حسن أبو زينب عمر
ستظل التنمية غير المتوازية التي تصنع العصبيات وصراعات العبث المجنونة لعنة تطارد حكومات السودان عسكرية كانت أم مدنية. ففي بلد مترامي الأطراف ضعيف التوصل كالسودان تتحول الكثير من الموارد التي حبى بها الله البلاد بطولها وعرضها هباءا تذروه الرياح لأسباب جمة منها بعد مناطق الإنتاج عن مناطق الاستهلاك.
(2)
لعل هذا هو المدخل للحديث عن عقبة ياس التي تربط ولاية البحر الأحمر وتحديدا مدينة بورتسودان بولايات نهر النيل والشمالية وهي مناطق زراعية في حاجة ماسة للانفتاح على الأسواق لتسويق منتجاتها سواءا في بورتسودان أو في العالم الخارجي عبر الميناء ..هذه المنتجات تتمثل في القمح و البقوليات بجميع أنواعها فضلا عن التمور و الخضروات والفواكه المختلفة .. إضافة الى ذلك فالطريق يعبر مناطق زراعية في وادي أمور ووادي (أقوامت) وخور (نوراي) وخور (أبو علم) وكلها أراض خصبة تتوفر بها المياه وتنتج كل أنواع الخضروات والموالح من الليمون والبرتقال والقريب فضلا عن التمور. وهي منتجات ذات قيمة عالية في الجودة ومطلوبة كثيرا في الأسواق العالمية لأنها عضوية organic.
(3)
الميزة الكبرى لهذا الطريق الذي تم حفر أجزاء كثيرة منه داخل صخور الجبال انه لا يقل أهمية عن الطريق القومي high way الذي يربط الميناء بالخرطوم وكسلا والقضارف ومدني أن لم يتفوق عليه لأنه يختصر المسافة من 725 كلم من بورتسودان الى أبو حمد الى 430 كلم بفارق 295 كلم. الفارق ان الأول نفذته شركات عالمية مثل (ستراباج) الالمانية و(ريكي) الإيطالية إضافة الى شركة يوغسلافية لا يحضرني اسمها الآن ولكن الإنجاز تجسد في سواعد سودانية تتصدرها هيئة الموانئ البحرية التي تتولى تمويل المشروع بنسبة 90 % ومنها أيضا شركة آرياب للتعدين ومحلية القنب والأوليب والإدارة الأهلية والشباب والتجار فضلا عن جهد مقدر من مالك شركة ارون للمقاولات والمقاول على تولناب ووكيل الناظر اشبادين الذي ساهم مع انطلاق العمل بمبلغ 8 مليارات.
(4)
يدير هذا العمل متطوعون volunteers هم المهندسين محمد الأمين هيكل (شركة أرياب) ومحمد شقواب (شركة أرياب) ومحمد تيتا (الشركة الصينية للبترول) وعمر محمد أحمد أوهسين (الموانئ البحرية) وآخرون يعملون بعيدا عن الأضواء.
هنا لابد من الإشادة لوفد المصالحة تكون من رموز من قيادات الهد ندوة منهم عمر بانفير وزير التجارة السابق وأحمد همد رئيس المجلس التشريعي السابق والعمدة شريهداب للاعتذار لمدير عام الشركة السودانية للتعدين محمد طاهر عمر عن زلة انزلقت من لسان المهندس محمد الأمين هيكل قيلت دون قصد في حق قبيلة راسخة سامقة هي قبيلة الهدندوة خوفا من تبخر حلم العمر وهو سفلتة طريق عقبة ياس في خطوة واعية عاقلة شجاعة ضربت في مقتل أفاعي الفتنة وهواة الصيد في المياه العكرة الذين لا عمل لهم سوى النفخ في سموم العنصريات والجهويات التي هي تعصف بمجتمعات السودان وتحديدا قومية البجا في الشرق .
(5)
نحن هنا لسنا بصدد تقييم شخصية محمد طاهر عمر فهو رجل ذو كفاءة عالية نادرة وعلى خلق وتهذيب كبيرين ويتمتع بصدر واسع اتفق عليه الآخرين أو اختلفوا حوله ولكن الذي يهمنا هنا هو الغاية النهائية للمشروع فاذا تم حكم الإعدام على عالم الفلك والفيزيائي الإيطالي (جاليليو) بتهمة قوله ان الأرض كروية فستظل الأرض كروية قطعوا رأسه أم تركوها وستظل سفلتة طريق عقبة مهمة استراتيجية بقي محمد طاهر عمر أم رحل وان كان حلم الكثيرين أن يغادر شامخ النفس مرفوع الرأس تاركا بصمات لن ينساها أحد بعد القيام بدوره الطبيعي المطلوب لقيادة الشركة السودانية للتعدين في سفلتة الطريق سيما وقد نال الدعم الكامل للقيادة العليا في البلاد .
(6)
الدور المحوري للطريق في السماح لمزارعي ولايات الشمال من فتح منفذ قريب لهم لتسويق منتجاتهم التي يفسدها حينا بعد الطرق الى الأسواق وأحيانا رداءة هذه الطرق ينسحب أيضا على مزارعي مناطق أمور في قلب الجبال السوداء الموحشة مع دور هذه الطرق في توفير السلع الضرورية للآلاف الذين يطحنهم الجوع والمسبغة في شرق السودان وهو الذي دفع الحكومة في أعلى مستوياتها ممثلة في الفريق البرهان لإيلاء الاهتمامات المطلوبة لسفلتة الطريق الاستراتيجي فقام بتكليف هيئة الموانئ البحرية والشركة السودانية للتعدين بتولي تنفيذ مشروع السفلتة مناصفة بين الموانئ والمعادن.
(7)
لكن في الوقت الذي دقت فيه الموانئ صدرها معلنة جاهزيتها للقيام بدورها كاملا غير منقوص فان هناك تسريبات كشفت عن عدم حماس الجهة الثانية للقيام بدورها وهي جهة يعلم الجميع قدراتها التي تفوق كل قدرات وامكانيات الآخرين. فهل يعني هذا ان المولود الذي سهر عليه الجميع ودفعوا فيه الغالي والرخيص لإنقاذ حياته بعد طول انتظار سيولد جنينا ميتا بفعل فاعل؟
موضوع جدير بالدراسة والتَقَصِّي!!