المرأة السودانية… شموخ لا ينحني

دكتور الوليد آدم مادبو
حين نزل قوله تعالى: *﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ*﴾، لم يكن تثبيتًا لدونية المرأة، بل ثورة على مجتمعٍ لم يمنحها شيئًا، بل جعلها إرثًا يُورّث مع المتاع. كان الحدّ الذي فرضه النص حدًّا أدنى، ليُنتزع لها موضعٌ على مائدة العدل، وليترك للزمان والمجتمعات مجالًا لأن ترفع الحد إلى أقصى المساواة، أو حتى إلى الإنصاف الذي يمنح كل إنسان ما يستحقه بحسب عطائه وقدرته.
*واليوم، من ينظر حوله يرى أن النساء هنّ من يرفعن أثقال الحياة*: معلمات، طبيبات، مهندسات، مستثمرات، عاملات، طاهيات، ستات بيوت، وفلاحات يزرعن أكثرية الأرض، ولا يملكن منها سوى النذر اليسير. بينما يلهو كثير من الرجال في المقاهي وعلى الأرصفة، فيما يتذرع آخرون بالمناسبات الدينية أو بالعادات الاجتماعية تهربًا من مسؤولياتهم الحياتية، في حين أن الدين جعل القوامة مسؤولية لا وسيلة استبداد، والعادات الأصيلة طالبت الرجل بأن يكون سندًا لا عبئًا.
*والأدهى أن الحرب، بدل أن توقظ النخوة فينا وتستنهض المسؤولية، أنعشت الفوضوية، الاتكالية، والجبن عن مواجهة الذات*. تحولت الأزمة إلى مفرّ من الواجب، لا محرّكًا للتغيير. ومن توهمت أن الرقة المفرطة، والكلام الطيب، تنفع، فإنها لا تشفع إلا عند القلة من الرجال الذين يملكون ضميرًا حيًا وحسًّا مرهفًا. أما السواد الأعظم فيجب أن يُواجَه بصرامة، وأن يُستدعى إلى مسؤوليته بلا هوادة، أخاً كان أو زوجًا أو إبنًا مدللًا تخشى الام أن تجرح شعوره لمجرد نصحها إياه بالسعي لإيجاد وظيفة يعول بها أسرته عِوض عن الاعتماد على الآخرين.
هذا لا يعني أن النساء جميعًا يظهرن في أبهى صورة؛ ففيهن من تتعثر كأم أو تخفق كزوجة، كما في أي مجتمع. *لكن ما لا يختلف عليه اثنان هو أن الرجل السوداني، حين يستجمع قوته ويصون مظهره وقيمه، يصبح عماد البيت وحامي سكينته*. ولئن أثقلته هموم الحياة وأرهقته المعارك اليومية، فإن أعظم ما يقدّمه لنفسه ولأسرته هو أن يواجه المرأة كشريك لا كخصم في بناء الغد المشرق. فالقوة الحقيقية لا تُقاس بالجدال ولا بالمغالبة، بل بالقدرة على احتضان العزيمة الصادقة، والعمل جنبًا إلى جنب مع من يقاسمه الهمّ والأمل.
وإذا أردت أن تقرأ ملامح أي مجتمع، فانظر إلى قمّته وقاعه معًا: فجل النخب عندنا لا تتابع الإنتاج العلمي أو الفكري، ولا تشارك بالقدر الكافي في الأنشطة السياسية أو الثقافية أو الرياضية، بل تكتفي بمتابعة الواتساب، فتغيب عنها الرؤية التنموية والهمّة الوطنية المطلوبة. أمّا العامة، فقد شغلتهم هموم العيش أو انساقوا وراء عادات لا تخدم الفرد ولا الجماعة في هذا الظرف الدقيق. وبين هذين الطرفين، كانت الطبقة الوسطى — التي طالما مثّلت عصب الأخلاق والاستقرار — تتراجع بفعل الأزمات، لتكشف الحرب عن كثير من مواطن ضعفنا الأخلاقي والاجتماعي دفعة واحدة، وتدعونا إلى مراجعة جادّة للمسار.
