مقالات وآراء
هل تستطيع مصر وتركيا ردم الهوة بين البرهان وزايد؟ ماذا تريد الامارات من السودان؟

ترجمة وتحليل: حسن أبو زينب عمر
ان كان للمانشيت العريض الذي جاء في مجلة فور ين بوليسي foreign policy الامريكية والذي يقول لماذا لا توقف الامارات الحرب في السودان مغزى فهو يكشف مدى تورط اللاعب الأجنبي في المباراة المميتة المدمرة المشتعلة في السودان منذ ثلاثة سنوات. يقول المقال انه منذ 29 شهرا فان المجتمع الدولي قرر أن يقف متفرجا تجاه الصراع بين الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع الذي يصب مزيدا من الزيت وعلى مدار اليوم على نيران كارثة تعتبر بمعايير الأمم المتحدة الأسوأ في العالم… ومنذ 18 شهرا فان الوضع شمال دارفور أصبح في غاية الخطورة بعد أن أحكمت جماعات الدعم السريع قبضة حصارها العنيف على 400 ألف مواطن يقيمون في مدينة الفاشر فيما تستهدف المسيرات الانتحارية الشاحنات التي تحاول دخول المدينة وسط صمت تام في الأمم المتحدة وتحديدا في ردهات الجمعية العامة من ممثلي الدول باستثناء ممثل نظام محدد بالاسم يقف في طريق كل الجهود الدولية التي تسعي لإيقاف هذا الحصار لكونه المستفيد الوحيد المستفيد من هذا الحصار وهي دولة الامارات العربية.
(2)
يمضى المقال فيقول انه حسب تقارير دولية في هذا الشأن فان دولة الامارات العربية هي الوحيدة التي من مجموعة دول أعضاء في الأمم المتحدة تقوم بالوساطة تعترض على فك حصار الفاشر بل الوحيدة التي لم تستنكر الهجوم الجنجويدي الآثم على مسجد والذي أسفر عن مصرع 75 من المصلين ..الأمارات تنفي ضلوعها في هذه الجرائم ومنها مد ميليشيات آل دقلو بشحنات الأسلحة ولكن العديد من الأدلة والبراهين كشفت وعلى الملأ تورطها منها ان تصعيد الحرب بشن مزيدا من الهجمات على الفاشر يقف دليلا على شحنات الأسلحة الإماراتية الموجهة للجنجويد ..السؤال هنا ما الذي تخطط له هذه العصابات من وراء اقتحامها للفاشر ؟ الإجابة لا تحتاج لدرس عصر فالمستهدف الأساسي هو إبادة شرائح أفريقية مستضعفة تعيش في المدينة في ظروف مأساوية لا يمكن تخيل حجمها حيث يواجه 500 ألف نسمة لم يتمكنوا من الهروب مخاطر الموت جوعا اذ ان الغذاء الوحيد هو (الامباز) وهو نوع من علف الماشية.
(3)
يقول مركز (راؤول والينبرج لحقوق الانسان) ان تقريرا شفافا أصدره بعد مضي عام على اندلاع الحرب اللعينة بمساعدة خبراء دوليين كشف ان قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم ترقى لحرب الإبادة ضد المجتمعات غير الأفريقية وتحديدا قبيلة المساليت ..التقرير الموثق أكد ان مقاتلي ميليشيات الدعم السريع كشفوا عن نوايا لاجتثاث العناصر غير العربية على رافعة أسباب عنصرية لا إنسانية و قتلهم على الهوية ..أحد الأمثلة التي لا يمكن حصرها هو اعتراف منسوب لأحد الذين أفلتوا بأعجوبة من المذابح العنصرية سمعه من أحد عساكر الجنجويد وهو يقول لقد قررنا أن لا نترك أحدا من المساليت حيا حتى الأطفال . يقول التقرير انه في عام 2023 حاصرت قوات الدعم السريع مدينة الجنينة غرب دارفور واجتاحتها لاحقا مستهدفة اثنية المساليت وأسفر الهجوم عن مصرع 15 ألف .في أبريل من نفس العام وفي طريقها الى الفاشر هاجمت قوات الدعم السريع معسكر إيواء يعتبر الأكبر في السودان لتواصل نفس جرائمها فسقط أكثر من 1500 بين قتيل وجريح وتشريد أكثر من 400 ألف في حملة كان هدفها القضاء على نفس الاثنية المنكوبة.
