مقالات سياسية

إجازة للقوات المشتركة.. مرحباً بكم في أرقين ..!

د. حامد برقو عبدالرحمن

(١)

عندما أعلن بعض أبناء السودان في دارفور كفاحاً مسلحاً ضد الحكومة في ٢٠٠٣ كنت ضمن غير المؤيدين ، و كذا كان الراحل الدكتور جون قرنق دمبيور قائد الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان. و لأن مباحثات السلام بين الحركة و حكومة الخرطوم في نيفاشا كانت تسير بشكل طيب رغم بطئها ؛ كان رأي الدكتور جون قرنق أن يتريث الثوار في دارفور الي حين الوصول إلى اتفاق السلام ،فإن لم يجد أهل الغرب حقوقهم،عندها يمكنهم الذهاب للكفاح المسلح. بالإضافة إلى وجهة نظر الزعيم قرنق دمبيور كان لدي عاملين آخرين ؛ اولاً الرفض المطلق لفكرة حمل السلاح في وجه الدولة بسبب مظالم سياسية . لأن الكلفة التدميرية للحرب الأهلية لا يمكن مقارنتها بأضرار التهميش السياسي أو التنموي. ثانياً، اعني الأمر الثالث كان برأيي؛ ليست من الحكمة الدخول في الحرب مع طرف لا يرى في اهلك غير أرقام و ليسوا بشرا يستحقون الحياة، خاصة أن حركات الكفاح لا تملك القدرة على حماية سكان المنطقة أو الأقليم. و كما توقعنا إستجاب النظام الفصل العنصري الخرطومي الذي كان يقوده المجرم عمر البشير بدك القرى و الفرقان بوابل من حمم الانتنوف مع استجلاب و توظيف عربان شتات غرب أفريقيا لحرق و قتل و سلب من تبقى حياً من براميل الانتنوف. للأسباب الثلاث الآنفة الذكر لم اتحمس للانضمام لأي من حركات الكفاح الثوري المسلح . ذلك رغم إيماني بمشروعية الحقوق و احترامي لخيارات الآخرين.

(٢)

مع ذلك كنت و مازلت ضمن أكثر الداعمين لإتفاق جوبا للسلام بين الحكومة ما بعد البشير و حركات الكفاح المسلح، لا لشيء غير أن السلام مكسب وطني و انساني لا يمكن التفريط فيه. الحق يقال لولا الضغوط التي مارسها قائد مليشيا الدعم السريع الراحل محمد حمدان دقلو لما قبل حكام الخرطوم الحاليين و الذين هم امتداد طبيعي ( للنظام القائم منذ الأول من يناير ١٩٥٦م) بإتفاق سلام جوبا. الا ان قائد المليشيا و الرجل الثاني في الدولة أنذاك عمل بكل جد لإبرام الاتفاق بغرض تقوية مركزه بأبناء الأقليم قبل الشروع فى الاستيلاء على قصر غردون المحرم على أبناء الهامش.

بينما كان تفكير البرهان و من معه من النخبة النيلية الحاكمة يقوم على رشي حميدتي غير المتعلم بمنصب نائب الرئيس ( بشكل مؤقت ) ليكون يدهم للبطش بحركات الكفاح المسلح و افنائها . بعدها يتم التخلص منه تحت اي ظرف و ذريعة.

الا ان البدوي و بذكائه الفطري فطن للأمر في وقت مبكر، فكان ميلاد إتفاق جوبا للسلام.

(٣)

الذي يجب أن يعلمه البعض ؛ لا يوجد نص في اتفاق جوبا للسلام يجبر أو يدعو قوات حركات الكفاح المسلح في دخول الحرب الدائرة بين حلفاء أمس ( الجيش و مليشيا الدعم السريع ). بل ان حماية كل مدن السودان و القرى و الناس و ممتلكاتهم من صميم عمل الجيش الذي كان يلتهم أكثر من ثلثي ميزانية الدولة.

مع ذلك عندما تمردت مليشيا الدعم السريع المدعومة من قوى الشر الخارجي لإختطاف الدولة السودانية ، مع إبادة أو تهجير شعبها ؛ إنحازت حركات الكفاح المسلح و الممثلة في القوات المشتركة و غير المشتركة للجيش الوطني متناسية التاريخ القهري الملئ بالدموع و الدماء .

ثم تحركت القوة المشتركة صوب السودان الكبير لتحرير العاصمة القومية و الوسط و منع تمدد الأشرار لباقي أقاليم البلاد ذلك بالتضامن مع الجيش و القوات الوطنية الأخرى .

كان و مازال ظن قادة و منتسبو القوات المشتركة أن كل شبر من التراب السوداني يستحق التضحية و أن كردفان أو دارفور أو الفاشر بقاع سودانية تهم السودانيين جميعاً.

