الرباعية والوصاية المصرية…معركة الوعي الأخيرة

محي الدين سالم
وزير الخارجية
في السياسة، كما في الفلسفة، ليست الكارثة في أن يخطئ الناس، بل في أن تتكرر الأخطاء ذاتها بثيابٍ جديدة. التاريخ لا يعيد نفسه إلا حين يفشل الوعي الجمعي في قراءة العلامات. وما أكثر ما أهدر السودان فرصه حين لم يقرأ الخديعة في عيون من يتحدثون باسم “الاستقرار”، وهم في الحقيقة حرّاس الخراب. فكل مشروع دولي أو إقليمي يقترب من جسد السودان يحمل في داخله سؤالًا مزدوجًا؛ هل يريد خلاصًا للبلد أم تثبيتًا لميزان القوى القديم؟ وهنا تكمن مأساة السياسة أن تُقدَّم الوصاية في هيئة مبادرة، وأن يُساق الوطن إلى دائرة الهيمنة تحت لافتة “السلام”.
منذ أن وعى السودان ذاته كأمة، كانت مصر حجر الرحى في معادلاته الإقليمية. تمدّ يدها باسم التاريخ، لكنها تخفي في الكفّ الأخرى حساباتٍ مائية واستراتيجية لا تعرف إلا مصلحتها. لم تقف مصر يوماً واحدا في كل تاريخ السودان الحديث، موقفًا متحفظًا، بل معاديًا صريحًا لأي تحول مدني في السودان. فالقاهرة ترى في التحول الديمقراطي تهديدًا مباشرًا لبنية حكمها العسكري.
فبعد ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة، سعت بكل أدواتها السياسية والاستخبارية إلى إفشال التجربة المدنية التي قادها الدكتور عبد الله حمدوك. فلقد دعمت انقلاب ٢١ أكتوبر ٢٠٢١ الذي أطاح بحكومته، واستضافت بعض رموز النظام السابق، ونسّقت مع قيادات الجيش لإبقاء السلطة في أيدي المؤسسة العسكرية. لم يكن ذلك من باب المصالح العابرة، بل ضمن رؤية استراتيجية تهدف إلى إبقاء السودان تابعًا اقتصاديًا وأمنيًا، ومحكومًا بنظام يضمن لمصر السيطرة غير المباشرة على موارده وقراره السيادي ومياهه. إنها عداوةٌ سياسية مغلفة بخطاب “الأخوّة” لكنها في جوهرها استعمارٌ بارد بلونٍ جديد.
ومع بداية حرب الخامس عشر من ابريل، أرسلت مصر خبراء عسكريين وأمنيين إلى بورتسودان وسعت لتنسيق الموقف الميداني مع القيادة العامة، فيما تولّى الإعلام المصري تبرير الحرب بوصفها معركة الدولة ضد التمرد، في الوقت الذي كانت فيه الطائرات المصرية تُستخدم لدعم المواقع الاستراتيجية التي يسيطر عليها الجيش. وإلى جانب الدعم العسكري، تحركت القاهرة سياسياً داخل الاتحاد الأفريقي لتخفيف الضغوط على السلطة العسكرية في الخرطوم، وأحبطت مساعي تبني قرارات تُلزم الجيش بوقف إطلاق النار أو القبول بانتقالٍ سياسيٍّ يحدّ من نفوذ الإسلاميين.
كما استخدمت مصر نفوذها الإقليمي لعزل بعض الأطراف المدنية من المشاورات، واستضافت لقاءاتٍ دبلوماسية صُممت لتثبيت معادلة “الجيش أولاً” في أي تفاوض دولي. وبذلك تحوّل الدور المصري من وسيطٍ مزعوم إلى طرفٍ مباشر في الصراع، إذ وفّرت للقوى الإسلامية في الجيش غطاءً سياسيًا ودبلوماسيًا، وسعت لإفشال كل الجهود الدولية للضغط عليه، مستندةً إلى شبكة مصالحها في الاتحاد الأفريقي وارتباطها العضوي بالأنظمة العسكرية في المنطقة.
