الأسئلة الساخنة من داخل عرين الحزب الحاكم «2-2»

البروفيسور الطيب زين العابدين:
والسؤال الذي يخطر على البال بادي الرأي: ما هو مغزى هذا الحديث الجريء الذي يصدر لأول مرة من قيادي متنفذ في الحزب والحكومة عاش كل فترة الإنقاذ بعسكريتها المخادعة الأولى، وشموليتها المغلظة عقب تأسيس المؤتمر الوطني حزباً وحيداً لكل أهل السودان، ثم فترة التوالي السياسي الرمادية بعد دستور 1998م، وفترة التعددية المنضبطة بعد اتفاقية نيفاشا في 2005م والتي وصلت بنا إلى انفصال الجنوب في التاسع من يوليو 2011م.
ولا ندري ماذا سيكون وجه الجمهورية الثانية هل ستمضي بنا خطوة إلى الأمام أم خطوتين إلى الوراء؟ لست من المتفائلين بمستقبل الجمهورية الثانية وأظن أن النظام سيلجأ في ضوء التهديدات والمخاطر المحتملة إلى ما اعتاد عليه من قهر وعسف لمن تسول له نفسه مناجزة الحزب الحاكم ولو سلمياً! أحسب أن الدكتور عمر، وهو رجل شجاع صادق مع نفسه متمسك بقيمه التي نشأ عليها في حضن الحركة الإسلامية فقد عرفته عن قرب لسنوات عديدة داخل وخارج السودان، بدأت تتضح له صورة أوضاع السودان القاتمة بعد أكثر من عشرين سنة من احتكار الحركة الإسلامية للسلطة تمثلت في انفصال الجنوب ونشوب حرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق واحتمال حرب متجددة في دارفور وشرق السودان، اقتصاد مهدد بالانهيار، وعزلة خارجية خانقة وصلت إلى ملاحقة رئيس السلطة لدى محكمة الجنايات الدولية. وشهد أن الأحزاب الكبيرة التي كانوا يقولون عنها متكالبة على السلطة وتسعى إليها بكل الوسائل مستعينة بأعداء الوطن في الخارج تأبى المشاركة فيها رغم العرض الوزاري المغري الذي قدم لها.
وتشكك عمر في أن قرارات الحزب ربما تطبخ خارج أجهزته القيادية، وأن مشروع الوفاق الوطني والمشاركة العريضة في السلطة الذي أجازته كل هيئات الحزب لم ينفذ بالصورة المثلى التي تجعله مقبولاً للآخرين لأن قلة قليلة متنفذة ترى ألا ضرورة لذلك ويمكن للأمور أن تسير كما كانت في السابق. أحسب أن عمر يريد البوح المسموع بأن حصيلة ما انتهينا إليه بعد هذه الفترة الطويلة من الحكم تحتاج إلى مراجعة جذرية شاملة تقوّم فيها التجربة الماضية بنقد ذاتي صادق وجريء حتى يتلمس الحزب طريق الإصلاح للمستقبل، وليس صحيحاً أن يقال إن كل شيء على مايرام.
ولماذا يقول عمر مثل هذا الكلام الجريء في هذا الوقت؟ أظن أنه استشعر ثقل مسؤولية انفصال الجنوب التي يتحملها الحزب الحاكم بالدرجة الأولى، وأن ثورات الربيع العربي لا يمكن تجاهلها واعتبار السودان في مأمن منها، وأن مناسبة وضع دستور جديد للسودان تستدعي إعادة النظر في نظام الحكم، كما أن احتمال تقاعد الرئيس البشير اختيارياً بعد دورته الحالية تعني البحث عن مرشح جديد للحزب الحاكم ما يغير المعادلة القائمة. كل ذلك يدعو لتفكير جريء وخلاق في هذه المرحلة حول أوضاع الحكم في السودان وما انتهت إليه من حالة لا تسر.
