مقالات وآراء
فك شفرة إنهاء الحرب في السُودان والخطوات العملية داخلياً وخارجياً لذلك

بعد أن أنهكت الحرب الحالية جميّع الأطراف وكُل السُودانيّن ، بات الآن صوت إحلال السلام الشامل و وقفها أكثر علواً من أي وقت سابق ، وهذا الأمر أصبح أيضاً يمثل هدفاً إقليمياً ودولياً وتسارعت وتُكثف فيه الجهود برعاية وإهتمام خاص من إدارة الرئيس الأمريكي ترامب الحالية ، الذي يحاول أن يستفيد علي مستواه الشخصي ولعهده بأنه “رجل السلام” ووضح هذا في تحركاته الأخيرة خاصة في منطقة الشرق الأوسط لإنهاء الحرب مابين إسرائيل وحماس وبعض الفصائل الفلسطينية الأخري في المقاومة ، وكذلك ما تم في سوريا في ذات المنحي ، ومابعد الضربة علي المنشآت النووية الإيرانية وحربها مع إسرائيل ، وكذلك وقف الحرب سريعاً مابين باكستان والهند ، إضافة لحروبات وصراعات أخري في أفريقيا ، ومحاولاته المستمرة لوقف الحرب بين روسيا واوكرانيا ، كل هذا الزخم في السعي لإحلال السلام وإهتمام الرئيس الأمريكي وإدارته بهذا الأمر ، يجعل من فرص المُساهمة الإيجابية لوقف الحرب في السُودان وإدخالها حيز الفعل بإتجاه إحلال السلام كبيرة ، ولعل تحركات “الرُباعية” الأخيرة ومستشار الرئيس للشئون الأفريقية “مُسعد بولس” يمضي نحو إجراءات عملية لعودة طرفي الحرب للتفاوض من جديد وإحياء منبر جدة ، ولعل الزيارات والمشاورات واللقاءات التي تمت سواء بسويسرا أو مصر أو تشاد ، كلها تذهب لصالح هذا الأمر بما فيها الإجتماع المُفترض خلال هذا الشهر بواشنطن لوزراء خارجية الرباعية ( السعودية ومصر والولايات المتحدة والأمارات) لمتابعة التحرك في الأمر وخطوات تنفيذه وكيفيتها.
وداخلياً هنالك إنفتاح كبير وإيجابي علي القبول بالتفاوض وإحلال السلام ، مع رغبة في إدارة حوار سياسي سُوداني بين جميع الأطراف والكُتل والمكونات الفاعلة ، برغم أنه لاتزال هنالك الكثير من التحديّات والتعقيدات ، خاصة فيما يتعلق بتحديد أطراف العملية السيّاسية والموقف من الحوار مع الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني ، وتضارب المصالح المُرتبط بمسألة الصرّاع علي السُلطة مابين الأطراف المُتصارعة ، أو حمولات الخلافات والتباعد الكبير في المواقف ، مع وجود المُعرقلون والمُتشددون في مربعي إستمرار الحرب أو مربع وقفها ، وهؤلاء المُتشددون في الإتجاهيّن كلاهما يرفض الآخر ولايقبل به ، ويرفض الحوار معه أو حتي الإعتراف به ، و يحاول أن يقفل أمامه كُل الأبواب ويمارس الإقصاء التام له ، هذه الأصوات “المُتشددة” والمُتطرفة من الضروري إما محاولة إقناعها للقبول بالحوار وأُسس الحل الشامل ، أو إضعافها أو تجاوزها في الأخير للمصلحة الكُلية والعامة.
بينما تتمثل التعقيدات الخارجية بما فيه خارطة طريق الرباعية الحالية ، في رفض الإسلاميين أو المؤتمر الوطني تحديداً ، ومحاولة إعادة أدوار لمليشيا الدعم السريع أو تحالفها السياسِي ، وكلا الأمرين يجد مقاومة من داعمي الحرب أو المُسيطرين فعلياً في الأرض وحكومتي بورتسودان وتأسيس ، إضافة لأصوات أخري رافضة للتدخلات الدولية والإقليمية في توجيه العملية السياسية أو رسم ملامحها ، كُل هذه ستؤثر بصورة أو أخري علي التوصل لسلام ووقف للحرب وتعرقل المساعي لذلك.
