مقالات وآراء

لله والحقيقة: شهيدات (أبقراط) !

محمد الصادق

يشرفني أن أساعدك في تنظيم هذا المقال. إليك إعادة صياغة للنص مقسمًا إلى فقرات رئيسية مع العناوين لتوضيح الأفكار وتسهيل القراءة.

تثير حوادث قتل الطبيبات التي تحدث مؤخرًا قلقًا واسعًا، لا سيما أنها غالبًا ما تُصنف ضمن إطار “الخلافات العائلية”. لكن هذا التبرير يترك سؤالًا ملحًا: “لماذا الطبيبات تحديدًا؟” فمجتمعنا يضم نساء ناجحات في مختلف المجالات، مثل المهندسات وأستاذات الجامعات وسيدات الأعمال، وكثير منهن يمررن بتجارب الطلاق دون أن يتعرضن لمصير مشابه. هذا الاختلاف يفتح الباب للتساؤل عن وجود دوافع خفية وراء هذه الجرائم قد تكون مرتبطة بمهنتهن.

يعتقد المراقبون أن الطبيبات، وربما غيرهن من النساء ذوات المناصب الرفيعة، يتعرضن لضغوط هائلة في بيئة العمل. هذه الضغوط غالبًا ما تهدف إلى إجبارهن على التغاضي عن ممارسات فاسدة. ما يميز الطبيبات هو التزامهن الصارم بأخلاقيات المهنة (Code of Ethics)، وهو ما يجعلهن حساسات جدًا تجاه أي تجاوزات. فبينما يؤدي الكثيرون قسم المهنة بشكل روتيني، تأخذ هؤلاء الطبيبات هذا القسم بجدية مطلقة، ويلتزمن به مهما كانت التحديات، سواء كانت بالإغراء أو الترهيب.

يُقال “وراء كل عظيم امرأة”، لكن الحقيقة الأعمق هي أن “وراء كل نزيه امرأة شريفة”. فالشرف لا يتجزأ، وقلما تجد امرأة عفيفة في سلوكها الشخصي تخون أمانة عملها. تاريخيًا، لعبت المرأة دورًا جوهريًا في الحفاظ على الأخلاق ودفع الرجال لتحري الرزق الحلال، كما كانت الصحابيات يذكرن أزواجهن: “اتقوا الله فينا، ولا تطعمونا الحرام”. إن التقدم الأخلاقي للمجتمعات دائمًا ما تقوده النساء، وهو ما تؤكده شخصيات تاريخية عظيمة مثل مريم بنت عمران، وآسيا زوجة فرعون، وعائشة أم المؤمنين، التي كانت من أعلم الصحابة.

إن شعور الطبيبات العالي بالمسؤولية يدفعهن لاتخاذ قرارات جذرية، مثل الاستقالة، كنوع من الاحتجاج الصامت على ممارسات لا تتوافق مع ضمائرهن. لاحظنا أن هناك الكثير من الطبيبات يشاركن في مبادرات خيرية لتوفير الأدوية للمحتاجين، لأنهن يدركن أن وصفاتهن الطبية لا جدوى منها إذا لم يتمكن المرضى من شراء الدواء.

إذا بحثت عن كلمة “استقالة” في محركات البحث، ستجد أن الغالبية العظمى ممن يتقدمون بها هم من الأطباء، وفي مقدمتهم الطبيبات. هذا النمط يشير إلى أن الاستقالة غالبًا ما تكون نتيجة رفض الفساد، حتى لو كانت الأسباب المعلنة شخصية. هذا يدعو للتساؤل: هل يمكن أن تكون استقالات الأطباء، خاصة الطبيبات، دليلًا على وجود فساد مستشرٍ في القطاع الصحي؟

يعود هذا الالتزام الأخلاقي الصارم إلى قسم أبقراط، الذي يُلقبه الكثيرون بـ “أبو الطب”. هذا القسم، الذي يُقسمه الأطباء على المصحف، ليس مجرد كلمات، بل هو ميثاق يلتزمن به بشكل يومي. إنه يذكرهن بمسؤولياتهن تجاه حياة الإنسان، وأن يكنّ “من وسائل رحمة الله”، وأن يخدمن المريض بغض النظر عن هويته. هذا القسم الصارم يشكل بوصلة أخلاقية لا يمكن للطبيبة أن تحيد عنها، مما يجعلها في مواجهة مباشرة مع أي ممارسة فاسدة تتعارض مع شرف المهنة.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..