الشعب السوداني والجري وراء السراب

الطيب محمد جادة
منذ استقلال السودان عام 1956، ظل الشعب السوداني يطارد أحلامًا لم تتحقق بعد. وعودٌ بالاستقرار السياسي، وشعارات عن النهضة الاقتصادية، وحلم متجدد بالديمقراطية، لكنها في النهاية غالبًا ما تنتهي إلى سراب.
توالت الحكومات والانقلابات العسكرية، وكلها رفعت شعارات الإصلاح والتغيير، لكن المواطن السوداني لم يجنِ سوى مزيد من الأزمات. الصراعات السياسية والحروب الداخلية تسببت في انهيار البنية الاقتصادية وتدهور الخدمات، بينما ظل المواطن يواجه صعوبة الحصول على أبسط مقومات الحياة من غذاء ودواء وأمن.
رغم امتلاك السودان ثروات زراعية ومعدنية ونفطية ضخمة، إلا أن سوء الإدارة والفساد والصراعات المسلحة جعلت هذه الموارد بعيدة عن متناول الشعب. ومع تراجع العملة الوطنية وارتفاع معدلات التضخم، أصبح السواد الأعظم من السودانيين يعيشون تحت خط الفقر.
من ثورات أكتوبر وأبريل إلى ثورة ديسمبر الأخيرة، خرج السودانيون إلى الشوارع يطالبون بالديمقراطية والعدالة. إلا أن الصراعات بين القوى السياسية والانقسامات داخل المؤسسات العسكرية أدت إلى إفشال كل محاولات الانتقال الديمقراطي، ليجد المواطن نفسه مرة أخرى في حلقة مفرغة.
اليوم يعيش السودان واحدة من أعقد مراحله، مع اشتداد الحرب الداخلية وتفاقم معاناة النازحين واللاجئين. ومع ذلك، يتمسك الشعب السوداني بالأمل في أن تتحقق تطلعاته يومًا ما، وأن يتوقف الجري وراء السراب، ليبدأ مسارًا حقيقيًا نحو الاستقرار والتنمية.