أهم الأخبار والمقالات

الاعتراف بالتلوث الكيميائي المنبعث من المصانع: ماذا يترتب عليه؟

عبد القادر محمد أحمد / المحامي

المقال السابق “جدلية التلوث الكيميائي بين النفي والإثبات” انتهى إلى وجود تناقض بين تقرير مجلس البيئة، الذي يؤكد التلوث، وتقرير وزارة الصحة الذي ينفيه، بما يستوجب إجراء فحص مستقل ومحايد يوضح الحقيقة.

غير أنّ أحد الإخوة علّق بأن المنطقي هو ترجيح تقرير مجلس البيئة للأسباب الموضوعية التي ذكرها.

والحقيقة أنّ ما يستوقف هو أنّ طبيعة هذا الموضوع وارتباطه بصحة المواطن، وما يفرضه ذلك من أهمية عنصر الزمن، وحكمة تدارك الأمر، يقتضي التعامل مع أسوأ الاحتمالات وهو الأخذ بتقرير مجلس البيئة. فلا معنى إذن للانتظار أو الاكتفاء بالحديث عن تقرير محايد.

ومع ذلك، يبقى إجراء فحص مستقل ومحايد خطوة ضرورية للوقوف على مستجدات التلوث. بل إن اتخاذ أي إجراءات بيئية أو صحية يتطلب فحصًا حديثًا يحدد مواقع التلوث وأنواعه ودرجاته.

عليه، يصبح السؤال: ما هي الإجراءات العاجلة والمستقبلية المطلوب اتخاذها لتدارك أمر التلوث الكيميائي المنبعث من المصانع، من الناحية البيئية والصحية؟لا شك أن تحديد هذه الإجراءات يتطلب خبرة متخصصة ومعرفة دقيقة بالواقع المحلي.

لذلك، فإن الإجابة على هذا السؤال يجب أن تكون على المختصين والاستشاريين في المجال البيئي، لما قد يكون لديهم من بيانات ميدانية، وما لديهم من خبرة في التخطيط والتنفيذ، والقدرة على اقتراح حلول قابلة للتطبيق وفقًا للواقع المحلي، وتحديد ما هو مطلوب من السلطة وما على المواطن فعله لحماية صحته.

ومن هنا، نناشد كل المختصين السودانيين في مجال البيئة والصحة لتبني هذه القضية باقتراح الإجراءات العاجلة والمستقبلية لمواجهة التلوث، فالقضية تمس صحة الناس وبيئتهم، ولا تحتمل الانتظار.

ونؤكد هنا التزامنا بتناول هذا الموضوع بموضوعية ومن منظور علمي هدفه صحة المواطن، بعيدًا عن أي تسييس قد يحول دون مشاركة بعض المختصين.وعلى الرغم من التشابك، فإن تركيزنا هنا ينصبّ على التلوث الناجم عن ضرب المصانع، وهي قضية أقرت بها الحكومة بعد أن أجرت الفحوص اللازمة، وأكدت وجودها وأعلنت نتائجها محليًا وخارجيًا.

ورغم أنّ الدكتورة منى، الأمين العام لمجلس البيئة، كشفت في أكتوبر الماضي عن التلوث البيئي في العاصمة جراء قصف المصانع، محذّرةً من خطورته ومؤكدةً ضرورة تضافر الجهود لمعالجته، ثم كررت ذات النداء في مؤتمر الوزراء العرب؛ إلا أنّ المجلس التزم الصمت بعد ذلك، دون إطلاق حملات توعية أو إصدار بيانات توضّح متابعته للقضية. لكن، لا يزال المطلوب أن ينهض المجلس بدوره كمؤسسة رقابية وإرشادية مسؤولة عن حماية البيئة.

كما يلاحظ أن تقرير وزارة الصحة أوصى بضرورة الاستمرار في عمليات الرصد البيئي والصحي بشكل دوري، وتعزيز الجاهزية الصحية، وتفعيل نظام الرصد المرضي والطب العدلي لمتابعة أي تطورات محتملة.

وهذا يعني أن الوزارة لا تُغلق الباب أمام أي فحوص لاحقة أو إجراءات تهدف إلى حماية صحة المواطن.

وعليه، فإننا نطالب وزارة الصحة وجميع المسؤولين في الدولة بضرورة الاضطلاع بمسؤولياتهم الوظيفية والإنسانية تجاه هذه القضية التاريخية الحساسة، بما يضمن حماية البيئة وصون حياة الأجيال الحاضرة والمقبلة.

‫3 تعليقات

  1. الموضوع يا استاذ ماخذ منحني اخر … سياسي بحت و بمجرد قراءة العنوان تذهب التفاسير الي منطق آخر و تفسير آخر… التلوث الكيمياءي يمكن أن يحدث داخل اي مطبخ في اي بيت…. لكن اخ زهقنا وقرفنا من التسيس…

  2. المشكله الكبري التي ستواجه اي لجنه محايده هو الاثار المدمره لاستخدام الجيش
    الاسلحه المحرمه دوليا ضد الشعب خصوصا غاز الكلور الذي يحتاج علي اقل تقدير الي 20 سنه حتي يفقد آثاره المدمره للبيئة والانسان فماذا نحن فاعلون هل سنكتفي بادانة الجيش ام هناك تدابير اخري لانعرفها وهل يمكن اعتبار العاصمه والاماكن الاخري التي ضربها الجيش بالاسلحه الكيماويه الممحرمه دوليا اماكن قابله للسكن والعيش فيها والاكل من منتجاتها الزراعيه والشرب من مياهها ؟!!!!!!!

  3. الشكر اجزلة والتقدير والتجلة علي هذا المقال المضئ الالق وسط عتمة الجهل والاستقطاب. ….
    وورد فيه عبارة مفتاحية ثاقبة … اقتبسها:
    “الإجابة على هذا السؤال يجب أن تكون على المختصين والاستشاريين في المجال البيئي، لما قد يكون لديهم من بيانات ميدانية، وما لديهم من خبرة في التخطيط والتنفيذ، والقدرة على اقتراح حلول قابلة للتطبيق وفقًا للواقع المحلي، وتحديد ما هو مطلوب من السلطة وما على المواطن فعله لحماية صحته”
    – انتهي الاقتباس.

    والسؤال المنطقي الملح هو:
    هل من عاقل رشيد حتي بعد ضياع وقت ثمين في المماحكة والممطالة ان يسعف ويتدارك الامر اي كان مسبباته بتنشيط فريق عمل من المختصيين والاستشارين -ولا اقول لجنة- لوضع خطة طوارئ اسعافية عاجلة للتصدي لهذه الكارثة الصحية الخطيرة …

    وهل لا يزال هناك وسط ركام الخراب والتخريب العام والارتجال اللامبالاة والاستهتار الرسمي بقية من واعز اخلاقي وضمير وطني يعي ويدرك مدي خطورة عواقب التلوث الكيميائ !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..