حول ضرورة بناء مركز سياسي داخل الوطن

كبسولة اليوم
مجدي عبد القيوم(كنب)
ظلت القوي السياسية وطوال حقب الانظمة الدكتاتورية ترفض أن تتحول الي أحزاب منافي وان ادي ذلك إلي انتهاج تاكتيكات العمل السري في أغلب فترات تلك الأنظمة ودابت علي المزاوجة بين ممارسة النشاط السياسي من خارج البلاد وداخلها وفي ذات الوقت استغلال أي انفراجة في المناخ السياسي للظهور للعلن ومن ثم توسيع هامش الحريات المتاح.
حتي في عشرية الانقاذ الأولي بكل ضراوتها وما لازمها من تضييق علي الحريات وما اتسمت به من عسف وتنكيل لم تركن القوي السياسية إلي ممارسة عملها خارج البلاد بشكل كلي بل زاوجت بين العمل السري في الداخل والعلني في الخارج حتي في الفترة التي حملت فيها القوي السياسية السلاح في وجه النظام المباد في تجربة التجمع الوطني إلا أن غيرت اتفاقية نيفاشا المشهد السياسي وفتحت الباب أمام القوي السياسية ومكنتها من توسيع هامش الحريات.
بعد الحرب التي انطلقت شرارتها في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ وما سببته من نزوح جماعي شمل جل قيادات القوي السياسية سادت المشهد السياسي الداخلي حالة من الخمول وغياب العمل السياسي علي الصعيدين الدأخلي وبالضرورة الجماهيري وأصبح ثقل عمل القوي السياسية خارج البلاد وبالتالي سيطرت حالة من الركود داخليا.
صحيح أن الحرب وما تلقيه من ظلال وتداعيات معطي أساسي في صناعة هذا الواقع ولكنه ليس مبررا لهذا الغياب
معلوم أن ممارسة العمل السياسي من المنفي له سلبياته الكثيرة واهمها أن يرهن ارادة القوي السياسية للدول التي تستضيفها ويجعلها عرضة لتذبذبات مواقف هذه الدول تبعا لتجاذبات مواقفها من المشهد السياسي السوداني ويعرض القوي السياسية للابتزاز وربما أكثر من ذلك
مؤكد أن هناك تحركات هنا وهناك في الإطار لكنها تظل معزولة ولا اثر لها في تشكيل المشهد.
في التقدير أن المطلوب الآن من القوي السياسية العمل علي بناء مركز سياسي داخل البلاد لاستنهاض الجماهير واستكمال تحقيق أهداف ثورة ديسمبر في الانتقال للدولة المدنية.
كما أسلفنا صحيح أن الحرب التي لا زالت رحاها تدور لا يمكن القفز فوقها كمعطي لكن التعاطي مع الحرب نفسها ايا كانت المنصة التي تنطلق منها القوي السياسية يستوجب عمل سياسي منظم غير معزول حتي عن القواعد بكل تباينات المواقف من الحرب نفسها.
معلوم أنه ليس هناك موقف موحد من الحرب داخل كل الأحزاب بلا استثناء فثمة تياران بين صفوف كل حزب لكن المؤكد أن الكل متفقون من حيث المبدأ أن الحرب ينبغي أن تضع اوزارها.
المطلوب العاجل الآن أن تتضافر جهود كل القوي الوطنية لبناء مركز سياسي داخل البلاد اليوم وقبل الغد.