(٤)

السعار الجهوي الذى بدأ بعد تحرير الخرطوم و الجزيرة و الذي أشتد في هذه الأيام ضد القوات المشتركة و ضد مكونات غرب السودان بشكل عام لا أجد له تفسيرا غير الغباء .

نعم هو غباء من تسلم الحكم من قبل المستعمر قبل سبع عقود عندما كان الجنيه السوداني يعادل حوالي ١٢ دولاراً بينما اليوم بغبائه اوصل الدولار الي اكثر من اربع ملايين من الجنيهات. إنه الغباء.. !

ذكرت أكثر من مرة أن حركات الكفاح المسلح ليست في الحاجة إلى فتات حقائب وزارية يمنحها الأخ الدكتور كامل ادريس.

لو أراد قادة تلك الحركات مجرد حقائب وزارية دون النظر إلى مستقبل الأمة كانوا لتقاسموا السلطة مناصفة مع الدعم السريع في الخرطوم و بورتسودان.

الذي يجب أن يدركه الأغبياء هؤلاء أن التحالفات السياسية و العسكرية في دول العالم الثالث ك ربوات( جمع ربوة) رمال الصحراء تتحرك و تتشكل طالما هنالك رياح تهب. و ما أكثرها في هذه الأيام.. !

(٥)

مازلت على موقفي الذي عبرت عنه أكثر من مرة وهو أن الصفات النبيلة مثل الشجاعة و الاقدام و الكرم و الفداء لا تنحصر في إثنية بعينها دون غيرها. لكن للمارسة و الخبرة العسكرية الميدانية دور كبير في ترجيح كفة المعارك .

للقوات المشتركة و أسلافهم تاريخ يمتد لأكثر من أربعمائة عام من الانتصارات المتتالية على جنجويد اليوم و أسلافهم.

لذا فإن تواجد القوات المشتركة ضمن القوات الوطنية المنضوية تحت قيادة الجيش أمر اكثر من ملح .

لكن طالما حملات التخوين ضد القوات المشتركة يديرها قادة كبار في الحكومة بغرض تسجيل نقاط ضعف معينة بحق مكونات غرب السودان لأسباب سياسية تسلطية إستعمارية داخلية بحتة ؛ أدعو السيد رئيس مجلس السيادة و قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان بإعتباره القائد الأعلى للقوات الوطنية المقاتلة في معركة الكرامة أن يعطي القوات المشتركة إجازة أسبوع دون المشاركة في القتال، ليعرف المرجفون اولا ثم المواطنون أهمية كل عنصر من القوات المساندة للجيش و التي منها القوات المشتركة بطبيعة الحال.

كإنسان تؤلمه معاناة أهله في أي شبر من تراب بلاده ( برغم أن مجرد تفكيره في مشاركة حكم بلاده يثير حفيظة الآخرين الي حد المطالبة بالانفصال) ؛ الا أنني انصح قيادة الدولة بتجهيز الخيام في الجانب المصري من المعابر الحدودية بين البلدين قبل الشروع في اعطاء القوات المشتركة إجازة أسبوع دون القتال.

المؤكد أن مليشيا الدعم السريع ستصل الخرطوم و بورتسودان في اليوم الأول للقرار ، أما في اليوم التالي ستتحفكم المليشيا المجرمة بصور من معبر أرقين أو قسطل .

لهذا أوقفوا جرادكم الالكتروني..اوقفوا اللعب بالنار !!

[email protected]

‫4 تعليقات

  1. اخي الحركات المسلحة لم تدخل المعركة الا بعد ثمانيه اشهر من بدايتها بعد ان رأت ان الكفه مالت تماماً لصالح القوات المسلحة وقبلها كان مناوي يقول قولته الشهيرة
    ( مرة مع دول ومرة مع دول ) عليك ان تحترم عقل القارئ اما الذين يطالبون بالانفصال ووصفتهم بأنهم لا يريدون الآخرين ان يشاركونهم الحكم هذا ليس صحيحاً لأن الآخرين تحديداً الزغاوة الذين لا يتعدى تعدادهم ربع المليون نسمه ويمتلكون فقط ثلاثة محليات ريفيه من أفقر محليات السودان هي الطينه وامبرو وكرنوي يريدون ان يسيطروا على ربع السلطة في السودان باسم اقليم دارفور وهم لا يمثلون سوى ربع في المائة من سكان السودان ، لأن قبيلة الزغاوة لها مشروع سياسي تحت اسم دولة الزغاوة الكبرى وقد ذكر مناوي في فيديو مشهور ان دولة كانم وبرنو كانت حدودها ضفاف النيل
    ختاماً اما ان يتواضع الزغاوة ويطلبوا من الحكم قدر حجمهم او ان الانفصال سوف يكون هو الخيار الامثل . ولك تحياتي