وماذا سيكون تأثير تساؤلات د. إبراهيم أحمد عمر على قيادة الحزب وقواعده؟ أظن أن معظم قيادات الحزب العليا سيضايقها مثل هذا الكلام غير المنضبط تنظيمياً وستلجأ للقطيعة والنميمة من وراء الظهر لتقول إن عمر لم يكن سياسياً في يوم من الأيام، وهو يعيش مثاليات لا مكان لها في واقع مستنقعات العمل السياسي في بلد متخلف، وأنه يعطي الأحزاب التقليدية الطائفية أهمية أكثر مما تستحق ولن تضعف عدم مشاركتها من قوة الحكومة. ولكن لن يجرؤ أحد من القيادات العليا للتصدي له لأنه سيرد عليه الصاع صاعين فهو جعلي قح لا يقعقع له بالسلاح ولا يقاطع له بالشنان، ثم إنه قريب من الرئيس يقدر له سابقته في نصرته على الترابي وإن اختلف معه في رؤيته الإصلاحية، وله قوة معنوية أخلاقية اكتسبها من عفته وطهارة يده يفتقدها الكثيرون من العصبة الحاكمة، ولكن قد يسلطون عليه بعض الإعلاميين من زعانف الحزب والمؤلفة قلوبهم التي تأتمر بأمرهم وتقبل عطاياهم لتنتقده في الصحف السيارة.
أما قواعد الحزب (البريئة والشبابية) فستؤيد ما يقوله عمر لأنها مكتوية بما تسمعه في الشارع السياسي من نقد مر ولاذع لأداء الحزب خاصة في جبهة الفساد وغلاء الأسعار ومخصصات الدستوريين الكبار التي تبلع عشرات الملايين من الجنيهات القديمة شهرياً، واضطراب السياسات وتعدد المرجعيات وتناقض التصريحات. وقد يقول بعض الشباب إنه نسي أن يدعو لتغيير القيادات المعتقة التي بقيت في السلطة دهراً طويلاً حتى تكلست عظامها، ونعتها في الصحف بعض المتطلعين بـ"الكنكشة" التي فقدت مؤهلات العطاء! وسيمضي كلام د. عمر دون تأثير يذكر على الحزب أو السلطة لأن القيادة المتنفذة باقية كما بقي عسيب، ليس لها الرغبة أو الإرادة أو القدرة على التغيير.
ولماذا التغيير؟ فقد عاشت الإنقاذ بهذا المنهج السلطوي المنفرد في الحكم أكثر من عشرين سنة وتستطيع لو وقفت متكاتفة ومطيعة لقيادتها السرمدية أن تستمر به لعشرات قادمات! ويقولون إذا فتر عمر من الكفاح السياسي مع «العصبة المجاهدة» فعليه أن يتنحى جانباً مثل ما حدث لآخرين قبله ويظل أخاً كريماً له كل الاحترام اللائق به، ويا دار ما دخلك شر.
(أكاديمي وكاتب سوداني)
الراية
متمسك( بقيمه التي نشأ عليها في حضن الحركة الإسلامية)
عند ظهور بنك فيصل راي قادة فى الحركة الاسلامية
ان تستقوي بالقوى الطفيلية وسوقها الاسود.
وساد اتهام بان هذا هو ما تسبب فى مجاعة دارفور.
احتكار العيش وبنوك العيش.
اذا اردنا ان نتكلم عن قيم فهل نتجاوز هذا الاتهام الخطير؟
ارى ان الحركة الاسلامية السودانية تحتاج تقييما ناقدا لهذا المنعطف فى تطورها.
فهل ثمة من انفرد بهذا القرار؟.
ان الحركة الاسلامية تضم عددا ربما هو الاكبر من العارفين والعلماء والمحللين.
وتحتاج الحياة السياسية فى بلادنا فيما ارى ان يواجه اتقياء الحركة هذه التهمة فى تاريخهم.
البديل للبشير هو على عثمان
ولو على عثمان بقى الرئيس معناها عودة قوش
والمحصلة على الدنيا السلام
وعلى السودان السلام
البروفيسور زين العابدين
تحية طيبة
أولا نعتذر أنني في بعض أو عدة مقالات هاجمتك بعنف، ويعزى لسببين، طبيعة أسلوبك مقالاتك "الإعتذاري"، والنقطة الثانية كنت مخدوعا في هذا النظام القائم ? أو حقا خدعنا في الغربة عبر تلفزيونه الخ، اليوم تفهمت في العمق طبيعة هذا النظام وهي أسوا مما تخيلت أو ما يتخيله عاقل، وأيضا ما يتخيله حادب على الإسلام!! وفي هذه النقطة نحن سواء..!! وتبقت لي معك أسلوب مقالك الإعتذاري..!!
