مقالات وآراء

اليمن غير السعيد وبعض الذكريات

شوقي بدري

اليمن الغير سعيد وبعض الذكريات
عصفورتان في الحجازِ حلتا على فنن
في خامل من الرِياضِ لا ند ولا حسن
بينا هما تنتجيان سحراً على الغصن
مر عى أَيكهما ريح سرى من اليمن
حيا وقال: “درتان في وِعاء ممتهن”
لقد رأيت حول صنعاء وفي ظل عدن
خمائلاً كأنها بقية من ذي يزن
الحَب فيها سكر والماء شهد ولبن
لم يرها الطير ولم يسمع بها إِلّا افتتن
هيا اِركباني نأتها في ساعة من الزمن
قالت له إِحداهما والطير منهن الفطن
يا ريح أنت ابن السبيل ما عرفت ما السكن
هب جنة الخلد اليمن لا شيء يعدل الوطن.

ونحن في المدرسة الاولية ، كنا نختم الاسبوع الدراسي بنشيدين . يقف الاستاذ في الحصة الاخيرة ويقول . عصفورتان في الحجاز ، ونبدا في في الانشاد بصوت عالي . او ننشد صه يا كنار للظابط الشاعر محمود ابو يكر . وارتبط اليمن في اذهاننا ببلد جميل مخضر , الحب فيه سكر والماء شهد ولبن . ونسمع اسم اليمن السعيد ويرتبط اليمن في اذهاننا الصغيرة دائما بالسعادة . وكان اليمنيون في كل ركن في السودان .
اليمنيون يمثلون الصبر والعمل والتفاني في العمل والاجتهاد . ولا يترفعون عن اي عمل شريف ..

بجانب المتجر او الكنتين ، كانوا يعملون كحمالين واصحاب عربات الكاروا ، او يوصلون الخبز من الافران الي الدكاكين بدراجات خاصة . ويوفرون بعض المال ويدخلون كشركاء مع آخرين . وبعد جلد وصبر تكون لهم متاجرهم الخاصة .

خير مثال لهذا الطموح كان العم ناصر الصياد الذي كان له متجرا كبيرا في مكي ود عروسة وبجوار المتجر كان له اشهر الافران مثل اليوناني كوستي كرياني في المحطة الوسطي وآخرين . وعندما نظم المصريون انقلاب عبدالله السلال في اليمن واطاحوا بنظام الامام البدر في اليمن ، طرد السفير اليمني فحل محله العم ناصر الصياد لانه كان محبوبا من كل اليمنيين الذين قدر في عددهم بعشرات الآلاف في السودان . .
العم علي بن علي كان له متجرين احدهم في حي الشيخ دفع الله والثاني كان في حي الامراء وكان يسكن في المنزل المجارو لنا . كان متزوجا ككثير من اليمنيين من سودانية وكان نعم الجار . الاخوة احمد وزغلول يديران متجره في حي الامراء . زغلول عرف بأسم زغلول حتي وسط اليمنيين . واحد ظرفاء العباسية اطلق عليه هذا الاسم ، زاعما انه يشبه الزعيم المصري سعد زغلول .

قال لي الاخ يحيي الوزير في الستينات انه ذهب في الصباح الي غرفة الدكتور عمر العبيد بلال الذي كان طالبا معنا في نفس الكلية وقتها . وفتح الباب الاخ فرح شطة طيب الله ثراه الذي كان يدرس في المجروكان في زيارة وقال له باقتضاب وبطريقة جافة ان عمر غير موجود . فمشي الاخ يحيي عدة خطوات ، وطلب منه اخطار عمر بأن يحيي اليمني قد سأل عنه . فقال فرح بكل عفوية .. تعال يا … ماشي وين ؟ اتفضل انتظر عمر حيرجع بعد شوية . انا ما كنت عارف انك يمني كنت فاكرك عربي,, . ويحيي فاتح اللون .

ويحيي كان يقول ان السودانيين غريبون . نشتم الانسان كدلالة علي الحب. وعندما نسمع كلمة يمني نتغير 180 درجة ولا نعتبر اليمني عربي ، واليمن هم اصل العرب . وكنا نحس دائما في كل المحافل ان اليمني اقرب عربي بالنسبة لنا . وعندما نقابل اليمني نسترخي ونتعامل معة براحة كاملة . واليوم في امريكا حيث يمتلك اليمنيون المتاجر يسعون الي توظيف السودانيين . وفي السعودية منذ قديم الزمان السودانيون واليمنيون يرتبطون بالصداقة ، بطريقة عفوية . وكما كان يقول شقيقي الشنقيطي طيب الله ثراه وهو رجل حكيم .. ان العربي الوحيد الذي شاهدته يحتضن ابن بلده ويتنازل له عن سريره ، مثل السوداني هو اليمني .

احد الشعراء اليمنيين كان مشاركا في ندوة شعرية في بيروت، واراد ان يعقد ربطة العنق . فذهب يبحث عن اخ سوداني . ووجد الشاعر صلاح احمد ابراهيم الذي ساعده في ربط ربطة العنق . وكانت تلك بداية صداقة. .

