قرارات البرهان هل هي المدخل للإصلاح؟

تاج السر عثمان
1
جاءت قرارات الفريق البرهان الأخيرة ‘بإعفاء قيادات عسكرية اسلامية’ وتوحيد القوات المحاربة مع الجيش تحت إمرة القوات المسلحة والخضوع لقانونها ‘ بعد الضغوط الخارجية التي ترى في الإسلامويين العائق أمام وقف إطلاق النار’ والذين يطمحون للعودة للحكم من بوابة الحرب ‘مما يشكل ك خطرا أمام أمن المنطقة’ والمزيد من تمدد النشاط الإرهابي في إفريقيا.
أشارت المصادر أن لقاء البرهان مع المستشار الأمريكي تناول سبل تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة، ووقف الأعمال العدائية، إلى جانب طرح تصور أولي لعملية سياسية يُفترض أن تقتصر على الأطراف المدنية، مع استبعاد كافة القوى المتحاربة، بما في ذلك الحركات المسلحة والمليشيات.قرارات البرهان تدخل في إطار الصراع علي السلطة المشتد داخل أجنحة الإسلامويين والقوات المشتركة التي رفضت العمل تحت إمرة القوات المسلحة، وتحسين صورة الانقلاب العسكري البعيد من الإسلامويين الملفين حل الجيش التفاف السوار حول المعصم.الإصلاح الأمني والعسكري لا يمكن أن يتم على يد قيادة البرهان واللجنة الأمنية التي ارتبطت بتصفية الثورة كما في مجزرة فض الاعتصام’ والانقلاب على الوثيقة الدستورية في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١’ وإشعال الحرب الجارية حاليا’ وما حدث فيها من جرائم حرب و ضد الإنسانية من الطرفين’ مما يتطلب عدم الإفلات من العقاب ‘وتفكيك التمكين وإعادة ممتلكات الشعب المنهوبة’ وقيام الحكم المدني الديمقراطي ‘وخروج العسكر والدعم السريع والمليشيات من السياسة والاقتصاد’ والترتيبات الأمنية DDD لحل كل المليشيات وجيوش الحركات ودمجها في المجتمع، وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية.
٢
أشرنا سابقا إلى ضرورة وقف الحرب واستعادة مسار الثورة والحكم المدني الديمقراطي ‘باعتبار ذلك هو المدخل للإصلاح الأمني.
فقد جاءت الحرب اللعينة التي مضى عليها أكثر من عامين بهدف تصفية الثورة ‘والصراع على السلطة بين مليشيات الإسلامويين وصنيعتهم الدعم السريع وبدعم من المحاور الإقليمية والدولية التي تمد طرفي الحرب بالسلاح والعتاد، لنهب ثروات البلاد وأراضيها وإيجاد موطئ قدم على البحر الأحمر، وقطع الطريق أمام الثورة كما في المجازر والتهجير،
يؤكد ذلك الاستمرار في نهب الذهب والمحاصيل النقدية ‘والتفريط في أراضي البلاد’ كما في موافقة البرهان على الخريطة المصرية التي تضم حلايب وشلاتين وأبو رماد لمصر، وتوقيع الشركة السودانية للسكر صفقة تأهيل مصانع السكر مع شركة”انجي” السعودية التي تفرط في أصول البلاد’ التي وجدت رفضا واستنكارا واسعا،
٣
كما تستمر الأشكال الأخرى لتصفية الثورة التي يجب التصدي لوقفها مثل: تدخل المسجل في النقابات لالحاقها بالسلطة ‘وفرض قانون نقابة المنشأة ٢٠١٠ الذي تجاوزته الحركة النقابية بعد ثورة ديسمبر’ وحملة الاعتقالات والتعذيب الوحشي للمعتقلين والاغتيالات للسياسيين والناشطين في لجان الخدمات والمقاومة، كما حدث من الدعم السريع في مقتل مواطن أعزل في دارفور ‘وفي عطبرة’ وغيرهما، وفي سجون طرفي الحرب وحل لجان المقاومة والخدمات، وإصدار تعديلات من حكومة غير شرعية في قانون الأمن يبيح الاعتقال التحفظي والإفلات من العقاب، مما يشكل تراجعاً عن إنجاز الثورة في أن جهاز الأمن لجمع المعلومات وتحليلها ورفعها، فضلاً عن تأريخ جهاز الأمن الملطخ بدماء المعتقلين في بيوت الأشباح، وتجاوزاته التي تنتظر المحاسبة.
4
إضافة لخطر تكوين حكومتين في بورتسودان ونيالا الأمر الذي يقود لخطر تقسيم البلاد، مما يتطلب وقف الحرب والتصدي لذلك الخطر الماثل كما حدث في فصل جنوب السودان.
كل ذلك يتطلب أوسع جبهة جماهيرية لوقف الحرب واستعادة مسار الثورة ووحدة البلاد وعدم الإفلات من العقاب، والإصلاح الأمني والعسكري تحت قيادة حكم مدني ديمقراطي، وخروج العسكر والدعم السريع والمليشيات من السياسة والاقتصاد، وتفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والأمنية،وإعادة إعمار ما دمرته الحرب وعودة النازحين لمنازلهم وقراهم ومدنهم، وتوفير مقومات الحياة من كهرباء وماء الشرب وخدمات الإنترنت، والصحة والتعليم ومحاربة الأمراض المنتشرة مثل:الكوليرا، وحمى الضنك والملاريا. الخ،
وقيام الحكم المدني الديمقراطي، وحماية السيادة الوطنية وثروات وأراضي البلاد من النهب، وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم، وعقد المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية للتوافق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات يفضي لانتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.