مفارقة التحالفات: الإيديولوجيا والبراغماتية والبقاء في حرب الحركات المسلحة الدارفورية ضد الدعم السريع

مقدمة: دائرة عنف مكتملة – رمال دارفور المتحركة
يطرح المشهد السوداني الحالي مفارقة تاريخية عميقة ومعقدة: حركات دارفور المسلحة، التي تأسست في مطلع الألفية لمحاربة التهميش والعنف الذي مارسته الدولة المركزية تحت قيادة نظام المؤتمر الوطني، تجد نفسها اليوم متحالفة مع الوريث المؤسسي لتلك الدولة، أي القوات المسلحة السودانية.1 والأدهى من ذلك، أن عدوها المشترك هو قوات الدعم السريع، وهي قوة شبه عسكرية نشأت من رحم ميليشيات الجنجويد، التي كانت الأداة الرئيسية لنظام البشير في حملته الوحشية لقمع تمرد دارفور.2 تزداد هذه المفارقة تعقيدًا عندما يُطرح أن قوات الدعم السريع، رغم تاريخها، هي “قوة دارفورية أصيلة”، مما يحول الصراع من ثورة هامش ضد مركز إلى حرب أهلية داخل الهامش نفسه.
بدأ المسار في عام 2003، عندما حملت حركات مثل حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة السلاح ضد حكومة الخرطوم، متهمة إياها بتهميش الإقليم سياسيًا واقتصاديًا وممارسة سياسات تمييز عرقي.4 وبعد عقدين من الزمن، اندلعت حرب أبريل 2023 بين شريكي الانقلاب العسكري السابقين، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، لتغرق البلاد في أتون صراع مدمر. وفي هذا السياق الجديد، تحولت التحالفات بشكل جذري، حيث اصطفت الحركات الدارفورية التي كانت ضحية الأمس مع جلادها المؤسسي ضد أداة ذلك الجلاد.
يسعى هذا التقرير إلى تفكيك هذه المفارقة، متجاوزًا الإجابة البسيطة حول ما إذا كانت هذه الحركات قد خانت مبادئها التأسيسية. سيقدم التقرير تحليلًا متعدد الأبعاد يجادل بأن قرار حركة تحرير السودان – جناح مناوي وحركة العدل والمساواة بالتحالف مع القوات المسلحة ليس مجرد خيانة إيديولوجية، بل هو ظاهرة معقدة ومتعددة الأسباب، مدفوعة بثلاثة عوامل رئيسية:
- تحول هذه الحركات من كيانات ثورية معارضة إلى أطراف سياسية فاعلة ومستفيدة من بنية الدولة، وهي عملية ترسخت بموجب اتفاق جوبا للسلام لعام 2020.
- تصاعد الخصومات الإثنية والسياسية التاريخية داخل دارفور من صراعات محلية إلى صراع وجودي على الهيمنة على المستوى الوطني.
- حسابات براغماتية تهدف إلى البقاء في مواجهة ما تعتبره الحركات تهديدًا وجوديًا أكبر يمثله المشروع السياسي والعسكري لقوات الدعم السريع، سواء لوجودها هي أو لوحدة الدولة السودانية.
من خلال تتبع هذا المسار، سيكشف التقرير كيف أن منطق السلطة والمصالح والتهديدات الوجودية قد طغى على المبادئ الإيديولوجية التأسيسية، مما أدى إلى إعادة تشكيل خريطة التحالفات في السودان بطرق لم تكن متوقعة، وترك سكان دارفور مرة أخرى وقودًا لحرب تدور رحاها بين نخب متصارعة.
الفصل الأول: بيان المهمشين – الأسس الإيديولوجية لتمرد دارفور
لفهم عمق التحول الحالي في مواقف حركات دارفور المسلحة، لا بد من العودة إلى جذورها الإيديولوجية والسياسية. لم تكن هذه الحركات مجرد ميليشيات قبلية، بل قدمت نفسها كحركات تحرر وطني ذات رؤى سياسية شاملة تهدف إلى إعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة من العدالة والمساواة.
1.1 حركة تحرير السودان: دعوة لسودان جديد
تأسست حركة تحرير السودان في عام 2002، وكانت تُعرف في البداية باسم “جبهة تحرير دارفور”، وقد أسستها قبائل غير عربية بارزة في الإقليم مثل الزغاوة والمساليت والفور، ردًا على عقود من التهميش السياسي والاقتصادي الممنهج من قبل الحكومات المركزية في الخرطوم.5 كان تغيير اسم الحركة في مارس 2003 من “جبهة تحرير دارفور” إلى “حركة تحرير السودان” خطوة رمزية واستراتيجية بالغة الأهمية. فهذا التغيير لم يعكس فقط انفتاح الحركة على أبناء القبائل الأخرى في الإقليم، بل أشار إلى طموح أوسع: فالمشكلة لم تكن “قضية دارفور” فحسب، بل “قضية السودان” بأكمله، والتي تتجلى في هيمنة المركز على الأطراف المهمشة.5
من الناحية الإيديولوجية، عرّفت الحركة نفسها بأنها “حركة قومية وطنية التوجه”، تسعى إلى تحقيق نظام ديمقراطي تعددي وعلماني. وكان من أبرز مبادئها الدعوة إلى نظام حكم فيدرالي، معتبرة إياه الأنسب لإدارة التنوع العرقي والثقافي والديني الهائل في السودان.5 هذه الدعوة للفيدرالية كانت في جوهرها رفضًا للحكم المركزي الشديد الذي كرس السلطة والثروة في يد نخبة صغيرة في الخرطوم. إن طرح مشروع “السودان الجديد” كان محاولة لتجاوز الهوية الإقليمية الضيقة وتقديم حل شامل لأزمة الحكم في البلاد، وهو ما منح الحركة في بداياتها زخمًا سياسيًا وإعلاميًا كبيرًا.7
1.2 حركة العدل والمساواة: إيديولوجيا الإصلاح الجذري
ظهرت حركة العدل والمساواة كقوة رئيسية أخرى في دارفور، وقدمت برنامجًا سياسيًا أكثر تفصيلًا وتنظيرًا. يكشف نظامها الأساسي عن طموحاتها في إحداث “تغيير جذري في بنية الحكم في البلاد”.9 لم تقتصر أهداف الحركة على دارفور، بل كانت تسعى إلى بناء دولة سودانية جديدة بالكامل.