الاخوة الذين درسوا معا في تشيكوسلوفاكية كانوا رائعين . وارتبطوا دائما بالسودانيين في كل الكليات والمدن . كان معنا الاخ يحيي الوزير وهو من اسرة الوزير اجدادهم كانوا وزراء الامام . وكان ابن عمه مطهر الوزير يتقدمنا بسنة دراسية . والشاب الوسيم الخلوق احمد الجبلي كان من اسرة معروفة اصابت حظا في الدنيا وارتبطت باريتريا . وكان معنا الاخ الجرموزي الذي تمتع بالدهاء وكان رجلا تقصده الشهرة اينما حل . ركبت معه القطار في طريقنا الي كورس اللغة في تبلتسي شمال بوهيميا المدينة التي قضي فيها كازانوفا بطل العشق والغرام بقية حياته . وعندما نزلنا من القطار كان بعض الطالبات يودعننا من نوافذ القطار بالرغم من حاجز اللغة . وكان الجرموزي بقامته القصيرة يقوم بتمثيليات وحركات تضحك الجميع . .
شرف الدين الصايدي كان مجتهدا وصار سفيرا ثم مسئولا كبيرا في وزارة الخارجية .. السفير اليمني في براغ كان طالبا في كلية الاقتصاد عين سفيرا بعد الانقلاب الناصري . ونسبة لدرايته باللغة الشيكية صار سفيرا ناجحا . بعض زملاء تشيكوسلوفاكية صاروا من الوزراء احدهم الاخ احمد الجبلي . .
احمد ارتبط بفتاة شيكية علي مستوي عال من الادب ولها اسرة رائعة . وبعد ان انتقلنا الي براغ شاور شقيقي الشنقيطي في الزواج بها . وبالرغم من عدد اليمنيين الذي تعدي المئة طالب كنت انا وشقيقي ويحيي ومطهر الوزير من رافقه الي شمال بوهيميا .فاليمني والسوداني يربطهم رباط سحري لا يمكن تفسيره . بل يحس به الانسان في عموده الفقري . .

اذكر ان مطهر الوزير قد دخل في عملية بيع سيارة مع سوري . ولم يكن مطهر موجودا في براغ لفترة . ومطهر انسان ذكي جدا تجري التجارة في دمه . واتي السوريون الي الغرفة التي يسكن فيها مع يحيي ابن عمه. ويحيي رجل عقلاني لا يؤمن بالعنف . وكان ينتقد الحرب الاهلية التي كانت دائرة في اليمن بين الجمهوريين وانصار الامام . اتي يحيي الي الشنقيطي شاكيا السوريين ضخام الجثث الذين احتلوا الغرفة ورفضوا الانصراف قبل حضور مطهر . فذهبنا اليهم . وعندماشاهدوا غضبنا تساءلوا عن سبب اقحامنا لانفسنا في امر لا يخصنا. فقلت لهم اليمنيون هم دائما اخوتنا وما يهمهم يهمنا . فانسحبوا طالبين السلامة . ورجع مطهر . وكما اخبرني احد السوريين . انه دفع لهم حقهم . ودعاهم الي مطعم فاخر , لهذا لم استغرب عندما عرفت ان مطهر قد صارمن كباررجال الاعمال في اليمن ، كان يعرف كيف يعامل البشر . وفي الصورة التي سارفقها في هذا المقال ، هو الذي يقف بجانب العريس احمد الجبلي ويقف الشنقيطي بجانب يحيي واقف انا في الخلف

بالرغم من افريقيني التي لا اساوم فيها . ولا اؤمن بان كل الرباطاب هم ابناء رباط بن غلام بن عايز من مخا. الا انني اجد احتراما لشخص يمني استطاع ان يقنع قبيلة كامة مثل قبيلتنا .. الرباطاب وابناء عمومتهم المناصير والركابية ، ان جدهم غلام بن عايز قد اتي من ميناء مخا في اليمن .وابنائه منصور وركاب ورباط . .

واليمنيون قد عرفوا السوداني كأنسان متعلم ومتحضر , يتميز بالاخلاق الحميدة والادب والامانة . ولا يتنازل ابدا عن كرامته . وألآن صار السوداني يمثل لهم انكشاريا يسبب الموت والدمار . ياتي ليقاتل في حرب لا تخصه وعنده من المشاكل في بلده ما يكفيه . والبشير يتغير 180 درجة عندما تلوح له السعودية بالملياردات . لقد انتزعت السعودية نجران وفراسان والجيزان من اليمن . وحاول اليمنيون قتل الملك عبد العزيز بالخناجر وتصدي لهم سعود بجسمه الضخم وحمي والده الي ان قضي عليهم الحرس في الحرم الشريف . وهذ الاشياء قديمة . لكنها باقية في عقول اليمنيين .

كتاب بابيون ، او الفراشة باللغة الفرنسية ، كتبه سجين فرنسي كان مسجونا في جزيرة الشيطان في جنوب امريكا التي يبعد اليها كبار المجرمين . وهذ الكتاب كان الاكثر مبيعا في العالم بعد الكتاب المقدس . وصار فلما رائعا ببطولة استيف ماكوين ودوستن هوفمان . وعندما كان بابيون يخطط للهرب مع صديقه من السجن بمركب صغير ادعي الجنون . لكي يهرب من السجن . واحيل الي مستشفي الامراض العقلية . وعندما احبطت محاولة الهرب . عاد الي المستشفي. وصار يتكلم ويتصرف بطريقة طبيعية . فنصحه سجين قضي عشرين سنة في معالجة المجانين . ان لا يتوقف من تصرفاته الغريبة كالتبول في الحساء قبل شربه بدعوي انهم قد نسيوا اضافة الملح . لان العقل لا يعود فجأة للمريض النفسي . ولكن بالتدرج .

