مقالات سياسية

تحليل استقصائي: الأسباب الجذرية لتعثر السياسة السودانية

1. مقدمة: مفارقة الدولة السودانية الممزقة

شهد السودان منذ استقلاله عام 1956 تاريخًا مضطربًا من الصراعات والانقلابات العسكرية، لم تفلح خلاله الفترات الديمقراطية الوجيزة في ترسيخ نظام حكم مدني مستقر. إن هذا التاريخ لا يمثل سلسلة من الأحداث المعزولة، بل هو نتاج لديناميكيات هيكلية عميقة. يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل معمّق للسياسة السودانية، متجاوزًا السرديات السطحية للصراعات الفردية، ليغوص في الأسباب الجذرية لتعثر بناء الدولة. يتبنى التقرير نهجًا تحليليًا يدمج بين عدة أطر نظرية رئيسية: أولاً،

نظرية جدلية المركز والهامش لفهم أزمة الهوية والتهميش التاريخي التي أدت إلى انقسامات عميقة. ثانيًا، نظرية “سوق الأعمال السياسية” (Political Marketplace) التي تصف كيفية تحول السياسة من مشروع وطني إلى نظام تبادل للولاءات والسلطة مقابل الموارد. ثالثًا، نظريات فشل الدولة (State Failure) لتفسير لماذا لم تفشل الدولة السودانية في تقديم الخدمات فحسب، بل فشلت في بناء إجماع وطني حول مفهومها ذاته.

يتكون هذا التقرير من أربعة أجزاء رئيسية: يبدأ الجزء الأول بتحليل الجذور التاريخية لتعثر الدولة السودانية. ثم ينتقل الجزء الثاني إلى تفكيك الأزمة الراهنة من خلال نظرية سوق الأعمال السياسية. يحلل الجزء الثالث السودان كساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية. وأخيرًا، يقدم الجزء الرابع تداعيات الكارثة الإنسانية المحتومة ويستعرض مسارات المستقبل المحتملة.

2. الجذور التاريخية لتعثر الدولة السودانية (1956-2019)

2.1. أزمة الهوية وتداعياتها: جدلية المركز والهامش

يُظهر تحليل الصراع الهيكلي في السودان أن النخب الحاكمة في المركز، التي انحدرت تاريخيًا من قبائل “نهريّة عربية-مسلمة” مثل الشايقية والدناقلة والجعليين، احتكرت السلطة والثروة منذ الاستقلال. تعود جذور هذا التهميش إلى الاستراتيجيات الإدارية التي اعتمدها الحكم الثنائي، والتي ركزت التنمية والموارد الاقتصادية في المركز، ممثلاً في العاصمة الخرطوم والمناطق المجاورة، على حساب الأطراف. أدت هذه الديناميكية إلى أزمة هويّة عميقة، حيث حاولت النخب الحاكمة فرض رؤية قومية موحدة تستند إلى الهوية العربية-الإسلامية، في مقابل رؤى وطنية أخرى في الجنوب والغرب والشرق التي رأت في هذا التوجه إقصاءً لهوياتها “الأفريقية” غير العربية وغير المسلمة.

يصف فرانسيس دينق هذا الصراع بأنه “حرب الرؤى” (War of Visions)، وهو صراع جعل من الصعب تحقيق أي تسوية سياسية دائمة. لا يمكن فهم فشل “مشروع الدولة الحديثة” في السودان على أنه مجرد فشل إداري، بل هو فشل في “صهر” الهويات المتعددة في وعاء وطني واحد. هذا الفشل لم يكن عفوياً، بل كان نتيجة مباشرة لسياسات نخب المركز التي استفادت من التهميش. إن سلسلة الأحداث التي تبعت ذلك واضحة: استمرار سياسات التمييز التي أورثها الاستعمار، وتكثيفها من قبل النخب الحاكمة بعد الاستقلال، أدى إلى شعور الأطراف بالغبن والاستغلال على أسس عرقية وثقافية. تسيّست هذه الهويات لاحقًا، مما أدى إلى ظهور حركات تمرد مسلحة تطالب بحقوقها وحصتها في السلطة والثروة. كان رد فعل المركز هو اللجوء إلى القمع العسكري، وفي كثير من الأحيان، تسليح مليشيات من أطراف أخرى لقمع التمردات، مما أدى إلى تفتيت سيطرة الدولة على أدوات العنف، ومهّد الطريق لظهور قوى مثل قوات الدعم السريع لاحقًا.