تضمنت الأهداف الرئيسية للحركة، كما ورد في وثائقها التأسيسية، ما يلي:
- العدالة الاقتصادية والاجتماعية: تحقيق تنمية متوازنة وقسمة عادلة للثروة، وإنهاء الاحتكار الاقتصادي للمركز.9
- الدولة المدنية الديمقراطية: إسقاط “نظام الحكم المستبد” وإقامة دولة مدنية ديمقراطية يسود فيها حكم القانون ويتم فيها تداول السلطة سلميًا عبر انتخابات حرة ونزيهة.9
- إدارة التنوع: إقامة نظام حكم قادر على إدارة التنوع العرقي والديني والثقافي، ونبذ الإقصاء، ومنع استغلال الدين أو العرق لأغراض سياسية.9
- حقوق الإنسان والحريات: التأكيد على احترام حقوق الإنسان كما وردت في المواثيق الدولية، وضمان الحريات الأساسية مثل حرية التعبير والتنظيم والصحافة واستقلال القضاء.9
- الهوية القومية: شددت الحركة على أنها “تنظيم قومي مفتوح لكل السودانيين”، في محاولة لتجاوز الانتماءات القبلية والإقليمية الضيقة.10
1.3 تجميع المظلمة الأساسية: “المركز” مقابل “الهامش”
على الرغم من الاختلافات في بعض التفاصيل الإيديولوجية، توحدت الحركتان حول مظلمة مشتركة وعدو واحد: الدولة المركزية في الخرطوم، التي كانت تحت سيطرة نظام المؤتمر الوطني ذي التوجه الإسلامي-العروبي. هذا النظام، من وجهة نظر الحركات، كرس التهميش المنهجي للأقاليم الطرفية، وخاصة تلك التي تسكنها مجموعات عرقية غير عربية، وحرمها من المشاركة السياسية ومن نصيبها العادل في الثروة.4 كانت الحرب التي أعلنتها هذه الحركات في عام 2003 هي التعبير المسلح عن صراع أعمق بين “مركز” مستفيد و”هامش” مقموع.13
إن تحليل هذه البيانات التأسيسية يكشف عن نقطة حاسمة: لقد تم تأطير نضال هذه الحركات عمدًا ضمن خطاب وطني شامل. لم يكن الهدف مجرد تحرير دارفور، بل تحرير السودان بأكمله من بنى الظلم والتهميش. هذا الإطار الوطني كان ضروريًا لكسب الشرعية وتجنب وصم التمرد بأنه مجرد حركة قبلية أو انفصالية. والمفارقة أن هذا الخطاب “الوطني” نفسه هو الذي تستخدمه قيادات هذه الحركات اليوم لتبرير تحالفها مع القوات المسلحة، بحجة “الحفاظ على الدولة السودانية” من الانهيار. لقد تطور مفهوم “القومية” لديهم من أداة ثورية لتغيير الدولة، إلى أداة محافظة للحفاظ على مؤسسات الدولة التي أصبحوا جزءًا منها، في مواجهة قوة منافسة. المفهوم باقٍ، لكن تطبيقه انعكس تمامًا.
الفصل الثاني: سيف الدولة – تشكيل الجنجويد وصعود قوات الدعم السريع
لفهم التحالف الحالي بين حركات دارفور والقوات المسلحة، من الضروري فهم طبيعة عدوهما المشترك، قوات الدعم السريع، التي لم تظهر من فراغ، بل تمثل تتويجًا لعقود من استغلال الدولة للصراعات المحلية وتوظيفها للميليشيات القبلية كأداة للقمع.
2.1 من الميليشيات القبلية إلى أدوات لمكافحة التمرد
تعود جذور الصراع في دارفور إلى عوامل معقدة، أبرزها التنافس على الموارد الطبيعية الشحيحة مثل الأراضي والمياه بين الرعاة الرحل (غالبًا من القبائل العربية) والمزارعين المستقرين (غالبًا من القبائل غير العربية).14 وقد تفاقمت هذه التوترات بسبب الجفاف والتصحر وغياب الدولة عن إدارة هذه النزاعات بشكل عادل.12 بدلًا من حل هذه النزاعات، عمد نظام المؤتمر الوطني إلى تسليحها وتسييسها. فعندما اندلع التمرد المسلح في 2003، لجأت حكومة البشير إلى استراتيجية وحشية لمكافحة التمرد، حيث قامت بتسليح وتنظيم ميليشيات قبلية عربية، عُرفت لاحقًا باسم “الجنجويد”، واستخدمتها كقوة وكيلة على الأرض.15
قامت هذه الميليشيات، بدعم جوي ولوجستي من القوات المسلحة السودانية، بشن حملة أرض محروقة ضد المجتمعات التي اعتُبرت الحاضنة الاجتماعية للحركات المتمردة. وقد اتُهمت بارتكاب فظائع واسعة النطاق، بما في ذلك القتل الجماعي، والاغتصاب المنهجي، والتهجير القسري، وتدمير القرى، وهي جرائم وصفتها جهات دولية بأنها ترقى إلى مستوى التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية.14
2.2 “تقنين” الميليشيا: ولادة قوات الدعم السريع
لم تكتفِ الحكومة باستخدام الجنجويد كأداة مؤقتة، بل عملت على إضفاء الطابع المؤسسي عليها. في عام 2013، تم تجميع هذه الميليشيات وإعادة هيكلتها رسميًا تحت اسم “قوات الدعم السريع”، ووضعت في البداية تحت قيادة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، ثم أصبحت تابعة مباشرة للرئيس عمر البشير.16 كان هذا التحول يهدف إلى إنشاء قوة ضاربة سريعة الحركة وموالية للنظام بشكل مطلق، يمكن استخدامها ليس فقط في دارفور، بل في أي مكان آخر في السودان لقمع التمرد.16
جاءت الخطوة الحاسمة في عام 2017، عندما أجاز البرلمان السوداني “قانون قوات الدعم السريع”، الذي منحها وضعًا شرعيًا كقوة نظامية مستقلة ولكنها تتبع للقائد الأعلى للقوات المسلحة (الرئيس).18 هذا القانون حوّل الدعم السريع من ميليشيا إلى جيش موازٍ، له قيادته وميزانيته الخاصة، مما خلق ازدواجية خطيرة في المؤسسة العسكرية السودانية.16 كانت هذه الاستراتيجية تهدف إلى حماية النظام من أي انقلاب محتمل من الجيش النظامي، من خلال خلق قوة موازنة شديدة الولاء. لكنها في الواقع زرعت بذور الحرب الأهلية المستقبلية، حيث أنشأت الدولة وحشًا لم يعد بإمكانها السيطرة عليه. حرب 2023 لم تكن انحرافًا عن المسار، بل كانت النتيجة الحتمية لهذه السياسة التي امتدت لعقدين من الزمن، حيث انقلب الصنيعة على صانعها وحلفائه الجدد.