إننا اليوم أمام مشهد تتقاطع فيه المصالح والأوهام. الرباعية الدولية ترفع شعار إنهاء الحرب، بينما تتهيأ القاهرة لتقطف من الفوضى ثمارها المعتادة. وفيما يروّج الإسلاميون لعودةٍ جديدة من بوابة “المبادرات”، يختبر الشعب السوداني مرة أخرى قدرته على التمييز بين السلام الحقيقي وسلام الاستعباد. فالذين أشعلوا الحرب والذين دعموا استمرارها، هم ذاتهم من يتحدثون الآن عن المصالحة، والذين أجهضوا الثورة باسم الأمن القومي هم ذاتهم من يدّعون الحرص على استقرار الإقليم.
هنا، تبدأ الحكاية التي يرويها هذا المقال لا بوصفها تحليلًا سياسيًا فحسب، بل كصرخة في وجه العمى التاريخي؛ أن الوطن لا يُستعاد ببيانات الرباعية، ولا يُبنى على أكتاف العسكر أو دعاة “الوصاية الأخوية”، بل بإرادةٍ مدنيةٍ حرةٍ تعرف أن الحرية ليست قرارًا دوليًا، بل فعل وعيٍ ودمٍ وتاريخٍ يتجدّد
فبينما تبدو تصريحات وزير خارجية بورتسودان محاولةً لإظهار انفتاحٍ سياسي واستعدادٍ للاستفادة من أي مبادرة دولية، فإنها في حقيقتها تُخفي رغبة واضحة في تليين موقف الرباعية الدولية وامتصاص اندفاعها في اتجاه فرض تسوية تُقصي الحركة الإسلامية من مستقبل السودان. هذا التحول في الخطاب لا يعكس مراجعة فكرية أو وطنية بقدر ما هو مناورة جديدة في لعبة السلطة القديمة؛ تكييف المواقف الخارجية بما يضمن بقاء مراكز النفوذ كما هي، حتى وإن تغيّرت الواجهات.
محاولات الرباعية الدولية، التي تضم الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات، جاءت بعد اكثر من عامين من حربٍ أنهكت السودان وأعادته إلى حافة الانهيار الكامل. وهي مبادرة نادرة من حيث التوافق الدولي والإقليمي، تهدف إلى وقف النار، وتهيئة بيئة انتقال سياسي حقيقية تُنهي عسكرة الدولة وتُعيد الاعتبار للمدنيين. لكنّ هذه الفرصة، إن لم تُدار بوعي، قد تتحول إلى فخّ ناعم. فالقوى العسكرية والإسلامية في بورتسودان تعمل الآن على الالتفاف على تلك الجهود، مقدمةً خطابًا مرنًا للخارج، لكنها في العمق تحافظ على كل مفاتيح الدولة ومراكز القرار داخل قبضتها.
لفهم هذه اللعبة، لا بد من العودة إلى جذور السيطرة الإسلامية في السودان. فمنذ خمسينيات القرن الماضي، تحولت الحركة الإسلامية من جماعةٍ فكرية إلى مشروع دولة، حتى بلغت ذروتها بانقلاب الثلاثين من يونيو عام ١٩٨٩ الذي أطاح بالحكومة الديمقراطية وأقام نظام الإنقاذ. في ذلك اليوم، لم يُختطف الحكم فقط، بل اختُطفت الدولة ذاتها. سيطر الإسلاميون على الجيش والأمن والاقتصاد والإعلام، وأقاموا شبكات مالية عالمية ودعوية تخدم مشروعهم الحزبي أكثر مما تخدم الوطن. وعلى مدى ثلاثة عقود، تماهت أجهزة الدولة مع أجندة الحركة حتى صار من الصعب التمييز بين “المؤسسة” و”التنظيم”.
وحين سقط النظام في ثورة ديسمبر، لم تسقط البنية العميقة التي بناها. إذ بقيت كوادر الإسلاميين في مفاصل الخدمة العامة، والاقتصاد، والجيش، والأمن، والقضاء. واليوم، وبعد عامين من الحرب التي فجّروها باسم “استعادة الدولة”، لا تزال جُربهم تدار عبر داعميهم داخل المؤسسة العسكرية المختطفة والدولة الجارة، التي ما لا تزال تراهن عليهم لاستمرار سيطرتها على الموارد والقرار السيادي السوداني، مستفيدين من كل مساحة رمادية في الخطاب الدولي لتأمين استمرار وجودهم في المشهد.