2.2. تاريخ الانقلابات العسكرية وفشل الفترات الانتقالية

منذ استقلاله، شهد السودان أربع فترات انتقالية فاشلة، كان مصيرها دائمًا العودة إلى الحكم العسكري عبر الانقلابات التي قادها جنرالات مثل إبراهيم عبود والنميري والبشير. تهدف هذه الأنظمة العسكرية إلى “تأميم” الدولة تحت مظلة أيديولوجية معينة، لكنها تفشل في حل المشاكل الجذرية. يمكن تفسير هذا النمط من الفشل عبر نظرية النيوبترمونالية (Neopatrimonialism)، التي تشير إلى أن الدولة السودانية، كغيرها من الدول الأفريقية، تتسم بحكم شخصي يعتمد على شبكات الولاءات والمحسوبية بدلاً من المؤسسات الرسمية. هذا السياق يفسر هشاشة الفترات الديمقراطية، حيث تتحول السياسة إلى ما يشبه “لعبة الكراسي الموسيقية” ، وتفشل الأحزاب المدنية في بناء إجماع وطني حقيقي.

إن فشل الانتقال الديمقراطي في السودان هو نتيجة لأزمة حكم عميقة الجذور في “بنية السلطة” ذاتها. الطبقة السياسية، سواء كانت مدنية أو عسكرية، غير قادرة على تحقيق “تسوية تاريخية” حقيقية، لأن مصالحها مترسخة في النظام القائم على المحسوبية والولاءات. إن سيطرة النخب على الدولة لأهداف شخصية حولت الدولة إلى كيان تابع لمصالح فئوية، بدلاً من أن تكون مؤسسة وطنية مستقلة. هذا أضعف المؤسسات المدنية والديمقراطية عبر المحسوبية والفساد. وعندما يفشل النظام في تحقيق التنمية أو حل مشاكل الأطراف، يتحول إلى القمع العسكري. أي فترة انتقالية تحاول تفكيك هذا النظام تجد مقاومة عنيفة من المستفيدين منه، مما يؤدي إلى فشلها قبل أن تترسخ.

السنةالحدث الرئيسيالفاعلون السياسيون الرئيسيونملاحظات
1956استقلال السودان وبداية الحكم الوطني.حزب الأمة، الحزب الوطني الاتحاديانقسامات بين الأحزاب السياسية.
1958انقلاب عسكري بقيادة الفريق إبراهيم عبود.إبراهيم عبودأول انقلاب عسكري بعد الاستقلال.
1964ثورة أكتوبر الشعبية التي أطاحت بعبود.صادق المهدي، حركة التمرد “أنيانيا”عودة للحكم المدني.
1969انقلاب عسكري بقيادة جعفر محمد النميري.جعفر النميريبداية “ثورة مايو”.
1972اتفاق أديس أبابا للسلام.حكومة النميري وحركة “أنيانيا”منح الجنوب حكمًا ذاتيًا مؤقتًا.
1983النميري يعلن تطبيق الشريعة الإسلامية.جعفر النميري، الحركة الشعبية لتحرير السوداناندلاع الحرب الأهلية الثانية.
1989انقلاب عسكري بقيادة عمر حسن البشير.عمر البشير، حسن الترابيإقامة نظام إسلامي.
1999البشير يحل البرلمان بعد صراع مع الترابي.عمر البشير، حسن الترابيصراع على السلطة داخل النخبة الحاكمة.
2005توقيع اتفاق السلام الشامل.حكومة البشير والحركة الشعبية لتحرير السوداننهاية الحرب الأهلية الثانية ومنح الجنوب حق تقرير المصير.
2011انفصال جنوب السودان.حكومة السودان، حكومة جنوب السودان

خسارة السودان لمعظم موارده النفطية.

