أهم الأخبار والمقالات

حرب السودان وسيطرة الإسلاميين: أربعة من كل خمسة ضباط بالجيش و 100% من ضباط الأمن من الحركة الإسلامية!

(تقرير SPT – ترجمة الراكوبة)

🔺 مقدمة:

بينما يواصل السودان حربه الدامية بين الجيش وقوات الدعم السريع، عادت ميليشيات الإسلاميين إلى الواجهة بقوة، لتصبح أحد أبرز اللاعبين في ميدان المعارك. فخلال عامين فقط من الصراع، أعادت هذه المجموعات تنظيم صفوفها تحت مسميات جديدة، وبنت قوة عسكرية كبيرة قد تبتلع الجيش نفسه إذا استمرت الحرب لسنوات قادمة.

🔺 الإسلاميون وإشعال الحرب:

بحسب مصادر متعددة تحدثت إلينا، فإن الترتيب للحرب بدأه الإسلاميون في الأسبوع الأول من ديسمبر 2022، خلال فترة انعقاد اجتماعات الاتفاق الإطاري الرامية إلى استعادة مسار الانتقال الديمقراطي، بين القوى السياسية والمدنية المنضوية تحت تحالف قوى الحرية والتغيير، والمكون العسكري المتمثل في الجيش وقوات الدعم السريع. وأوضحت المصادر أن الإسلاميين شرعوا حينها في التخطيط لقطع الطريق أمام توقيع أي اتفاق يمكن أن يعيد المسار الديمقراطي.

وقال مصدر أمني إسلامي، كان أحد كوادر الأمن الطلابي للحركة الإسلامية وعمل في مختلف أجهزتها الأمنية، في حديثه لـ(SPT) شريطة عدم الكشف عن هويته: “بدأ الترويج لخطة منع توقيع الاتفاق الإطاري بين الجيش وقوى الحرية والتغيير في مطلع ديسمبر 2022، وسط كوادر الحركة الإسلامية، على هيئة حملات تحريضية تستهدف الأفراد بشعارات ضد الديمقراطية والعلمانية والغرب الكافر”.

وأضاف: “كانت خطة الحرب تُناقَش على مستوى قيادات الحركة الإسلامية، في اجتماعات مع قيادات عليا في الجيش، من بينهم: الفريق أول شمس الدين كباشي، الفريق أول ياسر العطا، الفريق عباس حسن الداروتي، واللواء حسن البلال من الاستخبارات العسكرية”.

وتابع المصدر قائلاً: “بعد الاتفاق بين قيادة الحركة الإسلامية وقادة الجيش على العمل العسكري، بدأ تنوير الكوادر الأمنية والعسكرية داخل الحركة بخطة الحرب في مطلع أبريل 2023. وفي الفترة من 9 إلى 13 أبريل حضرتُ، مع آخرين من الكوادر الأمنية الإسلامية، تنويراً حول الخطة العسكرية بأحد المنازل في محلية شرق النيل بالخرطوم بحري، وكان التنوير يتناول الاستعداد الكامل للمعركة”.

وقال أيضاً “تم تجهيز جميع كوادر الأمن الطلابي والمجاهدين والأجهزة الأمنية التابعة للحركة الإسلامية، وكان التنوير يُعقد في أماكن مختلفة بالخرطوم، عبر قيادات بارزة من الحركة، منهم: الحاج آدم، أنس عمر، الناجي عبد الله، محمد علي الجزولي، ناجي مصطفى وآخرون”.

وختم حديثه بالقول: “تم تحديد ساعة الصفر للعملية العسكرية صباح يوم السبت 15 أبريل 2023، غير أنني غادرت الخرطوم يوم الجمعة، قبل اندلاع الحرب بيوم واحد، متوجهاً إلى مدينة ربك بذريعة ظرف عائلي طارئ”.

وعن سبب عدم مشاركته في المعركة، أوضح المصدر: “لم أكن مقتنعاً بنجاح العملية، فقد اعتبرتها خطوة متهورة… وقد أثبتت الأيام صحة مخاوفي”.

🔺 الإسلاميون داخل الوحدات العسكرية:

وقال مصدر آخر لـ(SPT)، لا يزال يعمل ضمن صفوف الكتائب الإسلامية في أم درمان، وقد تطابقت روايته مع المصدر الأول، إن الإسلاميين بدأوا في إدخال عناصرهم داخل الوحدات العسكرية الخاصة بالجيش بداية أبريل، قبل أيام من اندلاع الحرب.

