بين مستشفى مروي وخفير مشرحة اسوان

بسم الله الرحمن الرحيم
معمر حسن محمد نور
لا زالت ملامح خفير مشرحة اسوان ماثلة امامي .ولافتة الكشك الصغير امامها بخط يد ردئ بدهان اخضر ( محلات ابو الوفا السوهاجي).
كان يبيع كل مستلزمات تكفين الميت.
رغم قسوة الملامح، لكنه كان طيب القلب.
عندما سحب درج ثلاجة الموتى ليريني غريق الرحلة المدرسية لاطمئن حتى ترحيلها الى السودان ووضعها على الطاولة،كان طفله الصغير يلعب باصبع قدم الجثة وهو ينتهره قائلا(مش وريتك مية مرة ما تلعبش في الجنازات) .التفت الى معتذرا وهو يقول ( اصلو مزاجو لما يخلص مدرسة يجيني هنا وانا ما بطمنش عليه الا ويايا) وحكى لي انه يدفع له تأمينا ليدرس الطب.
اكثر ما هالني في الامر،ذلك الاعتياد على مناظر الجثث وتفريغها لطفل لم يبلغ العاشرة من عمره .
كل هذه الصورة قفزت امام ناظري وانا اقرأ الخبر المفجع عن تلقي طبيبة نخدير عشرة طعنات بسكينة اودت بحياتها من طليقها. زاد الامر فزعا انه منتم الى كتائب البراء وكم ذبح من اهل الكنابي.في الواقع لست متاكدا من صحة رواية الكنابي،لكن على الاقل،فانه مر على مشاهد الحرب اليومية ومناظر الذبح والقتل خارج القانون.
فمقاطع الفديو تملأ العالم الافتراضي. كل ذلك يجعلنا نخشى اكثر على مستقبل اجيالنا القادمة.ومن يشعلون الحرب ويزكون اوارها،لا هم لهم الا الانتصار ولو على جثة الوطن وتربية بنيه فهل من عاقل يشعر بذلك ليوقفها! لك الله يا وطني.
[email protected]