هل توقف البشير من التبول في الحساء فجأة . كيف يفسر البشير لنفسه في المكان الاول المقدرة علي التقلب . الم يكن البشير يحاول قبل فترة بسيطة خداع السعودية والوصول الي ايران للاحتفال معهم ؟ الم يفتح البشير السودان للايرانيين ؟ ابن ذهبت كرامة السوداني ؟ لقد كان سفير الامارات الاخ محمد مصبح السويدي زوج ابنة الخال شادية عبد المجيد . ان اصهاره الدناقلة يتعبونه للحصول علي وظيفة في الامارات . ولاقل سبب يتركون الوظيفة ويرجعون للسودان . والسبب عادة … كرامتي .

ان الحرب اليوم في اليمن لاتخص السودانيين اكثر من جيران اليمن والسعودية . ولماذا لم يشارك المغرب ولهم احد اقوي الجيوش العربية . وملكهم هاشمي ومن عترة رسول الله صلي الله عليه وسلم . ولماذا لم يشترك الاردنيون ولهم جيش رهيب وسلاح طيران متطور والملك ووالده الحسين من خيرة الطيارين ؟ ولماذا لم تشترك عمان وهي الجار .

لقد ذكر الرئيس بن بيلا الجزائري ، انهم اشتركوا في الحرب العالمية الثانية . وكانت فرقهم المكونة من الاجانب ترسل في اخطر العمليات . وكان نصف القوة المرسلة قد يموت في تلك المهمات . التي لا يرسلون اليها الفرنسيين . اين الجيش الجزائري او التونسي . لماذا يرسلون السودنيون الغلابة ؟

الاخ خضر فرج الله وهو من الشلك كا ن من المجموعة السودانية التي تطوعت للحرب في فلسطين . حكي لنا ان السودانيين تطوعوا لتمشيط القدس والتخلص من رجال المظلات اليهود الذين هبطوا خلف خطزط الدفاع العربية . وكانت العملية انتحارية . وتطوع السودانيون بعملية التمشيط عندما احجم آخرون . ورجال المظلات كانوا اشرس اليهود .

قال لي اليهود قبل ربع قرن من الزمان في اسرائيل عندما عرفوا انني سوداني ,, انني قصير جدا بالمقارنة مع الجنود السودانيين الذين عهدوهم . وكانوا شجعانا يفضلون الموت علي التراجع ولم يفر اي جندي سوداني . وكانوا يعاملون الاسري اليهود باحترام . ومعركة الفالوجا خير مثال علي شجاعة السودانيين . وكان القائد هوسعيد طه السوداني من عرف بضبع الفالوجا او الضبع الاسود . كبد اليهود خسائرا فادحة . ولم يتمكن اليهود من احتلال الفالوجة بالرغم من اعدادهم . وكان جمال عبد الناصر احد الظباط تحت امرته .

لماذ يريد البشير ان يدمر حتي اخلاق وصورة السودانيين بعد ان دمر السودان اقتصاديا ادبيا واخلاقيا . وجود السوداني في اليمن كان يعني العلاج والتعليم والهندسة والعلم . احد الاطباء مات في اليمن واتهمت قبيلة بانها قد تسببت في موت الطبيب . وهددوا بقتل طبيب القبيلة الاخري . ولكن عندما عرفوا ان الطبيب المهدد سوداني سحبوا التهديد .

كنا نسمع في الاذاعة السودانية اغنية ,,, يا بنات المكلا يا دواء كل علة ,, والمكلا ارتبط بها كثير من السودانيين . وهي موطن البروفسر والكاتب محمد سعيد القدال . وعندما نقول لاهل جنوب اليمن اي شئ عن القدال يقولون بدون تردد انه ابنهم . وكان يتكلم في المحافل باسمهم . خاصة في مؤتمرات جنوب شرق آسيا حيث هنالك وجود ملموس للحضارمة . والبرفسر نشأ وترعرع في المكلا . ولقد ترجم كتب الهولندي الذي كتب عن حضرموت .. حضرموت ازاحة القناع عن بعض غموضها …. وكتاب آخر علي ما اذكر عن السلطان القعيطي . كما نشر كتابا عن سكرتير السلطان او رئيس وزراء حضرموت الباشا سعيد القدال .

الباشا سعيد القدال كتب خير شعره متغنيا ببلده حضرموت . اتي الي حضرموت علي طلب السلطان من الانجليزان يرسلوا ليهم رجلا للتعليم . وقال له الانجليز انهم سيرسلون اليه خيرة رجال التعليم . وارسلوا له الشيخ القدال الذي كان احد اعلام بخت الرضا . وكان رجلا وسيما طويل القامة قليل الكلام يحب التعليم أحب حضرموت واحبته حضرموت . قضي كل شبابه في خدمة حضرموت . وبعد تقاعده عمل مع السلطان وقدم في مجال التعليم والزراعة وتطوير الحرف والاتصال بالعالم الخارجي . اذكر ان ابن عمتي وحفيد بابكر بدري ابراهيم مجدوب مالك قد عمل في حضرموت مع كثير من السودانيين في بداية الخمسينات . اذكر له صورا وهو يرتدي الازار اليمني.