البرهان من جهته يدرك هذا التوازن جيدًا، ولذلك يعمل على كسب الوقت. يصرّح بالقبول بالمبادرات الدولية، لكنه في الكواليس يعيد ترتيب أوراق الدولة العميقة، متيحًا للإسلاميين العودة عبر واجهات أمنية واقتصادية جديدة. إنها لعبة امتصاص الزخم؛ الظهور بمظهر الشريك الإيجابي في العلن، وإفراغ القرارات من مضمونها في التنفيذ، ريثما يهدأ الضغط الدولي وتفقد الرباعية حماسها.
في المقابل، يقف المدنيون أمام اختبارٍ تاريخي. فالرباعية وضعت شرطًا واضحًا لإنهاء الحرب، هو “استبعاد الحركة الإسلامية من أي تسوية سياسية أو انتقالية”. وهذا الشرط ليس تدخلاً في السيادة، بل ضمانة لحماية ما تبقّى من الوطن من إعادة إنتاج الكارثة.
فعلى القوى المدنية أن تحوّل هذا الشرط إلى مطلب وطني صريح، وأن تتعامل معه كقضية وجود لا تفاوض عليها. لذلك، على القوى المدنية أن توحّد صفوفها فورًا، وأن تُنشئ قيادة سياسية موحدة تضع خطوطًا حمراء واضحة.
فلكيّْ لا يتحول إطار الرباعية إلى ستارٍ يخفي إعادة إنتاج النفوذ القديم، على القوى المدنية ان لا تنظر تحركات الرباعية وبياناتها، وان تتحول من ردة الفعل الي إنتاج الفعل وأن تتحول فوراً من حالة التحسّس إلى حالة العمل المنظّم والمسلّح بخارطة إجراءات قابلة للقياس والتنفيذ.
ما يلي خطة عملية ومفصّلة تُترجم النداء الوطني إلى أدوات يومية ومؤسسية؛
١. توحيد القيادة المدنية الوطنية بقرار سياسي واضح وصلاحيات تنفيذية مؤقتة؛ تشكيل هيئة تمثيلية (مجلس انتقال مدني موقت) تضمّ أحزاب الثورة، النقابات، منظمات نسائية وحقوقية، وشخصيات مستقلة تُفوّضها القوى لتكون الجهة الشرعية الوحيدة للتفاوض مع الرباعية.
٢. ملفّ رقابي قضائي وشفافية مالية؛ إعداد ملفات تحقيق ضد رموز الإسلاميين وشبكاتهم المالية (قوائم ممتلكات، شركات غطاء، حسابات خارجية)، وتقديمها إلى جهات قضائية دولية ومحلية لتجميد الأصول وفتح التحقيقات فورًا.
٣. آليات مراقبة تنفيذية مشتركة؛ اتفاق واضح مع الرباعية يشمل جدولًا زمنيًا مرحليًا (وقف النار، تفكيك الأجهزة الموازية، إعادة هيكلة الأمن، انتخابات انتقالية)، مع مراقبين محليين ودوليين بصلاحيات دخول المواقع والتحقق الميداني.
٤. كشف قنوات النفوذ الإقليمي؛ توثيق كل مسارات الاتصال بين قيادات الخرطوم والقاهرة (زيارات، استضافات، رسائل، دعم لوجستي) ونشرها للرأي العام المحلي والدولي.
٥. حملة إعلامية دولية ممنهجة؛ إطلاق جهد إعلامي واستقصائي في الصحف الدولية، واستهداف سفراء الرباعية ومراكز صنع القرار في واشنطن ولندن والقاهرة والرياض وأبوظبي ببيانات أسبوعية توثق محاولات الالتفاف.
٦. ضغط دبلوماسي مدروس؛ تواصل مباشر بين القيادة المدنية وبعثات الرباعية لطلب آليات إنفاذ صارمة، مع مؤشرات تقييم وعقوبات واضحة عند الإخلال بالاتفاق.