2019الثورة الشعبية وإسقاط نظام البشير.القوات المسلحة، قوات الدعم السريع، القوى المدنيةبداية الفترة الانتقالية الخامسة.
2021انقلاب عسكري بقيادة البرهان وحميدتي.عبد الفتاح البرهان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)تعطيل مسار الانتقال الديمقراطي.
2023اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع.القوات المسلحة السودانية، قوات الدعم السريعانهيار الشراكة الانتقالية.

الجدول 1: تسلسل زمني مفصّل لأهم الأحداث السياسية في السودان (1956 – 2023)

3. نظرية “سوق الأعمال السياسية” لتفكيك الأزمة الراهنة

3.1. من كلبتوقراطية مركزية إلى أوليغوبولية تنافسية

يصف أليكس دي وال السياسة في القرن الأفريقي بأنها “سوق أعمال سياسية”، حيث تكون السياسة “أفضل ما يمكن فهمها على أنها سوق، عملتها المال والعنف”. في ظل هذا الإطار النظري، لم تكن الدولة مؤسسة، بل أصبحت وسيلة للمتاجرة في المناصب السياسية والولاءات مقابل المال والامتيازات. في عهد البشير، كان النظام يعمل كـ”كلبتوقراطية مركزية” يعتمد على عائدات النفط. بعد انفصال الجنوب عام 2011 وفقدان عائدات النفط، تحول النظام إلى “أوليغوبولية تواطئية” (collusive oligopoly) تعتمد على مصادر تمويل جديدة مثل عائدات الذهب وخدمات المرتزقة.

أدت هذه الديناميكية إلى صعود لاعبين جدد مثل قوات الدعم السريع التي سيطرت على مناجم الذهب وأصبحت قوة اقتصادية وعسكرية رئيسية عبر تقديم خدماتها العسكرية لدول إقليمية، مما ولّد عائدات مالية ضخمة خارج سيطرة الدولة الرسمية. الثورة الشعبية في 2019 لم تغير قواعد اللعبة، بل كشفت عن فشل النخب في الحفاظ على السوق الاحتكاري القديم، مما أدى إلى صعود فاعلين أكثر “عسكرة” و”لصوصية”. إن حرب 2023 ليست مجرد “صراع على السلطة” بين جنرالين، بل هي نتيجة حتمية لانهيار نظام “السوق السياسي” بعد فشل “الأوليغوبولية التواطئية” في إدارة تنافسها على الموارد. فقدان عائدات النفط بعد انفصال الجنوب أدى إلى ضرورة إيجاد مصادر تمويل جديدة للولاءات، مما سمح بظهور قوة اقتصادية-عسكرية جديدة ممثلة في قوات الدعم السريع. النظام الانتقالي بعد 2019 وضع الجيش والدعم السريع في شراكة غير مستقرة، تزايد فيها التنافس على النفوذ الاقتصادي والسياسي، خاصة مع محاولات الإصلاح المدنية التي هددت مصالحهما. إنهيار هذه الشراكة تحوّل إلى نزاع عسكري مفتوح، مما حوّل الدولة إلى “سوق عسكري” حيث السلطة تُباع وتُشترى بالأسلحة.

3.2. الخسائر الإنسانية والاقتصادية والسياسية

تسببت الحرب في أكبر وأسرع أزمة نزوح في العالم، حيث نزح أكثر من 12 مليون شخص داخليًا وخارجيًا. أدت الحرب إلى انهيار شبه كامل للبنية التحتية، وخاصة النظام الصحي الذي أصبح 80% من مستشفياته في مناطق الصراع غير عاملة. كما تفاقمت أزمة الغذاء حتى وصلت إلى حد المجاعة. من الناحية الاقتصادية، دمرت الحرب القاعدة الاقتصادية للدولة، خاصة القطاع الزراعي، مما أدى إلى زيادة الاعتماد على الصناعات الاستخراجية التي يسيطر عليها قادة الفصائل المتحاربة.