هنالك كتاب حققه البروفسر محمد سعيد القدال ,, معلم سوداني من حضرموت ومضات من سيرته 1903 1975 . والكتاب يحمل كثيرا من تاريخ حضرموت

عندما اتت الانقاذ حذر البرفسرعبد الله الطيب زميله في الجامعة الشيوعي البروفسر محمد سعيد القدال بسبب السيارات التي تتواجد امام داره . فطمئنه القدال بانها سيارات اصدقائه الذين ياتون للونسه ولعب الورق . فقال له عبد الله الطيب المتأثربروح الرباطاب ,, ديل ما بيعرفوا الفرق بين آس الاسود و البيان الشيوعي . وبعد اعتقال القدال وطرده من العمل مع كل الشرفاء . ذهب الي بلده حضرموت وعمل في جامعة المكلا . وشاهدته آخر مرة في 1999في منزل الاخصائي السر طاحونه في لندن برفقة غازي سليمان ومحمد المهدي وجرجس ودكتور سنادة ودكتور خالد حسن التوم والخال محجوب عثمان الرحمة للجميع .

في ذالك الحفل الصغير ذكر غازي طيب الله ثراه ان الخال محجوب عثمان قد ,, باعه ,, لليمن الجنوبية . فالرئيس علي صالح كانت له فلة في براغ وكان السودانيون يتواجدون معه, وبعد نكسة 1971 تواجد كثير من السودانيين في براغ . وذهب غازي الي اليمن الجنوبي . وعندما عرف ان القادة كانوا يعملون بدون مرتبات . عمل بدون مرتب . وغازي من عباقرة رجال القانون . وكان يشارك بنفسه في تهريب السلاح الي جبهة التحرير في اريتريا . وكانوا يصلون الي جزيرة حنش ويخفون الزوارق . ويتحركون مع الظلام . ويوصلون الاسلحة، ويرجعون بسرعة الي اليمن الجنوبي . ويعيدون الكرة . وهذا ما اكسب غازي صلة قوية باليمن الجنوبي وباريتريا . والمساعدات اليمنية جعلت مشكلة الجزيرتين تحل بسهولة ورضيت اريتريا بحكم التحكيم الدولي .

من السودانيين الذين عملوا في اليمن الجنوبي الشاعر المرهف الذي كان متزوجا من روسية … جيلي عبد الرحمن ومجموعة ضخمة من المهندسين والاطباء وعمل الكثير منهم بلا اجر . وكان جيلي لدرايته باللغة الروسية وهو قد ترجم الكتب ودواوين الشعر الي العربية بدون مقابل، يحتد مع الروس . ويطالبهم بفتح خزائنهم ومخازنهم لمساعدة اليمن . والمسئول الروسي يتملص . ويزعم ان بعض رجال الثورة لهم اتصالات بالصين .

عندما تخلصوا من اليمنيين المقربين الي الصين .طالب ممثل روسيا بالتحرك . الا انه واصل التملص . وكما حكي لي الدكتور حسن فرح الموجود الآن في دول البلطيق ومتزوج من روسية وله احفاد هنالك . ان جيلي عبد الرحمن شتم الروسي وقال له انهم لصوص يصطادون السمك في المياه اليمنية . ويبيعونه في عرض البحر لليابانيين . واتبع كل ذالك بصفعة مدوية علي خد العملاق الروسي . ولم يهتم ان زوجته واطفاله في روسيا . .

جيلي المتجرد رحمة الله عليه لم تكن له شقة في موسكو الي ان طالب الوزير المصري خالد محي الدين زميل جمال عبد الناصر في الحزب الشيوعي المصري ومؤلف كتاب أالآن انا اتكلم الروس باعطاءه شقة .. هؤلاء هم السودانيون الذين عرفتهم اليمن .

اليمنيون من الجنوب الذين كنا نقابلهم كانوا قد درسوا مقررات بخت الرضا مثلنا. ويعرفون طه القرشي في المستشفي . وكريت ابت الرجوع الي البيت . والحمار الشاطر والنملة الحنونة وهذا هو البيت الذي بناه الجاك . وكان احسن عشرة من الطلاب يأتون الي السودان للدراسة في ىالمدارس الثانوية . وصار العدد عشرين طالبا . احبوا السودان واحبهم السودانيون . وصاروا يلتحقون بجامعة الخرطوم . وتركوا سيرة عطرة. .

العم الحسني كان يسكن بورسودان وله متجر . حضر لزيارة ابنه احمد الحسني في مصحة ماريانزكي لازني . كنت هنالك في نهاية كورس اللغة . كنت ارافقة يوميا في جولاته المسائية . كان يثير فضول البشر بسبب عمامته . وكان يقول لي انه قد لبس العمامة السودانية لاربعين سنة ولا يستطيع ان يتخلص منها . ابنه الاصغر الصيدلاني عبد المنعم سكن في السويد . وكنت اقول له انني عرفت بورسودان من والده اكثر من اي شخص آخر لانه كان يحكي لي عن بورسودان بوله . وعرفت منه ان والده كان جارا وصديقا لصاحبه المنجد والد الاعلامي احمد البلال . .

