مقالات وآراء

السودان.. العنصرية والجهل الموروث

محمد الربيع

“لستُ أفضل من غيري، لكنني أمتلك قناعات قوية تجعلني ارفض مقارنة نفسي بالآخرين”
وليم شكسبير
هذه الممثلة البريطانية ميكايلّا كويل (٣٨) عاماً المولودة في العاصمة لندن، ذهبت إلي كندا لحضور مهرجان تورنتو الدولي وأرادت أن تستقل شهرتها وفي هذه المناسبة العالمية حيث تتزاحم عدسات المصورين وعيون الصحفيين لتذكير العالم بمأساة الحرب السودانية وتذكيرهم بضرورة إيجاد حل لهذه الحرب العبثية اللعينة ولم تجد دعاية أفضل لهذا العمل الإنساني أكثر من إرتداء الثوب السوداني ووضع الحنة السودانية لتظهر متألقة في زي المرأة السودانية بالكامل في مشهد إنساني يعبّر عن عمق التضامن ونقاء الضمير وبما أنها تشبه السودانيات شكلاً وملامح فقد كان الأمر غاية في الجمال ووجدت علي إثرها إشادة عالمية ومن زاوية أخري ساهمت في نشر الزي القومي للمرأة السودانية “مجانا” وقدمت أفضل دعاية ،،،،
ولكن ……
بما أنّ ملامحها “السودانية” تشبه نساء من “جهات معينة” بعيدة عن المركز حسب التنميط السوداني البغيض ومعاييرهم “الرغائبية المتخيّلة” عن المرأة السودانية لذلك تمت مهاجمتها ووصمها بألفاظ عنصرية مثل (الخادم، الزرقة، السوداء) وغيرها من كلمات وعبارات التنمّر والعنصرية المغلفة بالجهل وعدم التحضّر !! وهذا التصرف لا يأتي إلا من فريق مناصري الجيش داعمي الحرب! في تصرف يعكس عمق التنافر المجتمعي وخطاب الكراهية والجهل العميق بل يمتد الأمر إلي الشرك بالله من خلال عدم تقبل خلقه وعدم تقبل الذات واللهث وراء العروبة واللون الفاتح وهذا هو السبب في تصنيف السودان كأكبر الدول في العالم إستهلاكاً للكريمات وكل مستلزمات تفتيح البشرة من (بدرة وحقن تفتيح) علي الرغم من فقرهم الإقتصادي، حتي اصبحت هوس فاضح يعكس عدم الثقة بالنفس وعدم القناعة بالذات وأصبح اللون الفاتح فقط هو الفيزا في سوق الزواج، الإعلام والفن ودخول التلفزيون وخاصة كل الفنانات السودانيات هن سوداوات اللون ومن أبوين سود فمن أين جئن بالبياض؟! وخاصة “البلبوسيات الملعونات” داعمات الحرب من صاحبة بل بل غيرو مافي حل ،،، مروراً بصاحبة الجوية يا مطر الحصو …. إلي صاحبة الحرِب الضرِب بيوت تتخرب ليه يعني؟! وصولا إلي صائدة الجيش أقصد “صائدة البمبان” إحدي غواصات الثورة …. وغيرهنّ من صاحبات (الفلتر والتزييف) ……
انظروا إلي هذه السمراء الجميلة الثرية والمولودة في لندن ويمكنها أن تصبح بيضاء إن أرادت لكنها ظلت سمراء بلونها الطبيعي الجذّاب كما خلقها الله لأنها متعلمة، متحضرة واثقة من نفسها فخورة بأصلها وتعلم بأنه لا يوجد جمال يضاهي الجمال الطبيعي …
يصنع الصانعون ورداً ولكن – وردة الروض لا تضارع شكلاً
ولأنها صاحبة ضمير حي ونفس جميلة لذلك لا تهتم بالمظاهر الخادعة التي تعكس القبح في جوهرها
والذي نفسه بغير جمالٍ – لا يري في الوجود شيئا جميلا
ولا يمكن لإمرأة جاهلة تعاني من عقد الألوان وعدم الثقة بالنفس وتظهر بشكل مزيّف أن تصنع مجتمع معافي ورجال واثقين مستنيرين لأن الله لا يغيّر ما بقوم حتي يغيّروا ما بأنفسهم،،،
ورحم الله أمير الشعراء
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم – فأقم عليهم مأتماً وعويلا
وإذا النساء نشأنّ في أُمّيةٍ – رّضِع الرجال جهالة وخمولا
صحيفة أقلام متّحدة
باريس متروبوليتان