إن الأزمة الإنسانية ليست مجرد نتيجة جانبية للحرب، بل هي أداة من أدواتها. الفصائل المتحاربة تستخدم الموارد الاقتصادية والسيطرة على المعونات الإنسانية لتمويل نفسها وتأمين ولاءات، مما يجعل “الدولة” كيانًا موجودًا بالاسم فقط. إن تدمير البنية التحتية والمؤسسات المدنية يخلق فراغًا في توفير الخدمات الأساسية (الأمن، الصحة، المياه)، مما يدفع المجموعات المسلحة والمنظمات الأهلية إلى تقديم هذه الخدمات لكسب شرعية جديدة. هذه الشبكة من الفاعلين غير الحكوميين لا تملأ الفراغ فقط، بل تبني شرعية جديدة لنفسها، مما يرسخ من تفتت الدولة ويقوّض فكرة المركزية، ويجعل من الصعب إعادة بناء دولة مركزية قوية في المستقبل.

4. السودان كساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية

4.1. نظرية “الفيتو العكسي”: تعطيل السلام لصالح المصالح

تصف المصادر التدخل الإقليمي في السودان بـ”الفيتو العكسي” (Reverse Veto)، حيث تستخدم قوى إقليمية متوسطة (مثل مصر والإمارات) نفوذها لعرقلة المبادرات الدولية الرامية للسلام. مصر تدعم القوات المسلحة السودانية، بينما تدعم الإمارات قوات الدعم السريع، ويقدم كل منهما دعمًا عسكريًا وماليًا ودبلوماسيًا لجهته. هذا الدعم لا يقتصر على الأسلحة، بل يشمل شبكات التهريب والتمويل والتحكم في الممرات التجارية.

إن التدخل الخارجي ليس مجرد مساعدة لأحد الأطراف، بل هو عامل أساسي في استمرارية الصراع، لأنه يوفر التمويل الذي يسمح بوجود “السوق السياسي” ويقلل من حوافز الوصول إلى حل سلمي. إن القوى الإقليمية لديها مصالح اقتصادية (مثل الذهب السوداني، حيث تستحوذ الإمارات على 91% من صادراته الرسمية) وجيوسياسية (مثل السيطرة على البحر الأحمر). هذه القوى تدعم الأطراف المتحاربة لضمان مصالحها، مما يطيل أمد الحرب ويزيد من قسوتها، ويخلق حالة من الانقسام في الشرعية، حيث تعمل حكومتان متنافستان مدعومتان إقليميًا. في الوقت نفسه، تستخدم هذه القوى نفوذها لعرقلة جهود السلام الدولية التي لا تتوافق مع مصالحها، مما يجعل أي حل سياسي محليًا مستحيلًا.

4.2. التنافس الجيوسياسي: أدوات التدخل والرهانات الكبرى

توسع الصراع ليشمل قوى دولية مثل إيران وروسيا وتركيا، التي قدمت دعمًا عسكريًا ولوجستيًا للقوات المسلحة السودانية، بهدف الحصول على موطئ قدم في البحر الأحمر. في المقابل، قدمت الإمارات و”مجموعة فاغنر” الروسية دعمًا لقوات الدعم السريع. إن الحرب الأهلية في السودان لم تخلق فراغًا دوليًا، بل تحولت إلى “سوق” مفتوح للتنافس الجيوسياسي. هذا يرفع من سقف المخاطر ويزيد من تعقيد الصراع، مما يجعله أكثر ارتباطًا بالأجندات الدولية المعقدة.

إن اهتمام روسيا وإيران بالبحر الأحمر ومحاولتهما إنشاء قواعد بحرية هناك جعل من السودان منطقة نفوذ حيوية. إن تقديم دعم عسكري للقوات المسلحة السودانية يوازن الدعم الذي تتلقاه قوات الدعم السريع من الإمارات، مما يمنع أي طرف من تحقيق انتصار عسكري حاسم. هذه الاستمرارية في القتال تضمن أن السودان سيبقى ورقة مساومة ثمينة للقوى الخارجية، مما يقلل من حوافز أي طرف خارجي لإنهاء الصراع بسرعة، وبالتالي يرسخ من الفوضى القائمة.