(4)
يواصل تقرير المجلة الأمريكية تغطيته للتورط الاماراتي فيقول ان ميليشيا الدعم والسريع وهي تحكم حصارا خانقا على الفاشر حيث تعتبر كل المكونات الأفريقية بما فيها أيضا قبائل الزغاوة أهدافا عسكرية أو (فلنقايات) تستحق المحو من الخارطة. حرب الإبادة العنصرية انتقلت أيضا الى الاثنيات غير العربية شمال دارفور فقد كشف مقطع فيديو أحد القيادات العسكرية للدعم السريع وهو يطلق النار على رجل أعزل بحجة أنه ينتمي لقبائل (البرتي) وهي قبائل ليست عربية وتعتبر أحد المكونات القبلية الكبرى في مدينة الفاشر. يتابع التقرير كشفه لحقيقة الصراع فيقول انه منذ اندلاع الصراع فقد ظل مجلس الأمن يتفرج على المأساة من مكاتبه الأنيقة في نيويورك ولم يفتح الله به الا بقرارين يدعو فيهما بوقف اطلاق النار وإيقاف الحصار على مدينة الفاشر دون وجود أية آليات لتنفيذ القرارين .. المجلة تتساءل اذن متى وكيف يكون الحل ؟.. الإجابة الواضحة وضوح الشمس هي مجابهة متهم وحيد اسمه دولة الامارات الذي يعتبر الداعم الرئيسي لمليشيا الدعم السريع بالسلاح والمال والغطاء السياسي اذا كان الهدف ايقاف حرب الإبادة.
(5)
حسب تقرير المجلة فان دولة الامارات العربية هي خط الامداد الرئيسي للدعم السريع بشبكة طائرات تنقل أسلحة ثقيلة ومدفعية ومسيرات انتحارية عبر مطارات دول مجاورة وكانت نفس الاتهامات قد وجهت لها بالتورط في حروب اليمن وليبيا وأثيوبيا باستخدام مجالات جوية غامضة رغم ان تحريات لجنة خبراء الأمم المتحدة فوق العادة أكدت ان طائرات شحن ضخمة من الامارات للدعم السريع تشكل قنطرة امداد جوية إقليمية جديدة. الامارات درجت على نفي كل جرائم انتهاكات تهريب الأسلحة والعتاد الى دارفور. ولكنها تلجأ لوسائل تهريب غير مشروعة وذلك للإفلات من الملاحقة الدولية فعلى سبيل المثال شيدت قاعدة جوية في تشاد تحمل شعارات الصليب الأحمر بحجة انه مستشفى يقوم بأعمال انسانية ..وحسب تقرير من مجلة (وول ستريت جورنال) الأمريكية فقد قامت الامارات بتزوير وثائق سفر جوية لإخفاء شحنات أسلحة ورفضت تقديم شهادات وبيانات السفر المطلوبة من الأمم المتحدة بحجة عدم جاهزيتها في الوقت المحدد .وفي يوغندا أكد خبراء مطار كمبالا انهم تلقوا تعليمات بعدم تفتيش الطائرات المتجه من الامارات لتشاد ..ويقول تقرير آخر مسرب ان لجنة خبراء الأمم المتحدة كشفت بأن برامج اقلاع الطائرات من مطارات الامارات قد اختفت من الرادار بل ان الطائرات تنطلق دون الإعلان عن توقيت إقلاعها .