وأوضح المصدر أن الكوادر الأمنية والعسكرية التابعة للحركة الإسلامية جرى توزيعها على وحدات الجيش في: سلاح المهندسين، سلاح المدرعات، سلاح الإشارة، اللواء الأول في الباقير جنوب الخرطوم، ومقر الاحتياطي المركزي.

وحول طريقة إدخال كوادر مدنية داخل وحدات عسكرية، أجاب المصدر قائلاً:
” 80% على الأقل من ضباط الجيش – وأعني الضباط وليس الجنود – يتبعون للحركة الإسلامية. وقد جرى إدخالهم الكليات العسكرية والأمنية في فترة حكم الإسلاميين بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير، خلال الثلاثين عاماً الماضية، وهم الذين كانوا يتولون أمر إدخال الكوادر الإسلامية داخل الوحدات العسكرية”.

وعند استغرابنا من العدد، ضحك المصدر قائلاً: “ماذا لو قلت لك إن %100 من ضباط جهاز الأمن والمخابرات هم من الحركة الإسلامية؟”.

وقال شاب مهندس شارك في الحرب منذ بدايتها في صفوف الحركة الإسلامية، طلب الإشارة إليه باسم “أبو أحمد”، إن جميع منسوبي الحركة الإسلامية في الخدمة المدنية والقطاعات المهنية والبنوك والشركات الحكومية وغيرها، التحقوا بالجيش وشاركوا في مهام مختلفة. كما أعيد ضباط الأمن والعسكريون المتقاعدون إلى الخدمة، وأبرزهم اللواء نصر الدين عبد الفتاح، الذي أصبح الآن قائداً لسلاح المدرعات، وشوهد يجتمع قبل أيام مع الفريق أول البرهان، قائد الجيش، في اجتماعه الأخير مع هيئة أركان الجيش.

اللواء نصر الدين عبد الفتاح
اللواء نصر الدين عبد الفتاح

وقال أبو أحمد “فيما يخص اللواء نصر الدين عبد الفتاح، فقد عاد من التقاعد متطوعاً ضمن صفوف الإسلاميين، وبعد مقتل قائد سلاح المدرعات اللواء أيوب عبد القادر في أكتوبر 2023، تسلم قيادة المدرعات بأمر من الحركة الإسلامية التي تسيطر على سلاح المدرعات، ولا يزال حتى اليوم قائداً له”.

وأشار المصدر إلى أن أكثر الكوادر الإسلامية قُتلت في سلاح المدرعات، خاصة ضباط الأمن ومتقاعدي الجيش وموظفي المؤسسات الحكومية التابعين للأجهزة الأمنية، أبرزهم مدير بنك أم درمان الوطني محمد محجوب وقيع الله، واللواء معاش عمر النعمان، اللذان قُتلا في سبتمبر 2024.

كما قُتل اللواء معاش بحر أحمد بحر، الذي عاد من التقاعد مقاتلاً في صفوف الجيش، وتسلم قيادة عمليات الخرطوم بحري، قبل أن يلقى حتفه في تحطم طائرة عسكرية فوق مدينة أم درمان في فبراير 2025.

وقبلها بيومين فقط، قُتل اللواء طيار أبو القاسم علي، بعد أن أسقطت قوات الدعم السريع طائرته الحربية في مدينة نيالا. وكان قد عاد هو الآخر من التقاعد للحرب بأمر الحركة الإسلامية، مثله مثل زميليه نصر الدين وبحر.

🔺 فيلق البراء بن مالك:

يُعتبر فيلق البراء بن مالك أحد أهم وأشهر المليشيات والكتائب الإسلامية، ويقوده المصباح أبوزيد طلحة، وهو أحد القيادات الإسلامية الشبابية. ووفقًا لمصادر مطلعة داخل الحركة الإسلامية تحدثت إلى الموقع، يشرف عليه قيادات إسلامية: علي كرتي، أسامة عبد الله، مع عدد من المساعدين، ومن جانب الجيش الفريق أول ياسر العطا.

وحسب المصدر، فإن قيادات داخل الفيلق يتوزع ولاؤهم بين المجموعتين المتنافستين على قيادة الحركة الإسلامية، مع أغلبية أكبر تميل لمجموعة علي عثمان بقيادة علي كرتي وأحمد هارون، على حساب مجموعة نافع علي نافع التي يقودها إبراهيم محمود وإبراهيم غندور.

وقال أحد المصادر إن المجموعتين، إذ يتصارعان على قيادة الإسلاميين، لكنهما يتفقان على القتال مع الجيش وعلى العداء للقوى السياسية والمدنية الديمقراطية.