الفصيل المتحاربالداعمون الإقليميون والدوليونالدوافع المعلنة أو المحتملة للدعم
القوات المسلحة السودانية (SAF)مصر، إيران، تركيا، أوكرانيامصالح جيوسياسية (السيطرة على البحر الأحمر)، مصالح عسكرية (تبادل الخبرات)، الحفاظ على الدولة المركزية.
قوات الدعم السريع (RSF)الإمارات العربية المتحدة، مجموعة فاغنر (روسيا)، تشاد (مُزعم)مصالح اقتصادية (التحكم في مناجم الذهب)، مصالح جيوسياسية، شبكات تهريب.
حركات مسلحة أخرى (SPLM-N, SLM)تختلف بحسب الفصيل، بعضها يدعم SAF وبعضها RSFمصالح محلية، إعادة توزيع السلطة والثروة، تحقيق الحكم الذاتي.

5. تداعيات الكارثة الإنسانية ومسارات المستقبل

5.1. انهيار الدولة وواقع العيش الجديد

تفاقمت الأوضاع الإنسانية بشكل كارثي، مع تحذيرات من المجاعة وانهيار النظام الصحي بشكل كامل، وانتشار الأوبئة مثل الكوليرا بسبب تدمير البنية التحتية ونقص المياه النظيفة. تشير سيناريوهات المستقبل إلى أن وقف إطلاق النار احتمال “بعيد” (remote probability)، وأن التطورات أقرب إلى سيناريو انهيار الدولة. هذا الانهيار ليس غيابًا كاملًا للسلطة، بل هو تفتيت لها، حيث تظهر هياكل حكم بديلة على المستوى المحلي، مما يرسخ من واقع “الدولة الفاشلة بنجاح”.

إن النزوح الجماعي وتدمير البنية التحتية ليسا مجرد آثار للحرب، بل هما “واقع سياسي تحولي” جديد لا يمكن عكسه بمجرد عودة الناس. هذا الواقع يغير من شكل “الوكالة السياسية” للمواطنين، حيث لم تعد المؤسسات المركزية هي مصدر الخدمات أو الأمن، بل أصبحت المجموعات المسلحة، والمساعدات الخارجية، والمنظمات الأهلية هي الفاعل الرئيسي في تقديم الخدمات. هذه الشبكة لا تملأ الفراغ فقط، بل تبني شرعية جديدة لنفسها، مما يرسخ من تفتت السلطة، ويزيد من تعقيد أي محاولة لإعادة بناء دولة مركزية قوية في المستقبل.

5.2. الطريق للخروج من الأزمة: من التسوية السياسية إلى التسوية التاريخية

تشمل المقترحات للحلول توحيد القوات العسكرية وإعادة النظر في الفترة الانتقالية. ولكن، تشير المصادر إلى أن الحلول التي تعتمد على “التسويات السياسية” المؤقتة قد فشلت في الماضي، وأن المطلوب هو “تسوية تاريخية” تجمع كل مكونات المشهد السياسي والمجتمع على أسس جديدة. لقد أظهرت الحرب أن “التسويات السياسية” السابقة (مثل اتفاق جوبا 2020) كانت مجرد صفقات مؤقتة بين النخب لم تعالج المشاكل الهيكلية.

لذلك، يجب أن يبدأ أي حل مستقبلي بمعالجة أزمة الهوية، والتوزيع العادل للثروة، وضرورة بناء مؤسسات حكم لا تقوم على الولاءات بل على المواطنة والمساواة. هذا يمثل التحدي الأكبر: كيف يمكن للنخب التي استفادت من النظام القديم أن تشرف على تفكيكه؟ الحل ليس في تكرار نفس آليات “تقاسم السلطة” التي أدت إلى الحرب، بل في إعادة هيكلة الدولة بشكل جذري يتجاوز منطق الصفقات المؤقتة.

6. خاتمة: نحو رؤية جديدة للدولة السودانية

يكشف هذا التقرير أن الأزمة السودانية هي نتاج لتفاعل معقد بين عوامل تاريخية وهيكلية. إن تهميش الأطراف من قبل نخب المركز، وتحوّل السياسة إلى “سوق أعمال” للولاءات والموارد، وتدخل القوى الإقليمية والدولية، هي أبعاد متداخلة غذت الصراع وأطالت أمده. إن الحرب الحالية ليست حدثًا مفاجئًا، بل هي تتويج منطقي لمسار طويل من تعثر بناء الدولة.