2.3 تفكيك مقولة “القوة الدارفورية الأصيلة”
يطرح السؤال البحثي قوات الدعم السريع كـ”قوة دارفورية أصيلة”، وهي تسمية تحتاج إلى تحليل نقدي دقيق. صحيح أن قيادة وقوام قوات الدعم السريع ينحدرون جغرافيًا من إقليم دارفور، إلا أن تركيبتها الاجتماعية والقبلية ليست ممثلة لكل دارفور. ينحدر قائدها، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وغالبية مقاتليها من قبائل الرزيقات العربية (تحديدًا رعاة الإبل المعروفين بالأبالة)، بالإضافة إلى مكونات من قبائل عربية أخرى.21
الأهم من ذلك هو تاريخ هذه القوة. فقد كانت أداة الدولة في حربها ضد مكونات دارفورية أخرى، مثل الفور والمساليت والزغاوة، وهي القبائل التي تشكل الحاضنة الاجتماعية الرئيسية للحركات المسلحة.14 وبالتالي، فإن الدعم السريع ليس قوة تمثل كل دارفور، بل هو طرف فاعل في صراع أهلي داخل دارفور، له تاريخ دموي من العنف الموجه ضد مجتمعات دارفورية أخرى.2 إن وصفها بـ”الأصيلة” يتجاهل هذا التاريخ من الانقسام والعنف، ويقدمها ككيان متجانس يمثل الإقليم، وهو ما يتناقض مع الواقع. هي بالأحرى فصيل قوي من دارفور، وليس ممثلًا لكل دارفور. ورغم أن الدعم السريع يقدم نفسه اليوم كقوة قومية تمثل كل السودانيين المهمشين 20، فإن هذا الخطاب يصطدم بتاريخه الدموي وتركيبته القبلية المحدودة.21
الفصل الثالث: اتفاق جوبا للسلام – من ثوار إلى حكام
شكل اتفاق جوبا للسلام، الموقع في أكتوبر 2020، نقطة تحول مفصلية في مسار حركات دارفور المسلحة، حيث نقلها من موقع المعارضة الراديكالية خارج بنية الدولة إلى موقع الشريك الفاعل داخلها. هذا التحول لم يكن مجرد تغيير في الوضع السياسي، بل كان إعادة تعريف جذرية لمصالحها وأولوياتها، وهو ما يفسر إلى حد كبير مواقفها في حرب 2023.
3.1 الطريق إلى جوبا: واقع سياسي جديد
جاءت الفرصة التاريخية لعقد السلام بعد نجاح الثورة السودانية في ديسمبر 2018 والإطاحة بنظام عمر البشير في أبريل 2019. أدت الثورة إلى تشكيل حكومة انتقالية مدنية-عسكرية، وضعت تحقيق السلام الشامل على رأس أولوياتها.13 هذا المناخ السياسي الجديد فتح الباب أمام مفاوضات جادة بين الحكومة الانتقالية وتحالف “الجبهة الثورية” الذي ضم عددًا من الحركات المسلحة، من بينها حركة تحرير السودان بقيادة مني مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم. وبعد مفاوضات ماراثونية استضافتها عاصمة جنوب السودان، تم التوقيع على اتفاق جوبا للسلام في 3 أكتوبر 2020.25
3.2 غنائم السلام: تقاسم السلطة والثروة
لم يكن اتفاق جوبا مجرد اتفاق لوقف إطلاق النار، بل كان وثيقة معقدة لإعادة هيكلة السلطة والثروة في السودان. منحت بنود الاتفاق الحركات الموقعة، وخاصة حركات مسار دارفور، مكاسب سياسية واقتصادية غير مسبوقة:
- تقاسم السلطة: نص الاتفاق على تخصيص حصص للحركات في كافة مستويات الحكم. على المستوى الاتحادي، حصلت الحركات على 25% من مقاعد مجلس الوزراء وثلاثة مقاعد في مجلس السيادة الانتقالي.28 وبموجب هذا التقاسم، أصبح جبريل إبراهيم وزيرًا للمالية، وتولى قادة آخرون مناصب وزارية وسيادية مهمة.29 أما على المستوى الإقليمي، فقد كان المكسب الأبرز هو إعادة إنشاء “إقليم دارفور” كوحدة حكم فيدرالي، وتعيين مني أركو مناوي حاكمًا عليه.26
- تقاسم الثروة: عالج الاتفاق أحد الأسباب الجذرية للنزاع، وهو التوزيع غير العادل للموارد. فقد نص على أن يحتفظ إقليم دارفور بنسبة 40% من الإيرادات والضرائب والموارد التي يتم جمعها محليًا، على أن تذهب نسبة 60% المتبقية للخزانة المركزية.30 كما تضمن الاتفاق إنشاء صناديق خاصة لدعم التنمية وإعادة الإعمار وتعويض المتضررين في مناطق الحرب.31
- الترتيبات الأمنية: كانت هذه من أكثر البنود تعقيدًا، حيث نصت على دمج مقاتلي الحركات في القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى خلال فترة زمنية محددة.26 لكن الأهم من ذلك، أن الاتفاق سمح للحركات بالاحتفاظ بقواتها وهياكلها العسكرية في الفترة الانتقالية، وتشكيل قوة مشتركة لحماية المدنيين في دارفور.32 هذا البند منح الحركات شرعية الاحتفاظ بسلاحها وقواتها، لكنه في الوقت نفسه أضعف مبدأ احتكار الدولة للعنف.
3.3 تحول المصالح
إن الأثر الأعمق لاتفاق جوبا يكمن في أنه غير طبيعة علاقة الحركات بالدولة بشكل جذري. لقد تحولت من كونها قوة معارضة خارجية تسعى لهدم النظام القائم، إلى جزء لا يتجزأ من المؤسسة الحاكمة.33 وبالتالي، تحولت مصالحها الأساسية من تحقيق التغيير الثوري إلى الحفاظ على مكاسب اتفاق جوبا، وضمان استقرار مؤسسات الدولة التي أصبحت تمنحها السلطة والنفوذ.35
لقد كان اتفاق جوبا، رغم الاحتفاء به، آلية لدمج النخب العسكرية المسلحة في السلطة، حيث أعطى الأولوية لتقاسم المناصب بين القادة على حساب معالجة القضايا الجذرية التي يعاني منها المواطن العادي في دارفور، مثل قضايا الأراضي والعدالة الانتقالية وعودة النازحين.6 هذا النموذج، الذي ركز على إرضاء القادة المسلحين، خلق سلامًا هشًا مبنيًا على مصالح النخبة وليس على مصالحة مجتمعية حقيقية. وعندما اندلعت حرب 2023، كان من الطبيعي أن يكون الهم الأول لهؤلاء القادة هو الدفاع عن مواقعهم ومكاسبهم التي ضمنها لهم الاتفاق، وليس الدفاع عن مبدأ مجرد للعدالة. أصبح تحالفهم مع القوات المسلحة، التي كانت شريكهم في حكومة ما بعد الاتفاق، دفاعًا عن هذا الميثاق النخبوي الذي ضمن وجودهم في السلطة.
