قضية رأي تاريخية.. خطاب إلى المجتمع الدولي والاتحاد الإفريقي حول جرح العبودية والاسترقاق في أفريقيا والسودان
عبد الحافظ سعد الطيب

أهداف الثورة السودانية: مواجهة الإرث التاريخي والظلم المستمر
مقدمة
الجرح الغائر الذي خلّفته العبودية والاسترقاق في أفريقيا، وفي السودان على وجه الخصوص، لم يلتئم بعد. وما يزيد هذا الجرح ألماً أنّ إرث الاستعباد يُوظَّف اليوم ـــ عبر شبكات من الكمبرادورات وأمراء الحرب ـــ لجعلنا نقتل بعضنا بعضًا في صراعات مفروضة، وتروّج قوى خارجية لتجارة السلاح التي تُغذي هذه الحروب، ما يؤدي إلى فقدان شبابنا وقوتنا السكانية، وهجرة الأدمغة والأيدي العاملة، واستيلاء على أرضنا ومواردنا لقتلنا اقتصادياً.
إن الثورة السودانية، التي انفجرت من أجل الحرية والعدالة والمساواة، لم تكن مجرد ثورة سياسية ضد النظام، بل هي ثورة تاريخية تهدف إلى ردّ الاعتبار للشعب السوداني
كيف نريده أن يغفر وهو لم يذق الإنصاف يوما؟
إن السلام ليس فكرة نغرق بها الشعارات،
بل حالة لا تأتي إلا بعد أن يشبع الإنسان من جوع ويأمن من خوف ويشعر أنه يعامل كبشر في وطنه وفي هذا العالم
ومواجهة إرث الظلم المستمر. ومن بين الأهداف الأساسية التي يمكن تبنيها رسمياً في إطار أهداف الثورة: كشف الديون والقروض المنهوبة قبل أي إعفاء، ومساءلة الدول والمؤسسات والناهبين، لضمان أن أي إعفاء للديون أو تعامل اقتصادي يخدم الشعب وليس مصالح الناهبين العالميين. بهذا، تؤكد الثورة أنها مشروع شامل لإعادة الكرامة للشعب السوداني وحماية مستقبله الاقتصادي والاجتماعي من استمرار الاستغلال الدولي والداخلي.
الجرح التاريخي وآثاره المستمرة
لقد حُوِّل ملايين الرجال والنساء والأطفال في أفريقيا إلى سلع بشرية تباع وتشترى؛ سُلبوا من أوطانهم، اقتلعوا من جذورهم، ونُقلوا إلى المزارع والمصانع والمنازل في مختلف بقاع العالم. جُرّدوا من إنسانيتهم باسم التجارة والاستعمار والإقطاع. وهذه ليست صفحات من الماضي البعيد، بل هي جريمة ضد الإنسانية بكل المقاييس، ما زالت آثارها حاضرة اليوم في بنية الفقر والحرمان والتمييز وفي أنماط العنف التي تُغذّيها مصالح خارجية وداخلية مشتركة.
لقد كان الاستعمار البريطاني، وقبله الحكم التركي–المصري، جزءًا أصيلاً من هذا النظام البغيض. لم يكتفوا بالسيطرة على الأرض والموارد، بل تعاملوا مع الإنسان الأفريقي باعتباره غنيمة، ملكية خاصة قابلة للبيع والشراء. بهذا رسخوا ثقافة الاستعلاء العرقي، وأشعلوا بذور الفرقة بين الشعوب، فزرعوا فينا فرية التفوق والدونية على أساس اللون أو العرق. واليوم، تستثمر قوى وتنظيمات ومصالح معاصرة هذا الإرث لتبرير سياسات ونهج يجعلان من شعوبنا ساحات لتصفية المصالح الاقتصادية والسياسية.
المطالب الأساسية للعدالة التاريخية
وعليه، نطالب المجتمع الدولي والاتحاد الإفريقي، إضافة إلى المؤسسات المالية العالمية بما فيها البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وبيوت المال العالمية، بما يلي:
1. الاعتراف الرسمي من الدول المستعمرة والضالعة في تجارة الرق بهذه الجرائم كجرائم ضد الإنسانية، والاعتراف بأن آثارها مستمرة حتى اليوم.
2. تقديم اعتذار علني وغير مشروط للشعوب الأفريقية وللسودان على وجه الخصوص، أمام المنصات الدولية والإقليمية.
3. فتح باب التعويضات التاريخية — المادية والمعنوية — للأمم التي استُعبدت، بما في ذلك برامج استثمارية لإعادة بناء البنى التحتية البشرية والمادية، وصناديق للتنمية المجتمعية، ومشاريع إحياء التراث الثقافي والاقتصادي المحلي.
4. تحقيق دولي مستقل لتوثيق مسؤوليات الدول والمؤسسات والشركات التجارية والدفع نحو مساءلة قانونية وسياسية، مع توفير حماية للشهود والضحايا.
5. إدراج ملف العبودية والاسترقاق ضمن القضايا المفتوحة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، وتصنيفها كأولوية إقليمية ذات أثر مستمر على السلام والأمن والتنمية.
