مقالات وآراء

طبيعة الدولة السودانية: هل هي “دولة وطنية”.. أم أنها “بنية كولونيالية؟

عبد الحافظ سعد الطيب

ورقة نقاش في زمن حرب الفوضى

ضرورة فتح  النقاش والحوار حول بدون تشنج
أُنشئت في سياق الاستعمار وظلت أسيرة له؟  بهدوء وبالحقائق: ولامن نقول كمبرادورات هم موظفي الاستعمار وموظفي المال وبيوتاته العالمية

1. الدولة السودانية: هل وطنية أم كولونيالية؟

قبل 1821 (التركية–المصرية): لم تكن هناك “دولة وطنية سودانية” بالمعنى الحديث، بل سلطنة الفونج وسلطنة دارفور وممالك محلية. دخول محمد علي باشا كان بداية تكوين جهاز إداري مركزي حديث لكنه تابع لسلطة خارجية.

المهدية (1885–1898): كانت محاولة تأسيس دولة ذات سيادة، لكنها انهارت سريعًا أمام الغزو البريطاني–المصري.

الاستعمار الثنائي (1898–1956): هنا تشكلت البنية الإدارية الحديثة: العاصمة المركزية، الحدود الدولية، الخدمة المدنية، السكك الحديدية، والجيش. لكن هذه البنية صُممت لخدمة المستعمر وليس المجتمع المحلي.حتي مشروع الجزيرة مصمم لخدمة المستعمر اكبر أصول عقاراتة في لندن شفشفوها الكيزان

إذن: عند الاستقلال 1956، السودان ورث جهاز دولة وطني “بالاسم”، لكنه من الداخل ظل يعمل بعقلية الدولة الكولونيالية (مركزي، قمعي، مسخر لحماية السلطة وليس الشعب).

2. الجيش: وطني أم كولونيالي؟

الجيش السوداني نشأ أصلًا كـ قوة استعمارية: “الجيش المصري” أولًا، ثم “قوة دفاع السودان” في العهد البريطاني. كان هدفه قمع التمردات الداخلية وتأمين المصالح الاستعمارية.

بعد الاستقلال، لم يُعاد تأسيس الجيش على أساس “جيش وطني–شعبي”، بل تم التحايل لبقاء وتأبيد  نفس البنية والعقيدة العسكرية الاستعمارية: حماية المركز والسلطة، لا المجتمع.
لذلك، حتى اليوم، الجيش يُنظر إليه من قِبل البعض كمؤسسة حارسة لوراثة الاستعمار أكثر من كونه جيش وطني جامع.
3. النتيجة
ليس لان الجيش كولونيالي الدولة كولونيالية هو العكس
السودان ليس دولة وطنية مكتملة مثل فرنسا أو مصر، بل أقرب إلى “دولة ما بعد استعمارية” (post-colonial state)، بمعنى أنه أخذ شكل الدولة الحديثة لكن بدون مضمون وطني جامع.

الجيش بدوره مؤسسة كولونيالية في الأصل، ولم يتحول جذريًا إلى جيش وطني، وهذا سبب جوهري في الصراعات والانقلابات.

 الخلاصة:
يمكن أن نقول إن السودان ورث دولة كولونيالية وأطلق عليها “دولة وطنية”، وبالتالي فجيشه أيضًا ورث عقيدة كولونيالية. هو “وطني بالاسم” لكنه “كولونيالي في المضمون” حتى الآن.

مقارنة: الجيش الوطني vs الجيش الكولونيالي

الجيش الوطني الجيش الكولونيالي

النشأة يتأسس بإرادة شعبية/ هو مؤسسة من مؤسساتها في ظل دولة مستقلة لخدمة وحماية  الدستور وحماية الديمقراطية و المجتمع وحماية سيادة الدولة المدنية  واراضيها وحدودها
الجيش الكولونيالي
.يُنشأ بواسطة المستعمر لضبط السكان وحماية المصالح الاستعمارية.العدو هو الداخل (القبائل/المناطق المتمردة).
مستمد شرعيته  من سلطة الحاكم الأجنبي أو النخبة المرتبطة به.حماية مصالح  المستعمر والنخب.

في حالة السودان

النشأة: قوة دفاع السودان (1925) أنشأها الإنجليز لقمع ثورات الجنوب والغرب → كولونيالية.

العقيدة: تُعامل التمردات في الأطراف كـ”عدو داخلي” → كولونيالية.

التركيبة: تجنيد غير متوازن (اعتماد على مناطق/جماعات بعينها) → كولونيالية.

السياسة: تاريخ الانقلابات (1958، 1969، 1989…) → استمرار العقيدة الكولونيالية.

الاقتصاد: الجيش يسيطر على موارد وشركات خارج رقابة الشعب → كولونيالية.

الخلاصة: الجيش السوداني ظل أقرب للجيش الكولونيالي (موروث الاستعمار) منه للجيش الوطني، رغم الخطاب الرسمي الذي يصفه بأنه “وطني”.

أمثلة تاريخية على كولونيالية الجيش السوداني

1. قوة دفاع السودان (1925 – 1956)

أنشأها البريطانيون بعد ثورة 1924، غرضها الأساسي قمع التمردات الداخلية، خصوصًا في الجنوب وجبال النوبة ودارفور.