الفصل الرابع: نهاية الحياد – اختيار طرف في حرب الإبادة
مع انطلاق شرارة الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، وجدت الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا نفسها في موقف حرج. قرارها اللاحق بالتخلي عن الحياد والانخراط في القتال لم يكن مفاجئًا، بل كان تتويجًا لمسار من الضغوط والمصالح والتهديدات التي جعلت موقف الحياد مستحيلًا على المدى الطويل.
4.1 الموقف الأولي: حياد هش
في الأيام والأسابيع الأولى للحرب، سارعت معظم الحركات الموقعة على اتفاق جوبا، بما في ذلك حركتا مناوي وجبريل، إلى إعلان موقف “الحياد”، ودعت طرفي الصراع إلى وقف القتال واللجوء إلى الحوار.37 وقد بررت هذا الموقف بكونها أطرافًا في اتفاق سلام، ومسؤوليتها تقتضي أن تكون وسيطًا لإطفاء الحريق لا صب الزيت عليه.39 وفي أكتوبر 2023، أي بعد ستة أشهر من اندلاع الحرب، كانت حركتا مناوي وجبريل لا تزالان تنأيان بنفسيهما عن بيانات تدين قوات الدعم السريع بشكل مباشر، مما يشير إلى موقف حذر يهدف إلى إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة وتجنب الانجرار إلى الصراع.40
لكن هذا الحياد كان هشًا منذ البداية. فالحركات كانت جزءًا من السلطة الحاكمة التي يمثلها المكون العسكري (بشقيه، الجيش والدعم السريع)، وكان قادتها يشغلون مناصب تنفيذية عليا. كما أن امتداد الحرب إلى دارفور، معقل هذه الحركات وقاعدتها الاجتماعية، جعل من الصعب عليها الوقوف متفرجة بينما تتعرض مناطق نفوذها للدمار.
4.2 مبررات الحرب: خطاب الدفاع الوطني
في نوفمبر 2023، حدث التحول الحاسم. أعلنت الحركات الرئيسية في مسار دارفور، وعلى رأسها حركتا مناوي وجبريل، تخليها رسميًا عن موقف الحياد وقرارها بالقتال إلى جانب القوات المسلحة السودانية.41 وقد قدمت هذه الحركات مجموعة من المبررات لتبرير هذا التحول الجذري في موقفها:
- انتهاكات الدعم السريع الجسيمة: كان المبرر الأكثر إلحاحًا هو السلوك الوحشي لقوات الدعم السريع في المناطق التي سيطرت عليها، وخاصة في دارفور. أشارت بيانات الحركات إلى ارتكاب الدعم السريع لجرائم واسعة النطاق ضد المدنيين، بما في ذلك القتل على الهوية العرقية، والاغتصاب، والنهب الممنهج، وحرق القرى، واحتلال منازل المواطنين.39 وكان اغتيال والي غرب دارفور، خميس أبكر، في يونيو 2023 على يد عناصر من الدعم السريع، بمثابة نقطة تحول رمزية كشفت عن الطبيعة الدموية للصراع في الإقليم.39
- خطر انهيار الدولة وتقسيمها: تبنت الحركات خطابًا وطنيًا، مؤكدة أن مشروع الدعم السريع لا يهدف فقط إلى السيطرة على السلطة، بل إلى تفكيك الدولة السودانية وتقسيمها. وحذرت من أن انتصار الدعم السريع سيؤدي حتمًا إلى تفتيت البلاد، وأنها لن تسمح بأن تكون دارفور بوابة لهذا التفكيك.38
- التدخل الأجنبي: اتهمت الحركات قوات الدعم السريع بالاستعانة بـ”مرتزقة أجانب” وتنفيذ “أجندة خارجية” تهدف إلى تدمير السودان، وقدمت قتالها كدفاع عن سيادة البلاد ووحدتها الوطنية.43
4.3 معركة الفاشر: نقطة اللاعودة
كان العامل المباشر الذي دفع الحركات إلى دخول الحرب هو حصار قوات الدعم السريع لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. لم تكن الفاشر مجرد مدينة، بل كانت تمثل آخر معقل للقوات المسلحة والحركات الموقعة على اتفاق جوبا في إقليم دارفور، بعد سيطرة الدعم السريع على عواصم الولايات الأربع الأخرى (الجنينة، نيالا، زالنجي، والضعين).2 كما أن الفاشر هي العاصمة الإدارية لإقليم دارفور الذي يحكمه مني مناوي، ومقر قيادة القوة المشتركة للحركات المسلحة.21
لذلك، كان سقوط الفاشر يعني ليس فقط هزيمة عسكرية، بل انهيارًا كاملًا لمشروع الحركات السياسي الذي تأسس على اتفاق جوبا، وفقدانها لآخر موطئ قدم لها في الإقليم.49 أصبح الدفاع عن الفاشر مسألة بقاء ووجود، وليس مجرد خيار سياسي. لم يكن حياد الحركات ممكنًا على الإطلاق على المدى الطويل، لأن الأهداف العسكرية للدعم السريع في دارفور كانت تهدد بشكل مباشر قواعد سلطتها السياسية والإقليمية التي اكتسبتها بموجب اتفاق جوبا. كان التخلي عن الحياد حتميًا وليس خيارًا. لقد كان الحياد مجرد تكتيك مؤقت، وعندما وصل التهديد إلى عقر دارهم ومصدر شرعيتهم (الفاشر)، لم يكن أمامهم سوى القتال.
الفصل الخامس: محاسبة إيديولوجية – موازنة المبادئ والأفعال
للإجابة بشكل مباشر على السؤال المحوري حول مدى تناقض الحركات مع مبادئها التأسيسية، لا بد من إجراء مقارنة منهجية بين المبادئ التي قامت عليها والأفعال التي تمارسها اليوم. يكشف هذا التحليل عن هوة واسعة بين الخطاب الثوري الأصلي والواقع البراغماتي الحالي.