في بداية الثمانينات قابلت ابن خالي عبد العزيز الدرديري نقد وكان يمثل مكتب المدعي العام وكان معه الاخ زكي من توتي، وكيل وزارة المالية وكان معهم شخص ثالث . وكانوا قد فرغوا من الاجتماع مع صندوق النقد الكويتي . وتصادف حضوروفد اليمن الجنوبي وكان في مقابلتهم فريق يمثل الكويت . وكان الفريقان ،، الكويتي واليمني من السودانيين !! والآن يريد البشير ان يرسل من قتل اهله وطحن مواطني جبال النوبة والنيل الازرق الي اليمن الغير سعيد !! .

ان الاتراك قد تلقوا دروسا قاسية في اليمن . لقد قال السادات لناصر ان اليمنيين قبائل متخلفة سيهربون عند ظهور الطيارات المصرية . وبعد تورط ناصر في اليمن كان يذكر السادات عندما يبلغة بخسائرهم بالقبائل المتخلفة التي ستهرب عند ظهور الطائرات . لماذا لم تستعمر اليمن مثل اغلب الدول الاخري ؟ فلنسأل انفسنا .

في 1982 كانت عندنا تجارة مع المؤسسة العسكرية التجارية في اليمن. وكنا نمولهم بالمؤن الغذائية خاصة العجول الحية بالطائرات ، وظهرت بعض المشاكل . وذهبت بعد الزلزال الشهير . وكان الجميع يتوقعون الهزة الثانية التي تتبع الهزة الاولي . ونزلت في فندق سبأ الذي كان احسن الفنادق . ذهبت في الصباح مع الاخ حسن من مكتب النيل الازرق وبابكر محمد عبد الله عبد السلام . وقمت بتغيير مبلغ 500 دولار . واعطوني مظروفا وضعته في جيبي . وفي المساء عندما رجعت الي الفندق كان في انتظاري اثنين من الهنود وهما من موظفي البنك . واعلموني بانهم قد سلموني ما يعادل 5الف دولار بالعملة اليمنية . فاخرجت المظروف وقلت لهم هذه هي الفلوس . انا لم افتحها . خذوا ما لكم واتركوا البقية في الاستقبال . فظهر الفرح علي وجهيهما . وقال احدهم ان رئيسهم طلب منهم عدم الحضور بدون المبلغ . وان المبلغ سيخصم من مرتباتهم . ولكن اذا كان الزبون سودانيا كما زعموا فسيرجع المال بدون نقاش. .

وبينما انا جالس مع يحيي الوزيروهو يقرأ لي قصيدة من تأليقه بعنوان تمخض الجبل وولد شعبا ، بمناسب الزلزال ، اتي الهنود وشكروني . لان المبلع كان يمائل اكثر من دخل احدهم في كل السنة . واعادا ما ردده لهم الجميع حتي موظف الاستقبال عن السودانيين . .

عرفت ان الاخ العاضي مدير المؤسسة العسكرية التجارية لن يرجع من الحديدة كما خطط له وحسب اتفاقنا. عرفت ان الاسلم ان اذهب الي الحديدة التي كنا نسمع عنها كثيرا في طفولتنا بسبب اهل الحديدة المتواجدون في السودان . .

المشكلة الاولي اننا كنا نرسل لهم طائرة بويينف يوم الاثنين وحمولتها 34 طنا ودس سي ايت في الاربعاء 40 طنا وهي محملة بالعجول اليوغوسلافية والعجل قد يزن حوالي ال600 كيلوجرام . ولكنهم يزنون العحول يو السبت او الاحد . ولان العجول لا تاكل العلف المحلي فكان وزنها ينقص . والرحلة بالطائرقد تفقد العجول 5 في المئة من وزنها بسب العرق والافرازات وهذا مقبول عالميا ويعرف ب ,, كالو ,, . كما رفضوا استلام لحم مبرد من فرنسا ,, كوراترز ,, افخاذ خلفية ،، لانها حسب زعمهم افخاذ افيال بسبب ضخامة حجمها . وقلت لهم ان لحم الفيل من المفروض ان يكون اغلي من الابقار لصعوبة صيدها . وان الابقارالاوربية لا يمكن ان تقارن بالابقار الاثيوبية . وهنالك ثيران مثل فصيلة بلجيانبلو يصل وزن الثور الي ثلاثة اطنان.

ما جعلني انهض بعد الجلوس علي الارض في نادي الظباط ، انني قلت لهم اننا في بعض الاحيان نخسر . وسالتهم .. اتظنون اننا ندفع ظلط ؟ فرد علي احد الظباط قائلا طبعا تدفعون ,, ظلط ,, . نحن نعرف انكم تدفعون ظلط اليس كذالك . وانتفضت واقفا . وجذبني الاخ العاضي من يدي وطلب جلوسي. وشرح لي ان الظلط في اليمن يعني ,, فلوس ,, وضحك الجميع وضحكت . وتوصلنا لتقبل لكل المشاكل . عرفت دفئ شعور اليمنيين نحو السودانيين . المؤلم الاخ العاضي مدير المؤسسة العسكرية ، سقط في هاوية في طريق الجديدة صنعاء . طيب الله ثراه . .
اخذني السائق الي المطار. ولكن موظف المطار قال لي انه لا توجد طائرة لانها ذهبت الي تعز . فركضت خلف السائق الذي اخدني الي نادي الظباط .وعزموني علي خروف كان امامهم في شكل كتلة واحدة. .

