مقالات وآراء

عاصفة الذهب من جديد واستقالة محافظ بنك السودان.. انتصار للفساد أم فشل للإصلاح؟

زهير عثمان حمد

في مشهد درامي يلخص تعقيدات المعركة الاقتصادية في السودان، غادر محافظ بنك السودان، برعي الصديق، قاعة الاجتماعات بمجمع الوزارات يوم الأثر غاضباً، ليضع نهاية مفاجئة لفصل من فصول الصراع بين إرادة الإصلاح وهيمنة شبكات المصالح. لم تكن مجرد جلسة عادية، بل كانت معركة مصيرية حول قرار حصرية تصدير الذهب عبر بنك السودان، قرار يمس شريان الحياة لاقتصاد منهك وأحد أكبر مصادر النقد الأجنبي للبلاد.

صورة الصراع: الإصلاح في مواجهة المصالح الضيقة

في قلب العاصفة، وقف محافظ البنك المركزي مدافعاً عن قرار حصرية تصدير الذهب، وهو قرار يهدف إلى ضخ عوائد الصادرات مباشرة إلى خزينة الدولة، وبالتالي وقف نزيف تهريب الذهب والتهرب من دفع المستحقات للدولة. هذا القرار، في جوهره، يمثل خطوة جوهرية في مكافحة الفساد المستشري في قطاع الذهب، الذي تشير تقديرات كثيرة إلى تهريب نسبة كبيرة منه سنوياً، مما يحرم البلاد من مليارات الدولارات.

في الجانب المقابل، وقفت الشركات المصدرة للذهب، مدعومة بموقف مثير للدهشة من وزير المالية الدكتور جبريل، الذي أيد عودة التصدير لهذه الشركات. هذا الموقف يطرح تساؤلات عميقة: لماذا يقف وزير مالية الحكومة في صف مصالح شركات خاصة ضد سياسة تهدف لتعظيم إيرادات الدولة؟ هل هو انحياز للمصالح الضيقة على المصلحة العامة؟ أم أن هناك رؤية اقتصادية مختلفة ناقشها الوزير ولم تصل للرأي العام؟

الاستقالة: رسالة صامتة أم اعتراف بالهزيمة؟

خروج المحافظ غاضباً من الاجتماع، تاركاً رئيس الوزراء نفسه، ليس مجرد رد فعل عاطفي، بل هو إعلان صارخ عن فشل منظومة الحكم في دعم سياسات الإصلاح. الاستقالة في such الظروف تحمل رسائل متعددة:

رفض المساومة: إنها تأكيد على أن محاربة الفساد ليست مسألة قابلة للمساومة أو التدرج، خاصة عندما تكون المقاومة من داخل أروقة الحكومة نفسها.

إعلان العزلة: تشير إلى أن المحافظ وجد نفسه في موقف منفرد، دون دعم كافٍ من شركائه في القيادة، مما يجعل أي جهد إصلاحي محكوماً عليه بالفشل.

صدمة للرأي العام: تهدف إلى كشف حقيقة الصراع الخفي على السلطة والثروة في البلاد، ولفت انتباه الشعب السوداني إلى أن المعركة الحقيقية هي ضد تحالفات رأس المال والنفوذ.

التداعيات: ما بعد العاصفة

لا شك أن تداعيات هذه الاستقالة ستكون عميقة على عدة مستويات:

اقتصادياً: تهديد مصداقية برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي كانت الحكومة تتبناه، وإرسال رسالة سلبية للمؤسسات المالية الدولية والمستثمرين حول عدم جدية البيئة الاستثمارية واستحالة فصل الاقتصاد عن السياسة والمصالح.

سياسياً: إضعاف ثقة المواطن في قدرة الحكومة على إدارة الدولة ومكافحة الفساد، وكشف الانقسامات العميقة داخل جسم السلطة التنفيذية نفسها.

اجتماعياً: تأجيج مشاعر الغضب والإحباط لدى الشارع السوداني، الذي يدفع ثمن الأزمات الاقتصادية ويطالب بمحاسبة الفاسدين، ليُصدم بأن من يقف في وجه الفساد يُجبر على الرحيل.

استقالة محافظ بنك السودان برعي الصديق هي أكثر من حدث إداري عابر؛ إنها قصة رمزية لمعاناة الإصلاح في عالم دولة القبيلو والحركات المسلحة وإنها تذكرنا بأن معركة مكافحة الفساد ليست ضد خارجين على القانون فحسب، بل غالباً ما تكون ضد تحالفات تقبع في قلب مؤسسات الدولة، تستخدم النفوذ والغطاء السياسي لإفشال أي محاولة للتغيير. السؤال الذي يظل معلقاً: هل كانت استقالته هزيمة للإصلاح، أم هي صفعة ضمير ستوقظ من بقي لديه إرادة للقتال من أجل مستقبل أفضل للسودان؟ الإجابة لن تكون في قاعة اجتماعات مغلقة، بل في قدرة الشعب السوداني ومؤسساته الوطنية على فرض إرادتها وإعادة توجيه البوصلة نحو مصلحة الوطن العليا.