5.1 مقارنة مباشرة
يقدم الجدول التالي تحليلًا مقارنًا بين الأهداف المعلنة في المواثيق التأسيسية لحركتي تحرير السودان والعدل والمساواة، ومواقفها وتحالفاتها الحالية في حرب ما بعد أبريل 2023.
| المبدأ/الهدف التأسيسي | الدليل من الوثائق التأسيسية | الإجراء/الموقف الحالي | الدليل من التصريحات/الأحداث الحالية | تحليل التناقض/التوافق |
| محاربة الدولة المركزية القمعية | السعي لإسقاط “نظام الحكم المستبد” وتغيير “بنية الحكم”.9 التمرد ضد السلطة المركزية التي تهمش الإقليم.4 | التحالف العسكري الكامل مع القوات المسلحة السودانية، التي تمثل المؤسسة العسكرية لتلك الدولة. | إعلان المشاركة في العمليات العسكرية “في كل الجبهات” إلى جانب الجيش.43 التأكيد على دعم “شرعية الجيش في الدفاع عن البلاد”.40 | تناقض مباشر وجوهري: التحالف مع المؤسسة التي كانت تاريخيًا أداة القمع الرئيسية للنظام الذي قامت الحركات لمحاربته. |
| تحقيق العدالة لجميع المهمشين | السعي لتحقيق “العدالة الاقتصادية والاجتماعية” و”المشاركة السياسية العادلة لكل المواطنين”.9 النضال باسم “إنسان الهامش”. | الانخراط في حرب أهلية أدت إلى أكبر أزمة نزوح في العالم وتفاقم الكارثة الإنسانية في دارفور. | تبرير الحرب بأنها دفاع عن الدولة، مما يضع مصالح الدولة فوق مصالح المدنيين المتضررين.38 | تناقض عميق: المشاركة في صراع أدى إلى تدمير حياة الملايين من المهمشين الذين تدعي الحركات تمثيلهم. أصبحت حماية هياكل السلطة أولوية على حماية السكان. |
| تجاوز القبلية وبناء هوية وطنية | التأكيد على أن الحركات “قومية” ومفتوحة “لكل السودانيين”.5 الدعوة لإدارة التنوع ونبذ الإقصاء.9 | الانخراط في صراع ذي أبعاد إثنية واضحة، حيث تقاتل حركات ذات أغلبية (زغاوة) ضد قوة ذات أغلبية (رزيقات). | تأطير المعركة في الفاشر على أنها دفاع عن وجود مكونات اجتماعية معينة في وجه أخرى.21 | تناقض صارخ: التحول من خطاب وطني جامع إلى الاصطفاف في حرب تعمق الانقسامات العرقية والقبلية في دارفور، مما يحول الصراع إلى حرب أهلية داخل الهامش. |
| حماية المدنيين في دارفور | تأسست الحركات كرد فعل على عنف الدولة وميليشياتها ضد المدنيين في دارفور.14 | المشاركة في عسكرة الفاشر، آخر المدن الكبرى الآمنة نسبيًا في دارفور، مما يعرض مئات الآلاف من المدنيين والنازحين للخطر. | تبرير القتال بأنه ضروري لمنع سقوط الفاشر، رغم التكلفة الإنسانية الباهظة للحصار والمعارك.42 | مفارقة مأساوية: الحركات التي قامت لحماية المدنيين أصبحت طرفًا في معركة تعرض حياة هؤلاء المدنيين لخطر الإبادة، بحجة حمايتهم من خطر أكبر. |
| إقامة دولة ديمقراطية فيدرالية | الدعوة إلى نظام حكم فيدرالي ودولة مدنية ديمقراطية.5 | التحالف مع المكون العسكري للجيش، الذي قاد انقلاب 25 أكتوبر 2021 ضد الحكومة المدنية، ودعم “معركة الكرامة” التي يقودها. | المطالبة بالحفاظ على “مكتسبات” اتفاق جوبا، الذي تم توقيعه مع المكون العسكري، وتثبيت مبدأ الشراكة معه.35 | تناقض إيديولوجي: التحالف مع القوة التي أجهضت التحول الديمقراطي في السودان، مما يضع المصالح السلطوية المكتسبة فوق المبادئ الديمقراطية المعلنة. |
5.2 تناقض “المركز”
إن أبرز ما يكشفه هذا التحليل هو التناقض الصارخ في الموقف من “المركز”. بعد أن قضت الحركات عقدين من الزمن في محاربة الدولة المركزية ومؤسستها العسكرية (القوات المسلحة السودانية)، التي نفذت حملات الإبادة في دارفور، ها هي اليوم تقاتل تحت رايتها. ورغم أن قيادة الدولة قد تغيرت، فإن المؤسسة العسكرية تظل الرمز الأقوى لتلك السلطة المركزية التي قامت الثورة ضدها.
5.3 حرب على “أبناء دارفور”
يزداد التناقض عمقًا عند النظر إلى هوية الخصم. فالحرب ضد قوات الدعم السريع، التي يتكون معظم جنودها من أبناء دارفور، تحول الصراع الأصلي (هامش ضد مركز) إلى صراع مدمر داخل الهامش نفسه. هذه الحرب تغذي وتعمق الانقسامات الإثنية التاريخية بين المكونات العربية وغير العربية في الإقليم، وتهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي الهش بشكل لا يمكن إصلاحه.21
5.4 مصير “المهمشين”
في نهاية المطاف، يطرح السؤال نفسه: هل يخدم هذا التحالف مع القوات المسلحة المصالح العليا لشعب دارفور المهمش، أم يخدم في المقام الأول المصالح السياسية والشخصية لقادة الحركات؟ إن الكارثة الإنسانية المتفاقمة في الفاشر وغيرها من مناطق دارفور تشير إلى أن السكان المدنيين هم من يدفعون ثمن هذه الصراعات النخبوية على السلطة.42 لقد أصبحت الحركات طرفًا في حرب دمرت حياة نفس الأشخاص الذين تعهدت بالدفاع عنهم.
الفصل السادس: ما وراء البيان التأسيسي – واقعية البقاء السياسية
إن الاكتفاء بتحليل التناقض الإيديولوجي يقدم صورة غير مكتملة. فقرار الحركات بالانحياز إلى القوات المسلحة لم يكن مدفوعًا بالنسيان أو الخيانة بقدر ما كان مدفوعًا بحسابات معقدة للواقعية السياسية (Realpolitik)، حيث تطغى ضرورات البقاء والمصالح المباشرة على المبادئ المجردة.
