مقالات وآراء

الكيزان يُفشلون الرباعية ويحتفلون على ركام الوطن

حافظ حمودة

بينما يتأهب المجتمع الدولي لعقد اجتماع الرباعية في واشنطن أملاً في إيجاد مخرج للأزمة السودانية ووضع حدا للمأساة الإنسانية ولو بوقف مؤقت لإطلاق النار ، يعمل الإسلاميون – وهم الممسكون الفعليون بزمام السلطة في السودان – على إفشال كل جهد يمكن أن يضع حدًا للحرب . فاستمرار الحرب بالنسبة غنيمة ومورد رزق جديد يفتح لهم أبواب النهب بلا رقابة ولا مساءلة .

لقد عادوا بقوة ، متخفّين أولاً ثم معلنين حضورهم لاحقًا ، يسيطرون على مفاصل القرار السياسي والاقتصادي والعسكري ، يوزّعون الغنائم فيما بينهم ، ويُعيدون إنتاج نفس منظومة الفساد التي ثار عليها الشعب في ديسمبر المجيدة . إنهم يظنون أنهم انتصروا على الشعب الذي أسقطهم يوما بثورة شهدها العالم ، ويحتفلون اليوم على ركام وطن جريح ، وكأنهم لم يتعلموا شيئًا من دروس التاريخ البعيد والقريب .

التمكين عاد بقوة ، ولكن هذه المرة أكثر جشعًا ووقاحة . مؤسسات الدولة تدار بعقلية الغنيمة ، وقرارات الحرب والسلم تصدر وفقًا لحسابات الربح والخسارة داخل دائرة الكيزان الضيقة ، دون النظر لمعاناة المسحوقين فقرا وقهرا وجوعا ومرضا وموتا .

طالما بقي الكيزان جزءًا من السلطة وبقي كوز واحد على قيد الحياة ، فإن الحرب ستستمر . فهؤلاء لا يعيشون إلا في بيئة الفوضى ، حيث النهب على أصوله فلا محاسبة ولا قانون ولا دولة ، وحيث تتدفق الأموال من موارد الشعب المنهوبة . لا تنفع معهم لغة الصبر ولا الخطاب الناعم ، لأنهم لا يفهمون سوى منطق آخر والشعب يعلم كل شئ ويراقب .

ومع تزايد الغضب الدولي من سلوك هذه المنظومة ، وبعد الإعلان عن العداء الرباعية ، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد عقوبات أميركية مباشرة تستهدف رموز الإسلاميين وشركاتهم ، خاصة تلك التي تعمل تحت مظلة المنظومة الدفاعية وتُستخدم كغطاء اقتصادي للفساد وتمويل الحرب وصفقات السلاح .

أما المواطن السوداني المسكين ، فقد أنهكته الحرب ، وضاقت به سبل العيش في كل مكان ، ولم يبقَ له إلا اللجوء إلى الله والتضرع إليه ليرفع عنه هذا البلاء الثقيل ، وليُنقذ السودان من هذه الفئة التي لم تترك للوطن سوى الدمار واليأس بعد إنقطاع الأمل .

لقد آن الأوان أن يدرك الجميع أن الكيزان هم العدو الحقيقي لاستقرار السودان ، وأن أي حديث عن سلام أو انتقال سياسي لن ينجح طالما ظلوا ممسكين بخيوط اللعبة . فالوطن لا يمكن أن يُبنى فوق ركام الفساد والكراهية ، ولا يُنقذ إلا بإرادة الشعب الحرة التي لن تموت ، مهما طال ليل الظلم والله هو وحده المنقذ لهذا الشعب المقهور بظلم أخوان الشياطين .

حافظ حمودة
20/اكتوبر/ 2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..