مقالات وآراء

إلى من يزعمون أن الحزب الشيوعي معزول عن محيطيه الجماهيري و السياسي

طه جعفر الخليفة

الحزب الشيوعي السوداني فاعل وسط جماهيره و عمله السياسي مفعم بالمبادرات المهمة. يمارس الحزب الشيوعي السوداني عمله بالداخل عبر مبادرات جسورة يقوم بها عضواته و أعضاءه برغم ظروف الحرب و ما يترتب عليها من تضييق علي عمل الحزب الجماهيري بحسب حالة الطواريء المعلنة من طرفي الحرب في أماكن سيطرتهما. و الشواهد علي ذلك كثيرة و لا نحتاج للإشارة عليها. ظروف التعتيم الإعلامي و حالة الإرهاب و القمع للصحفيين تقف مانعا أمام قدرة السودانيين مهاجر لمتابعة نشاط الحزب . ربما لا يعلم الكثيرون أن للحزب الشيوعي السوداني نشرة جماهيرية يومية تبث عبر قناته في الواتساب و متاحة في مواقعه في السوشيال ميديا و ربما لا يعلم الكثيرون أن صحيفة الميدان لم تتوقف عن التشر رغم المعوقات الناجمة عن ظروف الحرب و النزوح و اللجوء و غيرها من ويلات الحرب.

أما في الخارج ففروع الحزب فاعلة في العمل السياسي الهادف لمحاصرة طرفي الحرب عبر ما تتيحه المهاجر من فرص للعمل الجماهيري المعروف علي الجبهات كلها بين السودانيين و المنظمات الصديقة و نسهم مع غيرنا من القوي السيلسية في مخاطبة المنظمات الدولية المعنية و كذلك البرلمانيين. حزب بهذا النشاط لا يمكن أن نصفه بالعزلة عن محيطه الجماهيري إلا لحاجات في نفس يعقوب.

تعمل قيادة الحزب في الداخل و في الخارج في ظروف معقدة معلومة لدي الجميع إلا أؤلئك الذين لا تهدأ لهم ثائرة عندما يتعلق الأمر بنقد و تجريح الحزب الشيوعي السوداني.

أما من يقولون بأن الحزب منعزل عن محيطه السياسي و أقصد العلاقات التحالفية مع الأحزاب السياسية السودانية فعليهم أولا الإطلاع علي منشوراته و بياناته حول العلاقة مع هذه التحالفات. لقد إنسحب الحزب الشيوعي من تحالف الحرية و التغيير لأسباب محددة و معلنة و تم تبليغ أعضاء التحالف بها و تم نشرها لعموم بنات و أبناء شعبنا و ليس في معرض مراجعة هذه المنشورات. و اتصالات الحزب مع تقدم و صمود معلومة و منشورة للعلن.

لقد أطلقت مجموعة من المشفقين من دبلوماسيي و منظمات المجتمع الغربي بقيادة الدبلوماسي الأمريكي برينستون ليمان، مبادرة الهبوط الناعمو ليمان هو صاحب المشروع في عام 2014م بعد حالات القمع المروعة التي هزت ضمير الإنسانية التي نفذتها كتائب الكيزان و الدعم السريع ضد بنات و ابناء الشعب السوداني خلال هبة سبتمبر 2013م . ذلك القمع البدائي و المتخلف للمتظاهرين أوصل للعالم رسالة مفادها أن الإسلاميين متمسكون بالسلطة لدرجة أنهم لا يستحون من قتل طلاب المدارس و إلقاء جثثهم في مجاري مياه الأمطار. للعلم تم طرح مشروع الهبوط الناعم أولا لعمر البشير و من بعد للقوي السياسية . وجوهر المشروع هو
• Concept:
The “soft landing approach” aimed for a controlled transition where the opposition would abandon calls for regime overthrow in exchange for sharing power.
(search, n.d.)
و لمن يعرفون التعامل مع محرك البحث في قوقل ليس عليهم إلا كتابة
Sudan soft landing project when started

وافق عمر البشير علي مشروع الهبوط الناعم. هنالك أقسام كبيرة من القوي السياسية أقتنعت بالمشروع الرامي إلي عدم المطالبة بإسقاط النظام و مشاركته السلطة و هنالك عدد من الناشطين و وجهاء منظمات المجتمع المدني من أنفار المنظمات الأجنبية الذين يستلمون تمويلا محددا من المانحين لمكافحة خفاض البنات مثلا و لكنهم في بلادنا يصيرون سياسيين و يحلون و يربطون لأن البلد ببساطة هاملة و متعلمها أجهل من أمييها.