6.1 براغماتية السلطة
الدافع الأساسي والأكثر وضوحًا هو الحفاظ على المكاسب السياسية والاقتصادية الهائلة التي حققتها الحركات من خلال اتفاق جوبا للسلام. لقد منحهم الاتفاق مناصب رفيعة (حاكم إقليم، وزير مالي اتحادي)، وشرعية سياسية، وموارد مالية، وسيطرة على الأرض.34 كان انتصار قوات الدعم السريع وسيطرتها على دارفور سيعني تلقائيًا إلغاء هذا الاتفاق وتجريد قادة الحركات من كل هذه المكتسبات.35 لذلك، فإن تحالفهم مع القوات المسلحة هو في جوهره شراكة تكتيكية لحماية مصالح مشتركة ضد تهديد وجودي مشترك. إنه ليس اندماجًا إيديولوجيًا، بل تحالف مصلحي. والدليل على ذلك هو رفض الحركات الانضواء الكامل تحت قيادة القوات المسلحة، وإصرارها على الحفاظ على استقلالية قواتها، مما يؤكد أنها شراكة بين ندين فرضتها الضرورة، وليست تبعية.51
6.2 المرجل الإثني والقبلي
لا يمكن فهم هذا التحالف دون النظر إلى الأبعاد الإثنية العميقة للصراع. لقد تحولت الحرب الوطنية بين الجيش والدعم السريع إلى غطاء لصراع أقدم وأعمق داخل دارفور. فالحاضنة الاجتماعية لحركتي مناوي وجبريل تتكون بشكل أساسي من قبيلة الزغاوة ومجموعات غير عربية أخرى.29 في المقابل، تتكون قوات الدعم السريع في غالبيتها من قبائل الرزيقات العربية (الأبالة) ومجموعات عربية أخرى.15 هذه المجموعات لها تاريخ طويل من التنافس والصراع على الموارد (الأرض والمياه) والسلطة السياسية المحلية.34
لقد وفرت حرب 2023 مسرحًا وطنيًا لهذه الخصومات القديمة لتنفجر بقوة غير مسبوقة. أصبح الجيش والدعم السريع وكيلين أو راعيين للفصائل المتنافسة داخل دارفور. وبهذا المعنى، فإن قتال الحركات ضد الدعم السريع هو استمرار، بشكل أكثر عنفًا، لصراع دارفوري داخلي على الهيمنة. لقد أجبرت الحرب على إعادة تعريف “العدو”. لعقدين من الزمن، كان العدو هو “المركز” المجرد في الخرطوم. أما اليوم، فالعدو هو خصم دارفوري محدد وملموس (الدعم السريع) أصبح قويًا لدرجة أنه يهدد ليس فقط هيمنتهم المحلية، بل الدولة بأكملها. هذا التحول من صراع عمودي (هامش ضد مركز) إلى صراع أفقي (داخل الهامش) يفسر منطق التحالف مع “عدو الأمس” (الجيش) لمواجهة “التهديد الأكبر” اليوم.
6.3 الخوف الوجودي من مشروع الدعم السريع
يتجاوز الخوف من الدعم السريع مجرد الخسارة السياسية أو الهزيمة العسكرية. هناك تصور واسع لدى قادة الحركات، وكثير من السودانيين، بأن مشروع الدعم السريع يمثل تهديدًا وجوديًا لطبيعة الدولة والمجتمع. يُنظر إلى الدعم السريع ليس كجيش يسعى للسلطة، بل كميليشيا قبلية ذات طبيعة “نهبوية” (predatory)، تهدف إلى تفكيك مؤسسات الدولة واستبدالها بنظام حكم قائم على الولاءات القبلية والعنف، وإنشاء هرمية اجتماعية جديدة تهيمن عليها المكونات القبلية للدعم السريع.45 من هذا المنظور، فإن القوات المسلحة، بكل عيوبها وتاريخها القمعي، تمثل على الأقل نظامًا مؤسسيًا معروفًا وقابلًا للإصلاح، بينما يمثل الدعم السريع فوضى شاملة وانهيارًا كاملًا للدولة.47
6.4 التشرذم الداخلي وتغير الولاءات
من المهم الإشارة إلى أن قرار الانحياز للجيش لم يكن بالإجماع. لقد أدت الحرب إلى انقسامات حادة داخل الحركات الموقعة على اتفاق جوبا نفسها. فهناك فصائل مهمة، مثل حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي بقيادة الهادي إدريس، وتجمع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر، اختارت البقاء على الحياد أو عارضت الانحياز للجيش، مما أدى إلى انشقاقات داخلها.29 هذا التشرذم يوضح أن قرار الحرب كان مثيرًا للجدل للغاية حتى داخل المعسكر الدارفوري المسلح، وأن الحسابات السياسية والقبلية تختلف من فصيل لآخر.50
خاتمة: ثمن السلطة ومستقبل دارفور
يقدم هذا التقرير تحليلًا يوضح أن تحالف حركات دارفور المسلحة مع القوات المسلحة السودانية يمثل قطيعة حاسمة مع المُثُل الثورية التي تضمنتها بياناتها التأسيسية. هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتيجة منطقية لمسار طويل من التغيرات التي حولت هذه الحركات من كيانات متمردة إلى شركاء في السلطة. لقد كان هذا التحول مدفوعًا بمزيج معقد من البراغماتية السياسية للحفاظ على المكاسب المكتسبة عبر اتفاق جوبا للسلام، وتصاعد الصراعات الإثنية داخل دارفور إلى مستوى وطني، والخوف الوجودي من المشروع السياسي والعسكري لقوات الدعم السريع.
إجابةً على السؤال المحوري، نعم، لقد ناقضت هذه الحركات بشكل جوهري مبادئها الأصلية. لقد تأسست لتفكيك نظام قائم على القمع المركزي العنيف، وهي اليوم تقاتل للحفاظ على النواة المؤسسية لذلك النظام. لقد حملت السلاح باسم المهمشين، وهي اليوم طرف رئيسي في صراع تسبب في أكبر كارثة إنسانية في العالم، ودمر حياة نفس السكان الذين ادعت تمثيلهم.42
إن تداعيات هذا التحول على المستقبل قاتمة وتبعث على القلق:
- مصير اتفاق جوبا للسلام: لقد مات الاتفاق فعليًا كوثيقة سلام، وتحول إلى مجرد إطار سياسي لتحالف عسكري. أصبحت بنوده المتعلقة بتقاسم السلطة والثروة هي الغراء الذي يربط الحركات بالجيش، بينما تم نسيان بنود العدالة وعودة النازحين بالكامل.34
- النسيج الاجتماعي في دارفور: أدت الحرب إلى تعميق الشروخ الإثنية بين المكونات العربية وغير العربية في الإقليم إلى نقطة اللاعودة. إن الاصطفاف الحالي يهدد بإشعال دورة لا تنتهي من العنف الانتقامي، مما يجعل أي مصالحة مستقبلية أمرًا شبه مستحيل.3
- مستقبل الدولة السودانية: إن اعتماد القوات المسلحة على ميليشيات إثنية وجهوية في حربها لا يؤدي إلا إلى إضعاف فكرة بناء جيش وطني مهني موحد. إنه يكرس نموذج الدولة المجزأة التي تحكمها فصائل مسلحة متنافسة، وهو نفس المرض الذي كان من المفترض أن تعالجه هذه الحركات.
في النهاية، تروي رحلة حركات دارفور المسلحة من متمردين إلى حكام قصة مأساوية عن دورات الصراع: فالثورات التي تولد من رحم مُثُل العدالة يمكن، تحت ضغوط السلطة والبقاء، أن تتورط في نفس الأنظمة التي سعت إلى تدميرها، لتساهم في نهاية المطاف في إدامة العنف الذي تعهدت بوضع حد له.