(6)
السؤال المشروع هنا ماذا تريد الامارات في السودان عبر مخططاتها المكشوفة والمخفية؟ الجواب انه رغم ادعاءاتها أنها تتصدي لجماعات الإسلام السياسي في السودان فان الحقيقة التي لا تقبل التشكيك تبقى وهي انها تستغل الصراع لإيجاد منفذ الى موارد السودان القيمة من احتياطيات الذهب والثروة الحيوانية وموانئ البحر الأحمر الاستراتيجية فقد اشتهرت الامارات كوجهة عالمية للأصفر الرنان ففي خلال عقد من الزمان لا يتجاوز 10 سنوات تم استيراد ذهب تقدر أسعاره 115 مليار دولار من أفريقيا تحت غطاء من السرية .أما مقولة أن الامارات تحارب الإسلام السياسي فهو عذر يضحك ربات الحداد البواكيا لأن الدعم السريع نفسه يعتبر صناعة إسلامية ..المجلة تكشف النقاب عن علاقة خاصة تربط قائد الدعم السريع بالشيخ محمد بن زايد وشقيقه منصور بن زايد كما ان إمبراطورية الدعم السريع المالية التي لا تغرب عليها الشمس تقبع في أيدى أشقاء حميدتي عبر سلسلة من الشركات تقوم تشتري السلاح وتصدر الذهب وتجند المرتزقة بعيدا عن قوانين المقاطعة الاقتصادية وحسب مصادر أمريكية فان مستشار الشيخ زائد هو مهندس الزيارات السرية الخاصة التي قام بها حميدتي للقاء الكثير من القيادات الأفريقية وحسب نفس المصادر الأمريكية فان بن زايد نفسه اعترف لنائب الرئيس الأمريكي (كامالا هاريس) أنه مدين للدعم السريع كونه يدعم الامارات في حربها ضد الدواعش في اليمن بكتائب من المقاتلين .
(7)
المجلة تقول ان الدروس المستفادة من احكام قبضة حصار ميليشيا الدعم السريع على الفاشر وتعريض حياة 500 ألف مواطن أعزل للموت جوعا ما كان له أن يتم بهذه الصورة المأسوية لولا الدعم الإماراتي الذي يتم عن سبق الإصرار والترصد أمام عالم يتفرج سيان عنده جرائم النهب والسرقة والانتهاكات والاغتصابات وتدمير المقدرات وتشريد الملايين وانقلاب البرهان على حمدوك ..كل هذا ودولة تعرف كيف تصطاد في المياه العكرة وبارعة في شراء الذمم بالترغيب والتهديد وقد حدث ذلك مع حكومة بريطانيا التي الغت لقاء مع الحكومة السودان تحت ضغط أبوظبي ..حدث هذا أيضا حينما جهزت حكومة الامارات حشودا من المحامين لمقاضاة صحيفة حرة عريقة هي الجارديان البريطانية حينما فضحت مخططاتها وتورطها في حرب السودان وها هي الدكتورة أماني الطويل مسؤولة القضايا الأفريقية وتحديدا السودان في صحيفة الأهرام تتماهى مع المزاعم الإماراتية وتقول ان تاريخ الاغتصابات ليس حكرا على الجنجويد بل بدأ من الجيش السوداني في دارفور.
مدخل للخروج
تجاه القضية بالغة التعقيد الماثلة أمامنا لوطن يندفع نحو الهاوية بعوامل بعضها (صناعة محلية) وبعضها (مستوردة) من الخارج مقابل نزيف حاد للقدرات الإماراتية نتساءل هل هناك ثمة دور يمكن أن تلعبه قوى مقبولة من الطرفين هما مصر وتركيا لتقريب وجهات النظر والرؤى المتباعدة بين الامارات والسودان بالتأكيد الكامل بأن الطريق الإماراتي الوحيد نحو ذهب جبل عامر وأراضي الفشقة وميناء أبو عمامة يمر فقط من بورتسودان وليس من ميليشيات مدانة منزوعة الاعتراف تتحرك من التيه الى التيه.




لم توفق عندما قلت ووصفت الاذمة بأنها بالغة التعقيد بعضها محلي وبعضها مستورد، كل الاذمة بالسودان أسبابها محلية عساكر الدعم السريع؛ +عساكر الجيش +المليشيات االڨتاليه كلها صناعة سودانية.