قرأت مقالك الأول سابقا..والثاني اليوم!! والمقال بكامله أو محوره إبراهيم أحمد عمر!! ولقد استغربت هل يستحق هذا الرجل كل هذا المدح والثناء منك؟ الرجل كان صامتا ومشاركا دهرا، ثم يتكلم همسا قليلا.فيجد المدح!! ولا أدرى هل هي زمالة الأستاذية التي تفرض موقفك من إبراهيم عمر..لأنني لم أرى له حسنة واحدة، فالرجل راكب مركبا لا يستطيع النزول منه..وإلا فقد مستوى معيشته من راتب شهري، وبدلات في حله وترحاله، ومخصصات من سيارة أو أثنين وسائقيها وبنزينها، ربما سكن حكومي ضخم مجاني مدفوع الماء والكهرباء..الخ كما فهمنا من الصحف الأليكترونية تفاصيل عقد عمل لشخصية صغيرة تبوأت منصبا ثقافيا في ولاية الخرطوم، فكم تكون مخصصات إبراهيم أحمد عمر؟ وأـرك ما قيل من قصص عن ابنه وهي مذهلة!!
إذا كان إبراهيم عمر نظيف اليد كما تقول، و(رجل شجاع صادق مع نفسه متمسك بقيمه التي نشأ عليها في حضن الحركة الإسلامية فقد عرفته عن قرب لسنوات عديدة داخل وخارج السودان) لماذا لم يترك موقعه في هذه الإنقاذ، ويقفز من المركب مبكرا؟ هل في طيلة هذه السنوات كان مصابا بالحول؟ ويا أخي في عائلتي من هو لا يحتل منصبا مثل الذي يحتله إبراهيم أحمد عمر..وعلى مستوى مدير عام أو طبيب في السلاح الطبي برتبة عقيد وكانوا أبناء الحركة الإسلامية منذ كانوا في المدارس…تركوا هذه الإنقاذ منذ منتصف التسعينات..لفسادها وولوغها في المال العام!! لماذا لم يترك إبراهيم أحمد عمر..موقعه؟ وحقا لماذا ينقلب على الشيخ الترابي؟ ثم بروفيسور في شنو..والدولة القائمة أصبحت دولة السروريين..؟؟ لا أرغب أن أزيد وتعرف أفضل مني أسرار هذه الدولة…ولم أكتب هذا التعليق إلا لكي أضع هذا النص الجميل للإمام زين العبدين ونطيق على أمثال إبراهيم أحمد عمر. كتب الإمام علي بن الحسين الملقب بزين العابدين ت94هـ إلى تلميذه بن شهاب الزهري الرسالة التالية، بعد أن أصبح بن شهاب الزهري شيخا لبلاط بني مروان:
(كفانا الله وإياك من الفتن، ورحمك من النار، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك أن يرحمك، فقد أثقلتك نعم الله بما أصح من بدنك، وأطال من عمرك. وقامت عليك حجج الله بما حملك من كتابه. وفقهك فيه من دينه وعرفك فيه من سنة نبيه. فأنظر أي رجل تكون غدا إذا وقفت بين يدي الله فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها..ولا تحسبن الله قابلا منك بالتعذير، ولا راضيا منك بالتقصير، هيهات هيهات ليس كذلك، أخذ على العلماء في كتابه إذ قال: (لتبيننه للناس ولا تكتمونه) ?آل عمران، 187- وأعلم أن أدنى ما كتمت وأخف ما احتملت أن آنست وحشة الظالم، وسهلت له طريق الغي بدنوك منه حين دنوت، وإجابتك له حين دعيت. فما أخوفني عليك بإثمك غدا مع الخونة، وأن تسأل عما أخذت بإعانتك على ظلم الظلمة، أنك أخذت ما ليس لك مما أعطاك، ودنوت ممن لم يرد على أحد حقا ولم ترد باطلا حين أدناك، وأحببت من حاد الله. أو ليس بدعائه إياك حين دعاك جعلوك قطبا أداروا بك رحي مظالمهم، وجسرا يعبرون بك إلى بلاياهم، وسلما على ضلالهم، داعيا إلى غيهم، سالكا سبيلهم، يدخلون بك الشك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم، فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك، وما أيسر ما عمروا لك فكيف ما خربوا عليك، فأنظر لنفسك فأنه لا ينظر إليها غيرك، وحاسبها حساب رجل مسؤول، وأنظر كيف شكرك لمن غذاك في نعمه صغيرا أو كبيرا، فما أخوفني عليك أن تكون كما قال الله تعالى في كتابه: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة وأتبعوا الشهوات..) مريم، 59…الخ)…
مع تحياتي
شوقي