لم تُنشأ لحماية حدود السودان من عدوان خارجي، بل لضبط الأهالي وإخماد أي مقاومة للاستعمار.

2. قمع الجنوب (1955–1972)

قبل الاستقلال مباشرة اندلع تمرد توريت (1955) نتيجة التمييز ضد الجنوبيين.
الجيش تعامل مع الجنوبيين كـ”عدو داخلي”، وقتل آلاف المدنيين بدل معالجة سياسية.
استمرت الحرب الأهلية الأولى (1955–1972) كنتاج مباشر لعقيدة الجيش الاستعمارية: لا تفاوض، بل قمع.
3. أحداث دارفور (1960ات – 1980ات)

منذ الستينات الجيش استخدم نفس أسلوب المستعمر البريطاني: تسليح مليشيات محلية، وقصف القرى بدل حلول سياسية.
التعامل مع مطالب الهامش دائمًا كان أمني–عسكري، لا وطني–تنموي
4. انقلاب مايو (1969) وانقلاب الإنقاذ (1989)

الجيش لم يلتزم بدوره الوطني تحت سلطة مدنية منتخبة، بل انقلب مرارًا ليستولي على الحكم.

هذا يعكس “الوصاية الكولونيالية” على الدولة: الجيش يرى نفسه هو الحاكم الطبيعي، لا الشعب.

5. الحرب الأهلية الثانية (1983–2005)

الجيش خاض حربًا طويلة ضد الحركة الشعبية في الجنوب.
الأسلوب: حرق قرى، ترحيل جماعي، قصف بالطيران → استراتيجيات استعمارية مشابهة لما فعله الإنجليز في الثلاثينات والأربعينات.

النتيجة: فقدان الجنوب نفسه (انفصال 2011).

6. دارفور (2003 – حتى الآن)

تعامل الجيش مع أزمة دارفور بنفس “العقلية الكولونيالية”: استخدام مليشيات (الجنجويد → الدعم السريع لاحقًا) لحرق القرى وتهجير المدنيين.

الهدف: السيطرة على الأرض بالقوة، لا معالجة جذور الأزمة.

7. ثورة ديسمبر (2018–2019) وما بعدها

رغم أن الشعب خرج يطالب بمدنية كاملة، الجيش أصر على البقاء كـ”الوصي”، وفض اعتصام القيادة العامة (يونيو 2019) باستخدام العنف الشديد، تمامًا كما فعلت الجيوش الكولونيالية ضد حركات التحرر.

في الاخر

من 1925 وحتى اليوم، الجيش السوداني:

لم يُعِد تعريف نفسه كجيش وطني “يحمي الشعب”.

بل ظل يتعامل مع المواطن كعدو داخلي، ومع السياسة كـ”ملكية خاصة”.
هذا يجعل بنيته وعقيدته استمرارًا واضحًا للمؤسسة الكولونيالية التي أنشأها المستعمر. ده واقع سوداني دي حقائق الزعل فوق كم هل توجد هنالك حقائق أخرى غير هذه ونحن تامرنا على اخفائها

سؤالك مهم جدًا  وهو مرتبط بجذور تكوين الجيش السوداني نفسه.
فعلاً، قبل أن يسمى “جيش وطني”، شاركت اورطة السودانيون بأوامر استعمارية خارج حدود نقول أرضهم وليس بلدهم.

مشاركة السودانيين في حرب المكسيك

في ستينيات القرن التاسع عشر، أرسل الخديوي إسماعيل (حاكم مصر) حملة عسكرية لدعم فرنسا في حربها ضد الوطنيين المكسيكيين (1863–1867).

هذه الحملة ضمت آلاف الجنود السودانيين (من مناطق السودان الحالية)، وكانوا مجبرين على القتال ضمن الجيش المصري–العثماني.

الهدف لم يكن وطنيًا على الإطلاق، بل تنفيذ سياسة خديوية تابعة للمصالح الأوروبية (فرنسا تحديدًا).
 الدلالة
هذه المشاركة تؤكد أن الجيش السوداني (أو بالأحرى الجنود السودانيين) لم يكن له يومًا في نشأته الأولى قرار وطني مستقل.

بل كان أداة بيد المستعمر/الخديوي، يُستغل لإخماد ثورات أو لخوض حروب لا علاقة لها بمصلحة السودان.

هذه العقلية الاستعمارية (الجيش كأداة سلطة خارجية أو نخبة صغيرة) هي نفسها التي ورثتها الدولة السودانية بعد 1956.
بمعنى آخر:
حتى قبل أن تُبنى “قوة دفاع السودان” رسميًا عام 1925، كان السودانيون يُساقون للقتال في حروب لا تخص وطنهم (المكسيك مثلًا) → وهذا دليل إضافي على أن ما نسميه “الجيش الوطني” في السودان لم يولد وطنيًا أصلًا.ولا استمر وطنيا هو كولونيالي
لهذا هل ترى الاصح إصلاح الجيش ام بناء جيش
وقبل ذلك انظر في كنه الدولة الوطنية المدنية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..