سيناريوهات سقوط جنرالات الجيش في معادلات الخيانة الوطنية

سيبويه يوسف
بعد مرور أكثر من عامين على إشعال الحرب اللعينة بتدبير فلول النظام السابق، بهدف القضاء على ثورة ديسمبر المجيدة عبر تصفية رموزها، وتعطيل مسارات الحكومة الانتقالية، والأهم من ذلك محاولة القضاء على قوات الدعم السريع لمساندتها عملية الانتقال الديمقراطي من خلال انحيازها للاتفاق الإطاري الذي يسعى إلى هندسة واقع سياسي جديد يحقق غايات الثورة.
وبعد فشل هذا المخطط، وتمكن قوات الدعم السريع من فرض سيطرة ميدانية كاسحة في الخرطوم وولاية الجزيرة وسنار وولايات دارفور وكردفان، لجأ قادة الجيش إلى خيار تسليح المواطنين على أسس جهوية وإثنية، وفرض ما يُعرف بـ”قانون الوجوه الغريبة” الذي يستهدف سودانيين على أساس مناطقي وجغرافي، باعتبارهم حواضن اجتماعية وثقافية لقوات الدعم السريع. هذه الإجراءات عمّقت بشكل حاد الانقسام المجتمعي الذي كان مختبئًا خلف شعارات وأناشيد لم تُختبر صدقيتها، ليعود السودان إلى ما قبل عام 1821، حينما كان عبارة عن ممالك ومشيخات منفردة تجمع بينها المصالح المشتركة.
وحدة السودان لم تكن ضمن أهداف الحركة الإسلامية، التي حكمت البلاد لثلاثة عقود. بل إن قادتها رأوا في تمزيق النسيج الاجتماعي، رغم هشاشته، السبيل الأنجع لتمكين سلطتهم. فابتدعوا نظرية “تقصير الظل الإداري” وشرعوا في تقسيم البلاد إلى ولايات ومحليات إدارية تجاوز عددها المئات، على أسس عرقية وإثنية، ما دمّر فرص التناغم الاجتماعي وعزّز مشاعر الجهوية. ثم اندفعت سلطة الإسلاميين نحو تفكيك الإدارات الأهلية، وعملت على تحطيم الرموز المجتمعية، واستنساخ قيادات مطيعة، مسيّسة، تخدم سياسات المركز، وتلبي احتياجات الجيش من الموارد البشرية في حروبه العبثية.
المشهد اليوم يُظهِر أن البرهان ورفاقه، الذين يقودون هذه الحرب، قد جرّبوا كل أنواع المناورات، منذ مبادرة جدة التي مارسوا فيها شتى صنوف المراوغة، إلى تنصلهم الفاضح من تعهداتهم في اتفاق أبوجا، وهروبهم من اتفاق المنامة. وفي كل تلك المحطات، كان المشترك الأعظم هو وجود غرف عمليات يقودها الإسلاميون، يديرون الحرب كاستثمار خاص لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، بعدما دفعوا بكتائب الدفاع الشعبي والجهاديين إلى ميادين القتال، بالتزامن مع تحشيد أبواقهم الإعلامية لتخوين الثوار وقادة التغيير في أعين المواطنين، الذين تنهشهم الضغينة بعد أن دمّرت الحرب بيوتهم وشرّدتهم من أوطانهم. إنهم يصنعون مأساة المواطن، ثم يتظاهرون بحمايته.
اليوم، بعد مضي عامين، لا يزال الجيش عاجزًا عن تحقيق نصر إلا على شاشات الهواتف الذكية، بينما تحاصره مشاريع حروب قادمة. الواقع يقول إن “ليلة السكاكين الطويلة” تقترب من معسكر بورتسودان، بعد أن تفجرت المطامع داخل حلف لا يجمع أطرافه سوى المكاسب الآنية، والتي بدأت بدورها تتآكل بفعل الهزائم المتلاحقة. فحين صنعوا “درع الشمال” كنصل في خاصرة القوات المشتركة، لم يتخيلوا أن خيانة الحلفاء ستتجمع يومًا ما ككتل دموية على طاولتهم الرملية.
تشظي حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي يشي بوضوح بأن تشظيات أخرى قادمة. فـ”قائد البراء” بات بعيدًا عن المشهد، وسط تململ الجهاديين الذين يتهمون البرهان علنًا بالمسؤولية عما يجري. أما الحليف المصنوع “كيكل”، فلا يزال يتجرع ويلات معركة “أم صميمة” ومحرقة “أولاد الشكرية” على بوابات كردفان.