٧. حماية المجتمع المدني؛ إنشاء آليات حماية فورية للناشطين والمبلغين والشهود (ملاذات آمنة، قنوات اتصال محمية، وثائق احتياطية خارج البلاد).
٨. تحالفات دولية مضادّة للتدخل الإقليمي؛ تفعيل شبكات الشتات السوداني والدبلوماسية الشعبية للضغط على الرباعية وشركائها لربط أي دعم بقطع القنوات الإقليمية المدمّرة.
٩. رزمة قانونية دولية؛ التعاون مع منظمات حقوقية لتقديم شكاوى أمام المحاكم والهيئات الأممية ضد المتورطين في جرائم الحرب أو تمويل الصراع.
١٠. خطة بديلة لإدارة الموارد والأمن؛ إعداد وثائق سياسات تُظهر كيف ستدير السلطة المدنية الموارد بشفافية، وإصلاح الأجهزة الأمنية تدريجيًا لتفادي ذرائع الفوضى.
١١. حملات شعبية سلمية؛ تنظيم تحركات مدنية في المدن والأقاليم تُظهر قوة الشارع المدني وتمنع شرعنة أي انقلاب سياسي جديد.
١٢. مراقبة الرباعية وتشجيعها؛ مشاركة فعالة مع الرباعية في المراقبة الأسبوعية للتنفيذ، وتشجيعها على فرض عقوبات رادعة عند الخروقات.
١٣. آلية “مفاتيح النجاة”؛ تحديد إجراءات لا يجوز التراجع عنها (تفكيك الأجهزة الموازية، منع مشاركة قيادات محددة، تجميد الأصول)، وتوقيع اتفاق ملزم مع الرباعية بشأنها.
١٤. زمن وخطوات قابلة للقياس؛ إعلان خارطة مؤقتة من ٩٠ يوماً إلى ٣٦٥ يوماً، تتدرج فيها مراحل وقف النار وإعادة الهيكلة، مع تقارير ربع سنوية تنشر للعلن.
كل بند من هذه البنود يجب أن يتحول إلى فرق عمل تنفيذية؛ فريق قانوني، وآخر دبلوماسي، وآخر ميداني. والأهم أن تُوحد الجهود تحت مظلة واحدة تمثل الثورة. فالتشتت هو السلاح الذي تراهن عليه القاهرة والبرهان وأذرعهم.
إن عزل الحركة الإسلامية ليس عملاً انتقامياً، بل ضرورة وطنية وأمنية. فالتاريخ القريب يكفي للحكم؛ في كل مرة تُركت هذه الحركة في المشهد، أعادت إنتاج الخراب بمسميات مختلفة وتحت شعارات مختلقة، حوّلت مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات حزبية. السلام الذي يبنى فوق وجودها سيكون سلاماً زائفاً، واتفاقاً مؤقتاً يؤجل الانفجار ولا يمنعه.
ترك الباب مواربًا أمام الإسلاميين فهو دعوة مفتوحة لحربٍ جديدة. فلقد أُتيحت للقوى المدنية فرصة تاريخية نادرة لتصحيح مسار السودان، وإن فشلت هذه المرة فإنها لن تُعذر لاحقًا. فالرباعية قدّمت الإطار، لكنّ التنفيذ يجب أن يكون سودانيًا خالصًا، بإرادة وطنية لا تساوم على الدماء التي سالت ولا على أحلام جيلٍ ثائرٍ لم يخرج إلى الشوارع ليعيد “الإنقاذ” بوجهٍ جديد.
التاريخ لا يرحم المتهاونين. إما أن تختار القوى المدنية طريق المواجهة السياسية الجادة لإنهاء الهيمنة الإسلامية، أو أن تُعيد البلاد إلى دورةٍ جديدة من الدم والاستبداد. فالسلام الحقيقي لا يبنى على مساوماتٍ مع من أشعل الحرب، ولا على وعود من باعوا الوطن في سوق المصالح. الرباعية قد فتحت الباب، لكن عبوره يتطلب شجاعة لا مساومة فيها، وإرادة تكتب التاريخ بيدٍ سودانيةٍ لا تُقاد ولا تُستدرج.
