حديث الكتب (١٢)..الفجر الكاذب

حسن عبد الرضي الشيخ
الفجر الكاذب
من أهم كتب الدكتور منصور خالد التي تناولت التجربة السياسية السودانية بالنقد والتحليل. صدر الكتاب في فترة حساسة من تاريخ السودان (ثمانينيات القرن الماضي)، بعد أن خبر الكاتب خفايا الدولة من موقعه في السلطة والمعارضة معًا.
كانت خلاصة الكتاب تشريح النخب السودانية، أذ يصف منصور خالد كيف أهدرت النخب السياسية فرص بناء دولة حديثة منذ الاستقلال، بسبب الصراع على السلطة، والجهل بمقتضيات التعدد الإثني والديني، وانعدام الرؤية الاستراتيجية.
ويرى أن الديمقراطية لم تُعطَ الفرصة الكاملة لترسخ، إذ كانت الأحزاب عاجزة عن تجاوز عقلية الغنائم والمكايدات، مما جعل الانقلابات العسكرية تجد مبررها وتعيد إنتاج الأزمة.
وخصّ الدكتور منصور خالد جماعة الإخوان المسلمين (الجبهة الإسلامية القومية آنذاك)، بنقد شديد، معتبرًا خطابها مشروعًا إقصائيًا قائمًا على الهوس الديني، يرفض التعدد والتنوع، ويستغل الإسلام ستارًا للتمكين السياسي، ووعد لم يتحقق. وكلمة “الفجر الكاذب” تشير إلى الآمال التي رافقت الاستقلال والانقلابات والحكومات المتعاقبة، لكنها سرعان ما خبت، مخلفةً خيبات وانكسارات بدل النهضة.
بعد أكثر من ثلاثة عقود من حكم الإسلاميين في السودان، ثبت عمليًا صدق ما حذّر منه منصور خالد، إذ تم تفكيك الدولة على يد الإخوان المسلمين الذين مزّقوا وحدة السودان حتى انفصل الجنوب، وأشعلوا الحروب في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة. وساهموا في نشر الفساد والانهيار المؤسسي حيث أدّت سياسات التمكين إلى قتل الخدمة المدنية، وإهدار الاقتصاد، وانهيار التعليم والصحة. واغرقوا البلاد في دوامة هوس ديني مدمّر. فأثبت خطاب “المشروع الحضاري” أنه مجرد غطاء للسلطة والنهب، بينما قاد السودان إلى عزلة دولية وحصار خانق.تبرز أهمية إعادة قراءة الكتاب لفهم الجذور، حيث لا يمكن أن نبني مستقبلًا جديدًا دون استيعاب جذور الخراب الذي حدث، والكتاب يقدم خريطة واضحة لفشل النخب، وخاصة تيار الإسلام السياسي. وتساعد قراءة «الفجر الكاذب» الأجيال الجديدة لتفادي تكرار التجارب الفاشلة على وعي بأن شعار الإسلاميين حول “الحكم بما أنزل الله” لم يكن إلا مدخلًا للاستبداد، وأن مستقبل السودان مرهون بالحرية، والمواطنة، والعدالة الاجتماعية.
ولاستشراف الغد لا بد من ادراك أن تجاوز مرحلة الإخوان المسلمين لا يكون فقط بإزاحتهم من السلطة، بل بقطع الطريق على عودتهم في أي صيغة أخرى، عبر بناء وعي جمعي نقدي يستلهم تحذيرات منصور خالد ويدرك أن الدين لله والوطن للجميع.
كتاب «الفجر الكاذب» ليس مجرد شهادة على الماضي، بل هو نص تأسيسي لرؤية نقدية يحتاجها السودان اليوم أكثر من أي وقت مضى.
إعادة قراءته تعني إعادة اكتشاف الطريق إلى فجر صادق، فجر خالٍ من أوهام الهوس الديني ومن أكاذيب الإخوان المسلمين، فجر تُبنى فيه دولة الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.




لعنة الله تغشى أصحاب المشروع الحضاري وعرابهم الترابي 🤲
ان كتاب المرحوم منصور خالد ( الوعد الحق والفجر الكاذب نميرى وتحريف الشريعة) هذا الكتاب هو أعمق ماخطه قلم فى نقد التجربة التى كان يمر بها السودان بين يدى الحركة الاسلاموية السودانية والتى كانت تسعى لتطبيق ما أسموه زورا بالشريعة وهى لم تكن.. والكتاب نتيجة بحث جاد يقدم للقارئ مادة دسمة تؤكد خطل ما ذهب اليه اسلاميو السودان وايقاعهم النميرى فى حبالهم بخديعة الشريعة وهُم يسعون الى السلطة فقط ولعل ما أجمل مافى هذا السفر المقارنات التى عقدها المرحوم منصور للنظم القانونية المتعددة سواء فى السودان وخارجه أو النصوص الشرعية التى اختلف الفقهاء فى تفسيرها فى الحقب المختلفة التى مرت على الدولة الاسلامية منذ عهود الخلافة الاولى.. لم يقف المنصور عند ذلك بل تناول حتى صياغة تلك القوانين والتى وصفها بالركاكة والسطحية مبينا ان القران الكريم أهتم بالحياء فقد كان الرسول الكريم حييا وفى احسن تقويم رحيما بصحابته بينما من أسماهم بالانبياء الكذبة موغلون فى التقعر والاسفاف.. أما عن الفساد فكانت صرخة الكاتب داوية قوية الأصداء