
أحتفي بهذا المصنف البديع، فهو إضافة حقيقية للمكتبة السودانية التي تعنى بالشأن الإفريقي، ذلك الشأن الذي نحن جزء حيّ منه تاريخًا وثقافةً وهوية. ولعل ما يزيد من فرحتي وفرحة المثقفين في السودان وفي إفريقيا عامة، أن هذا الكتاب جاء باللغة الإنجليزية، بما يجعله نافذة واسعة على العالم، وصوتًا إفريقيًا قويًا يخاطب الآخر بلغته، مقدّمًا حضارتنا في أبهى صورها.
صوت منسي يعود للحياة
كتاب حضارة الهوسا: حماة التراث الإفريقي الغربي وريادة المنح الدراسية الإسلامية ليس مجرد بحث أكاديمي، بل هو فعل مقاومة ثقافية. لقد طالما حُبست إفريقيا في الصور النمطية الضيقة: القارة التي عانت الاستعمار، أو التي تُختزل في الفقر والمجاعات. لكن هذا العمل يفتح نافذة على وجه آخر، وجه حضاري كان يضيء قبل قرون، حين كانت مدن الهوسا تضج بالعلم والتجارة والعمارة، وتنافس كبريات مدن العالم.
لماذا يهمنا نحن الأفارقة اليوم؟
الهوسا ليسوا مجرد جماعة إثنية، بل نموذج حي لمعنى الوحدة الثقافية والهوية الجامعة.
أكثر من ثمانين مليون شخص يتحدثون لغة واحدة، لغة صارت وعاءً للمعرفة والدين والتجارة.
مدن الهوسا لعبت دور الجسر بين شمال القارة وجنوبها، بين الإسلام والموروثات الإفريقية القديمة.
تجربتهم تقدم درساً في الصمود أمام الاستعمار، وفي الحفاظ على الهوية رغم ضغوط الخارج.
هذه ليست حكاية “شعب بعيد”، بل جزء من قصة كل مثقف إفريقي يسعى لفهم جذوره، ومن ثم بناء حاضره.
الكتاب كمنهج ومرآة
الكاتب جمع بين الدقة العلمية والسرد الأدبي، فكان النص رحلة ممتعة بقدر ما هو دراسة رصينة. بين الأساطير المؤسسة (قصة بايجدّا والأفعى)، والملكات المحاربات، والفرسان الذين نشروا الهيبة في السهول، يجد القارئ نفسه أمام لوحة بانورامية ترسم هوية أمة كاملة.
إنه ليس كتاباً “عن الماضي” وحسب، بل دعوة للتفكير في كيفية إعادة صياغة الحاضر بوعي تاريخي.
رسالة إلى المثقفين الأفارقة
أيها المثقفون، إن قراءة هذا الكتاب ليست ترفاً معرفياً، بل مسؤولية ثقافية. فنحن، في زمن العولمة، بحاجة إلى إعادة اكتشاف الذات لا لكي ننغلق على أنفسنا، بل لكي نكون شركاء في إنتاج حضارة إنسانية عادلة ومتوازنة.
الهوسا، كما يظهرون في هذا العمل، ليسوا مجرد مادة للذاكرة، بل نموذج لكيفية أن تصنع الشعوب هويتها، وتحافظ عليها، وتبثها في أجيالها المقبلة.
كلمة ختامية
إن حضارة الهوسا كتاب يتجاوز حدود البحث الأكاديمي إلى أن يكون بياناً ثقافياً، ورسالة موجهة لكل إفريقي حرّ يريد أن يستعيد صوته.
قراءته ليست مجرد رحلة في التاريخ، بل عودة إلى الذات، وتأكيد أن إفريقيا لم تكن يوماً فراغاً ينتظر من يملأه، بل كانت وما زالت قلباً نابضاً بالحضارات.
فلنقرأه، لا كمجرد صفحات، بل كخطوة نحو مشروع أكبر: مشروع استعادة مكانة إفريقيا في السرد الحضاري الإنساني.
الهوسا احدى أكبر الاثنيات فى القارة الافريقية وربما تفوقها عددا مجموعة الفولانى.. وتنتشر الهوسا فى غرب افريقيا ولها امتدادات فى شرقى القارة فى السودان واثيوبيا وتعود هجراتها الى فترة ما بعد دحول الاسلام للقارة فى أزمان غابرة.. تتركزمجموعات الهوسا اليوم فى وسط القارة خاصة فى نيجيريا..الكاميرون..تشاد .النيجر..غانا… وتتحدث كلها لغة واحدة وهى مكتوبة بالارف اللاتينية.. ان اكثر ما يميز الهوسا هو ميلهم للسلام والامان كما انهم يميلون للفكاهة والمرح لغتهم سهلة وكاى لغة اخرى فان لغة الهوسا تحتوى على حكم وعبر مستخلصة من تجاربهم الحياتية وهى تحمل صيغ التانيث والتذكير للافعال والاوصاف كما انها استعارت الكثير من اللغة العربية وربما يكون بتاثير الدين الاسلامى الذى اعتنقوه منذ زمن بعيد… انهم شديدو التدين ويحلمون جميعا كغيرهم من المسلمين فى التوجه الى الاراضى المقدسة للحج أو العمرة ولعل ما يؤسف له ان جماعات من المتطرفين المسلمين اسستغلت هذه النزعة من الهوسا فغرست بذرة سيئة انبتت ما نشاهده اليوم من اعمال اجرامية تقوم بها مجموعات بوكو حرام فى منطقة حوض بحيرة تشاد المشتركة بين الكاميرون وتشاد ونيجيريا والنيجر من اختطاف لتلاميذ المدارس وتدبير واستهداف مقار حكومية… انهم قوم عمليون ينشطون فى اى مجال دخلوه اولو همة عالية عرفهم السودانيون فى اعمال تتطلب قوة وباسا ومع ذلك فالهوسا يؤدونها وهم يرددون اهازيج حماسية بشكل جماعى…شهدت نيجيريا قيام ممالك اسلامية للقوميات الثلاثة وهى الهوسا فى ولايات كانو وكاتسيبنا والنيجر اما مملكة الفولانى فكان مقرها ولاية سوكوتو الحالية ومملكة البرنو فى ولاية بورنو الحالية وعاصمتها مايدوقرى شمال شرق نيجريا… ويشكل الهوسا اليوم اكبر امبراطوريات المال والاعمال ربما على مستوى القارة كامبراطورية دان قوتى