عبود عام 1958 وظلت المحولات والانقلابات  العسكرية تتلو بعضها البعض وكل انقلاب جديد كان يأتي بوعد إصلاح لكنه ينتهي بواقع أكثر بؤسًا حيث تتكرر ذات الأخطاء وهي غياب الرؤية و تغول الأيديولوجيا، وتصفية الخصوم، حتي اصبح في السودان ان الحرب تشعل بدلا عن الحوار
السودانيون، ولسوء الحظ، لم يجدوا طريقًا لبناء دولتهم إلا عبر البندقية فقد اندلعت حروب أهلية مدمرة أطولها حرب الجنوب التي استمرت 22 عامًا (1983–2005) وأودت بحياة أكثر من مليوني إنسان، وانتهت بانفصال جنوب السودان في 2011 وها هي البلاد اليوم تعيش حربًا طاحنة بين الجيش وملشيا الدعم السريع منذ أبريل 2023 خلفت آلاف القتلى، ونزوح أكثر من 8 ملايين شخص داخليًا وخارجيًا بحسب ماذكرته الأمم المتحدة، وهذه الظروف السياسية البائسة للانظمة المتعاقبة اشتركوا جميعا في غياب مشروع وطني حيث لم تطرح أي من الحكومات المتعاقبة مشروعًا تنمويًا حقيقيًا بل كان همّها الأول هو البقاء في السلطة بأي وسيلة حتى لو تم ذلك عبر التخوين والإقصاء والاستبداد فلا وجود لخطط خمسية واضحة ولا لبرامج تنموية تقيس الأثر والنتائج ولا لسياسات اقتصادية تحترم المواطن ولم يشهد السودان منذ عقود مشاريع بنى تحتية استراتيجية فعدد الجامعات والمستشفيات لا يواكب عدد السكان، إذ توجد أقل من 20 جامعة حكومية حقيقية ذات بنية قوية، ومعظمها تعاني من ضعف التمويل، كما أن أكثر من 60% من السودانيين يفتقرون إلى خدمات الرعاية الصحية  الأساسية وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية، ويفتقرون لمياه الشرب وعدم توفر الصرف الصحي والكهرباء
أين التنمية المستدامة؟ التي هي من اسس اي دولة؟ ورغم أن السودان يمتلك ثروات طبيعية هائلة من مياه وأراضٍ خصبة ومعادن ونفط، إلا أن أكثر من 65% من السكان يعيشون تحت خط الفقر ولم يتم استثمار هذه الموارد في مشاريع إنتاجية مستدامة، ولا في تطوير الزراعة أو الصناعة، بل ظلت البلاد معتمدة على المعونات والاقتصاد الريعي وتجارة الذهب غير المنظمة والتي تضر باقتصاد اليلاد وينتفع منها بعض وسغتني بعيدا عن رقابة الدولة، الظلام يحف المكان الطريق إلى الأمام مازال طويلا والخروج من هذا النفق المظلم لا يمكن أن يتم إلا عبر
تحقيق العدالة الانتقالية وإنهاء الإفلات من العقاب ومحاربة المحسوبية والظلم والفساد من اعلي رأس الدولة ولابد من القوانين الصارمة الرادعة التي ترهب كل من تسول له نفسه السرقة والفساد وتعطيل معاملات المواطنين  في مختلف المجالات الخدمية، يجب
إرساء نظام عادل وقوي وصارم  شفاف يقوم على سيادة الحقوق لا الولاءات القبلية أو الحزبية ويجب ان يكون الاستثمار في الإنسان عبر التعليم والصحة ومراكز الأبحاث العلمية العملاقة وإطلاق مشاريع بنى تحتية ضخمة تشمل الطرق والكباري والجسور والسكة الحديد وشبكات مترو الانفاق والمطارات والنقل النهري والبحري والطاقة المتجددة والمستشفيات وشركة الطيران الوطني وشركة البحرية الوطنية ومشرع الطاقة النووية السلمية لابد من تأسيس عقد اجتماعي جديد يعيد الثقة بين المواطن والدولة إن السودان اليوم أمام مفترق طرق إما أن يستمر في التدهور، أو أن ينهض من جديد عبر مشروع وطني جامع، يقوم على العدالة والتنميةالمستدامة
ويضع الإنسان السوداني في قلب المعادلة والدولة كيف رأت الشعب التف حولها ووقف بجانبها مدافعا عن السودان كارض ووطن وتاريخ ويجب علي اي نظام قادم لحكم السودان يضع امام نصب عينية حجم التضحيات الكبيرة والصبر علي مرارة الحرب وفقدان كثير من الدماء والارواح فقط من اجل سلامة ووحدة ونهضة الوطن ودحر الظلم والظالمين المعتدين علي الاملاك العامة والخاصة الذين اشاعوا الخوف والذعر بين الامنين من المواطنين وتسببوا في إشاعة الفوضي والسرقة والنهب والقتل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..