احتضار!!

أطياف
صباح محمد الحسن
طيف أول: محاولات جعل الأمور أقل أهمية في ذهنٍ تائه، أفضل من التفكير في كيفية مقاومتها!!
ومن قبل القرارات الأخيرة لقائد الجيش،
عانى تنظيم الإخوان المسلمين وحزبه المؤتمر الوطني من حالة تشرذم وانقسامات داخلية أضرّت به سياسيًا، وأصبح فاقدًا للرؤية السياسية. حتى أنه، وبعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، والذي منح الحزب فرصة على طبق من غدر، عندما قطع البرهان الطريق أمام عملية التحول الديمقراطي بالانقلاب على الحكومة المدنية واعتقال قياداتها وقتل ثوارها في الشارع، لو اهتم الحزب المحلول بفكرته وطرحه السياسي، واستغل الفرصة السياسية، وأعدّ نفسه للانتخابات. لما قُتل الآلاف من الشعب السوداني، ولما دُمّرت البلاد. لكنه كان مشحونًا بالغبينة والحقد على الثورة والقوى المدنية، فتحولت الخطط السياسية إلى مؤامرات، وانشغل عبر الإعلام بضرب المدنيين وثورتهم، وأهمل التنظيم والحزب برنامجها السياسي.
فالغبن هيّأ المسرح للخلافات، ليس بينه وخصومه فحسب، بل بينه وبين قياداته.
وتحوّل التنظيم إلى تيارات وجماعات تعمل ضد بعضها، وانعكس ذلك على الميدان، فأصبحت القوات الأمنية تخوض الحرب متفرقة، كل مجموعة تنتمي لقائد بعينه، ولم يجتمعوا تحت راية واحدة، رغم أنهم يتحدثون عن عدو واحد. وهذا سببه الجشع والطمع في السلطة والثروة، حيث كان كل قائد بقواته يظن أنه المنتصر وسيكون له نصيب الأسد في الحكم. لذلك، في هذه الحرب، قتل الإسلاميون بعضهم البعض داخل المعارك.
فاغتيال جمال زمقان لم يكن الحادثة الأولى ولا الأخيرة التي تعكس الخلافات التنظيمية. فالتنظيم قتل نفسه بنفسه وهدم إمبراطوريته بالمؤامرات والدسائس. ولهذا تحدثنا عن أنه أضعف من أن يهزم فكرة اوخطة ، ولو حاول مرات، فإنه سيفشل. ليس لأن الأمر واقع، بل لأن التنظيم أشد ما أعاقه الآن هو تجميد أرصدته المالية بالخارج التي جعلته في مرحلة الإحتضار!!
ويعيد التاريخ حبره فمنذ مجيئها دخلت الفلول إلى السياسة بالعنف، والآن بالعنف ستخرج منها!!
فعندما أشعلت الحرب وقتلت ودمّرت، نسي حزبها أدبيات العمل السياسي والتنظيمي، وقطع الخيوط التي تربط بين القيادة وهياكلها التنظيمية، فبدأ يعيش حالة “تقزّم” مستمرة، نقلت الكيان من تنظيم عريض إلى مجموعة ميليشيات لا تملك إلا السلاح، وأصبح لا مكان للفكرة، وغاب الحزب عن سباق البرنامج السياسي. فالذي يريد أن يخاطب خصومه لاحيلة له سوى أن يهددهم من داخل الميدان ويتوعدهم بالقتل.
وهذا يعني تلاشي العقلية السياسية للتنظيم، التي تعرف متى تخوض الحرب ومتى يجب أن تتوقف. ولا يمكن أن يكون ثمة تنظيم سياسي يصل إلى هذا الحد من التهور، يقتل الشعب ويدمر البلاد ليصل إلى الحكم، ثم يواجه نفسه في نهاية المطاف ويقف أمام خيار الانتحار السياسي، لأن الطريق مسدود.
لذلك، تحدثنا في فاتحة المقال أن الحزب تآكل سياسيًا من الداخل قبل الحرب، بدليل أنه أصبح يُدار بعقليات أمنية مغيبة سياسيًا، فاقدة للرؤية التي تجعلها تقرأ المشهد والمستقبل السياسي قبل أن تخوض الحرب وبعد أن تورطت فيها قررت الإستمرار فيها
فحتى السلاح الذي اعتمد عليه الحزب في طريقه الخاطئ للعودة إلى الحُكم كان سلاح الجيش، وأخطأ عندما أنكر أن الحرب حربه، وقال إنها حرب القوات المسلحة. والآن، عندما جاءت القرارات العسكرية ضدهم، رفعوا حاجب الدهشة، فطالما أن الحرب للجيش، فيجب أن يكون قرار السلام قراره.
لذلك، ومنذ اليوم الأول في الحرب، ذكرنا أن تسمية قيادات الجيش والدعم السريع بطرفي النزاع لم تأتِ صدفة، لأن المجتمع الدولي قصد أنه متى ما أراد أن يوقف الحرب، سيكون الحديث مع قيادتي الجيش والدعم السريع فقط وازاحة الاطراف الأخرى .
وغياب الرؤية السياسية للتنظيم تُرجِمت عندما لم يسأل نفسه لماذا سُمّي بالطرف الثالث، وهو الذي يقاتل في صفوف الجيش!! . ففي كل ثنائية عداء أو محبة، الطرف الثالث هو الخاسر!
وهي التسمية التي تؤكد أن التنظيم كان واحدًا من أدوات الخراب التي لن تصلح للتعمير.
وتهالك التنظيم، وكان ذلك واضحًا في مرآة إعلامه. فإن أردت أن تنظر إلى قوة التنظيمات والحكومات، فانظر إلى إعلامها. فالإعلام الكيزاني طيلة الحرب تناسى رسالته الإعلامية في الدفاع عن المبدأ والفكرة، وتحول إلى إعلام حربي يحكي عن الميدان ومعاركه.
هذه المرآة عكست أغوار التنظيم السياسية التي تجلّت للخارج والداخل أنها خاوية!!
طيف أخير:
#لا_للحرب
رئيس الوزراء: نخوض حربًا وجودية فُرضت علينا، والحكومة ترحب بالسلام. أول حديث لكامل إدريس عن السلام منذ تكليفه بالمنصب!
غمضُ العين عن شرّ ضلالٌ *** وغضّ الطرف عن جورٍ غباءُ
الجريدة
والله والله اي كلمه او سطر يخطها يراعك تصيب كبد الحقيقه.