بعد الغداء كان الاخ العاضي يترجي السائق لاخذي الي صنعاء . وهو يرفض لانه يريد ان يخزن فاليوم يوم جمعة . فعرضت عليه ان يشتري اي كمية يحتاجها من القات و300 ريال. .

الملاحظ ان اللواء لم يكن يستطيع ان يتحكم في السائق كما في اغلب الدول العربية . وعرفت ان اليمنيون لا يمكن لاي انسان ان يلوي ذراعهم . ولكن يمكن ان يكسبهم الانسان بابداء الاحترام الصادق . واليمنيون لن يقبلوا ابدا تدخل اي انسان بينهم مهما عمقت خلافاتهم . .
حدث خلاف بين الازهري والمحجوب في مؤتمر المغرب الذي كان بعد مؤتمر الخرطوم . والازهري اراد الاشتراك في اجتماع الوزراء . وطلب البعض من ناصر ان يتدخل . ولكنه رفض وكان يقول ان تجربته مع السودانيين ، انهم لا يقبلون تدخل الغريب . فأمام سينما كوليزيوم ضرب سوداني سودانيا بحجر في مشاجرة وحطم اسنانه . وعندما تدخل ناصر وعبد الحكيم . احتج المضروب ووصفهم بالغجر وامتعض من تدخلهم . اليمنيون لا يرحبون بتدخل الآخرين . علي السودانيين ان يمتنعوا عن التدخل . .

بينما السائق يعرض نفسه ونفسي للموت في كل عطفة قررت ان انام . واستيقظت علي صوت صراخ وهياج . وشاهدت بعض رجال القبائل وهم يمسكون ,,بحنبياتهم ,, خناجرهم ويطالبون باخراج المصري وذبحه والسائق يستعطفهم . ولم اعرف الحاصل ولم اجمع. وعندما اشار السائق الي وقال انني ضيف الموسسة العسكرية تاكد لهم انني مصري . وعندما اشاروا الي بالمصري قلت لهم غاضبا . انني لست بمصري وانني سوداني . وكنت اريد ان اواصل النوم , فقال زعيمهم انني سوداني ولو كنت مصري لبدأت في البكاء، والمصريون كانوا يبكون قبل ذبحهم . وتركونا لحالنا . كل ما في الامر انني لم اهتم لانني لم اكن مجمعا ولم احس بخطورة الامر. .

الاخ علي كهالي يمني طويل القامة قال فجأة وهو يقود سيارته مشيرا الي احد الاركان .. هنا ذبحنا المصري . وعندما استنكرت وسألت عن السبب . عرفت ان اليمنيين كرهوا المصريين لاستخفافهم باليمنيين . وكانوا يقولون لهم انهم قد اتوا لتحريرهم وتطويرهم …. الخ
عندما وصلنا الفندق . صار السائق يحكي انني رجل شجاع لم ارتجف ولم اهتم . والحقيقة البسيطة هو انني لم استوعب الحاصل وكان عقلي في حالة خمول فقط لا اكثر . واكد له رجل الاستقبال شجاعتي لانه عندما حدثت الهزة الارضية العنيفة استيقظت علي صوت سقوط مصباع السقف الضخم . وواصلت النوم واستيقظت في الصباح وقمت بالحلاقة والاستحمام . ونزلت ابحث عن الافطاروكان الناس خارج الهوتيل . وكل ما في الامر هو انني تعاملت مع الامر كجزء من حلم ثقيل . وتحدث البعض عن شجاعة السودانيين . ولكن في تلك الحالة كنت امر بحالة تبلد فقط . ولكن اليمنيون يتصورونا كبشر جيدين . ويلبسونا حللا جميلة . لماذا نريد ان نخرب تلك الصورة. .

الحرب في اليمن ليست لعب عيال والطائرات قد تقصف من بعد ولكن المعارك الارضية هي الفاصلة . واليمنيون كالافغان لا يسهل الانتصار عليهم , وقد يستحيل ذلك . ولماذا منذ اصحاب الاخدود وانهيار سد مأرب لماذا تحل باليمن الكوارث ؟ ولما ذا التدخل الاوربي والاثيوبي قديما والفارسي . اليمنيون لم يغزوا اي انسان. لماذا لم يتركوا ابدا في حالهم ؟

شوقي بدري
[email protected]

‫12 تعليقات

  1. يا سلام يا أستاذ! ذكرتني باليمن السعيد..عام 1982 كنت بالحديدة باليمن..أتيتها منتدباً من السودان عام 1980..أمضيت باليمن أجمل أيام حياتي..كلمة زلط تطلق غالباً على الفئات الكبيرة من العملة الورقية؛ كلمة بياس تطلق على الفئات الصغيرة من العملة.
    أذكر جداً اللحوم السودانية-كما كانوا يسمونها- تصل إلى سوق الحديدة كل أربعاء.
    كنت من أكثر المتألمين لإرسال المرتزقة السودانيين لحرب اليمن؛ وتألمت أكثر عندما التقيت أحد اليمنيين في تلك الأيام بأوكسفورد ببريطانيا، قال لي: عرفنا السودانيين في صغرنا معلمين ومهندسين وأطباء وقضاة، ولم نعرفهم كقتلة!!
    لعن الله البشير وذمرته الفاسدة وحشرهم في سقر.