‫5 تعليقات

  1. اصلا الجماعة ديل لازم تكون حرامي زيهم حتى تقدر تستمر في منصبك وتعيش معاهم انه زمن الحرامية واللصوص من البرهان لي فكي حبريل لي كباشي لي مناوي لي حابر كلهم حرامية مستفيدين من عائد الذهب ويذهب راسا لجيوبهم فاكيد لن يسمحوا انه يجي شخص نزيه شريف زي محافظ بنك السودان برعي العايز دولارات الذهب تذهب لخزينة الدولة اكيد سيتم طرده ده لو ما سجنوه واعتقلوه انه زمن اللصوص العينهم قوية وما بيدسوا سرقاتهم ولا خايفين من اخد سرقاتهم ونهبهمبيتم امام الشعب السوداني كله وعلى عينك ياتاجر ولا خوف ولا دس

  2. شغلة واضحة وفاضحة حصر الذهب يعني الاموال من عائدات الذهب تكون واضحة للوزير حركة الاموال هل الشركات التي تعدن الذهب معروف الانتاج للوزير حتى وزير المعادن هل لديه عملية ضبط للانتاج ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ تخيلوا جرام الذهب عيار 24 جرام 133 دولار اليوم وامس ذكرت وكان سعر غير اليوم هذا سعره يعني يعني دبلة عروس 4 جرام 532 دولار … لازم الشعب السوداني يفهم ويعرف حجم الفساد طن الذهب يساوي مليون جرام 1000000 وسعر الجرام 133 دولار اليوم نتيجة ضرب يساوي 133 مليون دولار … حسب المعلن من الانتاج للعام 2024 …. 64 طن … نضرب 64 * 133 = 8,512000000…… ثمانية مليار وخمسمائة واثنا عشر مليون دولار …. فقط من الدهب ورقم غير حقيقي تهريب وتصدير الذهب اضعاف اضعاف هذا الرقم … وفي المقابل اتحدى لو الدولة بتقدم لاي مواطن بالسودان اي خدمة تعليم صفر ثلاثة اربعة سنوات ضاعت من عمر طلاب بشتى المراحل من الاساس حتى الجامعه صحة سالب صفر عطالة 200 في المية فساد 1000 مرة قلة ادب 1000000 انحطاط اخلاقي لا مثيل له انا كثير يدور في خاطر وذكرت هذا سابقا وقصة حقيقية باحدى اقسام شرطة العاصمة واحد تم القبض عليه شيكات ثلاثة مليار زول اب جيقه كبير اثناء ما هو بالقسم محبوس ادخلوا عليه واحد كحيان مديون ليه في مليونين ولا اقل من مليون ساله انت مشكلتك شنو في السجن بتدور الونسه المهم ذكر ليه المبلغ صاحبك اب جيقه حلف عليه والله ما تتحبس معاي بي دفتر شيكاته شرط ليه واحد بالمبلغ طلعوهوا من لاسجن هسه كمان هل مثلا الكفار زمان ناس ابو جهل وشلتهم يعني مثلا لو يوم القيامة ادخلوا ديل معاهم النار اتوقع يعترضوا استغفر الله العظيم منكم

  3. الفساد في السودان مستشري في الصادر و الوارد
    للمحاولة للحد من هذا الفساد يجب الاتي
    1. وضع هيئات حكومية و باشراف من مجوعة ممن يشهذ لهم بالنزاهة في أماكن التنقيب على الذهب لحصر الخارج منها و تحديد دهة التصدير
    2. نفس ما ذكر في البند 1 في منافذ التصدير
    3. نفس ما ذكر في 1 في بنك السودان المركزي
    4. نفس ما ذكر في 1 في وزارة المالية

  4. Avatar photo يقول إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ:

    في الجانب المقابل، وقفت الشركات المصدرة للذهب، مدعومة بموقف مثير للدهشة من وزير المالية الدكتور جبريل، الذي أيد عودة التصدير لهذه الشركات. هذا الموقف يطرح تساؤلات عميقة: لماذا يقف وزير مالية الحكومة في صف مصالح شركات خاصة ضد سياسة تهدف لتعظيم إيرادات الدولة؟
    سؤال وجيه. الاجابة الصحيحة. عند من يستخد عقله. الله ما رايناه ولكن بالعقل عرفناه.
    استخفاف بالعقول ام عيني عينك. استحوا يا خلق .
    الوزارات الحساسة يجب ان تسلم لاشخاص محايدين لا حزبيين …
    متى يجد السودان وجيعه؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..