مقالات وآراء

بيان الرباعية: قراءة متفائلة للتعافي الوطني وبناء سودان جديد (3)

عبد القادر محمد أحمد / المحامي

كل متصفح للأخبار ومتابع للأحداث يدرك أن تحركات “الرباعية” ترتبط أساسًا بالصراع الدولي بين روسيا والصين من جهة، والغرب من جهة أخرى، حول السودان، نظرًا لموارده وثرواته الضخمة المستباحة، وموقعه الاستراتيجي.

فروسيا والصين تحصلان على الذهب وشتى المعادن من دارفور وكردفان عبر التهريب بواسطة شركات مرتبطة بمجموعة “فاغنر”. وتسعى موسكو إلى الحصول على قاعدة بحرية في بورتسودان، بما يضمن لها وجودًا مؤثرًا في السودان، يمكنها من مواجهة النفوذ الغربي في إفريقيا. أما الصين، فهي تبحث عن منافذ آمنة إلى البحر الأحمر في ظل توتر علاقاتها مع الولايات المتحدة في المحيط الهادي.

في المقابل، تقف الولايات المتحدة وأوروبا ضد هذا المشروع، وتسعى “الرباعية” إلى قطع محاولات التمدد الروسي–الصيني، من خلال وضع السودان في معسكر الغرب.

وقد اكتسب هذا الصراع طابعًا عاجلًا، خاصة مع تحوّل البحر الأحمر إلى ممر ساخن بفعل حرب غزة والهجمات الحوثية في اليمن؛ الأمر الذي يجعل من يسيطر على موانئ بورتسودان مالكًا لنفوذ مباشر على أحد أهم الممرات البحرية العالمية.
وفي ظل حرب السودان، ازدادت كميات الذهب المُهرَّبة إلى روسيا والصين، ما جعل مصلحتهما في استمرار الصراع أكثر وضوحًا. ومن هنا يمكن تفسير دخول أسلحة متطورة إلى الساحة السودانية، بما فيها الطائرات المسيّرة بعيدة المدى.

لقد أوردتُ كل ذلك لارتباطه الوثيق ببيان الرباعية، ولتأكيد أن هذا البيان سيسارع أطرافه في تنفيذ بنوده. فبالوقوف على تفاصيله نلاحظ التمسك الجاد بتنفيذ ما ورد فيه؛ إذ لم يكتفِ البيان بالمناشدات، بل وضع خارطة طريق لإنهاء الحرب والانتقال المدني، محددًا مددًا زمنية لذلك، ومؤكدًا أنه أمر حيوي لاستقرار السودان. كما نصّ على متابعة التنفيذ عن كثب، وإعادة الاجتماع لمناقشة الخطوات التالية، وبذل كل الجهود لدعم تسوية تنهي الحرب.

كذلك شدد البيان على تعزيز الظروف التي تضمن أمن البحر الأحمر، ومواجهة التهديدات الأمنية والإرهابية العابرة للحدود، وحرمان الجهات المزعزعة للاستقرار، الإقليمية والمحلية، من الاستفادة من استمرار النزاع في السودان. كما أكد الاستعداد للتعاون مع الدول والمؤسسات الدولية لاستعادة السلام، وإنهاء معاناة الشعب السوداني، وتحقيق التعافي المبكر.

ومن أبرز ما ورد في البيان التأكيد على وقف الدعم العسكري الخارجي باعتباره شرطًا لإنهاء الحرب. كما نص صراحة أن: «مستقبل السودان لا يمكن أن يُملى من قبل جماعات متطرفة عنيفة، سواء كانت جزءًا من، أو مرتبطة بوضوح بجماعة الإخوان المسلمين، التي كان لنفوذها المزعزع دور في إذكاء العنف وعدم الاستقرار في المنطقة».

نسأل الله أن ينعكس هذا الصراع الدولي بردًا وسلامًا على السودان وشعبه.

نواصل…

[email protected]

تعليق واحد

  1. فروسيا والصين تحصلان على الذهب وشتى المعادن من دارفور وكردفان عبر التهريب بواسطة شركات مرتبطة بمجموعة “فاغنر”

    تعليق : تحدث كاتب المقال عن حصول روسيا و الصين على الذهب من كردفان ودارفور و سكت بل تعمد تجاهل ان روسيا و الصين و تأكيدا روسيا تحصل على الذهب عن طريق حكومة الامر الواقع في بورتسودان و لكن من تحت الطاولة , علاقة روسيا بحكومة بورتسودان جيدة و كذلك الصين.
    من المعروف ان الدول الكبرى في مثل هذه الحالات يمكن ان تزود بالسلاح طرفي الحرب طالما انها تستفيد من ذلك بالحصول على ما تريده من المواد الخام باسعار أقل بقدر ملحوظ من اسعار السوق
    لماذا التركيز على جانب واحد و اعطاء شعور بأن الجانب الاخر لا علاقة له بهذه الامور

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..