  2. الأخ شوقى بدرى سردك جميل جدآ فقط لدى ملاحظة السرد الطويل في مقالات الجرائد الإلكترونية وغيرها من الجرائد المقروءة علي عجل يحبذ المقال القصير إلى حد ما لأن الطول والاسهاب من دواعى الملل في القراءة وخاصة أن الزمن أصبح لايسعفنا، وأنا صراحة من المعجبين بكتابتك خاصة مايخص حكاوى أم درمان لذلك اقترح لك لو سمحت لى بأن تجمع كل هذه الروايع في كتاب، صدقنى حيكون من أجمل الكتب، وأنا من مدمنى قراءة كتب البروفيسور علي المك دائما تجد الكتاب يتالف من عدة قصص لذلك يكون مدعاة للتغير وحب المطالعة، ولك تحياتي،

  3. حامل قنديل الإمام الصادق الثائر المجدد شوقي بدري مقال مسلي ولطيف.. اود ان فقط
    ان اقوم بتصويب بسيط وان انقل لك صوت لوم من احد اليمنين المقيمين معنا هنا في بلجيكا.
    التصويب هو أن شاعر عصفورتان في الحجاز هو أحمد شوقي اما محمود أبوبكر فهو شاعر احد الاغنيات الوطنية لا اذكرها الان واحمد بابكر هو مدرب المنتخب القومي للناشئين.
    اما اللوم من اخي اليمني عندما قرأ المقال وعلم بعمق العلاقة الفكريه التي بيننا اوصاني بأن اوصل صوت لومه لك وهو تجاوزك للعادات الغذائية مثل المندي والمدفون والمعصوب والقات فطيبت من خاطره وقلت ليهو في النهاية جدكم غلام الله بن عائد الا ان شوقي يحب مندي ابوعريضة فرضي وفرح ولم يغضب ثانيا
    شكرا جميلا

    1. يا استاذ مرزوق افتخارك بعروبة شوقي بدري ويمنيته وشعوره بالتيه والزهو لذلك ما هو الا وهم . السودانين جميعهم فلاتة لا يوجد ما يعرف بسوداني السودان كان ولازال ارض هجرة فقط الفلاته هم من عمروه فالمزارعين هوسا والرعاة امبرروا والبيض فوطة والسود برنو ينبغي أن نعترف بفلاتيتنا كشعوب وسط أفريقية ولعل جزور قبيلة الرباطاب جينيا قد ترجع للبحوث يمكن ان تكون أجريت في جامعة كانو الي سكان شمال نيجيريا مما يعني انهم اكثر القبائل التي احتفظت بصفاءها الجيني .حتي انتماءكم لطائفة الأنصار يظل العهد الثاني للدولة المهدية علي يد عبدالرحمن المهدي الذي كانت امه من الفولاني وتطابق لفظ كلمة شوقي مع اسم بابنجيدا يمكن ان تقول بابنجيدا بدري وهو اسم شائع في مناطق الشمال النيجيري . الكلام والبحوث كثيرة لا اريد الاطالة هداكم الله انت وصاحبك شوقي او بابنجيدا سبق وأن ذكرت ذلك .

      1. الاستاذ حسن مؤمن لك التحية انا اسخر من كل سوداني يرجع نسبه للجزيبرة العربية .الرباطاب يرجعون نسبهم لرباط بن غلام بن عايز وهم مشلجون والداتهم مختونات فرعونيا وشافههم موشومة . اين هذا من العرب . الرجوع الى العباس او غيره كله كلام فارغ انها ترهات اكاذيب . انا سودافي وبس .
        محمد احمد عبد الله ود الفحل ليس بمهدي ان دجال فقط . انا لست بعربي أو انصاري . لى كثير من الاحترام للفلاتةيمكن قولقلة …. شوقي بدري والفلاتة . مرزوف الفاضىبي شخص مريض شفاه الله .

        1. جميل جدا أن هنالك اعتراف جزئي بافرقانتك او بمعني ادق بفلاتيتك ولكن ما لا أفهمه اشارتك(شوقي بدري والفلاته ) كأنما تود قول انك شئ والفلاتة شئ اخر وانت تقبله كاخر صالح فقط ! ان كان هذا ما ذهبت اليه اذا كيف تفسر تطابق معني اسم شوقي مع معني اسم بابنجيدا ؟

  4. يا منزر ياخي ما في داعي للالفاظ دي لو سمحت يعني هو لو رد بسفاهة طوالي انت تتبع نفس الاسلوب
    شئ محزن

  5. العزيز هاشم لك التحية والود … ياخي انت راجل تفتيحة .هنالك مجموعة من المخابرات المصرية التي تتابع كل ما كيتب في الاسافير بواسطة السودانيين . يحاولون التشويش باعادة الموضوع باسماء آخرين هنالك الكيزان على نفس الطريق . يوجد شخص مسكين يعاني من مرض نفسي اسمه مرزوق يتداخل وسبتداخل في كل بوست اكتبه . يعرف انني لا اعتبر نفسي بعربي ، فقط سوداني . كما اننياكبر رافض للطائفية خاص الانصار واعتبر من يطلق على نفسه اسم المهدي وما هو الا دجال …. دمت