إنَّ ما يجري اليوم في السودان ليس خلافًا عابرًا بين قوى متنازعة، بل هو امتحانٌ للوعي الجمعي بين وطنٍ يريد أن يولد من جديد، ومنظومةٍ تصرّ على إبقائه أسيرًا لعصور الوصاية. لقد آن للمدنيين أن يدركوا أن المعركة لم تعد في ميادين الحرب وحدها، بل في ميادين الوعي والسيادة والكرامة. الرباعية ليست قدرًا، بل أداة، فإن امتلكت القوى المدنية زمام المبادرة وجعلت من هذه الأداة وسيلةً للقطع لا للمصالحة مع الفساد، تغيّر مسار التاريخ، وإن تهاونت تحوّلت المبادرة إلى غطاءٍ لإعادة إنتاج الإسلاميين تحت اسم
“الاستقرار”.
فالقاهرة والبرهان يتحركان بخبثٍ مدروس؛ يُكثّفان الدبلوماسية حين تشتدّ الضغوط، ويتحدثان عن السلام حين تلوح المساءلة، ويستحضران فزاعة الأمن الإقليمي لتبرير بقاء الجيش والإسلاميين في المشهد. كلاهما يراهن على الوقت وعلى تعب المجتمع الدولي وشرذمة الصف المدني، لأنهما يعلمان أن اللحظة التاريخية التي تتوحد فيها القوى المدنية ستسقط أوهامهما معًا. ولهذا فإن إفشال مخططهما لا يكون بالبيانات، بل بالوعي التنظيمي، بالتحالف الذكي، وبالعمل الميداني المنهجي الذي يجعل من كل خطوة انقلابية عبئًا لا يمكن احتماله.
لقد أثبتت ثورة ديسمبر أن هذا الشعب لا يُهزم، لكنه يُخذل حين يترك أمره للمترددين. لذلك فالمطلوب اليوم ليس مجرد موقف، بل مشروع وطني صلب يُحاصر نفوذ مصر، ويُحيد البرهان، ويمنع الإسلاميين من استعادة مفاتيح الدولة عبر شبكة الاقتصاد والأمن والإعلام. فالسودان ليس ساحةً للنفوذ المصري ولا رصيفًا لمطامع البرهان، بل وطنٌ دفع من دم أبنائه ما يكفي لتكون له سيادته الحرة وخياره المستقل. الرباعية الدولية يجب أن تُفهم هذه الحقيقة بوضوح؛ أي تسوية تُبقي على نفوذ الحركة الإسلامية أو تمدّ في عمر الوصاية الإقليمية ليست سلامًا، بل إرجاءٌ لانفجارٍ أكبر قادم.
لن يُكتب تاريخ السودان مرة أخرى بأقلام العسكر أو بوصاية الجيران، بل بإرادةٍ حرةٍ تصنع السلام لا التبعية. على القوى المدنية أن تكون على قدر اللحظة، لا أن تخاف منها. لأن هذه اللحظة، بقدر ما تحمل من تعبٍ وخسارة، تحمل أيضًا وعدًا بالولادة. من يتهيب مواجهة مصر والبرهان والإسلاميين اليوم، سيستيقظ غدًا على وطنٍ بلا ملامح. أما من ينهض الآن ليحمي الطريق الذي رسمته الرباعية بدماء الشهداء ووعي الأحرار، فسيصنع فجر السودان القادم.
فليُكتب هذا الجيل على صفحة التاريخ بأنه لم يخن الحلم، ولم يساوم على الحرية، ولم يخضع لابتزاز القوة أو المال أو الدين. وليكن شعار المرحلة واضحاً؛
لا عودة للكيزان، لا وصاية لمصر، لا مساومة على دماء الثورة، ولا سلام إلا بمدنيةٍ كاملةٍ خالصة.




جزاك الله ألف خير
فقد قلت المطلوب وبالتحديد القاطع
أين هي القوى المدنية التي تتحدث عنها.. ديل اخير منهم الكيزان.