مقالات وآراء

كديس رواندا (٦)

كمال الهِدَي

ختمت الجزء السابق من هذه السلسلة بالمفاجآت غير المريحة التي بدأت تظهر لصاحبنا بعد أن استثمر مبلغاً تجاوز ٢٠٠ ألف دولار، مقسماً بين مشروع حاوية الصين وبين عقد الشاحنات مع ج. م.، أو “الكديس” كما أطلق عليها قريب صاحبنا.
أولى تلك المفاجآت تمثلت في خلافات ونقاش حاد بدأ ينشب بين “الكديس” وقريب صاحبنا، والغريب أنه كان يدور حول عدم دفع قريب صاحبنا نصيبه في الشراكة، بالرغم من أن ” الكديس” نفسه لم يكن قد دفع دولاراً واحداً في تلك المرحلة، حيث تحمل صاحبنا كل مصاريف حاوية الصين كما أسلفنا، بالإضافة إلى دفع مبلغ ال ١٤٠ ألف دولار لمشروع الشاحنات.
عموماً، ومع استمرار ذلك النقاش غير المفيد في كل جلساتهم المشتركة أثناء زيارات صاحبنا لرواندا، وعلى قروب الواتساب، الذي ضم ثلاثتهم، وتذمر “الكديس” المستمر من أن قريب صاحبنا لن يساهم بالمال، وفي الوقت نفسه يستدين منه مبالغ كبيرة لدفع إيجار شقته، وتغطية نفقات معيشته، وإرسال مصاريف أولاده، طلب منهما صاحبنا أكثر من ذلك تسجيل أي مبالغ يطلبها أحدهما من الآخر، وبعد وصول الحاوية وبيعها واستلام أرباح مشروع الشاحنات، ستُحل المشكلة بينهما. لكنهما لم يستجيبا، وظل ذلك الخلاف مستمراً حتى خُيل لصاحبنا في لحظة أنه مفتعل، باعتبار أن الشراكة كلها ما كان لها أن تتم لولا علاقتهما معاً وتزكية ” الكديس” لصاحبنا بواسطة قريبه.
وبعد وصول الحاوية لميناء دار السلام في تنزانيا، تكفل ” الكديس” بدفع مبلغ أربعة آلاف دولار لنقلها إلى رواندا، لتحدث أكبر المفاجآت التي أرقت صاحبنا كثيراً. فعند وصول الحاوية لميناء دبي الجاف بمدينة كيغالي، كان صاحبنا خارج رواندا، وفي هذه الحالة، بالطبع، يكون اعتماده على قريبه الذي رشح له “الكديس” كشريك. لكن ما حصل هو أن” الكديس” استلم وفتح الحاوية أمام سلطات الميناء بمفرده، وتابع قريب صاحبنا (من داخل شقته بكيغالي) الأمر عبر مكالمة فيديو مشتركة بادر بها ” الكديس”.
تلك كانت مفاجآة مزعجة للغاية لصاحبنا، سيما أن قريبه ظل يحذره خلال آخر زيارة له من” الكديس”، وأن عليهما أن يحرصا على الحاوية ومحتوياتها حتي تحين لحظة يُحول فيها منصب المدير الإداري في شركة دنين لقريب صاحبنا.
لم يسكت صاحبنا، وعاتب قريبه في قروب الواتساب، وقال له بالحرف، وفي حضور الكديس ” كيف تتغيب عن مثل هذه اللحظة وأنت القريب الذي أعرفه أكثر من معرفتي ب” الكديس؟”، فكان الرد:” الكديس ما بقصر”.
ثم تلا ذلك انسحاب قريب صاحبنا من الشركة، بحجة أنه صار مصدر ازعاج للشريكين الآخرين.
انسحب العضو الأصيل في الشراكة، باعتباره من رشح ” الكديس” لصاحبنا كشريك، كما ذكرت آنفاً. لكن صاحبنا لم يناقشه كثيراً، وقال لنفسه: ” طالما أنه لم يحضر لحظة فتح الحاوية فما جدوى مناقشته للاستمرار في الشركة؟!”
تلك الخطوة ضاعفت من قلق صاحبنا على أمواله المستثمرة هناك، وشعر بندم بالغ على عمله بنصيحة قريبه والدخول في تلك المشاريع الكبيرة، وفي الجزء القادم نتعرف على بقية المفاجآت المزعجة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..