مقالات وآراء

ذكري تأسيس الحزب الشيوعي: وقفة للفخر وللتقييم وتعلم دروس الماضي

صديق الزيلعي
ذكري تأسيس الحزب الشيوعي، هي مناسبة هامة، احتفالا بالإنجازات والصمود، وأيضا وقفة هامة للتقييم والتعلم من دروس الماضي. هذا المقال نشرته قبل سنتين، ولكنى اعتقد ان قضاياه لا تزال حية، واطروحاته لا تزال مطروحة امام أعضاء الحزب وأصدقائه، وكل المهتمين بقضية ديمقراطية وتجديد احزابنا، كلها.
نص المقال:
تمر الذكرى ال 77 لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني (16 أغسطس 1946 – 16 أغسطس 2023)، وهي مناسبة عزيزة على كل الشيوعيين، الحاليين والسابقين، والديمقراطيين، والذين تحالفوا مع الحزب الشيوعي، يوما ما، والوطنيين، الذين عرفوا معدن الحزب الشيوعي في الفضاء العام. وبقدر ما هي مناسبة احتفالية للاعتزاز بالمسيرة الطويلة، والنضال الشاق، والتضحيات الجسام. لكن الأمر، الأكثر أهمية، ان هذه المناسبات هي وقفات للتأمل، ومراجعة المسيرة، وتقييم النجاحات والاخفاقات، وتعلم دروس الماضي.
هذا يوم خالد وسط الشيوعيين والماركسيين والاشتراكيين والديمقراطيين، وكل من يحسب نفسه في مواقع التقدم. فقد تصدت مجموعة من الشباب، في العشرينات من أعمارهم، لمهمة تاريخية ضخمة وهائلة أيضا. بلا سند من طائفة، أو قبيلة، أو بيوتات تجارية، ولم يملكوا غير ايمانهم بشعبهم، وضرورة النضال من اجل تحرره من الاستعمار، ومن أجل تقدمه ورفاهيته. تحركوا زرافات ووحدانا نحو مواقع العاملين، في مواقع كدحهم. ونجحوا في مساعدة تلك الفئات في تكوين نقاباتها واتحاداتها ومنظماتها. فقد كانوا، في الصفوف الامامية، لتأسيس نقابات العمال، واتحادات المزارعين، واتحادات الطلاب، ومنظمات الشباب والنساء والسلام، ومنظمات التضامن مع حركات التحرر الوطني. تميز أعضاء الحزب، في كل تلك التنظيمات، بنكران الذات، ونظافة اليد، وتقدم الصفوف في المعارك، والتعفف عند المغانم. وطيلة 77 عاما لم يسجل على الشيوعيين خيانة الأمانة أو استغلال النفوذ للثراء، الأمر الذي نال تقدير شعبنا.
قدم الشيوعيون تضحيات جسيمة، فقدموا ارواحهم فداء الوطن، وتحملوا ببسالة التعذيب في اقبية الدكتاتوريات العسكرية، وفقدوا وظائفهم واعمالهم، وتم محاصرتهم لمنعهم من سبل كسب العيش، بأعداد قوائم الحظر من التخديم. أختصر، وأقول بكامل الشجاعة، ان ما امضاه الشيوعيون في السجون، منذ تأسيس حزبهم، فاقت الالف عام بكثير. وما ذلك بكثير على شعب السودان.
مثل هذه الذكري، لحزب متميز ومصادم، لا يمكن ان تمر بدون وقفة مع الذات، ومع الحلفاء، ومع مجموع الشعب السوداني، لتقييم التجربة. فالحركة قانون أساسي في الطبيعة وفي المجتمع. ولا يوجد شيء ساكن وجامد. والتنظيمات الاجتماعية والسياسية هي في حالة حركة مستمرة، وهذه الحركة تولد التغيير، سواء التقدم للأمام، أو التراجع للخلف. وهنا نأتي للسؤال المحوري: خلال حركة الحزب الشيوعي، خلال أكثر من ثلاث ارباع قرن، اين تقدم وأين تراجع؟ ما هي أسباب ذلك التقدم ما هي سماته؟ أين حدث التراجع وما هي أسبابه؟ هل واكب برنامج الحزب التغييرات العاصفة التي هزت العالم، وأهمها الانهيار المدوي للاتحاد السوفيتي؟ ما هي الدروس التي خرج بها من تلك التجربة؟
وجد كتابي (هل يمكن تجديد الحزب الشيوعي السوداني؟)، الذي صدر في الذكري السبعين لتأسيس الحزب الشيوعي، قبولا جيدا من القراء. ولكن عدد من الرفاق استنكروا العنوان، واستغربوا لدعوة كتاب من خارج الحزب لتقييم تجربته. أعتقد انها كانت تجربة ناجحة، وأتمنى ان نصدر اسهامات مماثلة تشمل كافة القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
الآن، وعلى شرف الذكرى ال 77، أدعو لمواصلة الحوار العقلاني والجاد حول تجربة الحزب الشيوعي السوداني، وهل فعلا يحتاج لتجديد، وما هو التجديد المطلوب، وما هي آليات تحقيقه؟

تعليق واحد

  1. الحزب الشيوعي يا أستاذ زيلعي حزب متخشب، عصيّ على التغيير، وأي حديث عن إصلاحه ليس أكثر من ذر للرماد في العيون. هذا كيان عجوز متهالك، يعيش على أوهام الماضي وصراعات الحرب الباردة، ولا يملك أي مشروع حقيقي للمستقبل.

    لو استمع هؤلاء الشباب للنصيحة الذهبية التي أطلقها المفكر الكبير عوض عبد الرازق منذ عقود، لتركوا هذا الحزب الغارق في الجمود، واتجهوا إلى تكوين مجمعات ضغط داخل الأحزاب الوطنية، تضع قضية العدالة الاجتماعية في صدارة اهتماماتها. لكنهم آثروا التهريج بوجه الحادى قاتم، ساهم بشكل مباشر في فتح الأبواب على مصراعيها أمام “إخوان الشيطان” والجماعات الإسلامية، التي استغلت هذا الفشل لتتغلغل في مجتمع مسلم محافظ، وتستمد شرعية لم تكن تملكها أصلاً، حتى تمكنت من رقابنا ثلاثين عاماً أذاقت فيها الشعب الويلات، ومزقت الوطن إرباً.

    واليوم، ما الذي نحصد؟ هشيم تجربة بائسة قوامها الشعارات الفارغة والتسلط باسم النصوص الميتة. انظر إلى قيادة الحزب الحالية: هل هؤلاء يصلحون أن يكونوا واجهة لشباب أو خطاباً للمستقبل؟ قطعاً لا. هؤلاء مجرد كائنات متحجرة، منغلقة في أجواء الصراع الأيديولوجي القديم، لا يرون في الواقع إلا انعكاساً لصراعات خمسينيات القرن الماضي. والنتيجة أنهم أصبحوا عبئاً على الحياة السياسية، وأداة في يد خصومهم التاريخيين.

    الحزب الشيوعي اليوم ليس سوى مقبرة للأفكار، ومن يراهن عليه إنما يراهن على سراب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..