هناك حسابات أخرى لم تدركها غرف الإسلاميين، منها اختفاء الجنرال مالك عقار عن المشهد الإعلامي والسياسي، بعد محاولة تزيين وجه انقلاب أكتوبر 2021 بوجه مدني مستورد من شوارع جنيف، تحت مسمى “رئيس الوزراء”، في حكومة يفر منها الجميع، ويتبارى البعض في التشكيك بمرشحيها علنًا وعلى منصات دول خارجية.
هذه دولة يصبح فيها تاجر السلاح مستشارًا، وتاجر سلاح آخر قائدًا ولواءً في “درع السودان”، وتنشط فيها مافيات الأزمات كـ”وطنيين” بعدما نهبوا كهرباء السودان، ليعودوا اليوم ويستوردوا الطاقة الشمسية بإعفاءات جمركية غير مسبوقة، بل ويصدرون نحاس الكهرباء المسروق على مرأى ومسمع الجميع.
إننا اليوم أمام جريمة متكاملة الأركان: القاتل لا يزال يتزين بنياشينه أمام ضحيته، بل ويطالبه بالتهليل لأنه نال “شرف قتله”.
وإن للخيانة وجوهًا كثيرة.
يذكر تاريخ السودان ما بعد الاستقلال ان الجيش السودانى هو أسوا المؤسسات الحكومية فالجيش يستولى على ثمانين بالمئة من ميزانية البلاد على قلتها وشحها وكلها على حساب التعليم والصحة والتنمية ..ويستلمها مقدما قبل اية مؤسسة اخرى فى البلاد وهذه الميزانية لا تراجع أوجه الصرف فيها لمعرفة المخالفات الحسابية,,, الجيش السودانى منهج الاستيعاب فى الكليات العسكرية عقيم جدا فهو يقوم على المحسوبية والوساطة ومن ضمن الشروط توصية احد كبار الضباط فكيف لمن لا قريب له فى المؤسسة العسكرية وقد اوضحت لنا الحرب الاخيرة فرار مئات الضباط الى العواصم القريبة والبعيدة تاركين الغبش فى لهيب النار,,, جنرالات الجيش يطاردون الامتيازات تلو اخرى حتى انه فى عهد الانقاذ صدر توجيه بمنح متقاعدى الجيش من رتبة عقيد فما فوق جوازات ديبلوماسية وكانما الجواز الاحمر امتياز لا وثيقة ترتبط بمهام حامله بالرغم من ان شروط منح سمات الدخول او التاشيرات لهذا الجواز أصعب من غيره فى العرف الديبلوماسى اذ يتطلب اصدارها خطابا للسفارة المعنية موضحة فيه اسباب الطلب,, الجيش اكبر خطر على الثروة الغابية فى البلاد فشاحناته المحملة بالاخشاب والفحم تجوب اركان السودان ودون ان يسألها احد,, انه من المؤكد أيضا ان العهود العسكرية لهى الاكثر تفريطا فى سيادة السودان ووحدة اراضيه ففى عهد عبود بيعت اراضى حلفا وفى عهد النميرى انطلقت قوافل يهود الفلاشا وبطلها ضابط المخابرات الاسلاموى الفاتح عروة اما عهد الانقاذ فيظل الانكأ ففيه تم تجاوز كل الخطوط داخليا وخارجيا والادهى ان جنرالات الجبش ارتضوا ان يكونوا مطية لحزب سياسى رغم ادائه اليمين بعدم الانتماء الحزبى.. فداخليا تسلط حكم البشير بشكل لم يسبق له مثيل وعاث فسادا لم تعرف له البلاد شبيها وكما قال مرتضى الغالى بانه عهد بدأ بدق مسمار فى رأس طبيب وانتهى بادخال عكاز فى دبر معلم… ولن ينسى شعب السودان لانقاذ الراقص الخليع انه فتت السودان بذهاب جنوبه الحبيب وشعبه الرائع وارضه المعطاء لا يزال السودان ثمن ذلك الاجراء.. استجلبت الانقاذ كل مجرمى الدنيا وجعلت السودان ملاذا لهم ولن ينسى شعب السودان ان البشير هو من انشأ الدعم السريع حتى تباهى الابله المخلوع فى محفل مشهود انه ( حمايتى).. ولا اظن ان عهد البرهان مختلف عن الانقاذ بل هو امتداد له فى بيع السودان وتفتيت المجتمع ويبدو انه يسعى لتقسيمه… حنرلات الجيش ليسوا كما يسمون انفسهم انهم بحق ادوات فى ايدى قوى اجنبية تعمل لصالحها عبر منظومة متعمقة من الفساد والافساد