تعليق واحد

  1. مشكلتنا فى السودان عميقة وعويصة ففى السودان يكون الاسم مشكلة وكذا اللون يكون مشكلة أما الانتماء الجغرافى فهو ايضا مشكلة بينما الدين هو اس المشاكل…فى منتصف السبعينات ونحن طلاب بالجامعة ركبنا سيارة تاكسى من نوع هنتر الانجليزية الى حى الحماداب بالشجرة جنوبى الخرطوم لزيارة بعض الاقارب حيث يقيمون.. ولسوء حظ السائق لم يجد راكبا غيرنا وبعد عبورنا لمحطة الجنوبى بدأ السائق يحدثنا عن ظاهرة انتشار الفأر فى مشروع الجزيرة وهو أمر لم تعرفه المنطقة من قبل… وبدون مقدمة قال السائق أن هذا الفار فى الاصل يرجع الى اثنية قالها بالاسم وهى اثنيتنا معا,,, شدنى قريبى من قميصى كى لا أعترضه واستمر الرجل فى حديثه مقسما بالله أن هؤلاء يأتون بالقطار من نيالا حتى اذا ما واصلوا احدى محطات القطار فى الجزيرة غادروا القطار واتجهوا بسرعة الى أقرب ترعة أو كنال ثم خلعوا ملابسهم وقفزوا مباشرة الى المزارع ليهلكوا المحاصيل بطريقة جنونية.. وهو يحلف بالطلاق بالثلاثة على صحة روايته عند انتهائه سألته بقولى اذا كان بمقدور الشخص ان يتحول الى فار بهذه السرعة فلماذا يخلع ملابسه لماذا لا يتنصل منها تلقائيا لان الفأر أصغر من الملابس البشرية وسألته لماذا يحتاج المرء للمجئ الى الجزيرة لينقلب فارا فيها والطبيعة فى دارفور أغنى بكثير من مثيلتها فى الجزيرة هذا ليس انتقاصا منها ولكن حقائق الجغرافيا…صمت الرجل وتنهد بعمق وقال لى والله كلامك صحيح ..بس الناس يقولوا اى كلام.. العنصرية جزء من التركيبة السودانية والاخر فى الذهن السودانى هو مصدر كل الشرور.,,, لنتذكر معا صور جزن قرنق فى برامج ساحات الفداء,,. لقد بذلت مؤسساتنا الحاكمة جهدا كبيرا لتحويل الى السودان الى بقعة عربية كالحصان الجامح فى الاتجاه المعاكس,,, فوسائط الاتصال فيه تحمل كل صفات الازدراء لما هو غير عربى شكلا ولسانا واسما فقد كانت أسماء بعضنا من جنوب وغرب السودان مثار سخرية وازدراء.. اذكر أنه بعد زلزال هايتى الرهيب 2010م والذى راح ضحيته مئات الالاف ان جمعتنا جلسة فى دار احدى الصحف السودانية مع ثلة من الصحفيين وتم استعراض خبر الزلزال وما خلفه من دمار فى هايتى.. اذا بصحفى مبتدئ يقول هازئا ( سيبك منهم خلوا الزلزال يهلكهم سود وشينين) تعجبت أن أحدا لم يقاطعه من زملائه واكتفوا بالضحك سألت الرجل هل تلك قناعته التى يعمل على نشرها عبر العمل فى الاعلام؟؟ هنا تنبه الرجل ورد قائلا لا,, ولم أزد وهو أيضا لم يزد…عشنا فى بيئات غير سودانية خاصة فى اروربا الغربية حيث شاهدنا كيف يتم الاحتفاء ببعض العارضات من جنوب السودان بسوادهن الابنوسى وطولهن الفارع مع القوام المديد الرشيق ولكننا فى السودان نرى الجمال بغير أعيننا وفى غير بيئتنا لذلك نجد أن الخرطوم عاصمة غريبة على كثير من ساكنيها فالالوان مضروبة والشعر مستعار واللسان غير اللسان تلهث لاثبات هوية جزئية على الكل ودون اعتراف بالاخر لذلك نجد أن الهجوم فى الوسائط على كاتب نجيب كعبد العزيز بركة ساكن ينطلق من منطلقات غير فنية ذات علاقة بفن الكتابة بل تقوم على أساس عنصرى لنقلها بصراحة.. والله العظيم قال أحد اساتذة اللغة العربية فى المرحلة الثانوية ان المرحوم الامبراطور محمد وردى فى أغنيته الشهيرة ( ياناسينا) قد خلط بين لفظى ( النار أو الناس حواليكا) وأن ذلك يعود للسانه غير العربى… بالله العظيم هل من أحد قدم للغة العربية فى السودان مثلما قدمه المرحوم وردى فى موسيقاه و غنائه بالعربية؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..