مجد في فوهة البندقية.. الكرامة تُصان

منذ أن وُجد الإنسان على هذه الأرض، ظلّت الحرب سلاح العاجز عن الحوار، وصوت من لا صوت له إلا الحديد والنار. لكن الحقيقة الثابتة عبر التاريخ هي أنّ السلاح لا يجلب السلام، بل يجلب الموت والدمار والفقدان. وحده الحوار، وحده الصلح، وحده الاتفاق العادل هو الذي يفتح أبواب الحياة.
لقد شهدنا جميعًا فرحة الشعب الغزّاوي، وفرحة الفلسطينيين والعرب وأحرار العالم، حين أُلقي السلاح أرضًا ولو لبرهة، وحين تعالت أصوات الأطفال في غزة بالضحك بدل البكاء. كانت المظاهرات في شوارع غزة لحظة إنسانية نادرة، قالت بوضوح: كفى موتًا.. كفى دمارًا.. الصلح خير.
هذه الفرحة البسيطة التي خرجت من قلب الألم، إنما هي أعظم برهان على أنّ الشعوب لا تفرح بالسلاح، وإنما تفرح حين يُلقى السلاح، حين تُكسر آلة الحرب، حين يعود الأمل.
وكما هلّت فرحة غزة، فإنّ الشعب السوداني ينتظر فرحته الكبرى. ينتظر أن تجلس الأطراف المتحاربة على طاولة العقل لا على برميل البارود. ينتظر أن يمدّوا أيديهم لبعض لا أن يشهروا البنادق في وجه بعضهم. ذلك اليوم سيكون يوم ميلاد جديد للسودان، يوم عرس وطني، تملؤه الزغاريد لا أصوات المدافع.
إنّ العالم كله يترقّب تلك اللحظة التي نأمل أن تأتي قريبًا: لحظة أن ينتهي الصراع الدموي الذي أشعلته جماعة الإسلام السياسي – الكيزان – في السودان، تمامًا كما أدخلت حماس غزة في نفق لا نهاية له. كلاهما استغل الدين ستارًا ليبرّر الموت، وكلاهما حوّل حياة الناس إلى جحيم.
لكن مهما طال الليل، فإن فجر السلام قادم. والشعوب لا تفرح بالحرب أبدًا، بل تفرح بالسلام، لأنها تعلم أنّ السلام وحده الذي يبني المدارس، ويزرع الحقول، ويفتح أبواب الأمل.
إننا، ونحن نرى فرحة غزة اليوم، نستطيع أن نتخيل فرحة الخرطوم غدًا، وفرحة كل المدن السودانية وهي تحتفل بنهاية الدم والاقتتال. نستطيع أن نرى شعوب الأرض كلها وهي تهتف للسودان: أهلا بعودتك إلى الحياة.
السلام ليس ضعفًا، بل هو القوة الحقيقية. والسلاح ليس حلاً، بل هو المشكلة ذاتها.ولذلك نقولها بملء الفم:السلاح لا يجلب السلام.. الصلح خير.. والفرحة في السلام لا في الحرب.