المراجع
- دارفور والأزمة في السودان – مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية, accessed September 2, 2025, https://acpss.ahram.org.eg/News/20904.aspx
- Bolstering Efforts to End Sudan’s Civil War – International Crisis Group, accessed September 2, 2025, https://www.crisisgroup.org/africa/horn-africa/sudan/bolstering-efforts-end-sudans-civil-war
- ما تأثير انضمام الحركات المسلحة إلى الجيش السوداني في حربه على الدعم السريع؟, accessed September 2, 2025, https://www.aljazeeramubasher.net/news/reports/2024/4/5/%D9%85%D8%A7-%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%86%D8%B6%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89
- أزمة دارفور من 2003 إلى 2016 | الموسوعة – الجزيرة نت, accessed September 2, 2025, https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2016/9/7/%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%AF%D8%A7%D9%81%D9%88%D8%B1-%D9%85%D9%86-2003-%D8%A5%D9%84%D9%89-2016
- حركة تحرير السودان | الموسوعة | الجزيرة نت, accessed September 2, 2025, https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2014/2/10/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86
- الخطابة والواقع: فشل حل الصراع في دارفور – Small Arms Survey, accessed September 2, 2025, https://www.smallarmssurvey.org/sites/default/files/resources/HSBA-WP-19-The-Failure-to-Resolve-the-Darfur-Conflict-arabic.pdf
- ميثاق السودان التأسيسي.. 32 بندًا ترسم ملامح “الدولة الجديدة” – Im Arabic, accessed September 2, 2025, https://imarabic.com/%D9%85%D9%8A%D8%AB%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A-32-%D8%A8%D9%86%D8%AF%D9%8B%D8%A7-%D8%AA%D8%B1%D8%B3%D9%85-%D9%85%D9%84/
- السودان.. التوقيع على الميثاق التأسيسي لحكومة الوحدة والسلام | سكاي نيوز عربية, accessed September 2, 2025, https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1779112-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%AB%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D9%94%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A-%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85
- (JEM) النظام األساسي ل حركة العدل والمساواة السودانية لعام 2012, accessed September 2, 2025, https://sudanjem.com/wp-content/uploads/2022/08/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9-2012-%D8%AE%D8%A7%D8%B5.pdf
- النظام الأساسي لحركة العدل والمساواة السودانية لعام2012, accessed September 2, 2025, https://sudanjem.com/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D9%88%D8%A7%D8%A9-2/
- دارفور 18 عاما.. ولا زال العنف مستمرا (إطار) – Anadolu Ajansı, accessed September 2, 2025, https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%81%D9%88%D8%B1-18-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D9%88%D9%84%D8%A7-%D8%B2%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%81-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%A7-%D8%A5%D8%B7%D8%A7%D8%B1/2229966
- Sudan: Conflict Analysis and Options for Systemic Conflict Transformation. A Northern and a Southern View – Berghof Foundation, accessed September 2, 2025, https://berghof-foundation.org/files/publications/SUD_Sudan_Options_for_Systemic_Conflict_Transformation.pdf
- حماية الثورة السودانية | International Crisis Group, accessed September 2, 2025, https://www.crisisgroup.org/ar/africa/horn-africa/sudan/281-safeguarding-sudans-revolution
- الحرب في دارفور – ويكيبيديا, accessed September 2, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8_%D9%81%D9%8A_%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%81%D9%88%D8%B1
- الحرب األخرى: الصراع العربي الداخلي في دارفور – Small Arms Survey, accessed September 2, 2025, https://www.smallarmssurvey.org/sites/default/files/resources/HSBA-WP-22-The-Other-War-Inter-Arab-Conflict-in-Darfur-arabic.pdf
- قوات الدعم السريع في السودان | الموسوعة | الجزيرة نت, accessed September 2, 2025, https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2023/5/15/%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86
- قوات الدعم السريع – ويكيبيديا, accessed September 2, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%B9
- كيف نشأت قوات الدعم السريع وما المسار الذي قطعته لتصل إلى وضعه؟ – YouTube, accessed September 2, 2025, https://www.youtube.com/watch?v=QUWaes1YzjU
- قوات الدعم السريع في السودان.. نشأتها وتطورها – YouTube, accessed September 2, 2025, https://www.youtube.com/watch?v=z1Gufhsx1Qg
- الاسئلـــة الشائعـــة – قوات الدعم السريع, accessed September 2, 2025, https://rapidsupportforce.com/faqs
- انقسام في الحواضن القبلية للدعم السريع يهدد وضعها الميداني | سياسة …, accessed September 2, 2025, https://www.aljazeera.net/politics/2024/6/14/%D8%A7%D9%86%D9%82%D8%B3%D8%A7%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B6%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A8%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85
- التجنيد القبلي لقوات الدعم السريع.. إشعال حرائق جديدة في نيران الحرب – سودان تربيون, accessed September 2, 2025, https://sudantribune.net/article293150/
- ملف السودان سنة من الحرب: تدمير النسيج الاجتماعي للثورة – Migration Control, accessed September 2, 2025, https://migration-control.info/ar/blog/%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%AA%D8%AF%D9%85%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9/
- انقسام في حركة تحرير السودان ودعوات لإقالة مناوي | Ultra Sudan – الترا سودان, accessed September 2, 2025, https://ultrasudan.ultrasawt.com/%D8%A7%D9%86%D9%82%D8%B3%D8%A7%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%A5%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%8A/%D9%85%D9%86%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%8A%D9%85/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1
- ما الذي يعوق اتفاق جوبا للسلام في السودان؟ – مركز المستقبل, accessed September 2, 2025, https://futureuae.com/ar/Mainpage/Item/6333/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%A8%D8%B9%D8%A9-%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D9%88%D9%82-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%AC%D9%88%D8%A8%D8%A7-%D9%84%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86
- بدء تنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية لمسار دارفور.. هل يوقف نزيف …, accessed September 2, 2025, https://www.aljazeera.net/politics/2022/2/3/%D8%A8%D8%AF%D8%A1-%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A%D8%B0-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%AA%D9%8A%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A9
- هل يفضّ الجيش شراكته مع حلفائه بدارفور؟.. تقسيم السودان على مؤشر وزاري – العين الإخبارية, accessed September 2, 2025, https://al-ain.com/article/sudan-army-darfur-secession
- اتفاق على المحك.. جدل متصاعد حول تنفيذ اتفاق جوبا وسط ضغوط لإعادة تقاسم السلطة – اخبار السودان, accessed September 2, 2025, https://www.sudanakhbar.com/1663737
- تكون الحركات المسلحة: تقاطعاتها و الأدوار المتوقعة منها خلال الصراع الحالي, accessed September 2, 2025, https://insights-sd.org/ar/%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1-%D8%A3%D8%AF%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%81%D9%88%D8%B1-%D9%88-2/
