مقالات وآراء

حين تختلط رائحة الفساد برائحة البارود

عبد القادر محمد أحمد/ المحامي

كلما هممت بالكتابة عن الفساد المالي في دولة بورتسودان، أصابني شعور نفسي ثقيل يدفعني إلى التراجع. لكن أينما وجهت بصرَك، تقفز أمامك القصص الصادمة عن المال العام الذي يُهدر، والموارد التي تُنهب، وشبكات التزوير التي تنشط. لم يعد الفساد مجرد ممارسة معزولة، بل صار مشهدًا يوميًا يعكس حجم الأزمة الأخلاقية والمؤسسية التي تعيشها الدولة.

قرأت مقالًا بعنوان “من وزير إلى وكيل وبالعكس” للكاتب د. زهير السراج، يتناول نموذجًا صارخًا للفساد في قطاع النفط، يتزعمه (محيي الدين النعيم) الذي تنقّل بين منصبي الوزير والوكيل، وحوّل الوزارة إلى إقطاعية للمحاسيب. فقد عيّن (هشام تاج السر) ، صاحب الباخرة الخردة التي أهدرت 800 ألف دولار، مديرًا لثلاث شركات بمخصصات باهظة، كما أعاد موظفين مفصولين لعدم الكفاءة إلى مواقع قيادية ومنحهم امتيازات ضخمة، (محمد عوض الخير) و(محمد عثمان عبد السيد) ، وكانت النتيجة كارثة انفجار خط أنابيب جنوب السودان، بخسارة بلغت 175 مليون دولار. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أطاح بالمهندسة منيرة محمود لأنها رفضت قصف مصفاة الجيلي، وجاء بالبديل فتم القصف، وتحولت منشأة بقيمة 6 مليارات دولار إلى ركام.

كما قرأت ما أوردته الصحفية رشا أوشي عن فساد في جمارك مطار بورتسودان أدى إلى فقدان الدولة أموالًا ضخمة من عائدات الجمارك، تقوم به شبكة تزوير يتزعمها وسيط جمركي سمته باسمه. ورغم ثبوت ذلك أمام لجنة تقصي الحقائق، لم يتم اتخاذ أي إجراء قانوني.

وهناك ما كشفته شبكة الطابية عن قضية فساد ضخمة داخل هيئة الجمارك السودانية، تتعلق بتجاوزات شركة M.S.T Trading CO. LTD، تُقدّر قيمتها بأكثر من 10 تريليونات جنيه سوداني. مراجعة أولية لـ 15 شهادة من أصل 55 أظهرت فروقات في التحصيل بنحو 2.5 تريليون جنيه، بينما اختفت 45 شهادة يُرجّح أن تجاوزاتها تبلغ 7 تريليونات. الفضيحة تدور حول ارتباط الشركة بقيادات عليا، ومحاولات للتغطية عبر نفوذ سياسي.

إن أكثر ما يحزن في هذه القصص، قصة رئيس الوزراء الذي تغاضينا عن تعيينه غير الشرعي على أمل أن يكون نصيرًا للمواطن وخصيمًا للفساد. فإذا به يتحول إلى رجل يجعل من المنصب الرفيع مدعاة للشفقة والتعجب أينما حلّ ووقتما صرّح. ليت الدكتور كامل إدريس يقدّم استقالته ويعود من حيث أتى رحمة بنفسه وبالمنصب الرفيع.

تعليق واحد

  1. ماف مسؤول سوداني ون الغفير الي الوزير ومن الرئيس الي السفير قدمت استقالته غير حمدوك ماف كلهم الا يقلعوهم قلع الدولة دي طايحة فيها عين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..