  6. اري ان شوقي في مسألة الهوية قدم رؤية مضطربة تتسم بانه مسيوق بالخلا ربما وقع في هذه التصورات لانه تجذبه المفاهيم الامعة والبراقة بحكم التفكير النرجسي فيقع في شراك افكار ويستميت في الدفاع عنها بحكم التزام واصطفاف اعمي وكأنه قد اوجدها .
    أعرض لكم مقال متزن جدا للمفكر الشاب غسان علي عثمان الذي تناول مفهوم هل نحن عرب ام افارقة بشكل اكثر عمقا من سخرية شوقي وهرج ومرح بت قضيم .
    سؤال نحنا عرب ولا أفارقة ده سؤال غير واعي وغير علمي!
    لأن المجتمعات بطبيعتها تتهاجن وتختلط ببعضها البعض، لكن من مشاكل الثقافة العربية إرتباط الهوية بالعِرق، وهذا وهم بطبيعة الحال..
    العِرق ليس للإنسان فيه إختيار، أنت لا تختار أن تكون أبيض أو أسود أو أحمر، لكن الهوية تراكم بالإختيار، تختار أن تتحدث بـ، تفكر بـ، تسلك بـ..
    لذلك السودان منذ العشرينات طُرح فيه هذا السؤال “نحن عرب أم أفارقة؟”
    وكانت مظاهره ذات طابع أدبي، يتجلى ذلك في ما كتبه الشاعر صالح عبد القادر: أنا يا ابنة النيل لو فتشتني.. تجدين في بردَيَّ جوف أسودِ.. تجدين مجموع الفضيلةَ والنهى.. تجدين حِلم البيضِ جهل السودِ..
    وكذلك في تلك الفترة نشأت تيارات ثقافية كبيرة مثل تيار ” الغابة والصحراء” الاسم فيه ترميز الغابة أفارقة والصحراء عرب..
    ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم هذا السؤال حي وفيه مقاومة من كثير من السودانيين، هل نحن ننتمي بالكامل لهوية أفريقية أم أننا نتبع للشرق الأوسط..
    أنا أُسمي مثل هذه الأسئلة أسئلة غير واعية، في النهاية المحددات الرئيسة لأي هوية ليست العِرق، وإنما اللغة والثقافة و..

    الفكرة إن السودان اكتسب اسم الإقليم الكبير الذي يمتد للسنغال وتلك المناطق، تعبير “السودان” نفسه مرتبط باللون يعني “سُود” يفترض أن يكون لونهم أسود..
    لذلك كانت هنالك نقاشات حول التسمية الأنسب للسودانيين، أنا بالنسبة لي سؤال عرب وأفارقة ما عندو معنى، لأنه ممكن نكون الإثنين وثلاثة وأربعة..
    إذا كانت نسبة السودان لأفريقيا بالجغرافيا، فالجزائري إفريقي والمصري إفريقي والتونسي والليبي..

    لكن الوجود الإفريفي الذي يرتبط في ذهن الناس بالسحنة واللون الغلبة له في السودان، إذا ذهبت اليوم للجزيرة العربية ستجد الألوان متعددة والسحنات مختلفة لكن النسبة أقل مقارنة بالسودان..
    “عرب وأفارقة” هذه من القضايا الزائفة، بمعنى إنه من غير المفيد تكون سجين هذه الثنائية “عرب” “أفارقة”..
    حتى يومنا هذا في السودان ممكن تجد شخص يتناقش معاك يقول ليك “احنا ما عرب” إذا سألته ليه! الإجابة إنه إذا ذهب للدول العربية يوصف بأنه أفريقي وليس عربي..
    في الأخير أنت لا تحتاج لجهة ما تدبر ليك تعريفك، يُفترض أن تكون واعي..

    لذلك نقول إنه الهوية العربية في السودان هوية ثقافية تماماً وليست هوية عِرقية، هذا لا يمنع ان السودانيين هم أبناء هذه الهجنة، ما بين القبائل العربية التي هاجرت والسكان الأصليين وما بين القبائل الإفريقية، وهذا الأمر هو ABC في التكوين الإجتماعي في الكون كله ليس أمراً جديداً.

    – غسان علي عثمان

    1. والله يا وليد بعد كلامك العلمي ده طلعت الزول ما مضطرب بس طلعتوا رايح عديل الكلام العلمي سمح العقلية الطائفية دايما ما بتستند علي رؤي علمية حاكوي وقصص وآراء شخصية وانطباعات ذاتية .

    2. المدعو وليد اذا كنت انت الوليد ادم مادبو وقد حذفت اسمك الثالث لطمس هويتك فالاساءة الي شخص شوقي غير مقبولة اطلاقا والكلام ده عيب اولا ينبغي أن تفهم انك انت وشوقي اولاد مجاهدين كانو يقاتلون تحت راية واحدة بابكر بدري الجندي المخلص في جيش الخليفة عبدالله التعايشي طيب الله ثراه والناظر مادبو الذي بسببه تحررت شيكان لذا فشوقي اخوك في العقيدة والطريق لا ينبغي عليك مهاجمته ولولا انه رفض فكرة الدفاع عنه تواضعا وايمانا بحرية الرأي لكان لي معك شأن اخر
      والسلام .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..