البرهان وكتائب البراء بن مالك
البرهان وكتائب البراء بن مالك

وأكدت المصادر أن فيلق البراء بن مالك هو الأكثر تأهيلاً من حيث التدريب والتسليح والدعم المالي، حيث تلقى أفراده تدريبات عسكرية داخل السودان على يد خبراء أجانب، بينهم أوكرانيون وإيرانيون وأتراك، كما يتم ابتعاث بعضهم إلى إيران لتلقي تدريبات إضافية مكثفة على استخدام الأسلحة النوعية والطائرات المسيّرة التي يحصلون عليها من إيران وتركيا.

وأشارت المصادر إلى أن “فيلق البراء” هو الجهة الوحيدة التي تمتلك الطائرات المسيّرة.

وحسب مصدر إسلامي مطّلع، يقع مقر البراء بن مالك في بناية مجاورة لمبنى محلية كرري في أم درمان، يستخدمها كمكاتب له وسكن لبعض قياداته. وتعود ملكية البناية، بحسب المصدر، إلى أحد القيادات الإسلامية.

وأضاف المصدر أن أبرز قيادات لواء البراء بن مالك بعد المصباح طلحة هما: مهند فضل وأويس غانم. أما القائد الرابع فهو “هشام بيرم” الذي قُتل يوم 13 يوليو الماضي في معركة “أم صميمة” بكردفان.

🔺 كتيبة العمل الخاص:

هذه الكتيبة قوامها من منسوبي “الأمن الشعبي” التابع للحركة الإسلامية. يقول المصدر إن “العمل الخاص” هي في الأصل مجموعة شُكّلت على أساس إثني (إسلاميو كردفان/دارفور) مقابل سيطرة المجموعات الشمالية على “البراء”.

هذه المشكلة الإثنية ظلت تعاني منها الحركات الإسلامية التي تسيطر عليها المجموعات النيلية في الشمالية، لكنها بقيت على الدوام مشكلة داخلية لا تخرج إلى العلن.

تأسست الكتيبة في أم درمان لكنها لم تنتظم وقتها تحت قيادة محددة، إذ كانت عبارة عن مجموعة من المقاتلين التابعين لأجهزة الحركة الإسلامية الأمنية، خصوصًا الأمن الطلابي، اجتمعوا للقتال مع الجيش. لكن بعد استعادة الجيش السيطرة على منطقة “جبل موية” بولاية سنار في وسط السودان، أُسندت قيادة “العمل الخاص” إلى شهاب بُرج، وهو مقاتل قديم في صفوف ما يعرف بـ”المجاهدين”، وكان أسير حرب لدى الحركة الشعبية في جبال النوبة من 2013 إلى 2017 حينما أُطلق سراحه مع آخرين في مبادرة إنسانية.

خفاش
أحمد محمد أبو بكر، الملقّب بـ”خفّاش”

وجاء تشكيل الكتيبة بعد لقاءات منفصلة لكل من شهاب بُرج وأحمد محمد أبوبكر الشهير بـ”الخفاش” وفرحات العمدة مع نائب قائد الجيش الفريق أول شمس الدين كباشي في مدينة بورتسودان، بعد أسبوعين من استعادة الجيش لمنطقة جبل موية. وبعدها – بحسب مصادر موثوقة – غادر الثلاثي إلى مدينة عطبرة شمال السودان والتقوا فيها علي كرتي وأحمد هارون، للمصادقة على تكليف شهاب بُرج بمهام قيادة الكتيبة.

أبرز قيادات كتيبة العمل الخاص بعد شهاب بُرج ونائبه فرحات ود العمدة: أحمد خفاش، أنس محمد فضل، معتصم “بات مان”. وقد قُتل الثلاثة أواخر يوليو الماضي في منطقة “أم سيالة” بمحور كردفان خلال معارك مع قوات الدعم السريع.

كذلك من أبرز القيادات المؤسِّسين لكتيبة “العمل الخاص” يوسف محمد زين، الذي يُقال إنه أسير لدى قوات الدعم السريع منذ 3 أكتوبر 2024 خلال معارك في منطقة جبل موية بولاية سنار.

وقال المصدر المطلع إن قوات “العمل الخاص” أقل تدريبًا من فيلق البراء بن مالك، مبيّنًا أن تمويلهم بالسلاح النوعي والطائرات المسيّرة يأتي من أحمد هارون، رئيس حزب المؤتمر الوطني المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، بينما الدعم اللوجستي والمالي يأتيهم من ميزانية ولاية النيل الأبيض تحديدًا، ومن ولاة الولايات التي يتواجدون فيها.

