مقالات وآراء

كيف استمر نقض العهود والمواثيق بعد ثورة ديسمبر؟

نورالدين عثمان

يسألني البعض عن رأيي في ما أعلنه تحالف تأسيس من حكومة، وما سيترتب عليه مستقبلًا، وأعتقد أن هذه الخطوة لا تعد كونها مجرد كرت ضغط لحكومة البرهان والجيش للجلوس في تفاوض يعيد الأمر إلى ما كان عليه قبل 15 أبريل 2023م.

كما لا يمكن للدول والمؤسسات الدولية الاعتراف بها كحكومة شرعية لجمهورية السودان، وهذا الأمر في تقديري غير مبرر أمام الشعب السوداني أو أمام المجتمع الدولي، فالشرعية لا تكتسب بإعلان حكومات على الهواء مباشرة، فهناك طرق سلمية وأدوات نضال معروفة ومجربة لاكتساب الشرعية، وآخرها الحراك الشعبي السلمي في ديسمبر 2018م الذي أسقط نظام الإنقاذ الأول بعد حكم استمر 30 عامًا.

فمليشيا الجنجويد هي أساس هذا التحالف وهي من تقود كل هذا العمل، وبقية التنظيمات مجرد تابعة لا حول لها ولا قوة، وبعد أن فقدت الامتيازات التي كانت تتمتع بها حين كانت في عباءة الجيش، وبعد أن بدأت تفقد مناطق سيطرتها يومًا بعد يوم، تحاول التماسك عبر اختراق العمل السياسي بمزاحمة حكومة البرهان في الحكم، معتبرةً حكومة البرهان غير شرعية، ومن حقها إعلان حكومة موازية بذات الطريقة لتنزع هذه الميزة، ولكن ربما تغافلت المليشيا عمدًا عن مسألة الاعتراف الدولي، في محاولة لتكرار النموذج الليبي أو اليمني أو الصومالي، ولكن كل هذه النماذج تختلف تمامًا عن الوضع في السودان.

وفي تقديري بعد كل ما فعلته هذه المليشيا بالمواطنين العزل من سرقة ونهب وقتل، وما تزال تمارس ذات السلوك في كل منطقة تدخلها، لن تجد التأييد الداخلي، وستظل تبحث عن هذا التأييد من خلال الميديا، وصناعة المحتوى المعد مسبقًا لذلك، فهي لا تمتلك أفقًا للحل، وتظن ومن خلفها تحالف تأسيس، أن هناك دولة جديدة ستقدم لهم على طبق من ذهب، وبمجرد إعلانهم حكومة موازية، ستفتح لهم أبواب الاعترافات الدولية، وستنهال عليهم بطاقات التهنئة، وستخرج المسيرات الشعبية المؤيدة، ويبدو (ما لعبوها صح)، ولم يكن هناك رؤية وتخطيط استباقي، والمنطق يقول إن اتخاذ مثل هذا القرار يجب أن يسبقه تنسيق مع عدد من الدول، وإطلاق حملة اعترافات دولية تزامنًا مع إعلان حكومتهم، ولكن يبدو أن تأخر الإعلان كل هذا الوقت كان سببه البحث عن هذا الاعتراف المفقود، ومن الواضح انهم فشلوا في هذا الأمر، وبمجرد إعلانها تحولت الحكومة الوليدة إلى مجرد كرت ضغط قد ينتهى مفعوله بانتهاء فعاليته.

الطبيعي أن أي حرب تنتهي بطاولة مفاوضات، وتختلف الأجندة وفقًا لمعطيات الواقع والنتائج المتوقعة، وفي وضعنا الحالي، يجب أن لا نغفل الرأي العام السوداني، لجهة أن الجميع يريد دولة مستقرة بجيش واحد وسلطة مدنية يعملان بتوافق تام، وهذا الأمر لن يتحقق في حال كانت الأجندة هي العودة إلى وضع ما قبل 15 أبريل، وإعادة ذات الوضع القديم، والتشاكس المعهود بين الجيش والدعم من جانب وبين العسكر والمدنيين من جانب آخر، وفي الحالتين المواطن هو الخاسر.

ولتحقيق استقرار مستدام، يجب أن يكون التفاوض حول حل جميع المليشيا أو دمجها في الجيش، والخروج بالمؤسسة العسكرية بكاملها إلى بر الأمان، لتكون هي السند الحقيقي لاستمرار النظام المدني، وأن يكون تمثيلها في مؤسسات الدولة عبر وزارة الدفاع، وتفرغ العسكر لأداء مهاهم في النهضة بالقطاع العسكري وما يتبع له من صناعات دفاعية وغيرها، ومن الجانب الآخر يتفرغ المدنيين لأداء مهامهم السياسية والتنموية وبناء علاقات خارجية أساسها الندية والمصلحة الوطنية، وأي مسار غير هذا سيعيد إنتاج الأزمة، وسيرسخ مبدأ المحاصصات والترضيات، وكأنك يا زيد ما غزيت.

خوض تجربة مدنية حقيقية الآن ضرورة ملحة، مع الصبر عليها، وتصحيح أخطائها من خلال الاستمرارية، وتجويدها، والإيمان بها، وليس الانقلاب عليها أو شيطنتها، تمهيدًا للعودة إلى “الدائرة الشريرة” التي يعيشها السودان منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، تتمثل في حكم مدني فوضوي، يعقبه انقلاب عسكري دكتاتوري يتم اسقاطه بانتفاضة شعبية تعيد الحكم المدني مرة أخرى، وقبل أن تنضج التجربة المدنية، ينقلب عليها العسكر بحكم عسكري نهايته الحتمية تكون دائمًا بانتفاضة شعبية جديدة، “والساقية لسه مدورة”.

[email protected]

تعليق واحد

  1. واضح ان الدماء الفرغليه الشبراويه تجري في عروق كاتب المقال ولذلك جاء مقاله متحيزا ومضللا ومخادعا وينضح قذارة كيزانيه.. نحن يا نطف الدفتردار بعد هذه الحرب اللعينه لن يضحك علينا احد والكذبه الكيزان والدجالين امثالكم الذين يخدعون الناس عن عمد بغية استعبادهم واضطهادهم خدمة لمشروع مصر في السودان، سيكون حسابهم عسيرا في محاكم شوارع مستعجله ونافذه… طفح كيلنا من عملاء مصر المتجنسون بالجنسية السودانيه ولا يريدون خيرا للسودان قط ومعركتنا معهم اصبحت معركة كسر عظم فأما انتصرنا عليهم وبقي وجه السودان للسودانيين فقط المؤمنين بالسودان وافريقيته وحقه في البقاء دولة مستقله ذات سيادة وخاليا من جواسيس الاستعمار وابنائهم واما ان ينتصروا هم وبعدها فتهنأ مصر بسودان الكيزان المحافظة الجنوبيه الجديده لها.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..