عندما هتفت الجماهير تسقط بس ! كانت تقصد نحر مشروع الهبوط الناعم في الشارع. لكن كما عرفنا و تابعنا إتجهت مجموعات النطيحة و المتردية و الموقوذة و ما أكل السبع في تحالف قوي الحرية التغيير إلي الشراكة التي تكلم عنها ليمان في 2014م . و لقد وصف السيد حمدوك هذه الشراكة الليمانية بالشراكة الذكية . بذلك يكون الرابط بين مشروع الهبوط الناعم الذي شبع موتا و تحالف قوي الحرية التغيير و من ثم تقدم و من ثم صمود هو حكاية التسوية و الشراكة مع الدعم السربع و الجيش و هي ليست إلا واجهات الحركة الإسلامية المسلحة.

صار هذا تاريخ كالح علينا تركه في الماضي و النظر للمستقبل دون أمراض هبوط ناعم أو إملاءلات من دول الجوار و الدول الطامعة في مقدرات السودان من ثروات معدنية و غابية و زراعية و رعوية . خاصة أولئك الطامعون في الشواطيء و أرض و سماء السودان.

طرح الحزب الشيوعي مبادرته من أجل تحالف قاعدي ( مفتوح لعضوية الأحزاب السياسية السودانية و المتطوعين و عناصر لجان المقامة) تحالف عريض ( يشمل القوي السياسية و المهنيين و النقابيين و مجموعات رجال الأعمال الوطنيين) لوقف الحرب و إستعادة مسار الثورة. لم تبارح هذه المبادرة ليس لعيب فيها و لكن لأنها جاءت من الحزب الشيوعي الذي عملت أقلام جهولة علي تضليل الجماهير عن حقيقة أهدافه السياسية و عملت علي عزله و لكن هيهات. دور هذ الأقلام يجب تسليط الضوء عليه في حدود الأسطر أعلاه.

المبادرة تم طرحها للشعب السوداني قاطبة نساء و رجال و لقد رحب الحزب الشيوعي بأي دعوة لمناقشتها. هذه المبادرة هي المخرج الوحيد من الأزمة الوطنية الطاحنة التي نعيشها كما نري.

لماذا لم تصادف المبادرة هويً عند الاحزاب الإتحادية و عند أحزاب الأمة المتعددة . للإجابة علي هذا السؤال علينا الرجزع للماضي فقط للفهم. مشروع الهبوط الناعم عندما تم طرحه كان مطلوبا من القوي السياسية التوقف عن المطالبة بسقوط النظام و صحب ذلك عمل مخابراتي بالترغيب و الترغيب و أحيانا الترهيب، عمل ضخم استهدف النطيحة و المتردية و الموقوذة و ما أكل السبع في القوي السياسية و الناشطين و النقابيين و المهنيين الذين كانوا في تحالف قوي الحرية و التغيير قاد هذا العمل المخابراتي المشهود القوي السياسية و الناشطين إلي محرقة الإستقطاب التي دمرت وحدتها
الناظر اليوم لواقع القوي الإتحادية المتشظية و قوي حزب الأمة المنقسمة علي نفسها لا يصيبه غير الألم و الشفقة. السبب في هذه الإنقسامات هو حالة الإستقطاب الحادة التي تسبب فيها مشروع الهبوط الناعم و ماتبعه من شراكة حمدوكية مع الجيش ( الكيزاني) من جهة و الدعم السريع صنيعة الحركة الإسلامية الذي شب عن طوق قيادها له . و المقصود شراكة الفترة الإنتقالية التي رفضها الشارع السوداني.
فعل هذا الإستقطاب الحاد فعلته في حزب المؤتمر السوداني فانقسم أيضا و معلوم لدينا أثر هذا الإستقطاب في تحالفي تقدم و صمود.

إستمساك الحزب الشيوعي السوداني بشعارات الثورة الرافضة للشراكة مع العسكر و الشعارات التي تطالب بمحاسبة نظام الإنقاذ و استرداد ما نهبته عناصره من عضوية الحركة الإسلامية غيرهم من الإنتهازيين من الثروات السودانية. المحاسبة المطلوبة لا تشبه محاكم حمدوك و لا إستهتار فيصل محمد صالح . شعارات تطالب بإتباع شركات اللصوص في الجيش و الدعم السريع و الشرطة و الأمن و المخابرات لولاية وزارة المالية . بناء جيش قومي بعد تطبيق بروتوكولات الدي دي آر. حل جهاز الأمن و مصادرة أصوله و محاسبة عناصره الضالعة في جرائم التعذيب و بقية الإننتهاكات. هذه الشعارات سعت قوي التسوية و الإنكسار لإفراغها من محتواها و مكافأة عناصر النظام المباد علي جرائمهم بالإفلات من العقاب لا محاسبتهم.

المنقسمة علي نفسها و المتصدعة هي تقدم و صمود . المنقسمة علي نفسها هي القوي السياسية . هذا الواقع الهش و المشتت فتح الطريق أما المجهولين من عناصر المنظمات الأجنبية وما يسمي برجالات الإدارة الأهلية و الطرق الصوفية الوهمية الموجودة في صمود الآن. فلنقل لهؤلاء شكرا جزيلا و عليكم أن تتنحوا الآن ببساطة لأنكم لا تمثلون إلا انفسكم و لا توجد قوي إجتماعية تتكلمون بصوتها.