وأوضح المصدر أن تعليمات وتوجيهات مقاتلي “العمل الخاص” تصدر من أحمد هارون، الذي يشرف عليهم ويرعاهم مباشرة، مع تنسيق مع استخبارات الجيش في بعض العمليات. كما أشار إلى أن الكتيبة لديها تفاهمات وتنسيق مع قوات درع السودان التي يقودها أبو عاقلة كيكل.

🔺 الكتائب الأربعة ولواء النخبة:

أما كتائب “البنيان المرصوص، البرق الخاطف، أسود العرين” فإن مقاتليها من “المجاهدين والقدامى المحاربين” في صفوف الدفاع الشعبي على عهد البشير. يقود هذه الكتائب عدد من المجاهدين القدامى، أبرزهم: الناجي عبد الله والناجي مصطفى، وتقع تحت إشراف علي كرتي، بحسب المصدر.

أما لواءا النخبة “الأول والثاني” فهما يتكونان في الأصل من عناصر جهاز الأمن وهيئة العمليات والمستنفَرين والمقاومة الشعبية وشرطة الاحتياطي المركزي المعروفة بـ”أبو طيرة”، ويقودهما ضباط من جهاز الأمن والمخابرات.

ومن أبرز قيادات لواء النخبة اللواء إيهاب محمد يوسف الطيب، الذي قُتل في مايو الماضي بمنطقة الخوي غرب كردفان خلال معارك عنيفة مع قوات الدعم السريع.

🔺 خاتمة:

تشير هذه المعطيات إلى أن المليشيات الإسلامية باتت تشغل حيزا كبيرا جزءًا في مشهد الحرب السودانية، من خلال تنوع تشكيلاتها العسكرية وتعدد قياداتها وتحالفاتها وعلاقاتها الخارجية. وبينما تختلف ولاءاتها الداخلية وصراعاتها على القيادة، إلا أنها تلتقي جميعًا عند هدف مشترك يتمثل في القتال إلى جانب الجيش ومناهضة القوى المدنية الديمقراطية، الأمر الذي يزيد من تعقيد الأزمة السودانية ويطيل أمد الصراع.

وإذا استمرت هذه المليشيات على هذا المنوال، فإنها قد تبتلع ما تبقى من الجيش، وربما تشكل حينها خطرًا لا يقتصر على حرية السودانيين ومستقبل الديمقراطية، بل يمتد إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها.

تعليق واحد

  1. انا لا أستطيع أن اصدق هذه الرواية التي جاءت في هذا المقال أو اكذبها في مايتعلق بالعمل المشترك والذي تم الاتفاق عليه بين قادة الجيش وقيادات من الحركة الإسلامية لإجهاض الاتفاق الاطاري وتحديد ساعة الصفر للعملية العسكرية يوم السبت في ١٥ ابريل ‘ وخاصة أن الحركة الاسلاميه تمتلك من القوة العسكرية داخل الجيش والذي يؤهلها للقيام بهذا العمل العظيم كما تمتلك من كتائب ظل تباشر الأعمال المدنيه خارج الجيش كما قال الأستاذ علي عثمان ( الله يطراهو بالخير) وهي مستعده للقيام بأي عمل عسكري يوكل لها علي حسب الضرورة والضرورة القصوي لاحداث اي تغيير علي الارض
    علي كل حال نحن لا يهمنا من الذي أطلق الرصاصة الاولي
    حتي لو اطلقها الجيش والحركه الاسلاميه فلا جناح عليهما وذلك لأن الدعم السريع كان قد بدأ التهديد والوعيد منذ فتره ليست بالقصيره إذا لم يتم تطبيق الاتفاق الإطاري
    كما قام بنشر قواته بالقرب من مطار مروي بدون إذن مسبق من الجيش.
    نحن لا يهمنا كمواطنين من الذي أطلق الرصاصه الاولي كما زكرت ولكن الذي يهمنا ماذا فعل الدعم السريع بعد إطلاق الرصاصه الاولي؟؟؟!!!
    والاجابه هي أن الدعم السريع دخل بيوت المواطنين وسرق ونهب واغتصب كما دخل المؤسسات الحكوميه ودمرها ودمر شبكات الكهرباء والمياه وفعل الافاعيل وكان بإمكانه أن تكون المعركه بينه وبين الجيش والإسلاميين لوحدهم ولكنه جعل المواطن العدو الأول له
    وايضا لا ننسي القحاحيط فقد كانوا سندا له في كل تلك الجرائم باعتبارهم حليفه السياسي ولم ينكروا عليه تلك الأفعال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..