- بعد 10 أشهر من المفاوضات.. هذه أهم بنود اتفاق سلام السودان – سكاي نيوز عربية, accessed September 2, 2025, https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1372762-10-%D8%A7%D9%94%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%AA-%D9%87%D8%B0%D9%87-%D8%A7%D9%94%D9%87%D9%85-%D8%A8%D9%86%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86
- اتفاق السلام السوداني – ويكيبيديا, accessed September 2, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A
- Future Center – هل يؤدي اتفاق جوبا للسلام إلى سودان جديد؟, accessed September 2, 2025, https://futureuae.com/enUS/Mainpage/Item/5831/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A9-%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%A4%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%AC%D9%88%D8%A8%D8%A7-%D9%84%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF
- اتفاق سلام جوبا (2020): طائر الشؤم – اندبندنت عربية, accessed September 2, 2025, https://www.independentarabia.com/node/626267/%D8%A2%D8%B1%D8%A7%D8%A1/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%AC%D9%88%D8%A8%D8%A7-2020-%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A4%D9%85
- السودان: أي مستقبل لاتفاق جوبا؟ – جريدة القدس العربي, accessed September 2, 2025, https://www.alquds.co.uk/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A3%D9%8A-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%AC%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%9F/
- اجتماع بين كامل إدريس وأطراف حركات اتفاق جوبا ومناوي يلوّح بـ”كشف المستور” واتهامات لتمبور باشعال الجدل – اخبار السودان, accessed September 2, 2025, https://www.sudanakhbar.com/1662034
- ما مصير اتفاق جوبا للسلام بعد التسوية السياسية بالسودان؟ | سياسة – الجزيرة نت, accessed September 2, 2025, https://www.aljazeera.net/politics/2022/12/10/%D9%85%D8%A7-%D9%85%D8%B5%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%AC%D9%88%D8%A8%D8%A7-%D9%84%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86
- ما وراء الحياد: مستقبل توجهات الحركات المسلحة السودانية إزاء الصراع بين الجيش والدعم السريع, accessed September 2, 2025, https://epc.ae/ar/details/featured/mustaqbal-tawajuhat-alharakat-almusalaha-alsuwdania-iza-alsirae-bayn-aljaysh-waldaem-alsarie
- حركات دارفور المسلحة تُعلن تخليها عن الحياد وانضمامها لقتال مليشيا الدعم السريع مع القوات المسلحة – YouTube, accessed September 2, 2025, https://www.youtube.com/watch?v=_SExZ9g9PMg
- ما وراء خروج “حركات دارفور” عن الحياد.. الدلالات والآثار | Ultra Sudan – الترا سودان, accessed September 2, 2025, https://ultrasudan.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%AE%D8%B1%D9%88%D8%AC-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%81%D9%88%D8%B1-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1/%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%86/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9
- حركتا جبريل ومناوي تتنصلان عن بيان للحركات الموقعة على السلام …, accessed September 2, 2025, https://sudantribune.net/article278821/
- حركات مسلحة تنفي اتهامات حول ابتزازها للجيش السوداني مقابل القتال بجانبه – المراسل, accessed September 2, 2025, https://al-murasil.com/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D8%B2%D8%A7%D8%B2%D9%87%D8%A7/
- الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا تعلن إنهاء الحياد والقتال ضد «الدعم السريع», accessed September 2, 2025, https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/4673351-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%AC%D9%88%D8%A8%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%A5%D9%86%D9%87%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AA%D8%A7%D9%84
- بيان حركات دارفور المسلحة الموقعة على إتفاق جوبا عن موقفها من الحرب مع مليشيا الدعم السريع المتمردة – YouTube, accessed September 2, 2025, https://www.youtube.com/watch?v=IArYWrdtW_Y
- الحركات المسلحة تخرج عن حيادها بالصراع السوداني – YouTube, accessed September 2, 2025, https://www.youtube.com/watch?v=GTMsPJ2atgw
- مناوي يؤكد أن حياد قواته ليس مطلقا وأن الخروج عنه لا يعني الانحياز للجيش – سودان تربيون, accessed September 2, 2025, https://sudantribune.net/article279870/
- «تحرير السودان» بقيادة مناوي تعلن مقاطعة ورشة القاهرة – سودان تربيون, accessed September 2, 2025, https://sudantribune.net/article281633/
- تأثير انضمام حركات دارفور إلى الجيش على مسار الأزمة السودانية, accessed September 2, 2025, https://rcssegypt.com/15884
- معركة الفاشر ترسخ الطابع الإثني والقبلي في دارفور – Al Arabiya, accessed September 2, 2025, https://www.alarabiya.net/politics/2023/11/20/%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B4%D8%B1-%D8%AA%D8%B1%D8%B3%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A8%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AB%D9%86%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A8%D9%84%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%81%D9%88%D8%B1
- حركات مسلحة تنفي اتهامات بـ«ابتزاز» الجيش السوداني مقابل القتال بجانبه – الشرق الأوسط, accessed September 2, 2025, https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5073300-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%80%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D8%B2%D8%A7%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AA%D8%A7%D9%84
- والي شمال دارفور السابق: لا نعترف بالحكومة الحالية ونستمد شرعيتنا من الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا, accessed September 2, 2025, https://rhinosd.net/?p=8191
- السودان.. حركة جبريل إبراهيم تتحدى قرار البرهان – سكاي نيوز عربية, accessed September 2, 2025, https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1814690-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%AC%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%95%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%AA%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%89-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%86
- خلافات عسكرية تهدد بإشعال السودان مجددا.. حركة جبريل إبراهيم تتحدى قرارات البرهان – YouTube, accessed September 2, 2025, https://www.youtube.com/watch?v=6GtPZ0559gQ
- السودان: مناوي يبدي استعداده للتفاوض مع حميدتي وحمدوك – الشرق الأوسط, accessed September 2, 2025, https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5169847-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%8A-%D9%8A%D8%A8%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%AF%D9%87-%D9%84%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%88%D8%B6-%D9%85%D8%B9-%D8%AD%D9%85%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D9%88%D8%AD%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%83
- انقسام القوة المشتركة للحركات المسلحة في دارفور – مركز التقدم العربي للسياسات, accessed September 2, 2025, https://www.arabprogress.org/%D8%A7%D9%86%D9%82%D8%B3%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%AD/
علاقة الحركات المسلحة بالفاعلين المحليين في دارفور: دينامياتها وتأثير الحرب, accessed September 2, 2025, https://insights-sd.org/ar/the-relationship-of-armed-movements-with-local-actors-in-darfur-dynamics-and-the-impact-of-war/