  2. انه باعادة قراءة الوضع فى دارفور وما احدثه التمرد فيها نقولها بصراحة ان الناتج كان صفرا كبيرا وليت التمرد ترك دارفور على التهميش الذى يزعمون انها كانت فيه ولعل اول ضحايا التمرد كان الاستقرار المجتمعى الذى ادركنا انه لا يعادله ثمن لانه مع عدم الاسقرار حدث نزوح جماعى لم تعرفه المنطقة طوال تاريخها حتى فى عهود المهدية التى بشطت باعداد غير قليلة من المكونات الاجتماعية لارغامها على الهجرة الى ام درمان كرغبة عبد الله التعيشى… ونتيجة للاضطراب الاجتماعى فقدت ارواح عزيزة زادت عن الثلاثمائة الف شخص واحرقت الاف القرى ونهبت مئات الالاف الرءوس من الثروة الحيوانية خاصة من قبائل الفور والمساليت ودمرت بساتين الفواكه نحتاج الى عقود لاعادة الحياة اليها.. كما كانت الخدمات ومرافقها من الضحايا الاولى للتمرد فقد دمرت تدميرا ممنهحا ولم يسلم حتى شارع الاسفلت الوحيد بالاقليم ما سمى بطريق نيالا كاس زالنجى بطول 212 كم و للتاريخ فان العقيد وقتذاك مالك محمد السيمت قائد كتيبة حرس الحدود فى زالنجى وزميله البرهان هما من اصرا على تسيير الدبابات والمجنزرات الثقيلة فى الطريق مما سهل تاكله وتدهوره السريع… قراءة التمرد ثانية تحتاج لقدر من الشجاعة وعلى راسهم المتمردون الذين لم يحققوا مكسبا واحدا لدارفور بل أضاعوا المواطن فيها حيث تعطل التعليم بشكل شبه كامل وتدهورت التجارة وسبل كسب العيش فيها بل وتحقق حلم الانقاذ البغيض وعملت على تعميق الخلافات القبلية مستخدمة مال واجهزة الدولة لتفتيت البنية الاجتماعية خاصة بعد تمرد داؤود بولاد…وانه لمن سخريات القدر ان يعيد الدعم السريع تجربة التمرد بعد عقدين من التمرد الاول واذا به يلحق اذى ليس بدارفور فقط انما بالسودان قاطبة وكان الدمار الاول لم يكن كافيا فالدعم السريع استهدف كل المرافق على امتداد الوطن واحالها الى انقاض وانفرد الدعم فى انه استهدف فى لصوصية عجيبة ممتلكات الافراد حتى المصوغات التى حملتها النساء ,,,ومن الملاحظات ان غالبية من نهبوا وسرقوا كانوا من مجموعات البقارة وليسوا من الابالة وللجق فان جزءا كبيرا من هذه السرقات قام بها بعض مواطنى الخرطوم ذاتها بعد مغادرة المواطنين لمساكنهم فرارا من القتال…. ويمكن القول ببساطة ان هناك مشكلة فى التربية لان البون شاسع جدا بين ما نعمل على ترسيخه فى تنشئة اجيالنا وبين ما نقوم به لتقديم النموذج والمثال فى حياتنا..

  3. في موضوع مهم جدا يا أستاذ برقو ما يفوت عليك هو انه تحالف قواتكم او حركاتكم مع البرهان من بدايته كان خطأ قاتل ويجب ان تعترف بهذا الخطا اولا وتقدموا اعتذار موضوعي على الاقل لقوى الثورة التي اعطت قيمة ايجابية لجميع حركات الكفاح المسلح واجتهدت للوصول الى سلام و حل دائم لمشكلة السودان معهم وبهم ، ولكن جماعة مناوي وجبريل دسو المحافير لذلك حصل ما تراه الان …. فما تجي تبكي لينا الان وتردح عن ظلمكم من قبل حكومة بورتسودان. القادة الكبار في الحكومة انت سلفا ما عارف مآربهم و اهدافهم محتاجة فهم دي…. !!! ليه رضيتو بالدنية والان جاي تعاتب. ؟ هذه الحرب المدمرة تتحمل الحركات المسلحة جزء كبير من مسؤليتها لانها ساعدت واشتغلت بقوة على انقلاب البرهان ….

    1. الاخ الناصر
      تحية طيبة

      أخونا دكتور حامد برقو قال لك و بالبرهان انه ضد التمرد على الدولة للاسباب المذكورة و لا ينتمي لأي حركة دارفورية أو غير دارفورية متمردة

      كان أخونا دكتور برقو من اكبر معارضي انقلاب 25 اكتوبر
      و من اكتر المساندين لحكومة الثورة و لحمدوك

      و هو ضد حكم العسكر
      الصحافة السودانية تشهد
      بذلك
      لكن بعد الحرب وقف مع الجيش
      و قدم مبررات لموقفه
      قد تكون مقنعة للناس أو غير مقنعة

      على كل حال
      الحرب تعني دمار كل شيء

      ربنا بجيب السلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..