إن فهم هذا الماضي، من خلال عدسات نظرية مثل “سوق الأعمال السياسية” و”جدلية المركز والهامش”، هو الخطوة الأولى لتجنب تكرار الأخطاء. يجب أن ينصب التركيز على بناء عقد اجتماعي جديد، يتجاوز منطق الصراع والصفقات، ويؤسس لدولة مدنية ديمقراطية تخدم جميع مواطنيها على أساس المساواة والعدالة، بدلاً من الولاءات والمصالح الضيقة.

lse.ac.uk
Sudan: what kind of state, what kind of crisis – The London School of Economics and Political Science

Opens in a new window

ar.wikipedia.org
تاريخ السودان (1956–69) – ويكيبيديا

Opens in a new window

bibliotekanauki.pl
Ethnic Politics in Sudan: Dynamics of Instability – Biblioteka Nauki

Opens in a new window

scielo.org.mx
On Sources of Political Violence in Africa: The Case of “Marginalizing State” in Sudan

Opens in a new window

africa.upenn.edu
Sudan: Resource Guide, 09/26/’95

Opens in a new window

muse.jhu.edu
Sudan: State and Society in Crisis (review)

Opens in a new window

geeska.com
“جدلية المركز والهامش – قراءة جديدة في دفاتر الصراع في السودان” لأبكر آدم إسماعيل | Geeska

Opens in a new window

gerritkurtz.net
Navigating shifting power relations in Sudan – implications for the aid response

Opens in a new window

en.wikipedia.org
Sudanese civil war (2023–present) – Wikipedia

Opens in a new window

idea.int
The Dilemma of Political Transition in Sudan | International IDEA

Opens in a new window

uca.edu
69. Republic of the Sudan (1956-present) – University of Central Arkansas

Opens in a new window

v-dem.net
Neopatrimonialism and Democracy: An Empirical Investigation of Africa’s Political Regimes – V-Dem

Opens in a new window

researchgate.net
Political economy of neopatrimonialism in East Africa: Insights from Kenya, Uganda and Tanzania – ResearchGate

Opens in a new window

muse.jhu.edu
<i>Sudan: State and Society in Crisis</i> (review) – Project MUSE

Opens in a new window

acpss.ahram.org.eg
خريطة وتوازنات القوى الفاعلة في المشهد السوداني الداخلي وآفاق تسوية الصراع

Opens in a new window

ar.wikipedia.org
نزاع السودان (2023–الآن) – ويكيبيديا

Opens in a new window

en.wikipedia.org
en.wikipedia.org

Opens in a new window

aljazeera.net
تاريخ السودان: تسلسل زمني | أخبار | الجزيرة نت

Opens in a new window

eprints.lse.ac.uk
Duncan Green: Book Review – Alex de Waal, “The Real Politics of …

Opens in a new window

medameek.com
السودان كسوق أعمال سياسية لألكس دي وال – أو: في شأن المكتولة الما بتسمع الصايحة!

Opens in a new window

eprints.lse.ac.uk
Sudan: A Political Marketplace Framework Analysis – LSE Research Online

Opens in a new window

africanarguments.org
Capital, Conflict, and the New Sudan: The Politics of Permanent Displacement

Opens in a new window

newlinesinstitute.org
The Case for U.S. Involvement in the Sudanese Civil War – New …

Opens in a new window

rescue.org
Crisis in Sudan: What is happening and how to help | The IRC – International Rescue Committee

Opens in a new window

acaps.org
A region-by-region analysis of possible developments affecting humanitarian needs and operations in Sudan until December 2025 – ACAPS

Opens in a new window

sudantribune.com
How regional powers obstruct peace in Sudan – Sudan Tribune

Opens in a new window

researchgate.net
The Sudan: A Successfully Failed State | Request PDF – ResearchGate

Opens in a new window

studies.aljazeera.net
تعدد المبادرات لحل الأزمة في السودان: أوجه الخلاف وفرص النجاح | مركز الجزيرة للدراسات

Opens in a new window

en.wikipedia.org
Sudanese transition to democracy (2019–2021) – Wikipedia

Opens in a new window

hurstpublishers.com
When Peace Kills Politics | Hurst Publishers

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..