ورغم ذلك، تبقى المرأة السودانية — في الحرب والسلم — صامدة كالطود، تعجن الخبز من رماد الأمل، وتغزل من أشواك الواقع خيوط الغد، تحمل على كتفها أمة كاملة، بينما يقف أكثر رجالها متفرجين. إن الإنصاف الذي بدأه الوحي لا يزال ينتظر أن نكمله نحن، لنرفع المرأة إلى مقامها الحق، لا كمستحقة للنصف، بل كركيزة كاملة للحياة.
إن مجتمعًا يتكئ على نصفه الأضعف في الظاهر — الأقوى في الجوهر — هو مجتمع يحفر قبره بيده. *والمرأة السودانية اليوم لا تحتاج إلى خطابات مجاملة، بل إلى نظام اجتماعي وقانوني واقتصادي يعترف بعملها كركيزة للوجود*، ويعاملها بما يليق بشموخها، لا بما يريح تواكل غيرها عليها.
ختامًا، من لوازم النهوض من أي أزمة — حربًا كانت أو غيرها من النائبات — أن يكون للشريك، رجلًا كان أو امرأة، *رصيدٌ معنويّ* يتكئ عليه إذا اضطربت الأرض من تحته. فنحن لا نزعم أن أحدًا منّا يمكن أن يكون في مأمن من الخسارة أو الفشل؛ قد نخسر تجارة أو نفقد وظيفة، لكن يوم يقع ذلك لا بد أن نتحلى بيقينٍ وشجاعةٍ توجّهنا إلى السعي الجاد، وتمنحنا قوةً لإنصاف الآخرين قبل مطالبتنا إياهم بالتجاوب. إذ أن *ابتذال مفهوم التكافل يُعَرِّض مجتمعاتنا إلى الهلاك الذي لا يعقبه فلاح* كما يهِد القيمة المحورية التي بنيت عليها حضارتنا الإنسانية.
لقد آن لنا أن نفهم أن نص الوحي لم يكن جدارًا نرتكن إليه، بل سلّمًا نصعد به، وأن مكان المرأة ليس في هامش التاريخ، بل في قلبه، حيث تُكتب السطور الأولى لأي نهضة ممكنة.
عن أي مرأة تتحدث يا دكتور ، ،؟.
هل تتحدث عن المرأة في بلاد النيلين ،ارض الحضارات؟؟ ام تتحدث عن ام قرون ،وحكامات العطاوة،؟, الذين الهموا الجنجويد بشعرهم الحماسي ليسرقوا ويغتصبوا ,ويقتلوا عدوهم التاريخي في ( دار صباح) او الشريط النيلي كما تصفهم يا دكتور مادبو.
.. المرأة في بلاد النيلين همها الأول هو تربية ابنائها، وترسخ في اذهانهم في عمر مبكر، ان طريق العلم والمعرفه، والرزق الحلال هو الطريق الصحيح الذي اوصي به ديننا الحنيف، والعكس تماما في ديار ( الاشاوس) الذين يحتفون باللصوصيه والاغتصاب والقتل..
اللص، القاتل في ديار ( الاشاوس) يحتفي به، يلهم الحكامات شعرا ،وام قرون رقصا !!…
..اتمني ان توجه خطابك هذا للنظار والعمد في ديار العطاوة، لكي ينصحوا النساء في مجتمعاتهم الممعنه في البداوة بتربية ابنائهم وبناتهم, التربيه الصحيحة, لكي يدركوا مبكرا، ان نهج السرقه والاغتصاب والقتل سيؤدي بهم الي التهلكة ، ويموتوا علي سوء الخاتمة،كما حاق بهم في حرب طي الخرطوم..
وكما يقول المثل يا دكتور الوليد، يا واعظ الناس،عظ نفسك و اهلك…