
عبدالحافظ سعد الطيب
الجنجويد وصانعيهم هم أعداء الشعب السوداني
يا مقاتلي الحركات… يا قادتها…
اعلموا أن الثورة السودانية ستنتصر حتماً دونكم إن ظللتم أسرى النخبوية السياسية، وإن واصلتم تجربة التسويات المكرورة والمواثيق المنقوضة. لقد جُرِّبت تلك الطرق وفشلت، وجُرِّب ذلك التفكير القديم فانهزم، ولم يورث سوى الخيبات. ونقض المواثيق
لكن بانضمامكم للثورة الشعبية الواسعة، وبانحيازكم الصادق للجماهير و شعوبكم التي حملتكم، يمكن أن تُسرِّعوا انتصارها. لا بالشعارات الفارغة، بل بتحويل خطابكم ومفاهيمكم إلى حقيقة عملية تخدم الشعوب المنتجة للخيرات المادية ومفقرة وتفتح لها أبواب الخيرات المادية والمعنوية.واعادة السودنة وإعادة بناء الأمة السودانية في دولته القومية
المطلوب اليوم أن تكسروا قيد النخبوية، وأن توقفوا التفكير القديم المجرَّب والمهزوم، وأن تعيدوا بناء أنفسكم كثوار عضويين وسط الجماهير، لا كقادة يبحثون عن نصيبهم في كعكة السلطة. الثورة لا تحتاج إلى بنادق بلا وعي، ولا إلى قادة بلا التزام؛ الثورة تحتاج إلى وعي منظم، إلى وحدة القواعد، إلى وفاء للشهداء والنازحين والجوعى.
فإما أن تكونوا جزءاً من الثورة فتسجّلوا أسماءكم في صفحات الانتصار التاريخي
وإما أن تتخلّفوا عنها، فتمضي الثورة إلى الأمام وتترككم خلفها حيث يتساقط المهزومون.
الحركات المسلحة السودانية: من حَمَلة قضايا الشعوب إلى عبء جديد عليها ومصدات للثورة
المقدمة
ولدت الحركات المسلحة في السودان من رحم التهميش، ورفعت شعارات التحرير والعدالة والمساواة. في بياناتها ومونيفستاتها حملت قضايا دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق والشرق، تماماً كما حملت الحركة الشعبية قضية الجنوب من قبل. لكنها سرعان ما وقعت في الفخ التاريخي نفسه: عند لحظة التسوية مع سلطة الخرطوم، ينكفئ قادتها على مصالحهم، ويُتركون شعوبهم بلا مكاسب حقيقية.
إعادة إنتاج أزمة المركز
ما فعله المركز مع الأطراف من تهميش وتجهيل، أعادت الحركات إنتاجه داخل صفوفها:
لم تُبنَ مدارس ثورية ولا مراكز تثقيف سياسي، وبقي آلاف المقاتلين أميين رغم سنوات طويلة في صفوف الحركات.
لم تقدَّم دراسات ولا مناهج تحررية ترفع وعي القواعد، بل تُركوا أسرى الجهل كي يظلوا وقوداً للمعارك لا شركاء في القرار.
تعاملت القيادات مع المقاتلين كأدوات ضغط في التفاوض، بينما ظلت الجماهير في معسكرات النزوح بلا حماية ولا تعليم ولا خدمات.
حتى في المناطق التي سيطروا عليها، لم تُنشأ إدارات مدنية بديلة تعكس مشروع السودان الجديد أو التحرير، بل تُركت الجماهير لمصيرها، وكأن الثورة مجرد بندقية وبيان.
بهذا أصبحت الحركات نسخة مصغّرة من الدولة المركزية التي تحاربها: نخب متعلمة مرتبطة بالخارج، وقواعد مهمشة بلا وعي ولا تمكين.
من خطاب التحرير إلى صفقات السلطة
الأنانية ثم الحركة الشعبية ثم حركات دارفور وصولاً إلى الحركة الشعبية–شمال… جميعها رفعت رايات كبرى، لكن عند أول فرصة لتسوية سياسية تحولت القضية إلى كراسي وزارات ومخصصات.
القادة دخلوا الخرطوم في مواكب رسمية، بينما ظل المقاتلون في الخنادق والمخيمات بلا مستقبل.
القضية انتقلت من قضية جماهير تبحث عن العدالة إلى قضية نخب تبحث عن نصيبها في كعكة السلطة.
النتائج الكارثية
ضياع الثقة بين الجماهير والحركات.
استمرار النزوح واللجوء لعقود طويلة.
إضعاف المشروع الوطني الديمقراطي لصالح صفقات مؤقتة.
تكريس ثقافة السلاح بلا مشروع سياسي واضح.هي الفوضى
تعميق المأساة التي زعمت هذه الحركات أنها خرجت لمحاربتها.
الخلاصة الثورية
الحركات المسلحة السودانية لم تُبنِ ثواراً واعين، بل أبقت قواعدها في الجهل والتهميش. لم تحوّل الشعارات إلى مؤسسات شعبية، بل حولتها إلى صفقات سياسية. لقد فشلت لأنها أعادت إنتاج المركز في شكل آخر: نخبة متعلمة تفاوض في الفنادق، وقواعد مسحوقة تُستغل كوقود.
الثورة الحقيقية لا تنتظر قيادات مجرّبة ومهزومة، بل تبني ذاتها من وعي الجماهير ومن تنظيم القواعد. إن أراد مقاتلو الحركات وقادتهم أن يكونوا جزءاً من هذا المستقبل، فعليهم أن يتحرروا من النخبوية ويعيدوا تعريف أنفسهم كثوار عضويين وسط شعوبهم. أما إذا ظلوا على نهجهم القديم، فإن الثورة ستمضي إلى الأمام دونهم، وسيبقون مجرّد فصلٍ آخر من فصول الخيبة.