لهذا سنقترح بعض الخطوات والحلول العملية لما أسميته فك شفرة الحرب ووقفها وإحلال السلام وهو الغاية التي تهم جميّع السودانيين وكل الأطراف الخارجية ذات المصلحة في تحقيقه.
خارجياً:
١) دخول تركيا وقطر بشكل مُباشر في الوساطة وإعطاهما مساحة تحرك أكبر في الملفات ذات الصلة وذلك للآتي:
أ/ فاعلية البلدين تركيا وقطر وأدوارهم العملية وخبرتهم في التعامل مع النزاعات والحروب وأدوار الوساطة ، وآخرها ماقاما ويقومان به من أدوار لصالح وقف الحرب بين إسرائيل وحماس ، وكذلك ماتم التوصل له من إتفاق “سريع” لوقف الحرب والصراع مابين باكستان وأفغانستان بالأمس.
ب/كذلك لثقة الرئيس الأمريكي وصداقته لقائدي البلدين والتنسيق الكبير مابين الأمريكان وبينهما مع ترك المساحة أو مايشبه التفويض أو الأعتماد علي قطر وتركيا إلي لعب دور مطفئة الحريق ونزع أي فتيل لأزمة أو حرب في المُحيط العالمي.
ج/للعلاقة الجيدة للأتراك والقطرين بجميع الأطراف بمن فيهم الأسلاميين وإمكانية تنسيقهم مع مصر والسعودية والإمارات مع الدعم الأمريكي المباشر لجهة وقف دعم الحرب وتفعيل حوارات ثنائية بين أطراف الصراع بما فيها التوسط بين جانب الجيش والإسلاميين مع الإمارات ودعم التفاوض المُباشر مابين طرفي الحرب في الجيش والمليشيا للتوصل لوقف إطلاق النار وضمان إستمراريته ومراقبته.
هذا الأمر يوحد الجهود الخارجية ويضعها في أيدي الفاعلين المُباشرين ومن بإستطاعتهم لعب أدوار إيجابية حقيقية تُقرب المسافات للحل وتُحيّد الداعمين للحرب من دول الرباعية نفسها سياسياً وعسكرياً.
داخلياً:
١/القبول بمبدأ الحل السِلمي الشامل والحوار بين الجميّع لأجل وقف الحرب والتوصل لمُشتركات أساسها:
أ/وحدة السُودان
ب/إنهاء الحروب والصراعات المُسلحة
ج/نبذ العُنف
د/الإعتراف والقبول بالآخر
ه/التداول السِلمي الديمُقراطي للسُلطة
إن تضاربات المصالح الدولية والإقليمية في بلادنا تجعل من أمر الإلتفاف من الجميّع والتركيز لوقف الحرب ومن ثم التحول الديمُقراطي الذي قطعاً يجد مقاومة من الكثيرين داخلياً وخارجياً ، وأن السبيل لتحقيقه يكمن في الوحدة الحقيقية لكل المؤمنين به يميناً ووسطاً ويساراً وكل فئيات الشعب السُوداني…
أخيراً ، فهنالك شئ هام جداً وهو إن تركيزنا علي ما أُسميه بترتيب البيت السُوداني ، وتقديم التنازلات التاريخية والضرورية من الجميّع في سبيل تحقيق السلام الشامل والمحافظة علي البلاد و وحدتها وتعظيم مصالح جميع السُودانيين في وقف الحرب والإبادة والموت والإنتهاكات والفظائع والتشريد والمُعاناة والتوجه نحو البناء والتعميّر والتنمية الشاملة وبناء وطن ديمقراطي وحر يتساوي فيه الجميّع ومستقبل أفضل ، كُل هذا يحتاج الإرادة العاليّة والإيمان التام بسودانيتنا جميّعاً وحق الشعب والوطن علينا.