تحديات إيقاف الحرب و إستعادة مسار الثورة السودانية لا تتطلب وجود مثل هذه التكوينات الهشة و المضعضعة و المفتقرة للسند الشعبي. بل تتطلب تنظيما و دقة و في بنية القوي المكونة للجبهة العريضة و القاعدية لوقف الحرب و استرداد الثورة.

معلوم لدي الجميع ما قال به كارل ماركس و إنجلز من ضرورة التنظيم الطبقة العاملة ثم وحدتها. بتعميم هذا المفهوم علي حالة القوي السياسية و المدنية المطلوب أولا هو التنظيم بمعني توحيد أحزاب الأمة و الإتحادي و حزب المؤتمر السوداني و القوي المهنية و النقابية و فكاكا كاملاً مما يسمي بمنظمات المجتمع المدني لأن هذه المنظمات بلا دور سياسي فهم ممولة لتنجز خطط و اهداف محددة فلماذا هم في قيادة تحالفات سياسية . الأمر الثاني لا مكان لحركات مسلحة هنا إلا بعض إلقاء السلاح و التحول لقوي مدنية . أما ما يعرف بالإدارات الأهلية و رجالات الطرق الصوفية فلا مكان لهم هنا أقصد في التحالفات السياسية.

بعد ترتب القوي المدنية نفسها بما فيهم الحزب الشيوعي السوداني يمكن للناس الجلوس و الإتفاق حول برنامج حد أدني لوقف الحرب و بناء السلام و من ثم إستكمال مسار ثورة ديسمبر المجيدة. و من لا يريد الإلتزام الكامل بشعارات ثورة ديسمبر المجيدة لا مكان له بيننا.

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. تحليلك للهبوط الناعم مجرد أوهام، والواقع أن مشروع الهبوط الناعم لم يكن خيانة كما تحاول تصويره، بل جاء بمبادرة من قوى نداء السودان فى اجتماعاتها مع الجبهة الثورية فى باريس، وكان الغرض هو التخلى عن وهم إسقاط النظام بالقوة العسكرية. قالها كبارهم وقتها بوضوح: من يسقط النظام بالبندقية سيحكم السودان بالبندقية. إذن، لم يكن فى قاموس الهبوط الناعم تقاسم السلطة مع الكيزان، وهذه فرية وتدليس منك يا طه.

    لكن، لو جينا للواقع، فالأحزاب الفتات من (الأمة والاتحادى) هى التى شاركت النظام فى كل مراحله، ولم تكن جزءاً من مشروع الهبوط الناعم، بل مجرد عربات خلفية فى قطار الإنقاذ، يبدلها النظام وقت الحاجة، تماماً كما فعل بالحزب الشيوعى. فهل ننسى مشاركتهم الكاملة الدسم فى برلمان نيفاشا؟! ثم يختبئون خلف لافتات “اتفاقية دولية” و”حصة التجمع” وكأنها غطاء يبرر سقوطهم فى وحل المشاركة.

    أما ثالثة الأثافي، فهى ما يخص موضوع الطاقة الشمسية الذى اختزلته “العبقرية” رشا عوض فى عبارتها الشهيرة الساخرة: جذرية وطاقة شمسية، لتكشف المستوى المتهافت المتناقض للخطاب الشيوعى

    اليوم، الحزب الشيوعى وصل لحالة تماهٍ كامل مع الكيزان والفلول، وأصبح يقف نفس موقفهم، متكئاً على قيادات فاقدة للبوصلة من نوعية ذلك العجوز الأجش، وكمال كرلر، و هنادى الفضل، التى جمعت بين قباحة المظهر ورداءة المخبر. باختصار، الحزب الشيوعى صار مجرد ظل باهت للإسلاميين، يرفع الشعارات الثورية وهو غارق حتى أذنيه فى التواطؤ.

  2. الشيوعي السوداني العائش في كندا منذ ثلاثة عقود وغيره من الشيوعيين الذين هجروا الوطن وحزبهم وتنعموا في أطراف العالم يتكلمون عن الذين يزعمون أن حزبهم معزول جماهيرياً!! كدي أرجعوا بلدكم وفكوا عنه العزلة لو كنتم صادقين

  3. الاستاذ طه جعفر ،، نعم الحزب الشيوعي ليس معزولا ولكنه عزل نفسه عن ضمير الشعب الثائر ، وارتضى ان يكون ظلا باهتا للاسلاميين ، ان فشلتم في السياسة وجهو جهودكم لمحاربة الارهاب الاسلامي وكونو سندا للتنويريين ، وانت ادرى بما اقصد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..