6. تضمين التاريخ الحقيقي للعبودية والاستعمار في المناهج التعليمية الوطنية والإقليمية والدولية، وحظر أي محاولات لتسجيل أو تبييض أو تحريف هذا التاريخ في الكتب والوسائط التعليمية.
7. وقف دعم قنوات تمويل الحروب التي تُغذيها تجارة السلاح، ومراجعة العلاقات الاقتصادية مع شبكات الكمبرادورات وأمراء الحرب التي تقوّض السيادة الوطنية وتُعزّز نهب الموارد.
8. إطلاق برامج استعادة الكفاءات: مبادرات لردّ العقول والأيدي العاملة عبر شراكات تعليمية وتدريبية، وحوافز للاستثمار المحلي يهدف إلى عكس هجرة الكفاءات وبناء اقتصادات قادرة على التوظيف المنتج.
9. إجراءات إعادة توزيع عادلة للموارد: سياسات دولية وإقليمية تشترط الشفافية والمساءلة في صفقات الموارد الطبيعية لضمان أن ثروات شعوب أفريقيا لا تكون مصدر اغترابها وموطن استغلالها.
10. كشف الديون والقروض المستحقة قبل أي إعفاء: نطالب بالكشف الكامل عن جميع الديون والقروض التي حصلت عليها الدول والشعوب، ومن استولى عليها ونهبها، قبل أي منح إعفاءات. فالإعفاء دون كشف ومساءلة يُعد تحفيزاً للناهبين وليس خدمة للشعوب.
11. آليات ذاكرة واعتراف: إنشاء مرصد إقليمي للتوثيق والذاكرة، ودعم متاحف ومراكز بحثية وبرامج ثقافية تُبرز تجارب الضحايا وتعزّز السرد التاريخي الواقعي.
رسالة ختامية
إن ردّ الاعتبار يبدأ من استعادة الوعي بالكرامة الإنسانية، ومن تفكيك إرث الاستعلاء الذي زرعه الغزاة في ثقافتنا ومؤسساتنا. علينا أن نرفع صوتنا عاليًا:
لن نقبل أن يُمحى تاريخ العبودية أو يُزيف.
لن نقبل أن يبقى لون البشرة معيارًا للتفوق أو الدونية.
لن نقبل أن تظل أفريقيا أسيرة وصمة الاسترقاق بينما العالم يتشدق بالعدالة والمساواة.
لن نقبل أن تُستغل مواردنا وأرضنا كآلات للقتل الاقتصادي والتفقير المنهجي.
إننا مدعوون اليوم لأن نعيد الاعتبار لأنفسنا، أن نفخر بلوننا وكرامتنا، أن نرفض ثنائية الأبيض والأسود التي اخترعها المستعمرون لتبرير جرائمهم. ليس هناك لون متفوق على آخر؛ إنما هناك مسؤولية دولية وأخلاقية وقانونية تجاه تصحيح أخطاء الماضي ومحاسبة من أسهم في استمرار ضررها.
وعليه، نؤكد أن قضية العبودية والاسترقاق في أفريقيا والسودان قضية مفتوحة، وأنها ستظل تُطرَح أمام المحافل الدولية والإقليمية حتى يتحقق الاعتراف والاعتذار والتعويض والمساحة الحقيقية لإعادة البناء. فالتاريخ لا يُمحى بالصمت، والعدالة لا تسقط بالتقادم.
السيدات والسادة، إن صمت المجتمع الدولي عن هذا الجرح العميق لا يعفيه من المسؤولية؛ بل قد يعتبر تواطؤًا مع استمرار الظلم. لذلك نقولها بوضوح: لن يُطوى هذا الملف إلا بردّ الاعتبار لشعوبنا، وبتحقيق عدالة تاريخية شاملة تتضمن اعترافاً، اعتذاراً، تعويضاً، وكشف ومساءلة كاملة للديون والقروض ونهب الموارد، بما يضمن أن الثورة السودانية تحقق أهدافها في الحرية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية للشعب.




تركزت نجارة الرقم في ساحل افريقيا الغربي ،موانئه و بعض الجزر وقربه الي أميركا مما سهل الاتجار في الرق.
تم نقل الرقيق أو من يصل خيل الي جور الهند الغربية و بقية الجزر ،مثل كوبا،كمحطات ،ينقلوا بعدها الي المواقع الاستعمارية ،في اميركا الشمالية و الجنوبية.
انا في السودان ،لم تكن هنالك تجارة للرق..وغردون باشا جاء ليوقف ما يتوهم بانه تجارة للرق ،خاصة في منطقة نفوذ الزبير باشا.
لنسال الكاتب،
اين اسواق الرق في السودان ؟
أين تجمعات الرقيق؟
هل توجد ولايات تم استيطانها من قبل الرقيق؟مثلما هو الحال في بعض ولايات اميركا ،مثل: لويزيانا…
هذا موضوع مفتعل ولا يخدم قضية…الناس و اليلاد ،خاصة في هذا الوقت.